دعوات لالغاء عقوبة الاعدام في تونس


2012-03-30    |   

دعوات لالغاء عقوبة الاعدام في تونس

نظم مكتب منظمة العفو الدولية بتونس يوم 27 مارس 2012 ندوة صحفية كشف فيها عن نجاحه في تكوين شبكة تضم 33 جمعية حقوقية تونسية تتحد في سعيها لإلغاء عقوبة الاعدام والمطالبة بمصادقة تونس على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.و تهدف حملة منظمة العفو الدولية وشركائها لكسب تأييد أعضاء المجلس التأسيسي لطلب التنصيص بدستور الجمهورية التونسية الثانية على الغاء عقوبة الإعدام وفي انتظار ذلك التمسك بالتزام رئيس الجمهورية بعدم تطبيق العقوبة المذكورة.

لما  اعلن رئيس الجمهورية بمناسبة احتفالات الذكرى الاولى للثورة في 14 جانفي 2012 عفوا رئاسيا تم خلاله استبدال عقوبة الاعدام المقضي بها على 122شخصا بعقوبة السجن المؤبد.  نبه اعلانه الرأي العام لمسألتين اولاهما ان عقوبة الاعدام لا زالت سارية المفعول بتونس و المحاكم تحكم بها بدليل اهمية عدد المحكوم عليهم  وثانيهما ان عقوبة الاعدام في تونس ممنوعة من التطبيق الفعلي لأن تنفيذ الحكم البات الذي يصدر بها يرتهن لأمر يصدر عن رئيس الجمهورية يأذن بالتنفيذ ويحدد تاريخه و اوامر التنفيذ لم تصدر منذ
سنة 1993 يجعل القانون الجزائي عقوبة الاعدام جزاء لعدد من الجرائم يمكن تصنيفها في ثلاثة انواع اولها تستهدف امن الدولة الداخلي
والخارجي وثانيها بعض جرائم القتل وثالثها جريمة الاغتصاب متى سلطت على قاصرة سنها دون العشر سنوات او التي حصلت باستعمال العنف أو التهديد بسلاح. و يبين تعدد صنوف الجرائم التي تستوجب الاعدام أن المشرع التونسي عول على العقوبة المذكورة في سياسته الجزائية كأداة لحماية الدولة والسلم الاجتماعي . وتكون بالتالي العقوبة الاقصى والتي تنفذ بالشنق حتى الموت في الجرائم المدنية وبالرمي بالرصاص في الجرائم العسكرية من الثوابت التشريعية.

ويرجع الحقوقيون عدم تنفيذ عقوبة الإعدام طوال العشرين سنة الماضية الى سعي نظام زين العابدين بن علي لتجميل صورته في مجال حقوق الإنسان مع المجتمع الدولي دون التطرق المبدئي للمسألة . الا ان تولي الناشط الحقوقي الذي عرف بمناهضته لهذه العقوبة منصف المرزوقي لصلاحيات رئاسة الجمهورية حتم إعادة طرح الموضوع بعمقه المبدئي.يدفع الناشطون في الحقل الحقوقي نحو تكوين رأي عام يساند الغاء عقوبة الإعدام على اعتبارها من العقوبات القاسية التي تسترجع مفهوم العقوبة المؤلمة التي تردع دون ان تصلح او تعالج.ويؤيدون دعواهم بان تطور النظام الجزائي يستوجب الغاء العقوبة المذكورة كما الغيت من قبلها بقية العقوبات الجسدية القاسية. ويذكرون ان عقوبة الاعدام تسبب تطبيقها في مظالم دون ان ينقص من الجرائم فباستعمالها تخلص الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة أول رئيس للجمهورية التونسية من تسعين من معارضيه كما ان كتب القضاة تكشف عن ابرياء اعدموا في قضايا لم يقترفوها ومنع تنفيذ القتل المنظم من اصلاح الاخطاء القضائية.            
ونجد في مقابل هذا الحشد الحقوقي رأيا عاما محافظا يعارض الغاء العقوبة المذكورة  بدعوى ان الاعدام حق وفرض هو حق للضحية وفرض شرعي.ويبدو ان المزاج العام الذي اضحى محافظا لا يميل إلى الالغاء التشريعي لعقوبة الاعدام بما يجعل دعوات الناشطين تلاقي صعوبة في الوصول الى مبتغاها .
وهو ما يجعل السؤال حول مستقبل هذه العقوبة النافذة المعطلة مسألة ذات اهمية فهل يعقل ان نحافظ على عقوبة بدعوى الحاجة إليها ونقبل ان تقضي بها المحاكم ثم نعود لنرفض تطبيقها بدعوى معارضتها لحقوق الانسان؟ اليست ازدواجية التعامل هذه دليل انفصام مفهومي تشريعي لا زلنا نعايشه. انقبل بصدور حكم قضائي ينتهك حقوق الانسان والا يكون انتظار تنفيذ الاعدام دون وقوعه عقوبة اقسى من الاعدام ذاته ؟ ثم هل من الجيد ان نعتاد صدور احكام  لا تنفذ وان نعتاد المطالبة بعدم تنفيذها بحجة انه لا مجال لتعديل القانون؟ وبالمقابل، واذا كان تعديل النص غير ممكن لوجود تيارات محافظة، لماذا لا يتحول القضاء الى ساحة يطعن فيها بمشروعية الاعدام؟   اليس بامكان القضاة ان يعطلوا هذه العقوبة من خلال اجتهادات تمنع انزالها بوجه اي كان بحجة انه لا مجال لعقوبة مطلقة طالما ان المسؤولية البشرية غير مطلقة؟ الم يكن الاعدام الاخ الشقيق لعقوبات الرجم والجلد ذاك الأخ الذي عمر فعاش في عصر غير عصره فكان غريبا ينتظر الرحيل ويمنعه حنين شخص من الحاضر لماض سحيق من تحقيق مآله .    
 
م. ع .ج

انشر المقال

متوفر من خلال:

غير مصنف



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني