البلديات في مواجهة جائحة كورونا


2021-02-04    |   

البلديات في مواجهة جائحة كورونا
رسم رائد شرف

تمثّل البلديات في لبنان الصورة الوحيدة للإدارة اللامركزية الإقليمية، حيث تملك الشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري، وتعمل تحت وصاية أو رقابة السلطة المركزية، وتسعى إلى تحقيق المنفعة العامّة المحلية. ويشكّل المرسوم الاشتراعي رقم 118/77 تاريخ 30/6/1977 وتعديلاته، الإطار القانوني الناظم لعمل البلديات في لبنان الذي يمنحها ضمن نطاقها صلاحيات واسعة ومهمّة على مختلف الصّعد. فهذا القانون رغم أنّه بحاجة ماسّة إلى تعديل لكي يتناسب مع تطوّر المجتمع اللبناني، فهو يولي البلديات صلاحيات واسعة وإن جرّدها من القدرة والفعالية في تحقيق الإنماء المحلّي وعملياً ممارسة هذه الصلاحيات. 

والبلديات التي تعاني من مشاكل بنيوية، ومصادرة أموالها والتصرّف السياسي السيئ بها، والتدنّي الهائل في سعر صرف الليرة اللبنانية، تتحمّل أعباء كبيرة في مواجهة جائحة كورونا. فهل تملك البلديات الصلاحيات والقدرة اللوجستية والمالية على مواجهة هذا الفيروس الخطير في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة؟ وهل اعتمدت الإجراءات الصحيحة؟ وهل حققت النتائج المتوقّعة منها؟ وهل بالإمكان تطوير وترشيد هذه الإجراءات؟ 

القانون يمنح البلدية صلاحية مكافحة الأوبئة 

تملك البلديات صلاحية القيام بكلّ عمل ذي طابع أو منفعة عامة ضمن النطاق البلدي. كما ينصّ قانون البلديّات (تحديداً المرسوم الاشتراعي رقم 118/77 وتعديلاته) على صلاحية واضحة وصريحة في مواجهة الأوبئة. فقد نصّت الفقرة 12 من المادة 74 منه على صلاحية رئيس البلدية في “اتخاذ التدابير بشأن مكافحة السكر والأمراض الوبائية أو السارية وأمراض الحيوانات”. كما نصّت الفقرة 18 من المادّة نفسها على صلاحية رئيس البلدية في “تأمين توزيع المساعدات اللازمة لإعانة ضحايا الآفات والنكبات كالحريق وطغيان المياه والأمراض الوبائية أو السارية الخ”. كما تنصّ الفقرة 21 على “الاهتمام باستدراك أو منع ما من شأنه أن يمسّ الرّاحة والسلامة والصحة العامّة”.

كما يمنح قانون الأمراض المعدية في لبنان الصادر بتاريخ 31/12/1957 البلديات صلاحيات واضحة في مكافحة الأمراض والأوبئة وتنفيذ إجراءات العزل وتحمّل نفقات التبخير والتطهير والدفن. 

وتشكّل البلدية الجهاز المناسب لمراقبة الأمراض المعدية والسارية ومدى تفشّيها، والمشاركة في عزل المصابين والمخالطين، ومعاونة السلطة المركزية على مكافحة انتشار الفيروس. فهي الأقدر على معرفة واقع البلدة أو المدينة، وتملك إمكانية التواصل مع الأهالي لإقناعهم بالتقيّد بالإجراءات ومدى أهميّتها بالنسبة إلى صحّتهم وسلامتهم

وعلى إثر صدور قرار مجلس الوزراء رقم 1 تاريخ 15/3/2020 القاضي بإعلان أحكام التعبئة العامّة، تمّ توجيه البلديات من قبل وزارة الداخلية والبلديات إلى ضرورة إنشاء خليّة في كل بلدية واتحاد بلديات، تُعنى باتخاذ الإجراءات لمكافحة فيروس كورونا المستجدّ. وتالياً اتّخذت المجالس البلدية قرارات تتضمّن أسماء أعضاء خلايا الأزمة التي تتألّف من أعضاء المجالس البلدية، وكوادر طبية متطوّعة، وعناصر شرطة وموظّفين إداريين ومتطوّعين. وأبلغت الأسماء إلى السلطة المركزية، على أن يبقى رئيس البلدية هو المشرف الأساسي على عمل تلك الخلية. وتمّ ربط البلديات مع القائمقاميات والمحافظات ووزارتي الداخلية والبلديات والصحة العامّة من خلال المنصة المشتركة التي يقوم عملها على إدخال المعلومات المتعلّقة بالمصابين بفيروس كورونا وعناوين سكنهم، وأرقام هواتفهم، ومكان الحجر، وتاريخ الإصابة والشفاء.  

وقد نجحت بعض خلايا الأزمة في أداء مهامها لناحية إحصاء المصابين وتوزيع الإرشادات، ومتابعة المخالطين وتوزيع المساعدات، ومراقبة المحجورين وتوزيع المعلومات. والبعض الآخر اقتصر عملها على نشر بعض المعلومات على مواقع التواصل الاجتماعي بطريقة دعائية فارغة، من دون اجراءات فعلية وحقيقية. والإجراءات التي سوف نتحدث عنها اعتمدتها معظم البلديات، لكن تفاوت مدى التزام وتقيّد المواطنين بها بين منطقة وأخرى، علماً أنّ الإعلام المرئي والمسموع يضيء بشكل دائم على المناطق التي لا تراعي تدابير كورونا.  

الإجراءات التي اتّبعتها أو أعلنت عنها البلديات للحدّ من انتشار كورونا 

من خلال المتابعة اليومية لأعمال البلديات، يتبيّن لنا أنّ الإجراءات التي اتّخذتها أو أعلنت عنها العديد من البلديات يمكن تلخيصها على الشكل التالي:

على صعيد التوعية 

  • حاول عدد من البلديات استغلال أدوات التواصل الحديثة من أجل نشر التوعية، ومكافحة الفيروس الخطير. فنشرت معلومات على صفحات التواصل الاجتماعي وعلى مواقع البلديات، إضافة الى التعليمات المتعلقة بعوارض الإصابة وآلية التعامل مع المصابين وأصول الحجر المنزلي. قسم من هذه المعلومات مصدرها التعليمات الرسمية، وقسم آخر كان نتاج عمل المتطوّعين المختصّين بالشؤون الطبية، إضافة إلى الفيديوهات الهادفة والتوجيهية، كتلك الصادرة عن وزارة الصحة العامة، أو عن منظمة اليونسيف – لبنان. ويمكن الإضاءة بشكل خاص على صفحة بلدية أنفه – قضاء الكورة على فيسبوك لناحية توصيف واقع كورونا بشكل يومي ونشر المعلومات الهادفة والمفيدة الصحية منها والاجتماعية. 
  • وضع خطّ هاتف ساخن في تصرّف الأهالي، من أجل التبليغ عن الإصابات والإجابة عن جميع الاستفسارات الخاصة بكورونا، ومتابعة المصابين والمخالطين، حيث اعتمدت هذا الخط الساخن معظم بلديات قضاء الكورة بتوجيهات صادرة عن سلطة الوصاية الإدارية، وتحديداً القائمقامية.   
  •  توزيع المنشورات التوجيهية على المنازل ونشرها على اللوحات المخصّصة ضمن القرى والمدن، وتتضمّن معلومات تتعلّق بعوارض الفيروس وكيفية الوقاية منه. 

 

على صعيد إجراءات الحماية والوقاية

  • تعقيم الشوارع والطرقات العامة وأماكن العبادة والمراكز الرسمية الموجودة ضمن نطاقها. 
  • إقامة حواجز لتعقيم السيارات وفحص المارّة أو حتى تركيب أجهزة للتعقيم التلقائي على الطرقات العامة. 
  • مراقبة المؤسّسات العاملة ضمن النطاق المحلّي ومدى تقيّدها بالإقفال وساعات العمل، والتزامها بإجراءات الوقاية. 
  • توزيع الكمّامات ولوازم التنظيف والوقاية للمواطنين بتمويل خاص من البلديات، أو مساعدات من جهات مانحة. 
  • مراقبة العائدين من السفر ومدى تقيّدهم بالحجر المنزلي، وتكليف أحد عناصر الشرطة أو الحرس أو أحد المتطوّعين بمراقبة مدى تقيّدهم بالقواعد المفروضة.
  • مراقبة الأشخاص المصابين بفيروس كورونا، ومدى التزامهم بالحجر المنزلي، وكذلك إبلاغ المخالطين بضرورة إجراء فحوصات PCR.
  •  تسهيل إجراء المواطنين للفحوصات، من خلال التعاون مع وزارة الصحة العامّة وإجراءها على نفقة البلدية، أو على نفقة اتّحاد البلديات. 
  • تأمين اتحاد البلديات لمراكز حجر على صعيد الأقضية والمحافظات من أجل منع انتشار الفيروس، حيث قام مثلاً اتحاد بلديات جرد القيطع في محافظة عكار بوضع مركز مجمّع العزيز الصحّي في تصرّف المصابين. كما قام اتحاد بلديات الكورة بوضع فندق “كورا رزيدنس” في تصرّف المصابين. والأمثلة كثيرة في مختلف المناطق اللبنانية. وتقدّم بعض هذه المراكز الخدمات على نفقة الاتحادات بشكل كامل، فيما يتقاسم قسم آخر منها الأكلاف مع المصابين بسبب الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها البلديات. 
  • التعاون مع طلّاب قسم علم النفس في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية من أجل تأمين الدعم النفسي للأهالي الخاضعين للحجر المنزلي. وتمّ التعاون من خلال مبادرة “نحنا حدك”. ويمكن الإضاءة في هذا المجال على عمل الأخصائية النفسية السيدة رانية شلق التي عملت مع فريق عمل كبير تحت إشراف الجامعة من أجل متابعة المصابين بكورونا، فتواصلت معهم وحاولت التخفيف من آلامهم النفسية الناتجة عن إصابتهم بهذا الفيروس. وتعتبر الفيديوهات المنشورة من قبل المبادرة والمتعلّقة بيوميات المصابين بفيروس الكورونا، والإضاءة على التجارب الشخصية، مادة مفيدة جداً للصحة النفسية للمصاب بالفيروس.  

 

بعض الإجراءات تفتقد إلى الفعالية أو الاستدامة

ولكن بالطبع كانت بعض تلك الإجراءات من دون جدوى والبعض الآخر لم تتمكّن البلديات من الاستمرار بتنفيذه. فإقفال الطرقات الفرعية لا يسهم في منع انتشار الفيروس، بل على العكس قد يؤدّي إلى عزل المدن والبلدات اللبنانية عن بعضها البعض في ظاهرة مريبة. يضاف إلى ذلك إعلان بعض البلديات أنّ هذا الإغلاق يهدف إلى منع “الغرباء” من الدخول إلى النطاق البلدي، ولكن ما الذي يعنيه مصطلح “غرباء” هنا وكيف نحدد الغرباء وهل هذا يعني أنّ “الغريب” يحمل الفيروس بينما أهل القرية أو البلدة لا يحملونه؟ أما قياس الحرارة على الطرقات العامّة فليس أداة فعّالة لرصد المصابين لأنّه بات معروفاً أنّ 80% من المصابين ليس لديهم أية عوارض. هذا عدا عن رشّ المواد المعقّمة على دواليب السيارات وكأنّ الفيروس ينتقل أصلاً من خلال عجلات السيارات وعلى الطرقات الفرعية دون الرئيسية. 

كما أنّ الشرطة البلدية بإمكاناتها المتواضعة وبعلاقتها الوثيقة بنسيج المجتمع المحلّي، لا يمكنها أن تطبّق إجراءات العزل الخاص بالمناطق. فبعض المناطق التي تمّ عزلها بقرار من السلطة المحلية، أو بقرارات محقّة أو مجحفة من السّلطة المركزية لم تتقيّد بهذه القرارات، بل إنّ معظم المحلّات والمؤسّسات بقيت تعمل سواء فتحت واجهاتها أم أبوابها الخلفية. 

لم تستطع العديد من البلديات مواصلة تنفيذ العديد من الإجراءات التي بدأتها لناحية إجراء فحوصات للمصابين والمخالطين، ودعم أسر المصابين ومساعدة المعوزين والفقراء، وإقامة مراكز للحجر الصحي، وتمويلها، وغيرها لأنّها تحتاج إلى إمكانات مالية لا بأس بها. فالبلديات تعاني من أزمة مالية خانقة، وسط تمنّع السّلطة المركزية عن صرف عائداتها من الصندوق البلدي المستقلّ لعام 2018. 

 

تقييد الحريات العامّة في معرض مكافحة كورونا  

من ضمن إجراءات الوقاية التي اعتمدتها عدد من البلديات قطع الطرقات الداخلية، وإقامة حواجز، وتنظيم التنقّل الذي يشمل المواطنين والنازحين ضمن نطاقها البلدي، تبعاً لصلاحيات البلدية التنظيمية. وفيما لكلّ من المجلس البلدي ورئيس السلطة التنفيذية في البلدية صلاحية إصدار قرارات تنظيمية في المسائل الداخلة ضمن تخصّصاتهم (المادتان 48-75 من قانون البلديات)، إلّا أنّ قرارات تنظيمية كهذه بحاجة إلى رأي استشاري مسبق من مجلس شورى الدولة، وموافقة سلطة الرقابة الإدارية، نظراً لخطورتها. فتلك القرارات تخطّت أحكام التعبئة العامّة وكان من شأنها الحدّ من الحريات العامّة، وهذا الأمر يخالف الدستور والمبادئ الدستورية العامّة التي ترعى الحرّيات الأساسية للمواطنين وتخضع أيّ تقييد لها لمبدأَي الضرورة والتناسب. 

وبسبب الملاحظات الكثيرة على عمل الشرطة البلدية في مواجهة فيروس كورونا، ولأنها غير معدّة بشكل جيّد لهذه المهمّة، ونظراً لخطورة التصرّفات على صعيد الحريات العامّة، قام معهد قوى الأمن الداخلي بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP بوضع دليل توجيهي حول الامتثال العلمي واحترام حقوق الإنسان في استجابة عناصر الشرطة البلدية خلال الأزمات وواجب حماية حياة الأفراد وكيفية مواجهة الجائحة والعلاقة مع المجتمع وحماية الفئات المستضعفة والمساواة بين الجنسين وكيفية التعامل مع الأشخاص المتعافين وتشجيع الناس على التماس المساعدة الطبية، وكيفية العودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية.  

 

السلطة المركزية تستغل كورونا للسّطو على إمكانات البلدية المخصّصة للمساعدات 

تضمّنت إجراءات مواجهة فيروس كورونا إقفال المؤسّسات الخاصّة، وتنظيم الإقفال العام، وحجر المصابين والمخالطين. وهذه الإجراءات تفرض أعباء كبيرة على المواطنين، الأمر الذي يتطلّب مساعدة العائلات والأسر المحتاجة، والتعويض على أصحاب المؤسّسات الصغيرة التي أقفلت لأيام وأسابيع

وفي هذه المرحلة، طُلب من البلديات تعبئة الاستمارات لدعم الأسر المحتاجة، وغاصت البلديات في هذه الاستمارات من خلال تكريس فرق عمل وجهود مضنية، لكن هذه الاستمارات بقيت لغاية تاريخه حبراً على ورق.

فالفقرة 18 من المادة 49 من قانون البلديات تنصّ على السماح “بإسعاف المعوزين والمعاقين ومساعدة النوادي والجمعيات وسائر النشاطات الصحية والاجتماعية والرياضية والثقافية وأمثاله”. إلّا أنّ المادة 32 من قانون موازنة عام 2020 تضمّنت النص الآتي: “خلافاً لأي نصّ عام أو خاصّ، يمنع على جميع المؤسّسات العامة والبلديات واتّحادات البلديات والهيئات والمجالس والصناديق والمصالح المستقلّة والمصارف والشركات وأشخاص القانون العام، على مختلف أنواعها وتسمياتها، المموّلة أو المملوكة كلّياً أو جزئياً من الدولة، بما فيها تلك التي تدير أو تستثمر أو تشغّل مرفقاً عامّاً، كلّياً أو جزئياً، أن تنفق أو تساهم أو تموّل أيّة جهة عامّة أو خاصّة من أيّ نوع كانت بأيّ مبالغ نقدية أو عينية أو مشاريع برامج تسمياتُها خدمات وشراء خدمات وغيرها من حالات الإنفاق الخارجة عن إطار مهمتها الحصرية. ويُقصد بهذا الإنفاق على سبيل المثال لا الحصر، جميع أنواع التبرّعات والمساهمات والرعايات والخدمات والمشاريع”. وما دفع المشرّع إلى إصدار هذا النص هو المآخذ على سوء التصرّف بالمال العام من خلال دعم وتمويل جمعيات لإقامة نشاطات اجتماعية واحتفالات ومهرجانات بملايين الدولارات، وهذا الأمر انعكس سلباً على المال العام.

وهذا النص الغامض في مسألة المساعدات، دفع رئيس لجنة المال والموازنة إبراهيم كنعان وفي تصريح منشور على موقع التيار الوطني الحر بتاريخ 24/آذار/2020 إلى توضيح السبب الموجب لهذه المادة على النحو الآتي: “أنّ الحظر المنصوص عنه في المادة 32 من قانون موازنة عام 2020 لا يشمل، في ما يخصّ البلديات، وبالتالي سائر المؤسّسات والمرافق العامة المدرجة فيها، ما يدخل ضمن مهامها وصلاحياتها كما نصّت عليه أحكام المادتين 49 و50 من قانون البلديات، ولا سيما ما يتعلق منها في الظروف الحالية، الشؤون الصحية والرعائية والاستشفائية”. 

وتبعاً لهذا التوضيح، صدر القانون رقم 161 تاريخ 8/5/2020 المتعلّق بإشراك بعض القطاعات المشمولة بأحكام المادة 32 من قانون موازنة عام 2020. وقد تضمّن هذا القانون أحكاماً مؤقتة استثنائية تهدف إلى السّماح لأشخاص القانون العام التي منعتها المادة 32 من قانون موازنة عام 2020 بتقديم مساهمات مالية مخصّصة حصراً لمواجهة فيروس كورونا المستجدّ. 

وعلى إثر صدور هذا القانون، صدر تعميم وزير الداخلية والبلديات عدد 7289 تاريخ 23/7/2020 الذي تضمّن السماح للبلديات “بتوزيع مساعدات غذائية وصحّية واجتماعية مرتبطة حصراً بمواجهة فيروس الكورونا على أن يقتصر تقديم المساعدات على القاطنين في النطاق البلدي والمنتمين إليه بالإضافة إلى رفع لوائح دورية وشهرية مفصّلة إلى المديرية العامة للإدارات والمجالس المحلية بالمساعدات والهبات التي تلقّتها وتلك التي أنفقتها بما في ذلك تلك التي من أموالها الخاصة، وطريقة توزيعها ولوائح المستفيدين منها في كل نطاق بلدي على أن تخضع كلّ عقود المشتريات الطبية والغذائية بما فيها التقديمات العينية للمستفيدين للرقابة اللاحقة وفقاً للأصول من قبل وزارة الداخلية والبلديات”.

ومن أسوأ ما تضمّنه القانون رقم 161/2020 الطلب من البلديات التي لديها فائض مالي إحالة الأموال إلى السلطة المركزية لكي تتصرّف بها في معالجة فيروس كورونا، وهذا سعي واضح من السّلطة المركزية إلى السطو على أموال البلديات وصلاحيّاتها، وفرض وصاية (رقابة لاحقة عليها) من دون نص. فهل تعتقد هذه السّلطة أنّ البلديات سوف تبادر الى إرسال أموالها إلى سلطة تسطو وتصادر أموالها؟

إجراءات بأكلاف متواضعة تساهم في الاستعداد للأوبئة 

ونظراً إلى كون الأوبئة أصبحت أمراً وارداً في أيّ مرحلة لاحقة، يتوجّب على البلديات أن تكون جاهزة وقادرة على مواجهتها والاستعداد للتعامل معها. وكون البلديات تعاني من أزمة مالية واضحة نعرض خطوات بسيطة وبأكلاف متواضعة يمكن أن تتخذها البلديات للاستعداد لأي وباء محتمل: 

  • إنشاء معهد دائم لتدريب الكوادر البلدية، حيث يتمّ إلزام الفائزين بالانتخابات البلدية والاختيارية بالخضوع لدورة تدريبية تتناول الطريقة الفضلى لإقامة خلايا الأزمة وكيفية التعاطي مع انتشار الأوبئة ومكافحتها. 
  • على البلديات التي تملك الإمكانات المالية إنشاء أجهزة صحّية مختصّة عبر ضمّ مراقب صحّي ولو بصفة متعاقد إلى كادرها الوظيفي.  
  • تعديل قانون البلديات عبر إضافة أحكام وصلاحيات وتحديد آلية عمل اللجان البلدية ومنها اللجان الصحّية على أن تضمّ أطباء وممرّضين وأشخاص من جميع الاختصاصات في المجال الصحي.
  • تفعيل العلاقة بين المجالس البلدية والناخبين، عبر إيجاد آليات قانونية لتمكين الناخبين من الاطّلاع على عمل المجالس المحلية، والمشاركة الفعلية في عملها، وإحكام الرقابة على أدائها.  
  • تعديل برامج التدريب للشرطة البلدية في معهد قوى الأمن الداخلي لكي تشمل كيفية مواجهة الأوبئة. وإعادة إخضاع عناصر الشرطة والحرس البلدي لها لتدريبها على كيفية التعاطي مع الحالات المرضية والوبائية السارية والمستجدة. 
  • إقامة المحاضرات الطبية بشكل دائم تتناول الأوبئة وخطورتها وكيفية مكافحتها، ووضع دليل دائم ومبسّط يتضمّن التوجيهات الأساسية إضافة إلى تزويد البلديات بالمعدّات اللازمة لمواجهة الأوبئة والأمراض السارية.  
  • اتّباع الإجراءات البسيطة والوقائية الحقيقية والفعلية والمجدية، والتغاضي عن الإجراءات الفلكلورية والانعزالية. 
  • ضمّ البلديات بشكل جدّي إلى الخطّة الوطنية لمواجهة الأزمات. 
  • إقامة غرفة عمليات مشتركة في كلّ قضاء تشمل الأجهزة المدنية والعسكرية والبلديات، ومن ضمن مهامها معالجة الأوبئة والأمراض السارية والمعدية.
  • تزويد البلديات بأموالها ومستحقّاتها لكي تتمكّن من القيام بمهامها ومنها مكافحة انتشار الأوبئة. 
انشر المقال

متوفر من خلال:

مجلة ، البرلمان ، مؤسسات عامة ، منظمات دولية ، الحق في الصحة ، مجلة لبنان ، لبنان ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد ، جائحة كورونا



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني