بيان للمنظمات الحقوقية الموقعة والداعمة لإخبار 30 تموز : أول حقوق الإنسان، مكافحة اللاتسامح والكراهية


2019-08-02    |   

بيان للمنظمات الحقوقية الموقعة والداعمة لإخبار 30 تموز : أول حقوق الإنسان، مكافحة اللاتسامح والكراهية

كلمة المنظمات الحقوقية في المؤتمر المنعقد تحت تسمية: “أول حقوق الإنسان، مكافحة اللاتسامح والكراهية”، والتي ألقيت في مركز المفكرة القانونية بتاريخ 2 آب 2019.

في 30 تموز الماضي، أودعت 11 منظمة حقوقية وسياسية وثقافية وازنة إخبارا لدى النائب العام التمييزي بالإنابة عماد قبلان، بخصوص الاعتداءات الجسيمة المرتكبة ضد فرقة مشروع ليلى وما تمثله. وطالب الإخبار النيابة العامة بملاحقة الجهات التي سوّغت لنفسها ليس فقط إطلاق خطابات الكراهية، ولكن أيضا الدعوة إلى العنف ضد فرقة فنية ومهرجان ثقافي وجمهورهما، وصولا إلى إهدار الدم في ظاهرة هي الأولى من نوعها في لبنان. وقد أتى ذلك مع إطلاق شائعات وأخبار كاذبة، وصولا إلى إصدار الأحكام الشعبية في الشارع وفي العالم الافتراضي على حد سواء.

وقد أدّت ماكينة البروباغندا بما شابها من تزوير وتحوير وتأويل، إلى تعزيز العصبية والتزمت والاستقطاب الفئوي، وربما في الآن نفسه إلى إغراق المواطن في حروب الهويات بعيدا عن حربه الأساسية في الدفاع عن ذاته وعن مجتمعه وعن لقمة عيشه.

لم يُسمِّ الإخبار الذي قدمناه المتدينين الذين ربما تحركوا بحسن نية بتأثير من المعلومات المفبركة والتحريض، إنما فقط الأشخاص والأحزاب الذين سخّروا ما لديهم من إمكانات ومراكز اجتماعية في خدمة خطاب الكراهية هذا.

لماذا اسشعرنا ضرورة للتحرك في اتجاه القضاء؟ ولماذا دعونا إلى هذا المؤتمر للتشديد عليه؟

لأسباب ثلاثة ملحّة وضاغطة:

  • السبب الأول: أن ما حصل كان على درجة عالية من الخطورة، حيث شهدنا للمرة الأولى ظاهرة إهدار الدم لأسباب عقائدية. وفيما عكست هذه الظاهرة تنامي مستويات التعصّب والتزمت، بما يهدد السلم الأهلي والتعددية البنيوية في لبنان، فإنها تؤدي أيضا إلى إضعاف مؤسسات الدولة وفي مقدمتها القضاء، بعدما حلت عدالة الشارع محله. كما تعرّض كل من هو مختلف لمخاطر العنف على اختلافها وتضعه في وضع هشاشة وصولا إلى تهميشه أو تهجيره، مع ما يستتبع ذلك من خنق للحريات الفردية وفي مقدمها حرية الإبداع. وقد جاء بيان لجنة مهرجانات بيبلوس الدولية جدّ معبّر في هذا الخصوص، حين أعلن أنه تم إلغاء حفل مشروع ليلى “منعا لإراقة الدماء”.

ولا نبالغ إذا قلنا أن تصرفات الحقد والكراهية هذه أدت عمليا إلى أضرار جسيمة على الأصعدة الأمنية والاجتماعية والسياسية والحقوقية والاجتماعية، هذا دون الحديث عن أضرارها الهائلة على صورة لبنان والسياحة والاقتصاد.

  • السبب الثاني: أنه رغم خطورة هذه الظاهرة وأضرارها الجسيمة، فإننا لم نر السلطات العامة تحرك ساكنا طوال عشرة أيام للأزمة، أقله ليس حتى الآن وليس علنا. لا لحماية الأشخاص المهددين بحياتهم وأشخاصهم ولا لوقف التهديد بالعنف بما وصل إليه من مستويات خطيرة وردعه. وعليه، بدت الدولة بكامل أجهزتها وسلطاتها وكأنها تخلّت تماما عن مسؤولياتها في منع أي فئة من الإستئثار بأيّ من سلطاتها أو وظائفها، كما تخلت عن مسؤوليتها في حماية جميع المواطنين، من دون تمييز، وضمان حقوقهم المشروعة، وفي مقدمتها الحق بالأمن وحريتي التعبير والمعتقد. وقد زادت من قلقنا المواقف التي صدرت عن عدد من نواب المنطقة وعن بعض السلطات الكنسية والتي ذهبت جميعها باتجاه تأييد مطالب الشارع من دون أي تحفظ أو محاولة لتهدئة النفوس وإرساء جو من الاعتدال، بما يعكس إذعانا لمظاهر التعصب والتزمت والعنف، بدل العمل على ضبطها وترشيدها.
  • السبب الثالث، أننا نؤمن بحكم مسؤولياتنا الاجتماعية بأن الغاية من تكاتفنا وعملنا المشترك هو قيام الدولة العادلة والقادرة التي نصبو إليها. ومن هنا، يشكّل الإخبار الذي أودعناه بعهدة النيابة العامة في 30 تموز فرصة جديدة للتأكيد على حياديتها وحسن تقديرها للمخاطر، وتعبيرا إضافيا عن تصورنا للوظيفة القضائية، والتي هي أولا الدفاع عن الصالح العام وحماية الحقوق والحريات. وسنحرص في الأسابيع القادمة، في سلسلة من المواقف، على مواكبة عمل النيابة العامة في هذا الإطار، على نحو يضع حدا للانقلاب الذي شهدته منطقة جبيل ضد القانون ومنطق المواطنة والدولة.

وعليه،

ومع تضامننا الكامل مع ضحايا العنف والكراهية وآخرهم أعضاء فرقة مشروع ليلى،

ومع احترامنا الكامل لجميع المقدسات والمعتقدات،

ومع شكرنا الخالص لأعضاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان لاعتبارهم الجهاز الرسمي الوحيد الذي تدخل إيجابا في هذه القضية،

فإننا جئنا ندعو مجددا وبصوت واحد، لاتخاذ الاجراءات الآتية:

  • أن تتحرك النيابة العامة سريعا لردع ظاهرة “إهدار الدم”، وذلك صونا للصالح العام، وتحصينا لأمن المواطن وحقوقه وحرياته وفي مقدمتها حرية التعبير والإبداع الفني. وإذ نرحّب بالشكوى المقدمة من مهرجانات بيبلوس الدولية في الإطار نفسه، فإننا ندعو بالمناسبة نفسها جميع المنظمات الحقوقية والمواطنين إلى التوقيع على العريضة التي نطلقها اليوم تأكيدا على مضمون الإخبار. فما حصل يشكل تهديدا لأمن وحرية كل المواطنين، بما فيهم الذين يتسلحون اليوم بالعصبية، ولا بد من التوحد لمنع تكراره،
  • أن تتحرك وزارة الداخلية ضد الأحزاب والجمعيات التي ارتكبت جرائم واعتداءات جسيمة ضد السلم الأهلي والنظام العام تمهيدا لحلها وتجريدها من العلم والخبر،
  • أن يبادر المجلس النيابي من خلال لجنة حقوق الإنسان أو لجنة الإدارة والعدل، إلى إنشاء لجنة تحقيق برلمانية للنظر في أسباب تقاعس الوزراء المعنيين في هذا الشأن عن اتخاذ الخطوات اللازمة لمواجهة خطاب الكراهية واللاتسامح، وفي مقدمتهم وزراء العدل والداخلية والثقافة والسياحة، على نحو أدى إلى إصابة لبنان بضرر بليغ على صعيد وحدته وصورته ومصالحه وأمان العيش فيه،
  • وأخيرا، ندعو بصدق وبإلحاح المراجع الكنسية، بما لها من سلطة معنوية وإمكانات، إلى إجراء تدقيق في أداء بعض مؤسساتها وممثليها خلال هذه المحنة، علّنا معا ننجح في تغليب كفة التسامح والاعتدال، تحت جنح الدولة الجامعة والعادلة.

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، حريات عامة والوصول الى المعلومات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني