توقيفات الانتفاضة في ظلّ كورونا: إخلاء سبيل موقوفَيْ حلبا والاستمرار بتوقيف 5 في طرابلس والتراجع عن توقيف غابي ضاهر


2020-10-21    |   

توقيفات الانتفاضة في ظلّ كورونا: إخلاء سبيل موقوفَيْ حلبا والاستمرار بتوقيف 5 في طرابلس والتراجع عن توقيف غابي ضاهر
أحمد حمد وزياد عيّاش من خيمة اعتصام حلبا اللذان أطلق سراحهما أمس

أمام حديث صاخب حول أزمة اكتظاظ السجون وانتشار فيروس كورونا بين الموقوفين لا تزال  المشاركة في التّظاهرات والمنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تأخذ بالعديد من المواطنين إلى التوقيف الاحتياطي، رغم اعتماد سياسة التخفيف من الاكتظاظ والحد من التوقيف الاحتياطي في وضع يسمح بإجراء التحقيقات والمحاكمات من دون التوقيف.

في 20/10/2020، قامت قاضي التحقيق الأوّل في الشمال سمرندا نصّار بإخلاء سبيل الشابين أحمد حمد وزياد عيّاش بعد أسبوع من التوقيف في ملف يعود إلى شباط 2020 على خلفية إحراق مكتب التيار الوطني الحر في حلبا كردّة فعل على اعتداء مرافقي النائب زيّاد أسود على شاب طرابلسي في جونيه وتصويرهم له أثناء إذلاله. ولا يزال 5 شبّان موقوفين بموجب مذكرات توقيف غيابيّة صادرة عن القاضية نصّار على خلفيّة الأحداث التي تلت مقتل الشاب فوّاز السمّان في طرابلس في نيسان 2020. واستجدّ أمس الثلاثاء إصدار النائبة العامة الاستئنافيّة في جبل لبنان غادة عون قراراً بتوقيف غابريال الضاهر على خلفية منشورات على فيسبوك تنتقد رئيس الجمهوريّة قبل أن يتم التراجع عنه مساءً.

وتثير هذه التوقيفات الاستغراب أمام الانتشار الكثيف لفيروس كورونا في لبنان، وانتشاره في السجون بين المحكومين والموقوفين من نزلاء السجون، وبحسب آخر بيان لقوى الأمن الداخلي بهذا الخصوص يوم الأربعاء 21 تشرين الأول، تبيّن وجود 445 حالة في سجن رومية، وتماثل 235 نزيلاً للشفاء في سجن زحلة، وتبيّن وجود 20 حالة إيجابية في البترون و14 حالة إيجابيّة في نظارة قصر العدل في بيروت، وحالة إيجابيّة في نظارة قصر العدل في النبطية وحالة في سجن دوما.

وتعقيباً على هذه القرارات، رأت المحامية غيدة فرنجية من “المفكرة القانونية” ولجنة المحامين للدفاع عن المتظاهرين، أنّ “قرارات التوقيف هذه اتخذت طابعاً قمعياً وانتقامياً يضرّ بالمصلحة العامّة كونها لا تتناقض فقط مع سياسة التخفيف من الاكتظاظ في أماكن الاحتجاز، بل تتناقض أيضاً مع القوانين التي تشترط أن يكون هناك ضرورة قصوى للتوقيف الاحتياطي قبل المحاكمة لحماية المصالح العامّة”. وأضافت أنّه “بدلاً من حماية المصلحة العامّة، اتّجهت قرارات التوقيف الصادرة عن القاضيتين نصّار وعون في هذه القضايا إلى التعرّض لصحّة الموقوفين والسجناء الآخرين الذين احتجزوا معهم كما والضغط على سلطات الاحتجاز في ظلّ صعوبة اتخاذ تدابير الوقائية الضرورية للحد من انتشار فيروس كوفيد-19 داخل أماكن التوقيف المكتظّة”.

ملف طرابلس: 5 موقوفين منذ شهر بناء لكتاب معلومات ومن دون أي تحقيق

في ملف يتّصل بتظاهرة حصلت في ساحة النور في طرابلس في نيسان 2020 تلت جنازة الراحل فوّاز السمّان الذي قتل نتيجة إصابته برصاصة خلال مشاركته في تظاهرة، جرى الادّعاء على أكثر من 40 شخصاً من الناشطين في الشمال بناء لكتاب معلومات من الأجهزة الأمنية، وتمّ الادّعاء بحقّ العديد منهم أمام القضاءين العسكري والعادي. ومن بينهم 11 شخصاً ادّعت عليهم النيابة العامّة العسكريّة بجرائم محاولة قتل عناصر من الجيش وتمّ التحقيق معهم أمام قاضي التحقيق العسكري مارسيل باسيل الذي اتّخذ قراراً بتركهم مباشرة بعد الاستجواب في 15 أيّار 2020. وقد رأى القاضي باسيل حينها وجوب عدم توقيفهم مُعتبراً أنّ حقّهم في الصحّة والحياة يطغى على ضرورات التوقيف بسبب انتشار فيروس كورونا. ومن بعدها فوجئ المحامون بأنّ قاضية التحقيق الأوّل في الشمال سمرندا نصّار أصدرت 11 مذكرة توقيف غيابيّة بحقهم بجرائم تتّصل بالشغب وتخريب الأملاك العامّة والدخول إلى المصارف وسرقة محتوياتها بناء لورود أسمائهم في كتاب المعلومات. والمخالفة هنا وفقاً للمحامين تكمن في أنّ القاضية نصّار أصدرت المذكرات من دون أن يتمّ إبلاغ المدّعى عليهم بحضور جلسات تحقيق واستناداً إلى كتاب المعلومات فقط، وهو أمر يحظره القانون. وقد برّرت القاضية قرارها باعتبارها أنّهم فارّون من العدالة رغم عدم دعوتهم للتحقيق ورغم أنّه تمّ إطلاق سراحهم أصولاً من قبل القضاء العسكري.

وعلى الرغم من أنّ فريق الدّفاع عن المدّعى عليهم المكلّف من قبل نقابة المحامين في الشمال تقدم بطلبات استرداد مذكّرات التوقيف لمخالفتها الصريحة للقانون، إلّا أنّه جرى منذ نحو شهر البدء بتنفيذ هذه المذكّرات، فجرى توقيف 5 أشخاص دون أن يتمّ التحقيق مع أربعة منهم لغاية اليوم على الرغم من أنّ القانون يفرض التحقيق معهم بأسرع مهلة ممكنة. ونتحفّظ عن ذكر أسمائهم لعدم حصولنا على موافقتهم أو موافقة أهاليهم على ذلك ويعزو المحامي أحمد البيّاع سبب تأخر فتح التحقيق مع الموقوفين إلى “وجود الملف أمام محكمة التمييز في بيروت ممّا استدعى من المحامين تقديم طلب نقله إلى طرابلس”. ويُضيف، “من المتوقع أن يتم نقل الملف يوم الخميس إلى الشمال على أن يتم البدء بتحديد جلسات تحقيق أمام القاضية سمرندا نصّار”.

ملف حلبا: إخلاء سبيل موقوفَين واسترداد مذكرات التوقيف عن آخرين

في قضيّة حلبا، خرج أمس شابان من التوقيف بعد صدور مذكرات توقيف غيابية بحقهم في أيّار 2020 هم و11 آخرون على خلفيّة حادثة إحراق مكتب التيار الوطني الحر في حلبا، وكانت هذه الحادثة جرت بعد اعتداء مرافقي النائب زياد أسود على شاب طرابلسي وتصويره وإهانته. وفي التفاصيل فإنّ القاضيّة نصّار أصدرت في أيّار 2020، 13 مذكّرة توقيف غيابيّة بحق مجموعة من الشبّان وردت أسماؤهم في كتاب معلومات من الأجهزة الأمنية. وعلى الرغم من إجراء صلحة مع التيار الوطني الحر الذي أسقط حقوقه وسلّم الإسقاط إلى قلم القاضيّة، إلّا أنّ الأخيرة لم تسترد مذكرات التوقيف مباشرة. وعليه، فإنّ الاستمرار بتعميم مذكّرات التوقيف أدّى إلى توقيف شابين دخلا بسبب حادثة منفصلة إلى مركز الشرطة العسكريّة يوم الثلاثاء الفائت في 13/10/2020، فجرى طلب نشرتيهما القضائية وتبيّن وجود المذكرتين وتمّ إيقافهما بموجبهما. إخلاء سبيل الشابين حصل أمس الثلاثاء تزامناً مع إجراء ناشطين وقفة احتجاجيّة أمام قصر العدل في طرابلس بهدف المطالبة بإطلاق سراحهما. فأصدرت القاضيّة نصّار قراراً بإخلاء سبيل الموقوفين الاثنين وقراراً آخراً باسترداد مذكّرات التوقيف الغيابيّة الصادرة بحق الآخرين.

ويؤكد وكيل الشابّين، المحامي مازن حطيط لـ”المفكرة” أنّ المماطلة التي اعترت هذا الملف غير مبرّرة ولا وضوح في خلفيّاتها، بدءاً من رفض القاضيّة تكليف زميلي المحامي خالد مرعب من قبل نقيب المحامين في بيروت بسبب أنّ المحامي مسجّل في نقابة طرابلس”. ويشير حطيط إلى أنّه “في العادة لا نواجه هذا النوع من العراقيل في الملفّات وتقبل التكليفات كما هي”. يُضيف: “بعد الانتهاء من تنظيم الوكالات للموقوفين، سعينا لعقد صلحة مع التيار الوطني الحر وقمنا بعقد ورقة صلح وإسقاط حق لدى كاتب العدل وقدمناها إلى القاضيّة، لنفاجأ برفضها قبول الإسقاط كما طلبت أن تذكر فيها أسماء الشبّان، وهذا ما قمنا به”.

هذه العراقيل والتأخيرات أدّت بحسب حطيط إلى إيقاف الشابيّن في حلبا. بعد توقيفهما، راجعنا التيار الوطني الحر الذي أكدّ لنا أنّ الصلحة قائمة، وتوجّهنا من جديد لمعرفة سبب توقيف الشابّين ليتبيّن أنّ القاضية نصّار لم تصدر بعد قرار استرداد مذكّرات التوقيف، وهذا ما دفع الناشطين إلى النزول إلى الشارع للمطالبة بإخلاء سبيل صديقيهما”.

القاضيّة عون: تشتكي وتحقق مع غابريال ضاهر خلافاً للقانون

صباح الثلاثاء 20 تشرين الأول خضع غابريال ضاهر (66 عاماً) للتحقيق أمام مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتيّة على خلفيّة استدعائه من قبل النائبة العامّة الاستئنافيّة في جبل لبنان القاضية غادة عون. وجرى استدعاء ضاهر على خلفيّة ملفّين: الأوّل تهمة “تحقير رئيس الجمهوريّة” بسبب منشور على فيسبوك، والثاني، ادّعاء شخصي من القاضية عون ضدّه على خلفيّة رسالة عبر واتساب أرسلها ضاهر مضمونها يتعلّق بالقاضية عون. ورغم وجود هذه الخصومة بين القاضية وضاهر، التي تُلزم القاضية عون بالتنحّي وفقاً للأصول، قامت القاضية باستدعاء ضاهر إلى التحقيق والإشراف على التحقيق معه بنفسها وأرغمته على إزالة منشوراته وأمرت بتوقيفه بتهمة تحقير رئيس الجمهورية.

المحامي أيمن رعد من لجنة المحامين للدفاع عن المتظاهرين الذي تابع توقيف ضاهر تقدّم للمحققين بالملف الطبّي الخاص بضاهر الذي يؤكّد أنّه يعاني من وضع صحّي يعرّض حياته للخطر في حال احتجازه وتعرّضه لفيروس كورونا، وطالب عدم توقيفه بسبب انتشار الفيروس وما يُشكّله من أسباب إنسانيّة بالإضافة إلى الأسباب القانونية. وبعدما أُبقي على ضاهر في مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية لنحو 8 ساعات خرج بسند إقامة، من دون أن يتّضح من هي الجهة التي قرّرت الرجوع عن قرار توقيفه. ويؤكد رعد لـ”المفكرة” أنّه “في الصباح حين بدأ التحقيق مع ضاهر كان هناك إصرار لدى القاضية عون على توقيفه، إنّما مساءً بعدما خرج من التحقيق أدلى لنا رتيب التحقيق أنّه جرى تركه بسند إقامة من دون تحديد الجهة التي أصدرت القرار”.

من الناحيّة القانونيّة فإنّ هذا الاستدعاء غير سليم في القضيّتين كون هناك خصومة بين عون وضاهر، مما يستدعي فتح التحقيق من قبل قاضٍ محايد بحسب المحامي أيمن رعد. ويؤكّد الأخير أنّ “هناك تضارب مصالح بين القاضية عون والملف الذي تدّعي فيه على ضاهر، فمن المفترض ألّا تتحرّك لاستدعاء ضاهر لأنّ الملف شخصي”. ويُضيف: “حتى في الملف المتعلق برئاسة الجمهوريّة، موقعها غير قانوني للادّعاء على ضاهر فيه بسبب وجود دعوى شخصية منها ضدّه”.

وبعد خروجه من التحقيق، أكدّ ضاهر لـ”المفكرة” أنّ “التحقيق معه اتّصل بالمنشورات التي نشرها عن رئيس الجمهوريّة، وهذه المنشورات قام بحذفها بعد التحقيق معه”. كما يلفت إلى أنّ التحقيق اتّصل أيضاً بالملف المتعلّق بالقاضية عون الذي يتّصل برسالة بعث بها إلى مجموعة على واتساب تتضمن معلومات غير موثوقة عن القاضيّة عون وكان هدف إرساله لها هو التحقّق من صحّتها وعندها أجابه أحد الأشخاص أنّها معلومات مزيفة، فلم يقم بنشرها. وهنا يضيف أنّه لم يكن واجب استدعاؤه سواء لناحية أنّ القاضية عون هي المدّعية مما يُشكّل تضارب مصالح، عدا عن ناحية أخرى وهي أنّه ليس الشخص المعني بالمعلومات الواردة في الرسالة بل وصلته من مجموعات وقام بإعادة إرسالها للتحقق من صحتها، وهنا يلفت إلى أنّه يوجد “مخبرين” على مجموعات واتساب.

انشر المقال

متوفر من خلال:

انتفاضة 17 تشرين ، قضاء ، حريات ، المرصد القضائي ، أجهزة أمنية ، حركات اجتماعية ، قرارات قضائية ، حرية التعبير ، لبنان ، مقالات ، حراكات اجتماعية



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني