انطلق تدريس مادة حقوق الإنسان بالمعهد الأعلى للقضاء منذ سنة 19931. وكانت من ذاك التاريخ من المواد النظرية غير الأساسية التي يكثر فيها ذكر النصوص القانونية ولا يتطرق فيها للواقع إلا بقدر يسير. خلال السنة القضائية الجارية، اختار ستة ملحقين قضائيين هم إيمان بهلول واسكندر مميش وبدر الدين بن سعيد وربيع أمينة وسلمى بن يحي وسمر الشرميطي اعتماد تصور مغاير لمادة حقوق الإنسان لم تعتده مؤسستهم المحافظة.
حددت جماعتهم موضوعا لبحثها “حقوق ذوي الاحتياجات الخصوصية”. وانطلقت من نص القانون التوجيهي عدد 83 لسنة 2008 المتعلق “بالنهوض بالأشخاص المعوقين وحمايتهم”، لتصل بعيدا عنه وتحديدا لشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس حيث نزع قضاة المستقبل عنهم التحفظ بفهمه التقليدي ليتقاسموا فيما بينهم الأدوار. وإذ توافقوا على أن يمثلوا أدوار أشخاص معوقين أمام كاميرا مخفية، انتهى جهدهم بشريط مصور تولى حمزة مميش وهو من ذوي الاحتياجات الخصوصية تهيئته ليكون وثيقة تبين بعد القانون عن الواقع وتعري عجز الدولة والمجتمع عن الاعتراف الفعلي بالحق الذي تؤكد على الورق التزامها باحترامه.
يظهر جهد الملحقين القضائيين هذا هاما لاعتبارات عدة، من أهمها أنه أبرز لديهم وعيا بأهمية أن يكون القاضي مدافعا عن الحقوق والحريات وأنه رسم صورة جديدة للقاضي المبدع والمجدد تقطع مع الصورة الكلاسيكية للقاضي، تلك الصورة التي كانت تحرص على إقامة حاجز بين القاضي ومجتمعه بدعوى الهيبة والوقار.
وإذ تشيد “المفكرة” بهذه المبادرة وتعبر عن دعمها لها بنشر الشريط الذي أنجز في إطارها والذي تقدر أنه ينتصر في تصوره وفكرته لقيمة القاضي حامي الحقوق والحريات الذي بشر به دستور الجمهورية التونسية.

لمشاهدة الفيديو اضغطوا على الرابط أدناه:

قضاة ملحقون يعلنون ولاءهم لحقوق الناس من دون “تحفظ”: كاميرا خفيّة أبطالها قضاة دفاعا عن حقوق المعوّقين

1 بموجب قرار وزير العدل المؤرخ في 26 جوان 1993 والذي يتعلق بتدريس مادة حقوق الإنسان في إطار التكوين والتأهيل بالمعهد الأعلى للقضاء