“قص شعر” على رصيف مصرف لبنان


2019-11-28    |   

“قص شعر” على رصيف مصرف لبنان

ضمن سلسلة تحركات ضد المصارف تنظمها مجموعات مشاركة في الإنتفاضة الشعبية، نفذت يوم أمس الأربعاء وقفة إحتجاجية امام مصرف لبنان هي جزء من اعتصام بدأ قبل 24 ساعة للمطالبة باتخاذ اجراءات للحد من الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد. تضمّنت الوقفة جلسة حلاقة مجانية في إحالة رمزية إلى الإجراءات المالية التي يطالب بها المحتجون وتعرف بـ”قص الشعر” Hair Cut أو الخصم القسري للدين أي حسم قيمة الأصول المالية مثل سندات الخزينة ووحدة قياسها دائماً النسبة المئوية أو إعادة هيكلة الدين العام وأيضاً خصم الودائع الكبيرة الذي يطال فعلياً الزيادات الهائلة التي حققتها نتيجة الفوائد المرتفعة عليها في السنوات الماضية.

ترى المجموعات المشاركة أن آلية “قص الشعر” هي الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها حل الأزمة مؤقتاً في لبنان، طبعاّ شرط أن تطال أصحاب الودائع الكبيرة الذين يقدر عددهم بحوالي ثمانية آلاف شخص يمتلكون حوالي 25 ألف حساب مصرفي، وليس الطبقات الفقيرة والمتوسطة.

بدت خطوة المجموعات في دعوة الحلاقين ومصففات الشعر لنقل صالوناتهم إلى الرصيف المحاذي لمصرف لبنان أقرب إلى السوريالية. ولكن لبّى عدد منهم بالفعل الدعوة وأحضروا عدّة الحلاقة ووضعوا الكراسي على الرصيف وقصّوا شعر عدد من المتظاهرين والمتظاهرات. وساهم أسلوب التعبير المبتكر هذا في جذب وسائل الإعلام التي تقاطرت على الموقع. وبالتالي حاز التحرّك على تغطية إعلامية كبيرة من شأنها أن تساهم أكثر في الترويج لمفهوم “قص الشعر” في الأوساط الشعبية ليتم ترسيخه كأحد المطالب التي تنادي بها الإنتفاضة.

كما أنّ استمرارية هذه الإحتجاجات يوماً بعد يوم بالزخم نفسه والشعارات الهادفة التي تتخللها والتي تطرح المشاكل والحلول بشكل مبسّط على غرار “بدنا ضرايب عالأرباح.. عالمصرف مش عالفلاح” و”ضرايب مش رح ندفع.. خلّي المصارف تدفع” واختتامها غالباً بحلقات نقاش، تزيد من وعي المحتجين على الأوجه المختلفة لصراعهم ضد السلطة.

 يقول هاشم عدنان أحد منظمي الوقفة الإحتجاجية وهو عضو في مجموعة “لحقي” إنّ “للحركة الرمزية هدفين، الأول هو الإضاءة على إجراءات يمكن لمصرف لبنان اتخاذها للحد من الإنهيار الحاصل، مثل الـ”كابيتال كونترول” والـ”هير كات” التي تحمّل رؤوس الأموال الكبيرة وزر الأزمة، عوضاً عن ترك المصارف تتصرف من رأسها وتحمّل صغار المودعين ضريبة الإنهيار”. أما الهدف الثاني، فهو “تغيير وجهة النقاش الذي تحاول السلطة فرضه على الانتفاضة من خلال وضع شارع مقابل شارع، وتوجيهه نحو المكمن الحقيقي للأزمة اليوم”.

كان يفترض أن تختتم الوقفة بمحاضرة للناشط نزار غانم حول الأزمة الحالية وكيف يمكن تخفيف ضررها على الطبقات العاملة إلّا أن المطر الذي هطل بغزارة أجبر المنظمين على نقلها إلى مقهى “مزيان” القريب.

تنظّم مجموعات مستقلّة ويسارية إجمالاً التحركات أمام مصرف لبنان وبحضور بارز لمجموعات نسوية يسارية ترفض فضل الصراع النسوي عن الصراع في وجه الرأسمالية بشكل عام. وسبق الوقفة أمس بساعات تحرّك داخل أحد فروع بنك لبنان والمهجر حيث قرأت الناشطة فاطمة فؤاد بياناً تحدث عن المخالفات التي ترتكبها المصارف اليوم والدور الأساسي الذي تقوم به في الأزمة الحالية.

تتزايد هذه التحركات تدريجياً، واضعة المصارف في الواجهة بصفتها لاعباً أساسياً في الفساد وصاحبة المساهمة الأكبر في الأزمة مثلها مثل مؤسسات الدولة الرسمية، لذلك يجب عليها أن تدفع الثمن مع أصحاب المليارات من الشبكات المالية المرتبطة بها. بالمحصّلة، يرى المحتجون أمام مصرف لبنان، أن استهداف هذه المنظومة يأتي في صلب استهداف السلطة السياسية، وجميعنا يعرف التقاطع والتداخل بين الشبكتين المالية والسياسية في لبنان، وبأن القضاء على واحدة ومحاسبتها يعني نهاية الثانية اوتوماتيكيا.

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، حراكات اجتماعية ، اقتصاد وصناعة وزراعة



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني