بتاريخ 20-09-2022، رفع مجلس القضاء العدلي المؤقت الحصانة القضائية عن رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي على خلفية تعطيل حرية العمل بالمحكمة الابتدائية بالمنستير خلال إضراب القضاة في شهر جوان 2022. وقد اتُّخذ القرار استجابةً لطلب وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بالمنستير الذي تعهد بشكاية تقدّم بها محام ضد الحمادي. لإدراك أهمية هذا الحدث، يقتضي التذكير بواقعتين ذات دلالة على توجهات السلطة السياسية في تونس:  

• تأتي هذه المؤاخذة الجزائية لرئيس جمعية القضاة التونسيين تبعا لتتبّعات تأديبية بوشرتْ سابقا في حقه بسعي من وزيرة العدل ليلى جفّال وعلى خلفية نفس الوقائع. وتؤشر هاتان الملاحقتان إلى توجه من السلطة لمحاصرة الحق النقابي للقضاة عقابا لهم ولهياكلهم على تصديهم لمذبحة القضاة ودفاعهم عن الحق في القضاء المستقل.
• تأتي هذه المؤاخذة بعد أيام من الموقف المشترك للمقررين الخاصين لدى الأمم المتحدة باستقلال القضاء والمحاماة دييجو غارسيا سايان والحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات كليمان نياليتوسي فول والحاصل بتاريخ 14/09/2022 أدانا فيه التعرض لأنس الحمادي ومن خلاله للحرية النقابية للقضاة التونسيين. وقد عبّر المسؤولان الأمميان عن “قلقهما البالغ إزاء القيود المفرطة المفروضة على الحقّ في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات للقضاة” في تونس والتي تمّت ممارستها “بعد احتجاجهم السلمي على مراسيم” رئيس الجمهورية قيس سعيد ومنها المضايقات التي يتعرض لها رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي على خلفية نشاطه النقابي. وقد استندا في موقفيهما لما اعتبراه حملات تشهير تُدار في مواقع تواصل اجتماعي “يُنظر إليها على أنها مقرّبة من الرئيس” وأكد الخبراء أنها “تضايق القضاة منذ عدة أشهر” وكان لها دور في التشهير بالحمادي على خلفية نشاطه النقابي ومنها صفحة “صدربعل”. وعليه تأتي الملاحقة بمثابة ردّ من السلطات التونسية على الموقف الأممي وبمثابة تعبير جديد على تبرّم هذه السلطات من أي مساءلة قد توجه إليها، سواء أتت من الداخل أو من الخارج.