رابع محاولة لتمرير العفو العامّ تحت جنح الكورونا: وتبقى حسابات المحاصصة هي الغالبة


2020-09-26    |   

رابع محاولة لتمرير العفو العامّ تحت جنح الكورونا: وتبقى حسابات المحاصصة هي الغالبة
الصورة منقولة عن موقع جريدة المدن | www.almodon.com

ما إن تسرّبت فيديوهات وتسجيلات من سجن روميه لسجناء يهدّدون بانتفاضة لا تتوقّف إلّا بخروجهم من السّجن، حتى دعا رئيس المجلس النيابي نبيه برّي نهار الإثنين، 21 أيلول، هيئة مكتب المجلس للانعقاد، وعلى جدول أعمالها اقتراح قانون العفو العامّ، إضافة إلى اقتراحات قوانين أخرى.

ومع تحديد جلسة للهيئة العامّة لمجلس النوّاب يومي الأربعاء والخميس المقبلين، 30 أيلول والأوّل من تشرين الأوّل، حتى بدأ تبادل الرسائل على مستويين: الأوّل إلكتروني، بين القوى السياسية الممثلة في السلطة التشريعية في محاولة لإدراج تعديلات من شأنها نزع صواعق تفجير القانون كما حصل في أيار الماضي، عندما رفع الرئيس برّي الجلسة “لافتقادها للميثاقية”، إثر انسحاب تيار المستقبل على خلفيّة خلافاته مع نوّاب التيّار الوطني الحر. والثاني شعبي على مستوى الشارع عبر قطع الطرقات بقاعاً وشمالاً وجنوباً وفي قلب بيروت، كوسيلة ضغط لإقرار العفو العامّ بما يتناسب مع الفئتين الرئيسيتين اللتين تضغطان في الشارع: الإسلاميون في الشمال وصيدا وطريق الجديدة-المدينة الرياضية، والمطلوبون في قضايا المخدرات في بعلبك الهرمل، ضهر البيدر وبقاعاً.

كمّامة بـ3 علب “سيدرز”

على وقع التلويح بجزرة العفو، هدأ روميه، أكبر سجون لبنان، ومعه بقيّة السجون، وبينها زحلة الذي بدأت ترتفع فيه الإصابات بكورونا حيث لا مركز للحجر ولا من يحزنون، في وقت أشارت مصادر متابعة لـ”المفكرة القانونية” إلى أنّ المعطيات تتحدّث عن ألف إصابة كورونا على الأقل في السجون. الرقم لا يبدو بعيداً عن الواقع إذ يبيّن آخر إحصاء أعلنته قوى الأمن الداخلي عن وصول نسبة المصابين بكورونا في روميه إلى نحو 37% من مجمل الذين خضعوا للفحص، فمن أصل 956 اختبار جاءت نتيجة 352 سجيناً إيجابية.

ومن داخل سجن روميه، اتصل سجناء بـ”المفكرة” قائلين “رح نطلق انتفاضة تحت شعار يا مقتول يا مقتول، فإمّا يقتلوننا خلال انتفاضتنا وخروجنا بالقوة، أو تقتلنا الكورونا”. يتحدث هؤلاء عن ظروف سيئة جداً. ويقول أحد السجناء “أنا معي كورونا وأنا أسكن مع بقية السجناء وأتناول الطعام معهم وننام راس وكعب متل العادة، ما في حجر وما في وقاية كما يقولون للناس، سنموت هنا من الكورونا، إن لم يخرجونا”. ويخبر السجناء عن اضطرارهم لدفع ثمن الكمّامة من حسابهم الخاص بقيمة 3 علب سجائر “سيدرز” مقابل كلّ كمّامة “يعني يللي ما معه مصاري ما بيلبس كمّامة”. وعلبة الدّخان هي عملة المقايضة في السجن لشراء الحاجيات، ويبلغ سعر 3 علب “سيدرز” 10 آلاف ليرة لبنانية.

مصدر أمني يقول إنّ بعض السجناء يرفضون الذهاب إلى مركز الحجر الخاص بكورونا “وما منقدر نسحبهم بالقوّة من الزنازين، وكل ما يفعلونه هو للضغط من أجل العفو العامّ”.

ومن سجن زحلة، أفاد أحد السجناء في اتصال مع “المفكرة” أن عدد إصابات كورونا في السّجن تخطّى 200 وأنّ القوى الأمنية تركتهم يواجهون مصيرهم “ما بقى في عناصر أمنية بتفوت ع السجن، أنا عندي وجع كبير بحلقي، لا يمكنني الوقوف على قدمي، ليس لديّ ميزان لقياس حرارتي المرتفعة، وأنا أرتجف من البرد وليس هناك من يمنحني حبّتي بنادول حتى”. ويؤكّد هذا السجين الذي اتصل بأهله ليطالبهم بتأمين ما يساعده على الصمود، أنّ هناك الكثير من السجناء يعانون من الوضع عينه “تاركينا لنموت، ما حدا سائل عنا بركي بيرتاحوا منا”.

في المقابل، يعتبر السجناء أنّ العفو العام من حقّهم “في سجون تفتقد إلى أدنى معايير الكرامة الإنسانية، وهذا ما يقوله كل من يزور السجون”، ليدعوا اللبنانيين إلى زيارتهم ورؤية الطعام الذي يُقدّم لهم “الكلاب ما بتاكله، وعم نحكي عن كلاب الشوارع مش عن الكلاب المدلّلة بالبيوت”، كما يقولون. ويشير هؤلاء إلى أن السجناء “المقطوعين من شجرة وما حدا بيسأل عنهم، أو بيشفق عليهم بياكلوا من أكل السجن”. ويكفي أن تسألهم عمّا يوزعونه عليهم من أدوات التعقيم والتنظيف، حتى تسمع ضحكاتهم الجماعية الساخرة “هيك عم يقولوا؟ تعوا شوفوا قديش مندفع مصاري لنجيب حتى الصابون لي منغسل فيه أيدينا، وأسعار المعقّمات بدكانة السجن نار وشاعلة”.

هذه حسابات السجناء، لكن حسابات حقل القوى السياسية الممثلة في السلطة التشريعية تصبّ على بيدر آخر، يشدّ به كل طرف على هواه، وإن كان ممثلو جميع هذه القوى يجيدون صياغة ما يسمّونه “حرصهم” على إنصاف بعض الفئات المستحقّة للعفو، وعلى تخفيف الاكتظاظ من السجون تماشياً مع ظروف كورونا، إنمّا “بعيداً عن المحاصصة”، كما يقولون.

لكن الإمعان في خريطة طريق الوصول إلى تسوية في مسودّة معدّلة عن مسودّة أيار الماضي لاقتراح قانون العفو، يبيّن الخطوط العريضة نفسها التي تحكم إمكانية التصويت على اقتراح القانون وفق الفئات الأساسية الثلاثة المعنية به: المواطنون الذين غادروا لبنان إلى فلسطين المحتلة إثر تحرير 2000، من عائلات العملاء ويقارب عديدهم 5 آلاف، والإسلاميون من موقوفين ومحكومين (نحو ألف سجين بينهم 700 محكوم، من ضمنهم 120 محكوماً بالإعدام والمؤبّد (30 إعدام)، وخصوصاً في الشمال وصيدا، إضافة إلى نحو 11 ألف وثيقة اتّصال أمنية، ومعظم التّهم تتعلّق بالإرهاب والاعتداء على الجيش، ثم “بلوك” بعلبك الهرمل سواء من محكومين وموقوفين في السجون في قضايا مخدرات بالدرجة الأولى (نحو 2500 سجين) ومعهم نحو 48 ألف مذكّرة توقيف وبلاغ بحث وتحري.

 عود على بدء الخلافات

في وقت ما زالت ثلاث نقاط أساسية عالق تتعلّق بالفئات الثلاثة من عودة الموجودين في فلسطين المحتلة إلى تخفيض العقوبات لمن لا يشملهم العفو، ثم حصر المستفيدين من تجار المخدرات بالعفو بمن لديه إجراء قضائي وحيد، تشي المعلومات الأوّلية التي تسرّبت لـ”المفكرة” عن احتمالات عقد تسوية على الخطوط الثلاثة:

بالنسبة للذين غادروا إلى فلسطين المحتلة، يتمّ العمل على نزع فتيل المادة 8 من اقتراح قانون العفو العامّ والمتعلقة بعائلات العملاء، والتي كانت القوى السياسية المسيحية قد اتّهمت الثنائي الشيعي في أيار الماضي بـ”الإنقلاب” على الاتفاق عليها في آخر لحظة. وجاء الاتّهام يومها على لسان النائب المستقيل ميشال معوّض الذي مثّل في حينها (قبل استقالته) القوى المسيحية من تيار وطني حرّ وقوات لبنانية وكتائب وكذلك النائب شامل روكز في صياغة مسوّدة قانون العفو العامّ. وتقضي هذه التسوية بإصدار المراسيم التطبيقية للقانون 194/2011 الخاص بـمعالجة أوضاع المواطنين اللبنانيين الذين لجؤوا إلى إسرائيل”.

وينصّ القانون 194 في البند 2 من مادّته الأولى والوحيدة على التالي: “أما المواطنون اللبنانيون الآخرون الذين لم ينضووا عسكرياً وأمنياً، بمن فيهم عائلات المواطنين المذكورين في البند (1) من هذه المادة من زوجات (أو أزواج) وأولاد، الذين لجؤوا إلى الأراضي المحتلة على أثر تحرير الشريط الحدودي بتاريخ الخامس والعشرين من شهر أيار 2000 فيُسمح لهم بالعودة إلى لبنان، ضمن آليات تطبيقية تحدّد بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء بناءً لاقتراح وزير العدل، وذلك خلال مهلة سنة من تاريخ صدور المراسيم التطبيقية”. وبما أنّه مرّ 9 سنوات على القانون من دون مراسيم تطبيقية، فقد أحالت وزيرة العدل ماري كلود نجم هذه المراسيم إلى الأمانة العامّة لمجلس الوزراء في حكومة الرئيس حسان دياب.

وتشير مصادر متابعة لمسودّة قانون العفو إلى أنّ التسوية تقضي بإقرار المراسيم التطبيقية للقانون 194 في مجلس الوزراء وسلوكه إلى التنفيذ وبالتالي عودة من يرغب من عائلات العملاء ضمن الآلية الموضوعة “إذ لا حاجة لضمّهم إلى قانون العفو، كون هناك قانون واضح ينصّ على ذلك”. ويؤمّن هذا المخرج عدم إحراج الثنائي الشيعي من جهة، ويقفل الباب أمام توسّع القوى المسيحية في العفو عن مطلوبين كبار، في أستراليا وأميركا وأوروبا، ومن بينهم عملاء متورّطين في جرائم وكانوا في إسرائيل، وغادروا إلى هذه الدول، وهو السبب الذي فجّر المادة 8 في أيار الماضي، كما ردّ حينها الثنائي على اتّهامه بالعودة عن الاتفاق عليها.

وسادت في اليومين الماضيين أجواء تشير إلى أنّه إذا لم يتمّ التّوافق على هذا التعديل، قد يتمّ طرح القانون للتصويت في جلسة الهيئة العامّة الأسبوع المقبل. ويستند معتمدو هذا الخيار إلى قدرتهم على تأمين غالبية أكثر من النصف، حتى وإن صوّت ضدّه نوّاب التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية. وبقي في المجلس اليوم 120 نائباً بعد استقالة ثمانية نواب. ويعتمد السّائرون في طرح العفو للتصويت خارج أكبر كتلتين مسيحيتين في البرلمان (التيار الوطني 28 نائباً مع حلفائه، بعد استقالة معوّض) و(القوات 15 نائباً) على أصوات الثنائي الشيعي (17 التنمية والتحرير و13 الوفاء للمقاومة) وتيار المستقبل (19 نائباً زائد حليفها النائب تمّام سلام) ثم اللقاء الديمقراطي وقد رسا على 7 نواب (بعد استقالة مروان حمادة وهنري الحلو)، كون رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لم يكن ضدّ قانون العفو، ثمّ كتلة التكتّل الوطني وفيها 7 نوّاب من المردة وحليفيهما فيصل كرامي وفريد هيكل الخازن، إضافة إلى 4 نواب هم كتلة الرئيس نجيب ميقاتي، ثم الكتلة القومية الاجتماعية (3 نوّاب)،  و8 نوّاب مستقلين: جميل السيّد ونائب رئيس المجلس إيلي الفرزلي وميشال المرّ ووفؤاد مخزومي، وإدي دمرجيان وأسامة سعد وعدنان طرابلسي وعبد الرحيم مراد، هناك 3 إلى 4 أصوات من بينهم على الأقلّ مضمونة.

يواجه هذا الخيار بالتخوّف من فقدان “الميثاقية” العرف، والتي رفع لأجلها الرئيس بري جلسة أيار الماضي بعد انسحاب تيار المستقبل، لكن يعتبر البعض أنّ الكتل المؤيّدة للعفو تضمّ أيضاً نواباً مسيحيين. ويؤكّد أحد النواب المتابعين للعفو أنّ القانون “قد يمرّ في حال بقي نوّاب التيار والقوات وصوّتوا ضدّه، أمّا إذا انسحبوا من الجلسة فقد يتمّ الطعن بميثاقيتها”.

ولدى سؤاله عن هذه الصيغة، يؤكّد نائب رئيس مجلس النواب إيلي فرزلي لـ”المفكرة” أنّ الجهود تنصبّ اليوم للوصول إلى مسودّة ترضي جميع الأطراف وتخفّف الضغط على السجون، خصوصاً في ظل أزمة كورونا. ويرفض الخوض في أيّ تفاصيل “لم ننته من العمل على المسودّة بعد وأيّ كلام في التفاصيل لن يكون دقيقاً”.

من جهتها، تؤكّد وزيرة العدل ماري كلود نجم لـ”المفكرة” أنّ إرسال المرسوم التطبيقي للقانون 194/2011 جرى في بداية تسلّمها لمهامها بعدما كان الوزير السابق ألبير سرحال قد أعدّه في تموز 2019. وتشير نجم إلى أنّ خطوتها هذه لا تمتّ إلى أيّ تسوية تتعلق بقانون العفو بصلة.

وبعدما تذكّر أنّ الحكومة الحالية المستقيلة لم تطرح أيّ مشروع قانون يتعلّق بالعفو العامّ، ترى أنّ “أيّ قانون عفو هو استثناء، ويجب أن يكون محدّداً وأن تكون الجرائم المعفاة عبره معروفة بوضوح، وليس على قاعدة  العفو عن الكلّ لتصبح الجرائم غير المعفيّة هي الاستثناء”.

أمّا اليوم، وفي ضوء كورونا، وفق وزيرة العدل “إذا كان هناك توجّه لإعادة صياغة أو تعديل اقتراحات العفو على خلفية انتشارها في السجون بطريقة تعالج الموضوع الصّحي والإنساني فهذا موضوع آخر، علماً أنّ هذا ليس هدف أيّ عفو عامّ بالمطلق، حيث يأتي العفو عادة بعد ظروف استثنائية أو حرب”. وترى أنّه باستطاعة مجلس النوّاب معالجة الأمر بمعايير واضحة وعالية، وأن يتعامل مع الوضع على أسس عادلة”.

الإطاحة بشرط تجاوز 65 سنة

كان بند تخفيض العقوبات لمن لا يشملهم قانون العفو أحد أسباب الخلاف بين المستقبل والكتل المسيحية، برغم الجهود التي بذلت لخفض المدّة التي نصّ عليها اقتراح النائبة بهية الحريري الذي تقدّمت به في نيسان 2020 . وطالبت الحريري وقتها بإعفاء من قضى ثلث محكوميّته ممّن لم يشملهم قانون العفو من المدانين بقتل عسكريين ومدنيين ومتورّطين في خطف او أعمال إرهابية او تفجيرية، في محاولة لإرضاء أهالي الإسلاميين الذين يعتبرون أنّ المحكمة العسكرية ظلمت أبناءهم في أحكام يصفونها بـ”المجحفة”، وعلى رأسهم ملف عبرا. في المقابل، يلامس التخفيض للفئة نفسها في اقتراح النائبين ياسين جابر وميشال موسى (حركة أمل) نصف المدّة. وبعد أخذ وردّ رست الصيغة النهائية التي رفضتها وترفضها الكتل المسيحية، على الإعفاء من ربع مدّة المحكومية مع وضع سقف للمحكومين بالمؤبّد والإعدام وحصر استفادة المحكوم من الإعفاء من ربع المدّة بعد بلوغه سن 65 عاماً، وتحديد سقف المؤبّد بعشرين عاماً والإعدام بـ25 عاماً. هذا ما رفضه الإسلاميون حينها متذرّعين بالقول إنّ هناك محكومين بالمؤبّد والإعدام لا تتجاوز أعمارهم الثلاثين عاماً، وإذا كان على هؤلاء انتظار بلوغهم 65 عاماً فإنّهم سيقضون في السجن من ثلاثين إلى 35 عاماً، وبالتالي لا يمكن اعتبارهم مشمولين بالقانون. وعليه علمت “المفكرة” أنّ الصيغة الجديدة المطروحة اليوم أسقطت شرط بلوغ هؤلاء سن الـ65 عاماً شرط أن يكون قد مضى على سجن المستفيد 25 سنة، وقضت بخفض العقوبة 50% (أي نصف مدّة الحكم) مع تحديد سقف المؤبّد 20 عاماً والإعدام 25 عاماً. وهي الصيغة التي يساندها تيار المستقبل لإرضاء الإسلاميين. ويستفيد من هذه الصيغة المحكومون في ملف عبرا ولديهم 15 محكوماً بالإعدام والمؤبّد. وترى مصادر الإسلاميين أنّه في حال عدم الإطاحة بشرط بلوغ المحكوم سن 65 عاماً، فإنّ هامش إفادة الإسلاميين من قانون العفو وتخفيض العقوبات في هذه الجزئية (محكومون وموقوفون) ضئيلة “إذ أنّ معظم المحكومين بغير عقوبتي الإعدام والمؤبّد قضوا ثلثي عقوبتهم على الأقل، كما أنّ الموقوفين مضى على توقيفهم ما يعادل نصف أو ثلثي محكوميتهم في حال إدانتهم”. وبالتالي لن يستفيد هؤلاء في حال إصرار الكتل المسيحية على استمرار رفض بند تخفيض العقوبات وتعديل سقف 65 سنة. ويشددون على شطب سقف 65 عاماً لصغار المحكومين بالإعدام أو المؤبّد وتحديد العقوبة بـ20 سنة للمؤبّد و25 للإعدام، وفق السنة السجنية المحدّدة في قانون تنفيذ العقوبات.

أمّا على خطّ الفئة الثالثة الأساسيّة المعنيّة بالعفو في بعلبك الهرمل، فإنّ مصادر لجان العفو والأهالي في المنطقة تؤكّد عدم القبول بالإبقاء على الجزء الثاني من الفقرة الرابعة المتعلّقة بالاتجار بالمخدرات داخل الأراضي اللبنانية. وتشترط هذه الفقرة، للإفادة من العفو، ألّا يكون بحق المستفيد أكثر من ملاحقة قضائية واحدة بموجب قرار ظنّي. ويقول محامون متابعون لقضايا المخدرات في المنطقة، منهم المحامي علي زعيتر الذي يتابع العديد من ملفّات المطلوبين بقضايا المخدرات في المنطقة أنّه حتى المتهمين بالزراعة والذين لا يشكّلون أكثر من 4 إلى 5% من مجمل 48 ألف مذكّرة توقيف وبلاغ بحث وتحري في بعلبك الهرمل وكذلك 2500 في السجون ما بين موقوف ومحكوم، لديهم أكثر من إجراء قضائي بحقهم، وهذا يعني حصر الاستفادة من العفو العام بقلّة قد لا تتجاوز أصابع اليدين.

وهنا يؤكّد النائب هادي حبيش الذي يمثّل تيّار المستقبل في صياغة المسودّة والتعديلات “أنّه لم يجرِ حتى الآن إلغاء أو تعديل هذه الفقرة، بينما البحث ما زال جارياً حول إلغاء شرط الـ65 عاماً”.

ويرفض المتابعون للعفو في بعلبك الهرمل ما يسمّونه التعامل على قاعدة “ناس بسمنة وناس بزيت”، حيث “سيعود كلّ الذين تركوا البلاد إلى إسرائيل، حتى أنّ العملاء نالوا وينالون أحكاماً تخفيفية، كما أنّ العفو سيشمل وثائق الاتّصال الأمنية الخاصّة بالإسلاميين، بينما عندما يصل الأمر إلينا فإنّهم يقطّرون حقوقنا بالقطّارة لا بل يعدمونها بهذه الطريقة”.

ويقول النائب إبراهيم الموسوي الذي يمثّل حزب الله في اللجنة الخاصّة بمسودة العفو لـ”المفكرة” أنّ “لا تعديلات أنجزت لغاية اليوم، وما زلنا بانتظار طروحات الأفرقاء كافة”.

الوطني الحرّ: أولويّتنا إقتصاد لبنان وتبعات انفجار المرفأ

يؤكّد عضو تكتل لبنان القويّ النائب جورج عطالله أنّ أولوية التيار الوطني الحرّ تتركّز حالياً على أهمّية معالجة الأزمة المالية والاقتصادية وتبعات انفجار المرفأ، وهو (أي التيار) غير معني بأيّ تسويات، ولا حتى باعتبار المشمولين بالقانون 194/2011 محسوبين عليه “نحن معنيّون بكلّ الفئات ولكن ضمن مشاورات تأخذ رؤيتنا بعين الاعتبار لتسهيل السير بالاقتراح”.

ويتسلّح عطالله بالمعطيات التي أعلن عنها مجلس الدفاع الأعلى منذ مدّة، كما قال، والتي “تؤكّد أنّ 65% من مرتكبي الجرائم كانوا من السجناء قبلاً، أي من المكرّرين”، ليقول إنّه “لا جدوى من العفو عن مجرمين وخصوصاً الخطيرين من بينهم”. ويرى أنّ في ذلك تشريع للجريمة، وأنّ السير بما يجري هو “تشريع للعفو من فترة إلى أخرى وعلى خلفيات انتخابية”.

ويعيد التأكيد على رفض التيّار للتخفيضات التي يستفيد منها مَن لا يشملهم العفو وخصوصاً في جرائم قتل العسكريين والإرهاب “نحن ما منمشي بمضمون مماثل”. ويدعو إلى تطبيق المادة 108 الخاصة بتخفيض العقوبات وفق قانون السجون وبناء على تقديم السجناء ممن يستوفون شروطها، طلبات لذلك.

ويرى أنّه يمكن أن يتمّ البحث في “إيجاد حلول للمرضى بشدّة وللمسنّين تحت سقف معيّن ممّن لم يرتكبوا جرائم خطرة، وكذلك إعفاء من أنهوا محكوميّتهم من الغرامات المالية وتحسين أوضاع السجون”.

من جهته، يرى عضو تكتل الجمهورية القويّة النائب جورج عقيص أنّ موقف القوّات اللبنانية ما زال على حاله “نحن ضدّ قانون العفو لأنّه ليس الأولويّة حالياً ومع ذلك سنعلن موقفنا في حال حصول أيّ تغيير”.

انشر المقال

متوفر من خلال:

سياسات عامة ، تحقيقات ، البرلمان ، أحزاب سياسية ، إقتراح قانون ، محاكمة عادلة وتعذيب ، لبنان ، الحق في الصحة والتعليم



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني