الحكومة تستحوذ على ديوان المظالم الأردني بطريقة غير قانونية تمهيدا لإلغائه


2015-01-05    |   

الحكومة تستحوذ على ديوان المظالم الأردني بطريقة غير قانونية تمهيدا لإلغائه

مع نهاية عام 2014، أصدر رئيس الوزراء الأردني قرارا بتعيين رئيس ديوان التشريع والرأي رئيسا لديوان المظالم بالوكالة بالإضافة إلى وظيفته تلك سندا لأحكام المادة 92 من نظام الخدمة المدنية. وتسمح هذه المادة بملء وظائف الفئة العليا في أي دائرة عند شغورها من خلال تعيين موظف آخر من موظفي الدائرة نفسها او من دائرة أخرى للقيام بمهام تلك الوظيفة واعمالها على سبيل الوكالة بالإضافة إلى وظيفته الأصليةـ و لمدة لا تزيد على سنة واحدة. ومن خلال ذلك، سجّل رئيس الوزراء مخالفة واضحة لأحكام قانون ديوان المظالم الذي بيّن في المادة 9 أنه في حالة انتهاء خدمة الرئيس او اعفائه منها يتولى أقدم مساعديه مهامه الى حين تعيين رئيس جديد على أن لا تزيد هذه المدة على ثلاثة أشهر. وكانت انتهت مدة الرئيس السابق لديوان المظالم في حزيران 2013، وباشر مساعد الرئيس منذ ذلك الحين مهام الرئيس بحسب منطوق نص المادة 9 تلك، ومن دون أن تراعي الحكومة مهلة الثلاثة أشهر الواردة فيها، وهي مهلة وُضعت لغايات تنظيمية بحسب ما استقر عليه اجتهاد القضاء الإداري في الأردن.

قرار التعيين بالوكالة هذا يُشكّل مخالفة جسيمة لقانون الديوان. فالتعيين بالوكالة لا يجوز عند وجود نص قانوني يُبين من يحل محل الرئيس؛ حيث أنه وفق المبادئ المستقرة في القانون الإداري، الوكالة لا تجوز عندما يكون هناك حلول بإرادة المشرع والوكالة التي تتم بقرار اداري غير جائزة لأنها تخالف نصا قانونيا ملزما في هذه الحالة.

المخالفة لقانون ديوان المظالم لا تقف عند حد مخالفة قواعد الوكالة الإدارية، بل يمكن أيضا الإشارة إلى المخالفات التالية:

·  مخالفة المادة 4/ز التي تشترط في الرئيس أن لا يكون رئيسا لأي مجلس منتخب أو غير منتخب أو هيئة أهلية أو مؤسسة رسمية أو مؤسسة عامة ولا عضوا في أي منها عند تعيينه.

·  مخالفة المادة 5/ب التي اشترطت على رئيس الديوان أن يتفرغ لعمله ولا يجوز له مزاولة أي عمل أو وظيفة أو مهنة أخرى.

وتجدر الاشارة الى أن صدور قرار التعيين تزامن مع توقيت قيام القائم بمهام رئيس ديوان المظالم، علاء الدين العرموطي، بتقديم تقريره السنوي الى مجلس الوزراء يضمنه نتائج اعماله عن السنة السابقة ورأي الجهة المختصة ذات العلاقة. ويتعين على رئيس الوزراء بعد ذلك تزويد كل من مجلسي الاعيان والنواب بنسخة من التقرير وذلك بحسب المادة 20 من قانون الديوان.
وعلى صعيد متصل، قامت الحكومة بإعداد مشروع قانون المركز الوطني للنزاهة الذي يعتبر الخلف القانوني لديوان المظالم. وبحسب مشروع القانون، يرتبط المركز الوطني برئيس الوزراء مباشرة، في حين ان رئيس ديوان المظالم بحسب المادة 8 من قانون الديوان يمارس صلاحياته ومهامه باستقلالية تامة ولا سلطان عليه إلا للقانون ولا يتلقى أي تعليمات أو أوامر من أي جهة أو سلطة.وبالرغم من التشابه الكبير في اختصاصات المركز الوطني للنزاهة وديوان المظالم، إلا ان مشروع قانون المركز لم ينص على حق المبادرة الذاتية الذي كفلته المادة 19 من قانون ديوان المظالم التي جاء فيها "لرئيس (الديوان) وبمبادرة منه دراسة أي موضوع يتعلق في أي من قرارات الادارة العامة او اجراءاتها او ممارساتها وارسال توصياته بخصوصها اليها وتضمينها في تقريره السنوي الذي يعده وفق احكام هذا القانون". كما خلا قانون المركز من الإجراءات الواجب اتخاذها في حال امتناع الجهة الحكومية المشكو منها عن تزويد المركز أية وثائق أو معلومات مطلوبة للبت في الشكوى المنظورة؛ إذ اكتفى المشروع بالنص على "الجهات ذات العلاقة إجابة الطلب دون تأخير" في حين نص قانون ديوان المظالم في المادة 15/د على أنه اذا لم تقم الجهة المشكو منها بالرد على مذكرة الرئيس خلال المدة المحددة هذه المادة او رفضت او امتنعت عن تزويده بأي من الوثائق او المعلومات التي طلبها، فللرئيس مخاطبة رئيس الوزراء بذلك لاتخاذ الاجراءات اللازمة.

ديوان المظالم الأردني هو المؤسسة العربية الوحيدة التي حققت معايير اعتماد الاتحاد الدولي لأمناء المظالم من ناحية استقلاله وأدائه لمهامه، كما أنه الأكثر فاعلية في حل الشكاوى التي وردت إليه عند مقارنته مع المؤسسات الرقابية الأخرى من مثل ديوان المحاسبة و المركز الوطني لحقوق الإنسان؛ إذ وصلت نسبة حله للشكاوى المقبولة ما يقارب 80% ومع ذلك كان الأكثر محاربة من قبل السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية.   

الصورة منقولة عن موقع facebook.com/ombudsman.jordan

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، دستور وانتخابات ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد ، الأردن



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني