المحكمة العليا في هولندا تقر بمسؤولية قواتها في مقتل بوسنيين في سربرنيتشا: خطوة إضافية لإنصاف ذوي المفقودين


2013-09-13    |   

المحكمة العليا في هولندا تقر بمسؤولية قواتها في مقتل بوسنيين في سربرنيتشا: خطوة إضافية لإنصاف ذوي المفقودين

بعد مرور 18 سنة على مجزرة سربرنيتشا، أكدت المحكمة العليا الهولندية في 6 أيلول 2013 القرار الاستئنافي الصادر في 2011 والمطعون به أمامها لجهة تحميل الدولة الهولندية مسؤولية في مقتل 3 مسلمين من البوسنة على يد جيش صرب البوسنة أو مجموعة عسكرية حليفةتابعة له، بعدما كانت قوات حفظ السلام الهولندية المتواجدة آنذاك في المنطقة طردتهم من مقرها حيث كانوا يختبئون. وما يزيد من أهمية القضية هي شخصية المدعي حسن نوهانوفيك احدى الشخصيات البارزة في الدفاع عن حقوق ذوي المفقودين في العدالة والمعرفة، والذي كان فقد والده وشقيقه اللذين تم تصفيتهما على هذا الوجه مع إخفاء جثتيهما في مقابر جماعية. 
 
لمحة تاريخية
مع إنحلال الجمهورية الفيدرالية الإشتراكية اليوغوسلافية، بسط صرب البوسنة سلطتهم على جزء كبير من بوسنة الشرقية وأقاموا حملة "تطهير عرقي" ضد المسلمين البوسنيين. كانت آنذاك مقاطعة سربرنيتشاتحت حماية الأمم المتحدة عندما تم غزوها في 11 تموز 1995. وبسبب ضعف امكانياتها، لم تقاوم قوات حفظ السلام الهولندية، فقُتل أكثر من 7000 صبي ورجل مسلم في مجزرة اعتبرت الأسوأ في أوروبا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. رفع أهالي 3 من ضحايا هذه المجزرة ومن بينهم نوهانوفيك الذي كان يعمل مترجما لدى الكتيبة الهولندية، دعوى ضد الدولة الهولندية أمام المحاكم الهولندية لطرد قوات حفظ السلام الهولندية أقاربهم من مقرها.
 
واختارت قوات حفظ السلام ألا تنقذ أحدا
وقد اعتبر قرار المحكمة العليا الهولندية أنه لم يكن على الكتيبة "تسليم" هؤلاء الرجال إلى الصرب. وقد أضاف القاضي فلوريس بايكل الناظر في القضية أنه "من غير المقبول" ألا يكون بإمكان الضحايا محاسبة قوات حفظ السلام. ومن المهم الايضاح أن القوات الهولندية لم تلاحق على أساس إمتناعها عن القيام بأي ردة فعل لتفادي المجزرة الحاصلة على مقربة منها بل لُوحقت فقط لقيامها بطرد الضحايا الثلاث الذين كانوا التجأوا اليها. فالكتيبة الهولندية حسب المحكمة لم تكن قادرة على الحفاظ على 7000 شخص، إلا أنه كان باستطاعتها إنقاذ ثلاثة أشخاص، واختارت ألا تنقذ أحدا. كما يسجل أن منظمة الأمم المتحدة لم تلاحق على أساس أنها تتمتع "بحصانة كاملة" فاكتفت بالتعبير عن أسفها عام 1999 والتصريح بأن الهولنديين لم يعلموها بشكل صحيح بالوضع.
 
ومن اللافت أن البوسنة والهرسك كانت الدولة الأولى التي وضعت في 2004 قانونا لحقوق المفقودين وذويهم، وفي مقدمها حق المعرفة والحق بالتعويض. كما بذلت الدولة الناشئة جهودا استثنائيا في التعرف على الجثث التي استخراجها من المقابر الجماعية، الأمر الذي سمح لنوهانوفيك بالتعرف على جثتي والده وشقيقه. وكانت الجثث التي يتم التعرف عليها في كل سنة تجمع وتدفن في اليوم نفسه وسط احتفال سنوي كبير الى جانب الجثث التي تم التعرف عليها في السنوات السابقة، داخل المقبرة (النصب) الضخمة التي أقيمت لهذه الغاية في سربرنيتشا. الحكم الصادر عن المحكمة العليا في هولندا يشكل من هذه الزاوية حجرا جديدا في هذا النصب الحي، حجرا أساسيا في بناء صرح الحقيقة والعدالة. 

الصورة منقولة عن موقع http://srebrenica-genocide.blogspot.com

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، أوروبا



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني