خطوة متقدمة لتكريس حق الأهالي معرفة مصير ذويهم : تشكيل الهيئة الوطنيّة للمفقودين والمخفيين قسراً


2020-06-23    |   

خطوة متقدمة لتكريس حق الأهالي معرفة مصير ذويهم : تشكيل الهيئة الوطنيّة للمفقودين والمخفيين قسراً

انتزع أهالي المفقودين والمخفيين قسراً إنجازاً جديداً من السلطة السياسية، فبعدما صدر القانون رقم 105 في تشرين الثاني 2018، أقرّ أول أمس مجلس الوزراء مشروع مرسوم تشكيل الهيئة الوطنيّة للمفقودين والمخفيين قسراً. وتألّفت الهيئة من 10 أعضاء، ومن المتوقع أن يُنشر مرسومها في الجريدة الرسميّة الأسبوع المقبل ليجري بعدها تحديد موعد القسم أمام رئيس الجمهوريّة.

تأخر تشكيل الهيئة قرابة العامين ليتحقق، إذ كان من المفترض أن يحصل خلال ثلاثة أشهر من صدور القانون 105/2018، مع التذكير بحراك ذوي المفقودين الذي بدأ في الثمانينيات خلال مرحلة الاقتتال الداخلي التي انتهت في  1990. يومها، صدر قانون عفو عام قفزت به السلطة السياسيّة فوق نحو 17 ألف من المفقودين والمخفيين قسراً، متجاهلة حق ذويهم في معرفة مصيرهم. وبالتالي تم طمس قضيّة أهالي المفقودين الّذين قرروا عدم الخروج من الشارع إلّا بعد تكريس حقهم في معرفة مصير ذويهم، كشرط أساسي محق لطَي صفحة الحرب.

تؤكّد رئيسة لجنة المفقودين والمخفيين قسراً وداد حلواني، التي تم تعيينها من بين أعضاء الهيئة، على الدور الأساسي للهيئة وهو “إيجاد الأجوبة الواضحة لأهالي المفقودين”. وتشكيل الهيئة بالنسبة لحلواني هو خطوة هامة في مسار مستقبلي طويل. وإن كان الوصول إلى تشكيلها أتى متأخراً عن موعده، إلّا أن حلواني لا تجد ضرورة للانشغال في المساءلة اليوم عن سبب تأخّر تشكيلها. وتشدّد في حديثها لـ”المفكرة القانونية” على أنّ “الطريق طويلة، وليست مفروشة بالورود”.

تجد حلواني أن بعض أعضاء الهيئة من الأسماء الجديّة التي تتفاءل بوجودهم في حين أنّها  تنتظر اجتماع الهيئة للتعرف على باقي الأعضاء. وتأمل حلواني أن “يتمكن كافة الأعضاء من العمل على تحقيق الأهداف معاً لأجل الكشف عن مصير مفقودي الحرب، وأن يأخذوا  هذه القضية المقدسّة على عاتقهم”.

حلواني التي تخوض معركة الكشف عن مصير مفقودي الحرب اللبنانيّة مع لجنة الأهالي  منذ ما يُقارب الـ 38 عاماً، تنظر اليوم إلى تشكيل الهيئة متوقعة أن تواجهها عراقيل في تأدية عملها. لذا، تقول: “سنسعى للحفاظ على استقلاليتها من تدخلات السياسية، ونخشى  أن يكثر من يدّعون الدفاع عن حقوق المفقودين والمخفيين قسراً، وأن يكون لهم دوراً يعرقل عملها”.

وأُنيط بالهيئة بحسب القانون رقم 102 الخاص بالمفقودين والمخفيين قسراً مهام التحقيق لتقفي أثر المفقودين والمخفيين قسراً، بهدف الكشف عن أماكن تواجدهم، وتقفي أثر الرفاة البشرية وتسليمها إلى ذويها، ولتحقيق ذلك أعطيت صلاحيات عدة من بينها القيام بالتحريات المطلوبة لمعرفة مكان تواجد ضحايا الإخفاء القسري وإطلاق سراحهم أو استعادة رفاتهم، إضافة إلى الإستماع إلى أي شخص يشتبه بأن لديه معلومات بهذا الشأن مع الحفاظ على سلامته وأمنه. ومن بين المهام إنشاء بنك المعلومات المتعلق بمواقع الدفن، وتحديد آلية نبش هذه المواقع، كما لها أن تتخذ أية إجراءات لتوقيف أعمال بناء أو حفر أو تغيير معالم لضمان حماية مواقع الدفن.

من بين أعضاء الهيئة النائب السابق والناشط في قضية المفقودين غسّان مخيبر الذي رشحته جمعيّة “سوليد”، يقول في اتصال مع “المفكرة” أنّه “صحيح أنّ تشكيل الهيئة أتى متأخراً، إنما أن تأتي متأخراً خير من ألّا تأتي أبداً”. وبشأن توقيت تشكيلها اليوم، يرى مخيبر أنّ “كل وقت مناسب لتشكيل الهيئة، لأنها قضيّة طويلة وجرح مفتوح منذ السبعينيات”. من جهة ثانيّة، يشدد مخيبر على أنّ “الوصول إلى إنجاز تشكيل الهيئة هو نتيجة الجهود التي بذلت من قبل أهالي المفقودين”.

ويأمل مخيبر ألّا يصطدم عمل الهيئة بعراقيل ماليّة، بخاصّة وأنّ القانون ينص على تفرغ رئيسها وحده لعمل الهيئة مقابل أن يحصل على راتب شهري، بينما أعضاء الهيئة يتقاضون بدلات مقابل حضورهم اجتماعاتها. لذا، يُشير إلى أنّه من غير المنطقي أن تكون ميزانيّة الهيئة معرقلة كونها ميزانيّة ليست كبيرة وكلفتها قليلة على الخزينة”. ومن جهة ثانيّة، يلفت مخيبر إلى أنّ “المواجهة الأصعب هي في السياسية، كون عمل الهيئة يدخل في ذاكرة الحرب اللبنانيّة والجرائم التي حصلت حينها”. في المقابل يُذكّر مخيبر بأنّ “الهيئة ليست محكمة، وانما عملها هو التحري عن الحقائق بهدف تكريس حق المعرفة لذوي المفقودين”.

ويشدد على التذكير بأنّ “إقرار القانون وتشكيل الهيئة اليوم، حصلا نتيجة جهود بذلت على الأرض على مدى سنوات طويلة”.

ويرى مخيبر بأنه من المنتظر أن يكون أول عمل تقوم به الهيئة عند مباشرتها عملها، استلام المعلومات من الصليب الأحمر الدولي الذي عمل في السنوات الأخيرة على جمع العينات البيولوجيّة من ذوي المفقودين، لافتاً إلى احتمال أن تصطدم هذه المسألة بعدم توقيع وثيقة تفاهم بهذا الشأن بين الحكومة اللبنانيّة والصليب الأحمر الدولي. ويضيف ثانياً إلى  أنّ واحدة من أهم المسائل التي ستتمكن الهيئة من القيام بها هي الاستماع إلى شهود في قضيّة بعض المفقودين، وهؤلاء ينتظرون تشكيل الهيئة لتقديم معلوماتهم بشكل سرّي لعدم ثقتهم في الوقت السابق بتقديمها إلى جهة أخرى.

أعضاء الهيئة

وبالإضافة إلى حلواني ومخيبر تم تعيين الأعضاء التالية أسماؤهم: القاضي جوزف معماري والقاضي خالد زود. والمحاميان وليد أبو دية ودوللي فرح، والاستاذ الجامعي زياد عاطف عاشور، والطبيب الشرعي عبد الرحمن عبد الحميد أنوس،   و كارمن شفيق أبو جودة عن فئة الناشطين في حقوق الانسان (مع مخيبر). وجويس نصّار عن الجمعيّات الممثلة لذوي المفقودين (مع حلواني). 

انشر المقال

متوفر من خلال:

تحقيقات ، لبنان ، حراكات اجتماعية ، عدالة انتقالية



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني