جريمة ”ميزون بلانش“: درسٌ في فنون إفلات أصحاب النفوذ من العقاب

،
2021-04-19    |   

جريمة ”ميزون بلانش“: درسٌ في فنون إفلات أصحاب النفوذ من العقاب

بعد قُرابة تسع سنوات من وقوعها، صدر الحكم في جريمة إطلاق النّار على روّاد ملهى “ميزون بلانش” ومحاولة قتل أحد هؤلاء وهو مازن الزّين. وانتهى الحكم الصادر بتاريخ 19/2/2019 عن محكمة الجنايات في بيروت إلى تبرئة جميع المتّهمين المُحالين إليها من الهيئة الاتّهامية من محاولة القتل، وإنْ أدانهم الحكم على خلفية حيازة واستعمال أسلحة من دون ترخيص والتهديد بالسّلاح وتخريب الممتلكات. في المقابل، أنهتْ محكمة الجنايات حكمها بإحالة الملفّ إلى النيابة العامّة لإجراء المقتضى بحقّ شخصيْن توفّرت أدلّة لديها على احتمال تورّطهما في محاولة القتل، رغم أنّ الهيئة الاتّهامية كانت تعمّدت عدم إحالتهما إليها.

وللتذكير، حصلتْ هذه الجريمة بتاريخ 26/2/2010 في الملهى المذكور وبرز فيها اسم أنطون صحناوي وهو رئيس مجلس إدارة مصرف  SGBL وأحد كبار المتموّلين في لبنان. وقد بدأتْ أحداثُها عندما تبيّن لصحناوي تواجد مازن الزّين داخل الملهى، وهو شخص كان اختلف معه في سياق علاقة عملٍ سابقة وقامت بينهما دعاوى انتهت لصالح هذا الأخير. فاتح صحناوي مالك الملهى ريمون بشارة بـ”انزعاجه” من تواجد الزّين في المكان نفسه معه، طالباً منه إخراجه. وتبعاً لرفض بشارة ذلك، توغّل عددٌ من المسلّحين من مرافقي صحناوي داخل الملهى. وأطلقوا النار في اتّجاهات عدّة، بينما استهدف بعضهم بشكل خاص الزّين الذي أُصيب بثلاث طلقاتٍ نارية نُقل على إثرها إلى العناية الفائقة في حال حرجة. 

فور حصول الحادثة، بدأت التحقيقات القضائية فيها وشابتْها ملابسات عدّة، وبخاصّة بما يتّصل بوضعية صحناوي الذي غادر لبنان فوراً من بعدها ولم يرضخ لاستجوابه فيها إلّا بعد 43 يوماً من ارتكابها (أي بعد انتهاء مفعول مذكّرة البحث والتحرّي الصادرة بحقه)، ليُترك بعد ذلك حرّاً. وقد تخلّلت التحقيقات منازعة قضائية قلّما تحصل بين النيابة العامّة في بيروت بشخص المحامي العامّ الاستئنافي سامر يونس وقضاء التحقيق. ولم تقتصرْ المنازعة على مسؤوليّة صحناوي، إنّما شملتْ أيضاً هوية مرافقيه الذين أطلقوا النار في اتّجاه الزّين، حيث برزت أدلّة للنيابة العامّة بأنّ الذي فعل ذلك حقيقةً ليس في عداد الموقوفين في القضية. ورغم الجهد الاستثنائيّ الذي بذله يونس في هذه القضية، انتهت الهيئة الاتّهامية إلى حصر اتّهامها بهؤلاء في موازاة منع المحاكمة عن صحناوي. بنتيجة ذلك، انتهتْ هذه الجريمة التي هزّت الرأي العامّ بتاريخ ارتكابِها بحكمٍ لا يُحدّد المسؤولين عنها وتالياً بإفلات هؤلاء من العقاب. وبذلك، تحوّلت هذه القضية إلى قضيّة نموذجيّة تمنحُنا إضاءات عدّة على العيوب والثغرات التي تشوب العمل القضائي في لبنان، وما يسفر عنه من تمييز لصالح أصحاب النفوذ أو ما صحّ تسميته بـ”الأقوياء”. وهذا ما سنحاول تبيانه في هذه المقالة من خلال إبراز المواقف القضائية التي ذهبتْ في هذا الاتجاه والمخاطر التي رشحتْ عنها، من دون أن ننسى التذكير بالمواجهة الاستثنائية التي فرضها يونس وأدّت إلى إحراج العديد من زملائه. 

وما يزيد من أهمّية تسليط الضوء على هذه القضية في هذه المرحلة، هي التطوّرات التي تشهدها الملاحقة التي باشرتها النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان غادة عون ضدّ صحناوي مؤخّراً على خلفية شراء الدولار وشحنه إلى خارج لبنان. وقد تمثلت هذه التطوّرات في رفض صحناوي المثول أمام القاضية عون، وتحويل استدعائه إلى مناسبة لشنّ هجوم مباشر على هذه الأخيرة على خلفية تجرُّئها عليه وصولاً إلى تسريب أخبار بإمكان عزلها من القضاء. 

قرارات قضائية لإبعاد كأس الاتّهام عن صحناوي وأبرز مرافقيه

كما سبق بيانه، جاء حكم محكمة الجنايات كنتيجة مُنتظرة لمسار الملاحقة والتحقيق وما تخلّله من قرارات وإجراءات وبخاصّة ما خلص إليه القرار الاتّهامي. وللإضاءة على ذلك، سنُحاول إبراز أهمّ تلك القرارات وما تخلّلها من ثغرات واضحة أو من تعليل واهٍ لا يصمد أمام أي جدل جديّ.

لا ادعاء بالقتل العمد أو بتكوين عصابة أشرار 

أوّل تلك القرارات صدر عن النائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي جوزف معماري في سياق إحالة ملف القضية إلى قاضي التحقيق الأوّل في بيروت غسان عويدات. 

فقد ادّعى القاضي معماري على صحناوي وأربعة من مرافقيه (هم أنفسهم الذين تمّت محاكمتهم لاحقاً من محكمة الجنايات) بجرائم متفرّقة. وقد برز التمييز لصالح صحناوي منذ الإجراء الأوّل الذي اتّخذته النيابة العامّة: ففي حين ادّعت النيابة العامّة على المرافقين بحرائم الإيذاء القصدي (554) ومحاولة القتل القصدي (547) وحيازة أسلحة وإلحاق الضرر بالممتلكات الخاصّة وإطلاق النار إرهاباً (جنايات وجنح)، حصرت ادّعاءها على صحناوي بتهديد مازن الزّين بإيذاء مقصود (574) وهي جنحة. وقد طلب معماري توقيف المرافقين الأربعة وعرض الأوراق عليه بعد الاستجواب بالنسبة لصحناوي لإبداء المطالب. ويلحظ أنّ هذا التمييز لصالح صحناوي تمّ رغم تواري هذا الأخير عن الأنظار وعدم مثوله أمام التحقيق.  

كما يلحظ أنّ النيابة العامّة استبعدتْ عدداً آخر من الجرائم التي تتوفّر شبهة على احتمال ارتكابها، منها جريمة تأليف عصابة أشرار (مسلّحة) ومحاولة القتل العمد عن سابق تصوّر وتصميم. كما استبعدت الشبهات عن المصرف أو الشركات التي يرأس صحناوي مجلس إدارتها ويعمل لديها هؤلاء المرافقون.

عويدات يترك صحناوي حرّاً بعد استجوابه بمباركة النيابة العامّة 

تبعاً لهذا الادّعاء، مثل صحناوي بعد 43 يوماً من حصول الجريمة أمام القاضي عويدات بتاريخ 9/4/2010. وقد قرّر عويدات تركه حرّاً رغم تعارض أقواله مع إفادات عدد كبير من الشهود بل حتى مع أقوال بعض مرافقيه الموقوفين لجهة دوره في الجريمة. ويلحظ أنّ قرار عويدات صدر بعدما ترك النائب العام معماري له حرية اتخاذ القرار المناسب. وما يزيد من قابلية ترك صحناوي للانتقاد هي شبهة عدم تعاونه مع التحقيق، وبخاصّة لجهة إنكار أيّ دور له في الجريمة أو معرفته بهوية مُرافقيه أو هيكلية عملهم أو نوع الأسلحة التي في حوزتهم، وأيضاً نفوذه الذي قد يمكّنه من التأثير على تعاون هؤلاء مع التحقيق. 

عويدات يرفض التوسّع بالتحقيق في تناقض إفادات الشهود معلّلاً التناقض بـ”الغاية من السهر” 

انطلاقاً من إفادة صحناوي التي جاء فيها أنّ مرافقيه يعملون في أمن المصرف SGBL وشركة فيدوس ش. م. ل.، قدّم مازن الزّين شكوى ثانية بوجه هاتين الشركتين اللتين يرأس مجلس إدارتهما صحناوي لتكوينهما عصابة مسلّحة (336). كما ضمّن الشكوى ادعاء شخصياً ضدّ صحناوي بالاشتراك في محاولة القتل. وبدل أن يُبادر القاضي عويدات إلى استجواب هذا الأخير وفق الأصول كممثّل الشركتين، اكتفى بضمّ الشكوى الثانية إلى الأولى رغم مطلبٍ صريح ورده في هذا الخصوص من المحامي العام الاستئنافي في بيروت سامر يونس (الذي تسلّم الملف كممثل عن النيابة العامّة). 

فضلاً عن ذلك، رفض عويدات مطالب يونس الأخرى بإجراء مقابلات بين المدّعي مازن الزّين أو بعض الشهود والمدّعى عليهم بخاصّة صحناوي تبعاً للتناقض في إفاداتهم. كما رفض في القرار نفسه طلبات أخرى للتوسّع بالتحقيق لناحية طلبه داتا الاتّصالات أو تكليف صحناوي أو المصرف إبراز لائحة العاملين في أمنه مع صورهم لعرضها على المدّعي والمدّعى عليهم والشهود رغم أنّ صحناوي كان أبدى استعداده لذلك عند استجوابه من قبل عويدات نفسه. 

وقد اكتفى عويدات بتبرير رفضه هذا بالقول إنّ “التحقيقات استنفدت في هذه القضية ولا نرى موجباً لإجراء المقابلات المطلوبة لا سيّما أنّ التناقضات الواردة في شهادة الشهود طبيعية بسبب طبيعة المكان والغاية من السهر”. وقد بدا عويدات من خلال ذلك وكأنّه يُلمّح إلى وجوب عدم التوقّف عند الشهادات أو التناقضات فيها طالما أنّها صدرتْ عن أشخاص افترض من مجرّد تواجدهم في الملهى أنّهم كانوا في حالة سكر، بعدما افترض أنّ الغاية من السهر هي السكر. وأقلّ ما يمكن قوله بشأن هذا التعليل إنّه يظهر إرادة لدى عويدات في الامتناع عن أيّ توسّع في التحقيق وختمه بمعزل عمّا توصّل إليه، فضلاً عن أنّه يظهر ميلاً لديه لإهمال الأدلّة التي توفّرها الشهادات في الملف ضدّ صحناوي. ونلحظ هنا بشكل خاص استخدام القاضي عبارتي “طبيعية” و”طبيعة” في قرار مقتضب من سطور عدّة وكأنّه يريد تصوير قراره شديد الغرابة بأنّه قرار منطقي تفرضه طبيعة الأشياء من دون مجال للجدل فيه. ورغم عبثية هذا القرار، فإنّه أدّى عملياً إلى فرملة التحقيقات ومهّد لتمييع المسؤوليات في هذا الملف. 

بقي أن نشير إلى أنّه رغم إبلاغ عويدات داتا اتصالات من شركة ألفا، لم يستتبع استلام هذه الداتا أيّ تحقيق ولم يستخدم كدليل في أيّ من القرارات القضائية اللاحقة. وفيما أشار يونس إلى احتمال أن يكون للصحناوي أكثر من رقم خليوي، طلب عويدات من شركتي الاتصالات تزويده فقط بالاتصالات الواردة من وإلى الرقم الذي صرّح صحناوي أنّه رقمه الوحيد.     

الهيئة الاتّهامية برئاسة سهير الحركة ترفض أيضاً التوسّع في التحقيق

وإذ استأنفت النيابة العامّة قرار عويدات أمام الهيئة الاتّهامية المكوّنة من القضاة سهير الحركة كرئيسة وجوزف غنطوس وهاني الحجار كمستشارين، قرّرت الهيئة قبول استجواب الشركتيْن المدّعى عليهما قبل ختام التحقيقات، في مقابل ردّ سائر طلبات التوسّع في التحقيق بالنظر إلى التناقض في الشهادات. وقد اكتفتْ الهيئة لتبرير موقفها بالقول إنّه “بالنظر إلى معطيات الدعوى الواقعية وما هو وارد في التحقيق، يقتضي عدم الأخذ بما ورد في باقي بنود المطالعة الفرعية لعدم الجدوى”. وبذلك، تكون الهيئة اعتمدتْ لإهمال مطالب النيابة العامّة نهج عدم التعليل، وهو نهج لا يقلّ قابلية للانتقاد من التعليل المسند إلى حجج واهية كما هي حال افتراض السكر من السهر. 

صدقي يخلي سبيل مرافقي صحناوي 

بعد فسخ قرار عويدات جزئياً، انتهى الملفّ إلى يد قاضي تحقيق ثانٍ عيّنه عويدات بصفته قاضي تحقيق أوّل، هو سامي صدقي. وبعدما ردّ القاضي صدقي طلبات إخلاء سبيل جميع مرافقي صحناوي المدعى عليهم وفق رأي النيابة العامّة (20/10/2010)، عاد ليوافق عليها بعد 25 يوماً خلافاً لرأي هذه الأخيرة (15/11/2010). وبذلك، خرج جميع مرافقي صحناوي إلى الحريّة بعد زهاء 9 أشهر من الجريمة. 

فهد ينتدب نفسه لرئاسة الهيئة الاتّهامية ويصدّق قرار إخلاء السبيل

استأنف وكيل مازن الزّين قرار إخلاء سبيل مرافقي صحناوي أمام الهيئة الاتّهامية. عندها، طلبت الرئيسة الجديدة لهذه الهيئة، القاضية ندى دكروب التنحّي عن الملف نظراً لاستشعارها الحرج لكون ابنة شقيقها محامية في مكتب وكيل مازن الزّين القانوني. وإذ تمّت الموافقة على طلب دكروب، من الملفت أنّ الرئيس الأوّل لمحكمة استئناف بيروت في حينها جان فهد انتدب نفسه لترؤس الهيئة الاتّهامية محلّها في هذه القضية، وقد عمد في قراره الأوّل بهذه الصفة إلى التصديق على قرارات إخلاء سبيل مرافقي صحناوي.

صدقي يرفض استجواب صحناوي خلافاً لقانون أصول المحاكمات الجزائية أو التوسّع في التحقيق

بعد صدور قرار الهيئة الاتّهامية المشار إليه أعلاه، عاد يونس ليدّعي بتاريخ 8/3/2011 صراحة على صحناوي بالاشتراك في محاولة القتل طالباً مجدّداً الاستماع إليه بصفته الشخصية تبعاً لادّعائه هذا عليه وبصفته ممثلاً للشركتين تبعاً لشكوى الزّين عليه. 

إلّا أنّ صدقي ردّ طلب الاستماع إلى صحناوي مكتفياً بالاستماع إلى ممثلين آخرين للشركتين غير صحناوي. وقد برّر ذلك بأنّ الهيئة الاتّهامية في قرارها السابق قرّرت عدم تحريك الدعوى العامّة. كما أنّ صدقي امتنع عن إجراء أي تحقيق إضافي لمعرفة الشخص فارع الطول الذي ورد في شهادات عدّة أنّه هو الذي أطلق النار وفق ما بيّنه يونس في مطالعته بعدما وصفه بالرجل الذي بقي مجهولاً.

الهيئة الاتّهامية برئاسة فهد تشهد على واقعة ضرب شاهد من أحد مرافقي صحناوي

وإذ عاد يونس ليستأنف قرار صدقي باختتام التحقيق مجدداً، فإنّ الهيئة الاتّهامية المؤلّفة من جان فهد والمستشارين شربل رزق وهاني الحجّار، قرّرت وضع يدها على التحقيق بعدما فسخت قرار صدقي “لما ورد فيه من مغالطات قانونية”، بعدما ذكرت بأنّه يتعيّن على قاضي التحقيق الاستماع إلى صحناوي طالما أنّ النيابة العامّة (يونس) عادت وادّعت عليه بجناية محاولة القتل القصدي وبأنّ هذا الادّعاء ورد بعد قرار الهيئة الاتّهامية السابق بما يقوّض تذرّع صدقي بفحواه. وقد تمّ تكليف مستشار الهيئة، القاضي هاني الحجّار إجراء تحقيقات في هذا الشأن. بناءً على ذلك، استجوب الحجّار صحناوي بتاريخ 21/9/2011 أي بعد حوالي سنة ونصف السنة على استجوابه الأوّل بحضور وكيله القانوني ووكيل مازن الزّين. 

والملفت في محضر الاستجواب أنّ الحجّار رفض طرح وكيل الزّين لبعض الأسئلة على صحناوي، ومنها الأسئلة المتعلّقة بعلم صحناوي بوجود سوابق لمرافقيه بحوادث إطلاق نار أو تعدٍّ مشابهة، وعن أوّل شخص اتّصل فيه بعد حصول الإشكال، وعن إفادة المدعو جوزف أنطونيوس الملقّب بماماس وهو المسؤول الأمني لصحناوي بأنّه علم بالإشكال عند الثانية والنصف فجراً بعد اتّصال أجراه معه.

وبعد انتهاء الاستجواب، طلب المحامي العام الاستئنافي سامر يونس توقيف صحناوي نظراً لخطورة الأفعال المنسوبة إليه وجدّية الشبهات والأدلّة حوله، إلّا أنّ الهيئة قرّرت تركه لقاء كفالة 20 مليون ليرة (بما يشكّل مؤشّراً من الهيئة بقوّة الأدلة ضدّ هذا الأخير وإن عبّرت عنه برفع قيمة الكفالة وليس بتوقيفه). وعليه، فإنّ صحناوي تمكّن من الإفلات من أيّ احتجاز لحرّيته قبلما يتمكّن من الإفلات من أيّ اتهام.  

وإذ شهد الملف في 26 حزيران 2012 تطوّراً هامّاً بعد إعلان مازن الزّين (الضحية) تعرّفه على الشخصين اللذيْن أطلقا النار عليه (وهما إيميل سمعان وعيد نموّر) بعد ظهورهما في فيديو اغتيال الشاب إيلي نعمان أمام محلّه في وضح النهار وبكلّ برودة أعصاب، استكملت الهيئة الاتّهامية تحقيقاتها وأجرت عدداً من الاستجوابات والمقابلات ضمن ظروف لا تخلو من الالتباس. أخطر هذه الإجراءات حصل عند تعرّض أحد الشهود فادي مروّة للضرب من قبل سمعان، عندما تجرّأ هذا الأخير على أن يقول إنّ الخيال الذي رآه كان شبيهاً بسمعان لجهة ضخامته من دون أن يستتبع ذلك الاستماع إلى سمعان كمدّعى عليه في هذه القضية.

رندة يقظان ترفض الادّعاء على صحناوي لعدم كفاية الدليل

عند هذا الحدّ، صنعت المفاجأة الكبرى القاضية رندة يقظان (التي تولّت النيابة العامّة الاستئنافية في بيروت بالإنابة بعد تقاعد القاضي جوزف معماري وسحب الملف من سامر يونس). هذه المفاجأة تمثّلت في أمرين كان لهما الأثر الأكبر على ضياع الحقيقة والمسؤولية في هذا الملف: 

الأوّل، أنّها طلبت من الهيئة الاتّهامية منع المحاكمة عن الشركتين كما عن صحناوي لعدم كفاية الأدلّة بحقه. وهي بذلك تراجعت عن ادّعاء النيابة العامّة السابق بتهديد الزّين بالإيذاء أو أيضاً الاشتراك بمحاولة القتل القصدي. ومن الملفت أنّها برّرت ذلك بأنّ “الشهود أغلبيتهم أجمعوا على القول بعدم مشاهدتهم المدّعى عليه أنطون صحناوي يقوم بالإشارة إلى مرافقيه المدّعى عليهم بالهجوم على المدّعي” و”أنّ دور صحناوي اقتصر على انزعاجه من وجود مازن الزّين داخل الملهى وطلبه من مدير الملهى إخراجه منه”. ويُعاب على هذا التعليل ستّة أمور: (1) أنّه تعليل يرشح عن تناقض طالما أنّ القاضية أرفقت في جملة واحدة كلمتي “غالبية الشهود” و”أجمعوا” متجاهلة بذلك الفارق الشاسع بين الغالبية والإجماع، (2) أنّها ادّعت بأنّ غالبية الشهود ذهبوا في هذا الاتّجاه من دون ذكر اسم أيّ منهم، (3) أنّها أهملت شهادة الشهود التالية أسماؤهم: ريمون بشارة، بدوي عبيد، فادي مروّة (الذي تعرّض للضرب من جراء شهادته)، فادي بيضون إضافةً إلى المدّعي مازن الزّين الذين قد تقاطعت أقوالهم على أنّهم على العكس من ذلك تماماً شاهدوا صحناوي يشير بيده لرجل ضخم يرتدي سترة خضراء إلى الزّين وهو الرجل نفسه الذي أطلق النار عليه، (4) أنّها اعتمدت عدد الشهود كمعيار حاسم للادّعاء أو عدم الادّعاء من دون النظر في مدى مصداقية شهاداتهم، (5) أنّها تصرّفت كقاضي حكم لا يدّعي إلّا في حال وجود يقين وليس كنيابة عامّة غالباً ما تدّعي عند توفّر شبهة جدّية (كما هي الحال من دون ريب في قضيّتنا هذه) تاركة لقضاء الحكم المهمّة الأخيرة في وزن الأدلة (6) أنّها بدت وكأنّها تقطع الطريق على أيّ انتقاد ضدّ قرارها من خلال توصيف موقف صحناوي من تواجد الزّين في الملهى (وهو الأمر الذي دفع مرافقيه إلى إطلاق النار عليه) بأنّه مجرّد انزعاج دفعه إلى اتّخاذ موقف غير عدائي وهي مطالبة صاحب الحانة بإخراجه من دون أن يكون من شأن هذا الانزعاج أو هذا المطلب أي صلة بإطلاق نار مرافقيه على الزّين وما رشحت عنه من جرائم.  وبالتالي، تكون يقظان ارتأت إخراج صحناوي من القضية رغم توفّر أدلّة مهمّة لديها حول اشتراكه في الجريمة، وخلافاً لوظيفة النيابة العامّة في تمثيل الحق العام أي حقوق المجتمع في هذا الخصوص.

الثاني، أنّها لم تذكر إطلاقاً سمعان ونمّور لا في سردها للوقائع ولا في طلباتها، مُكتفيةً بطلب الادّعاء على المرافقين الأربعة الآخرين. وهي بذلك أهملتْ تماماً أقوال الزّين لجهة أنّ أياً من هؤلاء لم يطلق النار عليه وأنّ سمعان ونمّور هما من فعلا ذلك. كما أهملتْ العديد من الشهادات الأخرى منها شهادة بدوي عبيد الذي تعرّف على سمعان عند إجراء مقابلة بينهما وأكّد أنّه هو من أطلق النار على الزّين. كما أنّ الشاهد مروّة أفاد أنّه شاهد خيالاً شبيهاً بخيال سمعان لجهة الضخامة يقترب من طاولة الزّين، وقد أقدم سمعان عندها على الاعتداء على الشاهد أثناء المقابلة.

الهيئة الاتّهامية برئاسة روكز رزق تتوارى وراء يقظان وتخرج صحناوي من دائرة الاتهام

ورغم غرابة موقف النيابة العامّة الذي يرشح عن تشويه لوقائع الملفّ، فقد ارتأت الهيئة الاتّهامية الالتزام في قرارها الاتّهامي بالإطار الذي رسمتْه. وهذا ما نستشفّه من القرار الذي أصدرته الهيئة برئاسة روكز رزق وعضوية شربل رزق وهاني الحجّار بتاريخ 20/2/2013 بإجماع أعضائها من دون أن يدوّن أيّ منهم مخالفة في هذا الشأن. 

فتماماً كما فعلت يقظان، منعت الهيئة المحاكمة عن صحناوي وشركتيه ولم تأتِ على ذكر مرافقيه سمعان ونمّور من قريب أو بعيد في الخلاصات التي وصلت إليها. ويذكر أنّ رزق استلم رئاسة الهيئة بعدما تمّ تعيين فهد رئيساً لمجلس القضاء الأعلى. 

وإذ طعن الزّين بقرار الهيئة الاتّهامية أمام محكمة التمييز الجزائية، ردّت المحكمة الطعن شكلاً لعدم توفّر الشرط الشكلي للتمييز وهو اختلاف الوصف القانوني بين القرار الظنّي لقاضي التحقيق والقرار الاتّهامي للهيئة الاتّهامية، طالما أنّ الهيئة الاتّهامية قد تصدّت لأساس النزاع عندما طعن بقرارات قاضي التحقيق أمامها في مرحلة سابقة، من دون أن يكون هناك بفعل ذلك أي قرار ظني. 

ممانعة سامر يونس دفاعاً عن المجتمع

في مقابل كلّ التوجّهات والقرارات القضائية المُشار إليها أعلاه والتي رشح عنها انخراط عدد من القضاة في إخراج صحناوي من ملف الجريمة، برز في هذه القضية المحامي العام الاستئنافي السابق في بيروت سامر يونس الذي تصدّى بشجاعة وإصرار لهذه المحاولات قبلما يُسحب الملفّ من يديه. وقد تمكّن يونس من ذلك بفعل الصلاحيّات المُناطة بالنيابة العامّة في تمثيل الحق العام، بحيث يكون له حقّ تقديم أيّ مطلب يراه مناسباً لقضاة التحقيق الناظرين في ملف الجريمة، كما يكون له حق استئناف القرارات الصادرة عن قضاة التحقيق أمام الهيئة الاتّهامية فضلاً عن إبداء مطالعته في الأساس أو في أي طلب إخلاء سبيل يُقدّم أمام أيّ من هؤلاء. وقد تميّز يونس مرّات عدّة في ممارسة هذه الصلاحيات حسبما نبيّن أدناه. 

وقبل المضي في ذلك، من المهم هنا التذكير أنّ تنظيم النيابة العامّة يتمّ بصورة هرمية، حيث يكون للنائب العام التمييزي توجيه أوامر شفهية أو خطية لأي من أعضاء النيابة العامّة ويكون للنائب العام الاستئنافي في كلّ محافظة سحب الملف من أعضاء النيابة العاملين في دائرته وأنّه غالباً ما يقوم بذلك عند حصول تعارض في الرأي والمواقف بينه وبين المحامين العامّين في دائرته، تماماً كما حصل في هذا الملفّ. ومن شأن كلّ هذه الممارسات أن تحدّ طبعاً من استقلالية النيابات العامّة وأن تُخضعها لإرادة رأس الهرم فيها والمتمثل في النائب العام التمييزي، وكلّها أسباب توجب علينا تنبيه القارئ إلى استثنائية الدور الذي أدّاه يونس في هذا الخصوص. 

الموقف الأوّل ليونس في هذا الملفّ تمثّل في مطالعته الفرعية المؤرّخة في 26/7/2010 والتي وجّهها لقاضي التحقيق الأوّل غسّان عويدات والتي بيّن فيها أنّ التحقيقات لم تستنفد بعد، طالباً بالنتيجة من عويدات التوسّع فيها قبل إصدار قراره الظنيّ. وفي حين أوضح يونس وجوب استجواب صحناوي مجدداً لورود شكوى ضدّ الشركتين اللتين يمثلهما تضمّنت أفعالاً جرمية جديدة، بيّن في مطالعته الاختلاف الكبير في الإفادات التي تضمّنها الملف بشأن هوية المرافقين وبشكل خاص المرافقين الذين شاركوا في إطلاق النار على مازن الزين وسائر رواد الملهى، ممّا يستدعي مزيداً من التحقيق. وعليه، طالب بـ (1) إجراء مقابلة بين الزّين والمدّعى عليهم، على خلفية أنّ الزين جزم بأنّ صور المرافقين الموقوفين التي عرضت عليه لا ينطبق أيّ منها على الشخص الذي أطلق عليه النار،(2) إجراء مقابلة بين صحناوي وريمون بشارة (رئيس مجلس إدارة الملهى) والذي أدلى بأنّ صحناوي طلب منه إخراج الزين من الملهى وأدلى ببعض المواصفات لمن أطلق النار شبيهة بالمواصفات التي تحدّث عنها شهود آخرون، (3) إجراء مقابلة بين الشاهد بدوي عبيد (أحد مالكي الملهى) وجميع الموقوفين والمدّعى عليهم وإطلاعه على صور جميع مرافقي صحناوي، كون عبيد قد أكّد في إفادته أنّه يستطيع التعرّف على الشخص الذي أطلق النار مباشرة على مازن الزّين، (4) مواجهة الشاهد شفيق الخازن لصحناوي وإطلاعه على صور المرافقين كون الخازن قد أفاد أنّ من أطلق النار في الملهى لم يكن في عداد الموقوفين الذين عرضوا عليه.

إلى ذلك، طلب يونس تكليف صحناوي أو المصرف المملوك منه بإبراز لائحة بأسماء العاملين في أمنه وصورهم لعرضها على المدّعي والمدّعى عليهم والشهود لتحديد ما إذا كان أحدهم قد اشترك في الحادثة أيضاً. كما طلب يونس معرفة أسماء جميع الأشخاص الذين اتّصل بهم صحناوي واتّصلوا به في ذلك التاريخ.

إلّا أنّه ورغم تضمين يونس مطالعته كمّاً من الثّغرات والنواقص، أصرّ عويدات على اعتبار التحقيق مُستنفداً، مطالباً النيابة العامّة بتحرير مطالعة في الأساس، كما سبق بيانه. إذ ذاك، طعنت النيابة العامّة ممثّلة بالمحامي العام مارون أبو جودة في قرار عويدات أمام الهيئة الاتّهامية وذلك على أساس تعارضه مع مطالب يونس، إلّا أنّ هذه الأخيرة لم تقبل من الطعن سوى طلب استجواب صحناوي كممثل للشركتين وفق ما ذكرنا سابقاً.

الموقف الثاني ليونس بهدف تصويب مسار التحقيق في ملف الجريمة تمثل في الادّعاء على صحناوي شخصياً بجناية المادة 213/201/547 (مطالعة 8/3/2011) وذلك على خلفية شبهة جدية حول إقدامه على الإيعاز إلى مرافقيه بالاعتداء على مازن الزّين وإطلاق النار عليه بقصد قتله، “منظّماً جريمتهم ومديراً عملهم”. وعلى عكس ما ذهب باتّجاهه بعض القضاة لناحية عدم تبرير قراراتهم كما سبق بيانه، أسند يونس ادّعاءه إلى إفادات تسعة شهود من الحاضرين والموظفين والمسؤولين عن الملهى، تقاطعت كلّها مع أقوال الزّين. ومن أبرز ما أشارت إليه بعض هذه الشهادات هو أنّ صحناوي دلّ أحد مرافقيه (وهو رجل ضخم يرتدي سترة خضراء) بإصبعه إلى الزّين، قبل أن يبادر هذا المرافق إلى إطلاق النار مباشرة على هذا الأخير. وقد عاد يونس ليطلب مجدّداً في مطالعته استجواب صحناوي تبعاً للادّعاء عليه. 

ولكن هنا أيضاً، رفض قاضي التحقيق سامي صدقي (الذي حلّ محلّ عويدات بعد فسخ قرار هذا الأخير) مطالعة يونس معلناً اختتام التحقيق ومطالباً إيّاه بإبداء مطالعة في الأساس مجدداً.

إذ ذاك، وردّاً على قرار صدقي، اتّخذ يونس موقفه الثالث في هذا الملف لتصويب مساره وقد تمثل في استئنافه أمام الهيئة الاتّهامية. ويُلحظ أنّه ضمّن مطالعته هذه تصوّره لدور النيابة العامّة وواجبها في الدفاع عن المجتمع. ومن أهم ما جاء فيها، التذكير بأنّ “الدعوى العامّة منوطة بقضاة النيابة العامّة الذين يتولّون تحريكها وممارستها باسم المجتمع الذي يمثّلون قيمه ومبادئه، ودون أن يكون لهم حق التفريط بها أو التنازل عنها أو المساومة عليها أو المصالحة في شأنها”. كما أكّد في استئنافه أنّ ما قاله صدقي في قراره عن أنّ مطالعة يونس لم تتضمّن أيّة معطيات جديدة بنت عليها الادّعاء هو “نتيجة لا يمكن بلوغها أو الارتقاء إليها في مطلق الأحوال إلّا إثر تحقيقات مطوّلة ومتشعبة ينهض بها قاضي التحقيق نفسه”.

وبالفعل، تبنّت الهيئة الاتّهامية وجهة نظر يونس وفسخت قرار صدقي وبالتالي صدّقت قرار يونس بالادّعاء على صحناوي وذلك بتاريخ 22/6/2011. إلّا أنّ الهيئة هنا قرّرت ممارسة صلاحيتها بعدم إعادة الملف إلى قضاة التحقيق بل أن تتولّى هي مباشرة التحقيق فيها، أي أن تتصدّى لأساس الدعوى. ويبدو أنّ الهيئة ذهبت في هذا الاتّجاه للتخفيف من المواجهة التي فرضها يونس بينه وبين قضاة التحقيق، من خلال مطالعاته أو الطعن بقراراتهم أمامها. إلّا أنّه لم يمضِ وقت طويل حتى اتتقلت المواجهة الحاصلة سابقاً إلى مواجهة بين يونس وبينها.

 وقد تمثّل ذلك في موقف يونس الرّابع في الملف والذي طلب فيه من الهيئة بتاريخ 21/9/2011 اتّخاذ قرار بتوقيف صحناوي وجاهياً، وذلك بعد حضوره واستجوابه بعد حوالي سنة ونصف السنة من آخر استجواب له. وقد فنّد يونس في طلبه الأسباب التي تدفع باتّجاه ضرورة توقيف صحناوي ومنها خطورة وجسامة ما قام به وتوفّر شبهات وأدلّة جدية حوله. إلّا أنّ الهيئة خالفت رأي يونس وقرّرت ترك صحناوي لقاء كفالة 20 مليون ليرة كما سبق بيانه. 

بعد ذلك، تمّ نقل ملف الجريمة في النيابة العامّة من يونس إلى يقظان والتي تولّت مهمة إنقاذ الهيئة الاتّهامية من كأس الادّعاء على صحناوي، وذلك من خلال تقديمها مطالعة خلصت فيها إلى طلب منع المحاكمة عن صحناوي لعدم كفاية الأدلة بحقه كما سبق بيانه.

ماذا تعلّمنا هذه القضية؟ 

عند التدقيق في تفاصيل هذه القضية، ندرك أنّها تُعلّمنا الكثير عن القضاة والقضاء ومسار القضايا والأهم عن ممارسات وفنون الإفلات من العقاب والمخاطر الاجتماعية الناشئة عنها. وليس أكثر دلالة على ذلك هو أنّ الأمر احتاج قرابة 9 سنوات من حصول الجريمة لتتثبّت محكمة الجنايات من أن أيّاً من المتّهمين المحالين إليها بجرم محاولة القتل لا تنطبق عليه مواصفات الذي قام بذلك فعلياً، والأهمّ لتصل المحكمة إلى الخلاصات نفسها التي كان نبّه إليها القاضي يونس في بدايات التحقيق والتي تفرض التوسّع فيه من دون أن تستمع أيّ من الهيئات القضائية المعنية إليه. وهي لو استمعت إليه لما كانت النتيجة بهذا السوء. ومن أهم الدروس التي نستشفّها من هذه القضية، الآتية:  

الدرس الأوّل: التفاوت في مناقبية القضاة ونزاهتهم واستقلاليّتهم

الدرس الأوّل الذي نتعلّمه من هذه القضية هو التفاوت الكبير بين القضاة المعنيين في هذه القضية بشأن مناقبيّتهم ونزاهتهم واستقلاليّتهم، علماً أنّ هذا الدرس يشتدّ وقعه حين نتبيّن أنّ غالبية القضاة المعنيين في هذه القضية أظهروا من خلال قراراتهم سلوكيات لا تتفّق مع الواجبات والأخلاقيات التي يفترض أن يتحلّى بها أيّ قاضٍ. وما كانت هذه السلوكيات لتظهر فاقعة لولا مثابرة القاضي يونس (الذي مثّل النموذج المثاليّ للقاضي المستقلّ في أداء مهامه) في تذكيرهم بالأدلّة والحقائق المتوفّرة في الملفّ وتقِديم المطلب تلوَ الآخر مع ما يرافقه من إحراج لهم. 

وعليه، وفيما تميّز يونس إذ ذاك بتصلّبه في ممارسة واجبه في الدفاع كنيابة عامّة عن حقوق المجتمع، تميّزت قرارات قضاة التحقيق والهيئة الاتّهامية وأيضاً مواقف قضاة آخرين في النيابة العامّة (مثل جوزف معماري ورنده يقظان) بالتماهي مع مطالب ومصالح صحناوي والانحياز لها ضد الحقيقة والصالح العام. وبالإمكان من دون أي مبالغة أن نصنّف هذه القرارات ضمن فئتين: فإمّا أنّها قرارات تخلو من أيّ تعليل أو أنّها قرارات تُبنى على تعليل واهٍ لا يصمد أمام أيّ فحص جدّي. ومن أبرز الأمثلة على ذلك، ما ذهب إليه عويدات لجهة القول بإهمال كلّ الشهادات التي وردت ضدّ صحناوي بسبب طبيعة المكان والغاية من السهر (بعدما افترض أنّ الغاية من السهر هي السكر وصولاً إلى افتراض أنّ الشهود كانوا سكارى) أو أيضاً ما خلص إليه صدقي لجهة تشويه قرار الهيئة الاتّهامية بوجوب استجواب صحناوي أو أيضاً ما خلصت إليه النائبة العامّة الاستئنافية بالإنابة رندة يقظان لجهة عدم كفاية الدليل بحق صحناوي رغم مثابرة يونس على تعداد كمّ كبير من الشهادات والإفادات ضدّه (وهو أمر سارعت الهيئة الاتّهامية إلى المصادقة عليه متجاهلة كلّ ما لديها من أدلّة). 

أدّى النقص في التعليل والتعليل الواهي بالنتيجة إلى تمييع الحقيقة وإلى اتهام أشخاص هم أبرياء من الفعل الذي اتهموا به وتجهيل الفاعلين الحقيقيين وفق ما انتهت إليه محكمة الجنايات.        

الدرس الثاني: مساوئ التنظيم القضائي أو الثواب والعقاب المفقودان 

الأمر الثاني الذي نتعلّمه من هذه القضية وما لحقها يتّصل بالتّنظيم القضائيّ. فكيف قاربت الهيئات المُشرفة على إدارة القضاء أو محاسبته مواقف القضاة في هذه القضية، وبخاصّة بعدما كشف حكم محكمة الجنايات التماهي وعدم الجدية الحاصليْن في التحقيق فيها؟ لم نأخذْ علماً بأي إجراء اتخذ في هذه القضية لا حالياً ولا سابقاً، ويُرجّح أنّ لا مجلس القضاء الأعلى ولا هيئة التفتيش القضائي دقّقت فيها أو في أيّ من تفاصيلها. لكن في المقابل، نستشفّ الكثير من المعلومات المُقلقة من المسارات المهنية للقضاة المعنيين فيها والتي تؤكّد مرّة أخرى ما خلصتْ إليه “المفكرة القانونية” في العديد من مقالاتها لجهة أنّ ارتقاء القاضي مهنياً يتّصل بمدى قربه من القوى السياسية وأصحاب النفوذ أكثر ممّا يتّصل بكفاءته ونزاهته. 

وهذا ما نتبيّنه بشكل خاص من ارتقاء كلّ من غسان عويدات (الذي أصبح النائب العام التمييزي بموجب مرسوم حكومي صدر في أيلول 2019) وروكز رزق (الذي أصبح رئيس غرفة في محكمة التمييز بموجب مرسوم التشكيلات القضائية الصادر في 2017 وهو حاليا عضو في مجلس القضاء الأعلى) وسامي صدقي (الذي أصبح رئيس محكمة جنايات في بيروت بموجب تشكيلات 2017). وارتقاء هؤلاء إنّما يشكّل دليلاً أنّهم لم يتعرّضوا لأيّ ملاحقة تأديبية. أمّا رنده يقظان، فهي تعرّضت لملاحقة تأديبية على خلفية موافقتها على ترك أشخاص مُشتبه بهم بالإتجار بمخدرات بعدما أثار الإعلام هذا الأمر فيما أنّها لم تتعرّض لأيّ ملاحقة على خلفية مطالعتها الصادرة في قضية “ميزون بلانش” والتي تفوق خطورة ما فعلته في قضية المخدرات. هذا مع العلم أنّ القاضي روكز رزق أصدر حكماً بصفته رئيس محكمة المطبوعات في بيروت بقبول دعوى يقظان ضد جريدة الأخبار والصحافي محمد نزّال على خلفيّة نشر مواد عن موقفها في دعوى المخدرات وقد ذهبت المحكمة آنذاك إلى الحكم بتعويض مرتفع لصالح يقظان. 

في المقابل، بيّنت التطوّرات الأخيرة حذراً شديداً من مجلس القضاء الأعلى تجاه القاضي يونس. وقد تجلّى ذلك من خلال رفض مجلس القضاء الأعلى اقتراح وزيرة العدل ماري كلود نجم بتعيين القاضي سامر يونس محققاً عدلياً في جريمة انفجار مرفأ بيروت مرّتين، مرّة أولى في آب 2020 ومرّة ثانية في شباط 2021 (بعد رفع يد القاضي فادي صوان عن هذا الملف). ويلحظ أنّ يونس أصدر في آب 2020 بياناً شديد اللهجة والدلالة في هذا المضمار، وهو بيان (شهادة) وصف فيه يونس من موقعه بعض ما عايشه في القضاء وضمناً ما عايشه في ملف “ميزون بلانش”. وبالنظر إلى أهمية هذه الشهادة، من المهم في مكان التذكير حرفياً بأهم ما ورد فيها: 

“أنا القاضي سامر يونس. ما هو تاريخي؟ وإلى من أنتمي؟ أنا القاضي الذي لم يعلن، يوما، عدم اختصاصه، أو عدم معرفته، أو عدم قدرته. وقفت، وحدي، عام 2010، متصدّيا للجريمة السّوداء في “الوايت هاوس” (ميزون بلانش)، حيث كان الجميع يتبارى ويتسابق لدفن الحقيقة ولتبرئة النّافذين، فنال صغار المجرمين، فقط، عقابهم، أو ربّما لم ينالوه.”

لم يكتفِ يونس في وصف تجربته في جريمة “ميزون بلانش” ولكن ذهب أبعد من ذلك في وصف ممارسات عدد من زملائه بهدف الحصول على مناصب قضائية بعدما سرى في الإعلام شائعات بأنّه مقرّب من جهة سياسية معينة، حيث جاء حرفياً في شهادته: “لسواي الذي وقف على أعتاب هذه الجهة السّياسيّة أو تلك، ليقنص أعلى المناصب ويغنم أرفع المواقع، أن يشكر أو أن يجحد أو أن ينكر هذه الجهة أو تلك. لسواي الذي زار، سرّاً وخفية وربّما جهاراً، رمز هذه الجهة السّياسيّة أو تلك، أن يخجل من فعلته“.

ولعلّ ما ختم به سامر يونس بيانه كان أبلغ ما ورد في شهادته تلك حول وضع القضاء والتدخلات والتأثيرات فيه: “صعب الطّباع، قيل. هذا صحيح. ولكنّه، أيضاً، مديح، لأنّي صعب لدى من يريدون في القاضي انصياعاً وإذعاناً واستسلاماً”.

الدرس الثالث: ممارسات التمييز بين المتقاضين

بدورها بدت ممارسات التمييز فاقعة في هذا الملف. وقد أخذت أشكالاً عدّة: 

أوّلاً، السعي إلى صرف النظر عن استدعاء صحناوي بما يعكس مراعاة لنفوذه وشخصه. وقد تجلى ذلك في الإجراءات الطويلة التي تطلّبها الملف فقط لضمان الاستماع إليه، وقد تمثلت في تقديم النيابة العامّة استئنافين أمام الهيئة الاتّهامية ومطالعتيْن أمام قاضييْ التحقيق لتنجح أخيراً في أن يتمّ الاستماع إليه مجدداً بعد حوالي سنة ونصف السنة على استجوابه للمرّة الأولى. وبالإمكان هنا التأكيد أنّ هذا الأمر ما كان ليتمّ لولا شجاعة يونس وتصميمه على إحراج القضاة الناظرين في الملفّ، وهو أمر قلّما يتوفّر في الملفات القضائية الأخرى حيث يتمّ غالباً صرف النظر عن استدعاء الأقوياء وأصحاب النفوذ من دون أيّ ممانعة من أيّ من الهيئات القضائية المعنية.

ثانياً، عدم المسّ بحرّية صحناوي، بما يؤكّد أنّ احتجاز الحرّية يطال فقط الذين لا نفوذ لهم. وقد تجلّى ذلك من خلال تركه تبعاً لاستجوابه في المرّة الأولى بمباركة النيابة العامة رغم احتجاز عدد من مرافقيه لأشهر بعد الجريمة. كما تجلّى من خلال تركه بعد استجوابه الثاني خلافا لرأي النيابة العامة بتوقيفه بعدما اكتفت الهيئة الاتّهامية بفرض كفالة عشرين مليون ليرة لبنانية عليه. 

ثالثاً، رفض التوسّع بالتحقيق. وقد بدا ذلك واضحاً من إجماع قاضييْ التحقيق عويدات وصدقي والهيْئة الاتّهامية في ردّ طلبات النيابة العامة بالتوسّع بالتحقيق رغم أهمية الأسباب الموجبة لذلك والتي بينها يونس في أكثر من مطالعة. واللافت أنّ هذا الرفض لم يتضمّن أيّ تعليل سوى أنّ التحقيق قد استنفد أو افترض أنّ الغاية من السهر هي السكر كما سبق بيانه. وقد أدّى هذا الرفض عملياً إلى إبعاد التهمة عن الأشخاص التي توفّرت بشأنهم أدلّة جدّية على تورطهم في محاولة القتل، مقابل اتّهام أشخاص كثرت الأدلّة على عدم تورّطهم في هذه الجريمة وهو أمر انتهى بتبرئِتهم فعلياً منها من قبل محكمة الجنايات.  

رابعاً، التمييز في التكييف القانوني للأفعال. وهذا ما تبدّى بوضوح كلّي بموجب إدعاء النائب العام الاستئنافي في بداية القضية حيث تمّ الادّعاء على صحناوي (الذي كان متوارياً عن الأنظار آنذاك) بجرم التهديد بالإيذاء (ولا حتى التهديد بالقتل) وهي جنحة، فيما ادّعي على أربعة من مرافقيه بجناية محاولة القتل. 

خامساً، اعتماد معايير مختلفة لتقييم الأدلّة والإثباتات المتوفّرة على ضوء قوّة الأشخاص المعنيين بها. ففيما وثّقت “المفكرة القانونية” ادّعاء النيابات العامّة على المهمّشين اجتماعياً بالجرائم ولو في غياب أيّ دليل أو فقط بالاستناد إلى أقوال المدّعين، أظهرت هذه الدعوى في المقابل ميلاً لدى النيابات العامّة وقضاة التحقيق في إهمال مجموعة من الأدلّة التي ذهبت كلّها في الاتّجاه نفسه واعتبارها أدلّة واهية لا تصلح حتى للادّعاء أو الاتّهام وكلّ ذلك على أساس تعليل لا يصمد أمام أيّ جدل جدّي.   

الدرس الرابع: ممارسات الإفلات من المحاكمة

فضلاً عمّا تقدّم، شكّلت هذه القضية شاهداً هاماً على ممارسات الإفلات من العقاب، حيث انتهتْ محكمة الجنايات إلى إصدار حكم في هذه الجريمة من دون أن تتمكّن من تحديد الفاعل فيها بعد تسع سنوات على وقوعها. 

وبالإضافة إلى ما كشفته هذه القضية من ممارسات تمييز تؤدّي إلى إبعاد كأس الملاحقة عن الأشخاص النافذين وفق ما سبق بيانه، فإنّها تكشف أيضاً كيفية تسخير الإجراءات القضائية التي تفرضها المراحل المختلفة لملاحقة جريمة معينة، وبخاصّة أمام النيابة العامّة وقضاء التحقيق، لتصفية العديد من المسؤوليات فيها وعملياً لتحوير الحقائق وتحديد المسؤوليات في اتّجاه أو آخر. فكأنّما هذه المراحل تشكّل آلات ضخمة يتمّ من خلالها إخضاع الحقيقة لحسابات القضاء وتأثيراته، وصولاً إلى صناعة حقيقة جديدة هي الحقيقة القضائية التي تبعد عن الأولى بقدر ما تنقص نزاهة  القضاة وحياديتهم. 

وبهذا المعنى، أمكن القول إنّ الهيئة الاتّهامية حدّدت بقرارها الاتّهامي في هذه القضية إطار الممكن قضائياً والذي بدا إطاراً ضيّقاً جداً بالنسبة إلى ما بيّنته أدلّة الملف، مما أدى إلى تقييد محكمة الجنايات ومنعها من أداء دورها في التثبّت من هوية مرتكبي الجريمة وتحديد مسؤولياتهم، طالما أنّ المرتكبين الحقيقيين لهذه الجريمة لم يُحالوا إليها أصلاً. ومن شأن هذه القضية أن تفسّر تمسّك القوى السياسية بتعيين قضاة مقرّبين منها وبخاصّة في النيابة العامّة وقضاء التحقيق، بالنظر إلى أدوار هذه الهيئات في إبراز المسؤوليات الجرمية أو حجبها.  

الدرس الخامس: مخاطر التدخّل والتمييز في القضاء

أخيراً، فإنّ هذه القضية بما رشح عنها أو ما تفرّع عنها من تطوّرات إنّما تشكّل إضاءةً استثنائيّة على مخاطر ممارسات التدخّل أو التمييز في القضاء. وقد تمثّل ذلك بشكل خاص في تعزيز مشاعر القوّة والقدرة على التفلّت من القيود والقوانين والمحاسبة القضائية وتالياً العقاب. ولا تنحصر هذه المفاعيل فقط بصحناوي ومرافقيه إنّما تنسحب على كلّ من يتمتّع بموقع مماثل لمواقع هؤلاء. كما من شأن هذه القضية أن تشكّل حافزاً لمن يستشعرون أنّهم ما زالوا دون هذا الموقع للسعي لاكتساب مزيد من القوّة والنفوذ تمهيداً لاكتساب منحة التفلّت من القانون والقضاء. ومن دون التوسّع في إعطاء الأمثلة هنا، سنكتفي بالإدلاء بخمس جرائم ما كانت لتحصل لولا هذا الشعور الفائض بالقوّة وبالقدرة على الإفلات من العقاب.

المثل الأوّل، أنّ نمّور وسمعان (وهما المرافقان اللذان لم يتمّ توجيه أيّ اتّهام إليهما رغم توافر الأدلة واللذان ذكرتهما محكمة الجنايات في ختام حكمها) قد عادا بعد سنتين ليرتكبا جريمة قتل إيلي نعمان في أيار 2012 في مكان عام في وضح النهار، 

المثل الثاني، أنّ طارق يتيم أحد المرافقين الذي تمّ إخلاء سبيله بعد تسعة أشهر من ارتكاب جريمة “ميزون بلانش” رغم تواجده ضمن المرافقين الذين أطلقوا النار، قد عاد ليرتكب في أيار 2012 جريمة بالغة البشاعة، تمثلت في قطع أذن أستاذ الرياضة في مدرسة زهرة الإحسان قبل أن يخلى سبيله هنا أيضاً بعد حوالي شهرين. يلحظ أنّ القاضي يونس كان هنا أيضاً استأنف قرار قاضي التحقيق بإخلاء سبيل يتيم معتبراً أنّ “خطورة الجرائم المسندة إليه ارتكابُها وجسامة آثارها، الجسدية منها والنفسية، المادية منها والمعنوية، إنّما توجب إبقاء يتيم ومَن معه قيد التوقيف، علماً أنّ ليتيم تاريخاً حافلاً في الاعتداء على الأعناق والأرزاق، وهو محكوم أيضاً بقضية مخدرات”. وقد اعتبر يونس آنذاك أنّ جرائم يتيم “إن دلّت على شيء، فإنّما على روح استعلاء واستكبار واستقواء واحتقار لكلّ شرعة وشريعة وشرعية، روح قد يغذّيها تهاون في غير موقعه وتراخٍ في غير محلّه، وذلك في قضية تتجاوز في أبعادها ومراميها ودلالاتها أشخاص فرقائها، لتطال مجتمعاً تُضرب قيمه وتُنتهك سيادته وتُداس كرامته، ويُستباح أمنه وأمانه… مجتمعاً ينتظر من القضاء وحده أن يكون هو الحامي والرادع”. يومها ورغم كلّ تحذيرات يونس في استئنافه، صدّقت الهيئة الاتّهامية في بيروت قرار تخلية سبيل يتيم ليعود ويكمل مسيرته الإجرامية من بعدها. 

المثل الثالث، أنّ يتيم نفسه (والذي استفاد من إخلاءيْ سبيل في جريمتين بالغتيْ الخطورة هما “ميزون بلانش” وزهرة الإحسان) عاد ليرتكب في تموز 2015 جريمة قتل جورج الريف هنا أيضاً في مكان عام أمام عشرات المواطنين وفي وضح النهار ومن دون أيّ مبرّر. وهذا ذكّر به يونس بوضوح ضمن بيانه الصادر في آب 2020 حيث قال “وقفت، وحدي، عام 2012، متصدّياً لتخلية سبيل مرافقي نافذ متموّل متسلّط، بعدما قطعوا أذن أستاذ الرّياضة في مدرسة زهرة الإحسان، فجرى ردّ استئنافي، فاستسهل طارق يتيم قتل جورج الرّيف”. وقد كتبت المفكرة آنذاك أنّ التدخّل في القضاء يقتل، في إشارة منها إلى أنّ التراخي في التعامل مع يتيم يتحمّل جزءاً كبيراً من المسؤولية في دفعه إلى ارتكاب مزيد من الجرائم ولو بصورة مزاجية ومن دون أي مبرّر. 

المثل الرابع، أنّ صحناوي نفسه مثله مثل العديد من المصرفيين تصرّف ولا يزال يتصرّف في التعامل مع المودعين والتمييز في ما بينهم، كما لو أنّ بإمكانه استباحة كلّ القوانين والحقوق من دون مساءلة. وقد تبدّى ذلك بشكل واضح من خلال تحويل استدعائه للشهادة في قضية تهريب الأموال إلى الخارج إلى مناسبة للتشهير بالقاضية التي تجرّأت عليه (النائبة العامّة في جبل لبنان القاضية غادة عون) إلى درجة وصلت إلى تسريب خبر مفاده تهيؤ مجلس القضاء الأعلى لعزلها من القضاء على أساس المادة 95 من قانون تنظيم القضاء العدلي وتعمّد عويدات بفعل سلطته الهرمية كنائب عام تمييزي إلى تجريد عون من صلاحياتها في التحقيق في الجرائم المالية وجرائم الفساد (15 نيسان 2021).    

أخيراً، وكمثل على المفعول المحفّز لهذه القضية، لا بدّ من الإشارة إلى جريمة مشابهة ارتكبها مرافقو شخص في مرتبة صحناوي أو يطمح إليها (مروان خير الدين وهو رئيس مجلس إدارة بنك الموارد)، وهي جريمة الاعتداء على الصحافي الاقتصادي محمد زبيب. هنا أيضاً ادّعت النيابة العامّة على مرافقي خير الدين الذين أقرّوا بتورّطهم في الاعتداء على زبيب، من دون أن تكلّف نفسها عناء استدعاء خير الدين ولو للاستماع. وقد تمّ ذلك رغم أنّ هؤلاء الأشخاص أدلوا بأنّ دافعهم الوحيد للاعتداء على زبيب هو الانتصار لكرامة صاحب عملهم خير الدين بعدما تجرّأ زبيب على انتقاده.

لقراءة المقالة مترجمة إلى اللغة الإنكليزية

انشر المقال

متوفر من خلال:

قضاء ، أجهزة أمنية ، محاكم جزائية ، قرارات قضائية ، استقلال القضاء ، مجلة لبنان ، لبنان ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد ، محاكمة عادلة



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني