حقوقيون ينتقدون الإجراءات التمييزية ضد عاملات المطاعم والحانات في المغرب


2020-10-19    |   

حقوقيون ينتقدون الإجراءات التمييزية ضد عاملات المطاعم والحانات في المغرب

استغربت فعاليات حقوقية واسعة بالمغرب الاجراءات التمييزية ضد النساء العاملات في المطاعم والحانات الليلية بالمغرب، على خلفية قرار جديد يلزمهن بضرورة الإدلاء بموافقة كتابية من الزوج، أو شهادة العزوبة، فضلا عن إخضاعهن لرقابة مزدوجة من الشرطة والسلطات المحلية.

 

إلزام العاملة بالإدلاء بموافقة كتابية من الزوج

مع شروع السلطات المغربية في تخفيف حالة الطوارئ الصحية، وعودة عدد من القطاعات إلى العمل بعد إغلاق تجاوزت مدته زهاء خمسة أشهر، فتحت عدد من الحانات والملاهي الليلية أبوابها، مع التزامها باحترام القرارات التي تتخذها السلطات بخصوص قيود التنقل وأوقات الإغلاق. وفي هذا الإطار، تمّ إلزام أرباب عمل هذه المؤسسات بحسب مطبوع تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي- والذين يشغلون النساء المتزوجات بالإدلاء بموافقة خطية من أزواجهن مصادق عليها، ونسخة من عقد الزواج. كما تم إلزام النساء العازبات بالإدلاء بشهادة إدارية تثبت وضعيتهم الاجتماعية.

وفي هذا السياق، انتقد قاسم الجدوري الجيلالي، رئيس جمعية الأطلس لأرباب المطاعم والملاهي، استمرار البيروقراطية في تشغيل النساء في المؤسسات السياحية المذكورة، إذ “يطلب منها دون الرجال، إحضار صورة ونسخة لبطاقة التعريف الوطنية وتحرير طلب يرفق بطلب المشغل، وإيداع الوثائق بالإدارة المختصة لدى الدرك أو الأمن، ويتم إنجاز محضر للمعنية بالأمر، وترسل تلك الوثائق إلى الإدارة المركزية، التي تصدر الترخيص”، مضيفا أن “هناك مشاكل كثيرة تنجم عن هذه الآلية، سيما أن المشغل قبل ترسيمه الأجيرة يخضعها لفترة تدريب، وفي حال ضبطت وهي تقدم المشروبات الكحولية، فإنه يتم توقيع الجزاء على المشغل، ما يدفع إلى عدم قبول تداريب الفتيات”. كما أن “النادلة تغير عملها باستمرار، حسب تطلعاتها المادية، ولا يمكن للمشغل مجاراة الإدارة بإجراءات ماراثونية تضيع وقته ووقت الأجيرة”، ناهيك عن أن الترخيص يتحول مع الزمن إلى نوع من الوصم الاجتماعي، وورقة ضغط، قد يستعملها زوجها ضدّها في حالة أي خلاف بينهما، مختتما كلامه بقوله: “إننا في عصر المساواة وينبغي أن تتغير النظرة إلى المرأة”.

 

خضوع النساء العاملات في الحانات والملاهي الليلية لرقابة أمنية مزدوجة

كانت جريدة الصباح قد نقلت عن مصادر متطابقة، أن مراقبة تراخيص النساء العاملات في الفنادق والمؤسسات السياحية والمطاعم والحانات والملاهي الليلية، لم تعد منوطة فقط بالشرطة، بل أصبحت خاضعة أيضا لمراقبة السلطة المحلية إذ أصبح لأعوانها الحقّ في ولوج الفضاء المخصص لتقديم المشروبات الكحولية أو الممزوجة بالكحول، للاستفسار عن مدى توفر النادلة على الترخيص، الذي تسلمه المديرية العامة للأمن الوطني، لمزاولة مهنتها، وهو ترخيص محصور بالنساء فقط، إذ لا يشمل الرجال العاملين في المجال نفسه. كما أن عدد دوريات المراقبة عرفت تزايدا في ظل حالة الطوارئ وما أعقبها من اجراءات لمراقبة مدى الالتزام للقيود المفروضة من طرف السلطات.

 

اجراءات تمييزية

اعتبرت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، -وهي منظمة غير حكومية- أن إلزام النساء العاملات في المؤسسات السياحية التي تقدم المشروبات الكحولية، بالإدلاء بموافقة الزوج، وإخضاعهن لرقابة مزدوجة لكل من الشرطة والسلطة المحلية، هو “إجراء تمييزي لأنه سيشمل النساء دون غيرهن، بغض النظر عن مهامهن داخل هذه الأماكن، سواء ساقيات، أو نادلات، أو مسؤولات إداريات، بل حتى المشرفات على النظافة”. وأضافت الجمعية أنه “كان من الأجدى أن تستهدف الحملات التي تطال الفنادق والمطاعم والحانات البحث في مدى التزام هذه المؤسسات بالتصريح بكل الأجيرات لدى مصالح الضمان الاجتماعي، ومراقبة مدى استفادتهن من كافة حقوقهن، بعيداً عن الخوض في أهلية حَسم فيها القانون منذ زمن، واعترف بولاية النساء الكاملة على أنفسهن، واعتبرهن في غنى عن أي ترخيص، من أي جهة كان، لكسب لقمة العيش لهن ولأبنائهن”.

واعتبرت الجمعية أن “هذه الممارسات تعد خرقاً سافراً لروح دستور2011  الذي نص في تصديره على حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي، مهما كان، وكذا الفصل 19 الذي دعا إلى ضرورة سعي الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء”.

وطالبت كل مكونات الحركة النسائية والقوى الحية إلى اليقظة والتنبه، خصوصاً في الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة الحالية التي تعيشها فئات واسعة من الشعب المغربي، لإعادة خلق الأوراق والنيل من المكتسبات التي حققتها النساء المغربيات.

 

آن الأوان لاعادة النظر في القانون المنظم

تجد هذه التدابير التمييزية أساسها في الفقرة الثانية من الفصل 27 من قرار المدير العام للديوان الملكي[1] المتعلق بتنظيم الإتجار في المشروبات الكحولية أو الممزوجة بالكحول، التي تنص أنه “يجب على من يريد استخدام نساء يبلغن من العمر أكثر من 21 سنة، أن يودع لدى المصالح المحلية للشرطة أو الدرك، طلبا مشفوعا بنسخة من بطاقة القيس الجسماني للنساء المزمع استخدامهن يقل تاريخها عن ثلاثة أشهر، ويرفع بعد ذلك الملف المتضمن رأي المصالح المذكورة إلى المدير العام للأمن الوطني، الذي يسلم الإذن أو يرفضه، ويحمل الإذن اسم صاحبه ويكون قابلا للإلغاء”.

وبالرغم من الطابع التمييزي لهذه المقتضيات التي يقتصر تطبييقها على النساء دون الرجال، إلا أنه يلاحظ عدم وجود أي سند قانوني لشرط الادلاء بموافقة خطية من الزوج، إذ يعتبر هذا الشرط احياء لنصوص قانونية سبق إلغاؤها مند عقود، مما يؤدي إلى تأزيم وضعية النساء العاملات في المجال.

[1]– يتعلق الأمر بقرار المدير العام للديوان الملكي رقم 66.177.3 الصادر بتاريخ 17 /07/ 1967، المتعلق بتنظيم الاتجار في المشروبات الكحولية أو الممزوجة بالكحول، منشور بالجريدة الرسمية عدد 2856 بتاريخ 26/07/1967 الصفحة  1658.

انشر المقال

متوفر من خلال:

جندر ، مقالات ، جندر وحقوق المرأة والحقوق الجنسانية ، لا مساواة وتمييز وتهميش ، حريات عامة والوصول الى المعلومات ، المغرب



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني