شيطنة الأجانب تبعا لمظاهرات 20 سبتمبر تنتهي بإخلاء سبيلهم في مصر


2019-11-15    |   

شيطنة الأجانب تبعا لمظاهرات 20 سبتمبر تنتهي بإخلاء سبيلهم في مصر

بعد مظاهرات 20 سبتمبر، حاول الإعلام المصري الحكومي والخاص تسويق نظرية المؤامرة الخارجية لتشوية صورة الاحتجاجات التي شهدتها مصر والتي واجهتها الأجهزة الأمنية بحمالات أمنية استهدفت إلقاء القبض العشوائي بحق المواطنين دون تمييز، حيث تم إلقاء القبض على ما يقارب 2500 مواطن بحسب تقديرات المنظمات الحقوقية، تم التحقيق مع غالبيتهم عن طريق نيابة أمن الدولة العليا، وتم إخلاء سبيل بعضهم. إلا أن هناك أعدادا ما زالوا مخفيين قسرياً.

وحاولت السلطات المصرية الادعاء بوجود عناصر أجنبية تقوم بتمويل المتظاهرين المصريين. وكانت أبرز تلك المحاولات عبر الإعلامي عمرو أديب الذي نشر بتاريخ 25 سبتمبر عبر برنامجه “الحكاية” المذاع على فضائية “mbc  مصر” [1]عدد من الفيديوهات المصورة لبعض الأجانب من دول مختلفة. وقد اعترف فيه أحدهم (فلسطيني) بالانضمام لمنظمة الجهاد الإسلامي فيما اعترف أردنيون بأنهم قدموا إلى مصر للمشاركة في الاحتجاجات التي تم الدعوة إليها عبر منصات التواصل الاجتماعي. كما اعترف تركيان بتصوير عناصر ومعدات الأمن المصرية بميدان التحرير، وكذلك اعترف سوداني وهولندي وآخر تايلاندي الجنسية بأشياء مختلفة. وذلك في إشارة إلى حجم وتنوع خلفيات العناصر الأجنبية المشاركة، التي نجحت في التسلل إلى البلاد خلال فترة واحدة لتنفيذ مخططات مشبوهة للإضرار بمصلحة الدولة المصرية.

وبتاريخ 26 سبتمبر، أشار بيان النائب العام انه تم إلقاء القبض على عناصر أجنبية بمحيط التظاهرات بمحافظة القاهرة؛ وأن النيابة العامة كشفت عن ضلوع بعض الجماعات المنظمة الأجنبية في وضع مخطط يستهدف إشاعة الفوضى في البلاد عن طريق الدعوى إلى استمرار التظاهرات للجنوح بها إلى مسار غير سلمي ينطوي على أعمال عنف وتخريب[2].

انتهاكات لحقوق الأجانب المقبوض عليهم

لم تتبع النيابة العامة الإجراءات التي يجب اتباعها عند القبض على الأجانب؛ والتي يأتي على رأسها إبلاغ القنصليات أو السفارات التي يتبعون لها؛ حيث صرح وكيل وزارة الخارجية السودانية صديق عبد العزيز إلى أن السفارة السودانية لم تتمكن من زيارته وتقديم المساعدة القنصلية والقانونية له[3]. وهو ما يخالف المادة 1384 من التعليمات العامة للنيابة المصرية[4].

كما انتهكت النيابة العامة مبدأ قرينة البراءة وسريّة التحقيقات حين نشرت اعترافات المتهمين الأجانب تلفزيونياً. وهو ما يخالف كذلك تعليمات النيابة العامة التي نصت على ضرورة الحرص على سرية إجراء التحقيق مع الأجانب، والنتائج التي تسفر عنها، وعدم تسرب أنباء عنها لوسائل الاعلام، تجنباً لاستياء بعثات التمثيل القنصلي التي ينتمي إليها هؤلاء الأجانب.[5]

كما لم تلتفت النيابة العامة إلى أن هؤلاء المتهمين تم اجبارهم على الاعتراف عن طريق التعذيب بحسب ما جاء في شهادة الطالب السوداني وليد عبد الرحمن عبر فيديو بثته شبكة الجزيرة الإخبارية عبر موقعها الإلكتروني[6]. وهنا تجدر الإشارة أن نشطاء آخرين تعرضوا للتعذيب مؤخراً في مصر بعد القبض عليهم على أثر تظاهرات 20 سبتمبر.

إخلاء سبيل الأجانب

اتهم تجمع المهنيين السودانيين المشارك بالحكومة السودانية، الإعلام المصري بعدم المهنية، بعد تناوله اعتقال المواطن السوداني وليد عبد الرحمن. وطالب التجمّع الخارجية السودانية بالتدخل العاجل لمعرفة ملابسات الواقعة، وصيانة حقوقه، وضمان عدم تعرضه للإكراه والتعذيب، وتمكينه من الاتصال بأسرته وانتداب محامٍ لحضور التحقيقات معه. كما نظم عدد من المواطنين السودانيين تظاهرة أمام السفارة المصرية بالخرطوم للمطالبة بالإفراج عن المواطن السوداني.[7]

في 29 سبتمبر، استدعت وزارة الخارجية السودانية السفير المصري في الخرطوم على خلفية قضية اعتقال الطالب السوداني وليد عبد الرحمن في القاهرة[8]؛ وذلك بعد ضغط من الشارع السوداني. كما ناشد السفير الأردني لدى القاهرة بإخلاء سبيل المتهمين الأردنيين لعدم علاقتهم بالتظاهرات وأن سبب تواجدهم بالقاهرة كان لدراسة السينما.[9]

وبتاريخ 3 أكتوبر الجاري أصدر النائب العام بيانا قرر فيه الإفراج عن جميع الأجانب الذين ألقي القبض عليهم على خلفية التظاهرات على ذمة القضية مع استمرار النيابة العامة بتحقيقاتها وذلك بعد طلب سفارات الدول التي يحمل المتهمون جنسياتها بطلب إخلاء سبيلهم على ذمة القضية وتعهدت السفارات بترحيلهم فورا خارج البلاد.[10]

وكانت النيابة العامة قد استجوبت الأجانب المفرج عنهم ووجهت لهم اتهامات تتعلق مشاركة جماعة الإخوان المسلمين بمحاولة خلق حالة من الفوضى بالبلاد وكذا قيام بعضهم “المتهمين الأجانب” بتمويل عناصر من الأخوان وأعدادهم وتدريبهم، واستخدام طائرة مسيره لاسلكيا بغير تصريح بغرض ارتكاب الجرائم .

قانون «تسليم المتهمين إلى دولهم» والإفراج عن الأجانب

وهنا يجب التذكير، أنه في 2014 صدر القانون رقم 140 لسنة 2014[11] والذي يعطي الحق لرئيس الجمهورية بتسليم المحكوم عليهم بأحكام نهائية إلى دولهم لمحاكمتهم أو لتنفيذ العقوبة المحكوم بها عليهم من القضاء المصري متى اقتضت مصلحة الدولة العليا ذلك وذلك بناءً على اقتراح من النائب العام وموافقة مجلس الوزراء. وبناء على هذا القانون، تنازل عدد من المصريين مزدوجي الجنسية المحكوم عليهم عن جنسيتهم المصرية مقابل ترحيلهم لدولهم الثانية.

وكان أول المستفيدين من هذا القانون صحفيو الجزيرة المتهمون، ضمن آخرين، في القضية المعروفة إعلامًيا بـ«خلية الماريوت» حيث تم الإفراج عن الصحفي الأسترالي بيتر جريست، وتم ترحيله إلى أستراليا، والصحفي محمد فهمي بعد تنازله عن جنسيته المصرية، لتكون جنسيته الأسترالية، طوق نجاته من السجن. وطبق القانون على محمد سلطان المحكوم عليه بالسجن المؤبد في القضية المعروفة إعلاميًا بـ«غرفة عمليات رابعة»، حيث قرر النظام المصري ترحيله بعد تنازله عن جنسيته المصرية واحتفاظه بالجنسية الأمريكية.[12] ووصف هذا القانون بطوق النجاة للمصريين مزدوجي الجنسية للخروج من دائرة انتقام النظام المصري بحق المعارضين له والصحفيين المنتهكة حقوقهم في مصر. برغم اعتراض عدد من المنظمات الحقوقية عليه لاعتباره تدخلاً سافراً من رئيس السلطة التنفيذية في شؤون العدالة ومخالفاً لمبدأ استقلال القضاء المنصوص عليه في المادة 184 من الدستور المصري. وذلك لأن هذا القانون جاء لتقنين تدخل السلطة التنفيذية في عمل القضاء فيما يتعلق بالأجانب؛ حيث مارس المجلس العسكري في وقت سابق ضغوطاً على القضاء المصري لإصدار قرار برفع حظر السفر عن الأجانب (9 أميركيين و8 من جنسيات مختلفة) المتهمين في قضية التمويل الأجنبي لتهدئة واشنطن بعد العلاقات بين مصر والولايات المتحدة ونتج عنها مطالبات بوقف المعونة الأميركية عن مصر.[13]

 


[1] – تم إذاعة الحلقة ببرنامج ” الحكاية “عبر قناة mbc مصر بتاريخ 25 سبتمبر 2019. يمكن مشاهدتها عبر الرابط https://www.youtube.com/watch?v=sWqvZieZ4xs&t=6s

[2]  راجع ” النيابة العامة المصرية في مواجهة تظاهرات 20 سبتمبر”، المفكرة القانونية، نشر بتاريخ 4/10/2019.

[3] – خبر بموقع الحرة بتاريخ 29 /9/2019 بعنوان ” قضية المعتقل وليد عبد الرحمن.. السودان تستدعي السفير المصري

[4] تنص المادة على : “أن من حق المتهم الأجنبي إخطار البعثة القنصلية لدولته، ويتعين الاستجابة على طلبه دون تأخير، مع الاذن له بمقابلة قنصل دولته أو التصريح للقنصل بزيارته في السجن”.

[5] – نص المادة 1392 من التعليمات العامة للنيابات والكتب الدورية الصادرة من النائب العام في المسائل الجنائية.

[6] – نشر الفيديو بتاريخ 5/10/2019 عبر موقع شبكة الجزيرة عبر منصة التواصل الاجتماعي الفيس بوك

[7] – خبر صحفي نشر بموقع عربي 21 بعنوان ” “المهنيين السودانيين” غاضب من الإعلام المصري..” نشر بتاريخ 26/9/2019.

[8]  خبر بموقع الحرة بتاريخ 29 /9/2019 بعنوان ” قضية المعتقل وليد عبد الرحمن.. السودان تستدعي السفير المصري.

[9] – المرجع السابق.

[10] – خبر نشر بموقع سكاي نيوز عربية بعنوان” مصر تفرج عن جميع الأجانب المقبوض عليهم مؤخرا” بتاريخ 3/10/2019

[11] قرار رئيس جمهورية مصر العربية بالقانون رقم 140 لسنة 2014 في شأن الأحكام الخاصة بتسليم المتهمين ونقل المحكوم عليهم- نشر بالجريدة الرسمية – العدد 46 (تابع) -السنة السابعة والخمسون الموافق 13 نوفمبر سنة 2014.

[12] – تقرير نشر بموقع المصري اليوم بعنوان “قانون «تسليم المتهمين إلى دولهم».. طوق نجاة غير المصريين ” بتاريخ 30/5/2015

[13] – خبر نشر بموقع bbc  عربي بعنوان ” مصر: مغادرة الاجانب المتهمين في قضية تمويل الجمعيات الاهلية” بتاريخ 1/3/2012.

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، حراكات اجتماعية ، مصر



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني