تقنين الكهرباء في مستشفى رفيق الحريري الحكومي: استهتار بصحة اللبنانيين


2020-07-08    |   

تقنين الكهرباء في مستشفى رفيق الحريري الحكومي: استهتار بصحة اللبنانيين

أضيف التيار الكهربائي على لائحة “المستلزمات” المهددة بالفقدان التي قد تعطل القطاع الطبي في لبنان في ظل الأزمة الحالية. وعلى غرار ما هو الحال في البلاد فإن القطاع العام والمستشفيات الرسمية تكون أول من يدفع الثمن. وعليه، كانت مستشفى رفيق الحريري، التي حملت وما زالت الثقل الأكبر من تحمل جائحة كورونا، المستشفى الأولى التي اضطرت إلى إعادة جدولة العمليات الجراحية وإيقاف مكيفات تبريد الهواء في مكاتب الموظفين وفي الممرات في توقيت تلامس فيه درجات الحرارة في بيروت 38 درجة مئوية. ويعود قرار المستشفى إلى تقنين شركة كهرباء لبنان مدها بالتيار حيث وصل التقنين إلى 20 ساعة خلال الأسبوع المنصرم.

بموازاة ذلك، حذر نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون عبر المفكرة من اضطرار المستشفيات الخاصة إلى اتخاذ الإجراءات نفسها في حال عدم قدرتها على تأمين المازوت المهدد بالإنقطاع من السوق. وعول هارون على وزارة الطاقة بمنح الأولوية في تأمين الفيول للمستشفيات نظرا لضرورة القطاع وأهميته في تأمين حق المواطنين بالإستشفاء والتطبب.

وكان عدد ساعات تقنين الكهرباء في مستشفى رفيق الحريري الجامعي لامس الـ 20 ساعة الأسبوع الفائت في الوقت الذي ينقطع فيه وقود المازوت من السوق لتشغيل المولدات. ودفع ذلك إدارة المستشفى إلى إصدار تعميم نهار الخميس إلى الموظفين تطلب منهم إيقاف أجهزة التبريد نهائياً في المكاتب والممرات، إضافة إلى اتخاذها اجراءات أخرى تمثلت بخفض عدد غرف العمليات من 10 إلى 4 غرف، وإعادة جدولة مواعيد العمليات وتأجيل ما يمكن تأجيله  في حين تم إجراء العمليات المستعجلة.

تغير هذا الواقع بعد يومين، حين تواصلت المستشفى مع وزارتي الصحة العامة والطاقة والمياه فعادت مؤسسة كهرباء لبنان لتخفيض ساعات التقنين إلى 6 ساعات يوم السبت. ولتشغيل المولدات، قدّمت شركة توتال يوم السبت 20 ألف ليتر من المازوت ونهار الإثنين 10 آلاف ليتر لتشغيل المولدات، على شكل هبات.

يحصل هذا  الإستهتار بهذا المرفق العام بموازاة ارتفاع نسبة التشغيل فيه إلى 85% في وقت يلجأ إليه فقراء البلاد هربا من الكلفة الباهظة للتطبب في لبنان ومع فقدان نسبة كبيرة من اللبنانيين مصادر دخلهم، كما  تقوم  المستشفيات الخاصّة بإحالة معظم مرضى كورونا إليه أيضاً.  

التقنين القاسي يعالج بحلول تبدو مؤقتة

  مدير المستشفى د. فراس أبيض رد ارتفاع نسية تشغيل المستشفى في تغريدة عبر تويتر قبل أيام، إمّا لارتباطه بتحسن صورة المستشفى أم بسبب تدهور الوضع المالي. وفي إشارة منه إلى تراجع القدرات الماليّة لدى المرضى، لفت إلى أنّه مؤخراً زادت أعداد من يقولون أنهم “غير قادرين على تحمل رسم الدخول إلى الطوارئ البالغ  30 ألف ليرة أي 3 دولارات على سعر السوق”.

أمام ارتفاع حجم الحاجة للكهرباء في المستشفى، أشار تعميم المستشفى يوم الخميس إلى أنّ “المستشفى يجد نفسه مضطراَ لاتخاذ بعض التدابير لترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية، وذلك بسبب الظروف القاسيّة التي تمر بها البلاد لناحية تقنين الكهرباء، والتي طالت المستشفى من خلال إخضاعه لجدولة التقنين. فطلب التعميم من كافة رؤساء المصالح التأكد من إيقاف عمل أجهزة التكييف في المكاتب الإداريّة من دون استثناء.

وبالمقابل، أكد بيان المسشتفى الذي صدر يوم الاثنين أنّه تم إعطاء الأولوية للمرضى حرصاً على صحتهم وسلامتهم، علماً أنه لم يتوقف التبريد في الأقسام الطبية كالعمليات والعناية الفائقة والطورائ وغسيل الكلى وغيرها من الأقسام.

وبعد تخفيض ساعات التقنين نهار السبت عاد المستشفى إلى تخفيف إجراءاته وفق التسهيلات المقدمة بتغذية الطاقة الكهربائية ومدى توافر مادة الفيول، بحسب البيان.

من جهته يوضح رئيس دائرة الهندسة والصيانة في مستشفى رفيق الحريري الجامعي  المهندس جهاد شحيمي أنّ ساعات التقنين اليوم انخفضت من 15 ساعة الأسبوع الفائت إلى 6 أو 7 ساعات هذا الأسبوع. لذا، تم إعادة تشغيل أجهزة التبريد في المكاتب والممرات. ويعتبر شحيمي أنّه “من غير المنطقي إخضاع هذا المستشفى الذي يعد ملاذا للفقراء إلى ساعات تقنين بهذه القسوة، خاصّة وأنّه في هذه المرحلة يستقبل أعداداً مرتفعة من المرضى”. ويشدد شحيمي على أنّ “إجراءات ترشيد الكهرباء لم تطل غرف المرضى أو غرف العمليات والأقسام الضرورية، إضافة إلى وحدة الكورونا”. ويُضيف، “لبينا الحاجة للكهرباء من المولدات، ممّا أدى إلى استهلاك كميات كبيرة من المازوت”. ويُشار إلى أنّ المازوت مقطوع من السوق، فلبّت شركة توتال حاجة المستشفى وقدمت 30 ألف ليتر. ويُشير شحيمي إلى أنّ “هذه الكميّة ستكفي المستشفى لنحو 7 أيام إذا بقي التقنين بحدود الست ساعات يومياً”. 

وفي جهة موازيّة يلفت شحيمي إلى أن “المولدات في الأصل لا تتحمل ساعات تشغيل عاليّة كون تقنين الكهرباء في السابق لم يكن يتخطى الساعة أو الساعتين”.

تجميد ساعات العمل الإضافية: تعطيل جزئي للخدمات الطبيّة

لا تنتهي معاناة  مستشفى رفيق الحريري الجامعي  عند حدود الكهرباء، بل أنّ قرار الحكومة مؤخراً بتجميد ساعات العمل الإضافية تؤثر على قدرة المستشفى تلبية الحاجات الطبية. خاصة في ظل وجود شغور وظيفي في عدة أقسام، مثال دائرة الهندسة حيث يشغر  فيها 15 مركزاً  بحسب شحيمي. وكان د. أبيض قد أشار عبر تويتر إلى خطر تجميد العمل الإضافي في المستشفى خاصّة في مجال الرعاية الصحية الأساسيّة، لافتاً إلى أنّه “سيؤثر على قدرتنا مع ارتفاع الطلب”.

ولفت أبيض إلى أمر آخر، هو أنّ وزارة المال اقتطعت جزءاّ من مستحقات المستشفى لتسديد قرض قديم، وذلك في ظل الضغط من الموردين الّذين يطلبون الدفع بسعر الدولار على سعر السوق، عند التسليم.

ما هو حال المستشفيات الخاصة مع التقنين؟

أيضاً فإن تقنين الكهربا ءالقاسي يطال المستشفيات الخاصة كحال البلاد. وازدادت الحاجة لتأمين مادة المازوت لتشغيل المولدات الكهربائية. حتى الساعة وبحسب نقيب أصحاب المستشفيات الخاصّة سليمان هارون فإن “المستشفيات الخاصّة لم تضطر إلى اتخاذ إجراءات لترشيد الكهرباء، انما ذلك مؤقت قد يتغير في حال وصلنا إلى مرحلة فقدان  المازوت من السوق”، وفقاً لتعبيره. ولهذا، يلفت هارون إلى أنّه أرسل كتاباً إلى وزير الطاقة يُشير فيه إلى الصعوبات بالحصول على الفيول  في الوقت الراهن لتشغيل المولدات، وأرفق الكتاب لائحة بعدد المستشفيات الخاصة وحجم حاجتها للمازوت شهرياً. ويؤكد أنّ “الحاجة هي 50 مليون ليتر في الشهر”.

يعتبر هارون، أنّه في أسوأ الأحوال، إن “انقطعت مادة المازوت من السوق، نتوقع أنّ وزارة الطاقة ستضع المستشفيات على سلم الأولويات لتأمين المازوت لها”.

انشر المقال

متوفر من خلال:

تحقيقات ، لبنان ، الحق في الصحة والتعليم ، اقتصاد وصناعة وزراعة ، جائحة كورونا



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني