عين التّينة تعيد معدّات المصوّرين وتأسر درّاجة إبراهيم حطيط


2021-08-23    |   

عين التّينة تعيد معدّات المصوّرين وتأسر درّاجة إبراهيم حطيط

ليل 11 آب 2021، خرج من صوب قصر عين التينة، مقرّ رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، مدنيّون باللباس الأسود وعناصر أمنية، وشنوا هجوماً على أهالي ضحايا تفجير 4 آب الذين كانوا ينفّذون وقفة احتجاجية. وكان الأهالي تداعوا إلى الوقفة بعد دعوة برّي إلى عقد جلسةٍ استثنائية صباح 12 آب في قصر اليونيسكو، للبحث في الطلب المقدّم من عدد من النوّاب ضدّ وزراء حاليين أو سابقين أعلن المحقق العدلي طارق بيطار نيّته الاستماع إليهم كمدّعى عليهم. وتأجّلت الجلسة لعدم اكتمال النصاب تحت ضغط الشارع والرأي العام وانتشار حملات اعتراضية إلكترونية تحت وسم لائحة العار ونوّاب النيترات. وأسفر الهجوم الليلي على أهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت عن إصابة خمسة من الأهالي وعدد من المصوّرين الصحافيين. كذلك تمّ الاستيلاء على عُدّة المصوّرين، ودرّاجتين ناريّتين تعودان للمصوّر حسام شبارو وللناطق الرسمي باسم أهالي الضحايا إبراهيم حطيط. وفي حين تمكّن شبارو والمصوّرون التي صودرت كاميراتهم من استعادتها بعد إزالة جميع الصور التي تحتويها وتوثّق الاعتداء، ما زالت دراجة حطيط أسيرة عين التينة.

في الليلة الظلماء ضُرب الأهالي وصودرت الدراجة

أسبوعان مرّا على حادثة “عين التّينة” من دون أن يُقِم أحد من المسؤولين أو الأجهزة الأمنية أي اعتبارٍ للحادثة، لم يستنكر أحد منهم ولم يتمّ توقيف أحد. ولم يكلّف صاحب القصر المحصّن الذي خرج المعتدون من وراء سياجه عناء التطرّق للمسألة لا استنكاراً ولا توضيحاً ولا حتّى تنصّلاً من المعتدين. وكأنّه لأمر مباح وطبيعي أن يتعرّض أشخاص للضّرب والسّحل والاعتداء ومصادرة ممتلكاتهم في تلك المنطقة التي يبدو أنّه تمّ تكريسها أرضاً محرّمة عصيّة على التظاهر أو الاحتجاج ورفع الصوت للمطالبة بأي حقوق.  

يروي حطيط الذي تعرّض للضرب المبرح  لـ”المفكرة القانونية” ما يصفها “محاولة قتله”، محمّلاً مسؤولية ما تعرّض له مع الأهالي، و”ما سيتعرّضون له في المستقبل للرئيس برّي”.

ويقول إنّ هدف الأهالي في تلك الليلة كان “البقاء في الشارع والمبيت على دوّار اليونيسكو  لإعطاء زخم للشارع وللشعب اللبناني برمّته، وفي مسعى لاستقطاب أكبر عددٍ من المتظاهرين صبيحة اليوم التالي، موعد انعقاد الجلسة النيابية، إلّا أنّ الرياح جرت بعكس ما اشتهوا” . ويؤكّد أنّ المعتدين حاولوا في تلك الليلة استفزاز الأهالي حيث خرجت سيّارتان من داخل حرم القصر ومرتا بجوارهم ومن فيها يهتفون للرئيس بري، وبعدها بحوالي نصف ساعة “خرج حوالي 50 شخصاً معظمهم  باللباس المدني وقلّة منهم بلباس قوى الأمن “الدرك”، وبدأوا يضربون الجميع بقوّة مفرطة، محاولين قتلي وليس فقط ضربي، إذ رموني أرضاً على ثوابت حديدية مسنّنة الرأس وراحوا يركلوني بأرجلهم بهدف غرز هذه الرؤوس المسنّنة في جسدي، إلى حين أنقذتني زوجتي من بين أيديهم عبر تهديدهم بحجرٍ كبير”. وحاول حطيط  الاختفاء عن الأنظار لكنّهم لحقوا به وهجم عليه من جديد خمسة أفراد، يصف أحدهم بأنّه “ضخم جدّاً وله لحية طويلة”، أبرحوه ضرباً على أنحاء جسده كافة، وكانوا يصرخون في وجهه قائلين “إنت لي بتسبّ الرئيس برّي؟” ويوضح حطيط أنّ أسلوب الشتم ليس من شيمه وأنّه لم يقم بشتم الرئيس مرةّ واحدة.

ويتابع أنّه عندما حاول مجدّداً الهرب من بين أيديهم، ركض أحد عناصر الدرك باتجاهه محاولاً ضربه بسلاحه، إلّا أنّ أحد أبناء الشهداء ويدعى محي الدين اللاذقاني أبعده بجسده وتلقى الضربة عنه. ينقل عن محي الدين أنّ “قوّة هجوم العنصر الأمني ومحاولة ضربي بهذا الاندفاع والعزم على رأسي كان الهدف منه هو القتل”، ليضيف: “يعني لو إجت الضربة على راسي كانت قتلتني أو أصابتني بالشلل قد ما كان هاجم عليي بسرعة”.

إبراهيم حطيط بعد الاعتداء عليه بالضرب

حاول حطيط متابعة الركض صعوداً باتجاه فردان، إلى أن خارت قواه ولم يعد قادراً على الوقوف، حينها مرّت إحدى سيارات الأهالي فحملوه ونقلوه إلى المستشفى. ولم يتوقّف الاعتداء على الأهالي إلّا حين اقتربوا من المحال التجارية والمجمّعات السكنية داخل فردان بسبب وجود كاميرات للمراقبة.

أهالي الضحايا لا يملكون كلفة علاج الاعتداء

نقل حطيط إلى مستشفى الوردية  وبعدها إلى مستشفى هارون بعدما تناهى إلى مسامعه أنّ المعتدين علموا بمكانه. وفي مستشفى هارون خضع لصور شعاعية عامّة لكنّه لم يتمكّن من المكوث في المستشفى لإجراء صورة تفصيلية لرأسه نظراً لتكلفتها الباهظة. وخرج حاملاً أوجاع قلبه على شقيقه الذي قتله أزلام المنظومة الفاسدة، وجسده الذي أدماه شبيحة أزلام النظام الفاسد.

 ولما لم يتمكّن المعتدون من هزيمة حطيط والأهالي، صبّوا جام غضبهم على دراجةٍ نارية يملكها حطيط الذي يقول إنّ قيمتها تفوق 3500 دولار ويتوقّع أن تكون في حالة مزرية. ويوضح “الموتسيكل ما بتشتغل إلّا بمفتاحها، يعني أكيد حتى فوّتوها على عين التينة جرّوها بالحبال عالأرض”، علماً أنّها وسيلة التنقل الأساسية التي يعتمد عليها. وهنا لا بدّ من السؤال عمّا تفعله درّاجة نارية مصادرة لأحد المواطنين في قصر عين التينة؟ وما حاجة قصر الرئاسة الثانية لدراجةٍ ناريةٍ لأحد ذوي ضحايا تفجير مرفأ بيروت أصلاً؟

ابراهيم الحطيط والدراجة الأسيرة

يعتبر حطيط أنّ “الرسالة الأساسية من الاعتداء على عائلات الشهداء كانت واضحة، ومفادها أنّه ممنوع على أحد التظاهر بالقرب من قصر عين التينة وقد فعلها الأهالي لأربع مراتٍ متتاليةٍ، وأنّ علينا كأهالي التوقّف عن المطالبة بالحقيقة ورفع الحصانات”.

ويؤكّد حطيط أنّه بصدد تقديم دعوى استيلاء على الدراجة النارية لرفع المسؤولية عن عاتقه، كما أنّ الأهالي المصابين بصدد تقديم شكوى اعتداء ضدّ كل من تظهره التحقيقات، وقد تمّ تعيين  لجنة من المحامين لمتابعة القضية.

وحاولت “المفكرة” الحصول على جواب من عين التينة حول دراجة حطيط ولكنها لم تلق رداً.

انشر المقال

متوفر من خلال:

قضاء ، حريات ، أجهزة أمنية ، البرلمان ، مؤسسات إعلامية ، أحزاب سياسية ، حرية التعبير ، استقلال القضاء ، مجزرة المرفأ



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني