تعتلي معاناة عاملات المنازل في ظلّ نظام الكفالة، خشبة المسرح في “مرافعة مسرحية”، بعنوان “الثقب الأسود: قضية تغييب 200 ألف عاملة”، كتابة وإخراج هاشم عدنان، وتشارك في الإخراج والدراماتورجيا بترا سرحال. تجسّد المسرحية/المرافعة مآسي العاملات المهاجرات التي تبدو متاهة لا تنتهي منذ لحظة التواصل مع مكاتب الاستقدام ووصولها إلى بيروت فعلاقتها مع أصحاب العمل، والأمن العام، ووزارة العمل، مجسّدة نمط حياتها في لبنان، وصولاً إلى القضاء الذي يحوز على المساحة الأهم من المسرحيّة لشرح المحاكمات الغيابية التي تمثل النسبة الأكبر من المحاكمات التي تنتهي إلى أحكام في غياب العاملة بعد ترحيلها في معظم الأحيان. 

تعرض المسرحية مجاناً في مسرح دوّار الشمس- الطيونة في بيروت ولكن حجز المقاعد ضروري، يومَيْ غد الخميس وبعد غد الجمعة في 17 و18 حزيران. يتألّف فريق العمل من نضال أيّوب وهشام عدنان (أداء) وبمشاركة العاملات المنزليات صوفي وتيزيزا وميريام، عبر شهادات لتجاربهنّ في لبنان، ومولو  كممثلة عبر فيديوهات تُبث خلال العرض. ويؤلّف الموسيقى الحيّة على المسرح هادي دعيبس. 

تشير الصفحة الخاصّة بالمسرحية على فيسبوك إلى أنّه، “بعد تأجيل طال أكثر من ستة أشهر، لا تزال الأسباب الموجبة لتقديم المرافعة المسرحية “الثقب الأسود؛ قضية تغييب 200 ألف عاملة” حاضرة، بل زادت أهميّتها نتيجة تراكم الأحداث التي يواجهها مجتمعنا بمختلف شرائحه على كافة المستويات”. ويُضيف الإعلان، “كل الظروف والأحداث المتراكمة لم تهزم النضال اليومي للعاملات من أجل الحرية والعدالة والعمل بكرامة. كلّ هذه الظروف لم تمنع استمرار الإقصاء والعنف والتمييز والاستغلال الممارس ضدّهن وضد شرائح واسعة من المجتمع”. لذا، “هنا، وفي هذه اللحظة، يبقى المسرح أداة لمواجهة هذا الواقع ومساحة لطرح الأسئلة، وفرصة لتخيّل واقع أفضل للجميع وتقديم رؤية باتجاه تحقيقه”. 

من تجربة شخصيّة إلى مرافعة مسرحيّة

من خلال نشاطات سابقة له في مجال مناصرة قضايا عاملات المنازل وورش عمل مسرحية متعدّدة مع عاملات ونشطاء، وجد المخرج هاشم عدنان نفسه معنيّاً بتقديم تجربة مسرحية جديدة للإضاءة على نظام الكفالة ومتاهاته. ويشرح في حديث لـ”المفكرة” أنّ هذا العمل هو بالتعاون مع منظمة العمل الدوليّة و”المفكرة القانونية” اللتين أطلقتا دراسة “متاهة العدالة: عاملات المنازل أمام المحاكم اللبنانيّة” (نُشرت في 29 آذار 2021) ألقت الضوء على نظام الكفالة وتداعياته على العاملات في المنازل، وتحديداً على المحاكمات التي تخضعن لها. وتوصّلت الدراسة إلى أنّ 91 بالمئة من الأحكام التي صدرت بحق هؤلاء جاءت بصورة غيابيّة، وهذا يدلّ على تغييب العاملات المنزليّات عن المحاكمات وحرمانهنّ من الدفاع عن أنفسهن، وطبعاً تحصيل حقوقهنّ.   

إضافة إلى الاستناد إلى الدراسة والعمل البحثي عقد فريق العمل جلسات متعدّدة مع عاملات روين تجاربهنّ و”قصصاً موجعة ومنها شديدة المأساوية وتكاد لا تُصدق أنّ هكذا أمور تحصل مع أحد”، كما يقول عدنان الذي استعان أيضاً ب”مشاهدات عينية” ليضيف إلى المحتوى شيئاً من تجربة شخصية عايشها، مشيراً إلى “استنباط بعض الوقائع من حياتي العائلية في المنزل، وهو كالكثير من المنازل حيث يُلقى على عاتق المرأة القيام بكافّة الأعمال المنزلية، واستعنت بتجربتنا مع استقدام عاملات منزليات”. ويجمع العمل، وفق ما يقول “بين الشقين القانوني والواقعي لإنتاج عمل جديد يتكلّم عن عاملات المنازل” لإظهار اللّا عدالة في نظام الكفالة، وأهميّة العمل على إلغائه”. 

صفحة العرض على فيسبوك