اقتراحات قوانين محدودة بهدف تعزيز الحقوق الأساسية والحريات العامة (جلسة تشريعية نيسان 2020)


2020-04-21    |   

اقتراحات قوانين محدودة بهدف تعزيز الحقوق الأساسية والحريات العامة (جلسة تشريعية نيسان 2020)

أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري عن انعقاد جلسة تشريعية أيام 21 و22 و23 نيسان في قصر الأونيسكو. وتأتي الجلسة في أجواء استثنائية حيث حملت التدابير المفروضة في ظل مكافحة جائحة كورونا إلى إغلاق تام ومنع التجمّعات.

على جدول أعمال الجلسة المرتقبة 66 بنداً، تحاول المفكرة من باب رصدها لأعمال البرلمان، ومن باب ضرورة التنبّه إلى كل خطوة في الظرف الحالي، أن تبرز أهمية أو خطورة عدد من هذه البنود.

ونتمعّن هنا بالتحديد برزمة المقترحات التي تقدّم بها عدد من النواب بهدف تعزيز الحقوق الأساسية والحريات العامة، علما أن بعضها كان واردا على جدول أعمال جلسة 12/11/2019.

1- استبدال عقوبات بعقوبة العمل الاجتماعي المجاني

هنا نتناول الاقتراح الذي تقدمت به النائبة بولا يعقوبيان بصفة المعجل المكرربتاريخ 24/9/2019 وهو يرمي إلى تعديل البند 2 من المادة الأولى من القانون رقم 138 تاريخ 9/7/2019 المتعلّق بإستبدال بعض العقوبات بعقوبة العمل الإجتماعي المجاني لناحية توسيع ميدان العقوبات المشمولة بهذه. ففيما يحصر هذا البند إمكانيّة تدخل القاضي لاستبدال العقوبة بالجرائم غير الشائنة التي لا تتجاوز عقوبتها الحبس سنة،يعمداقتراح يعقوبيان إلى تعميم إمكانيّة هذا الإستبدال على عقوبة الحبس لمدّة سنة بالنسبة إلى جميع الجنح وليس فقط الجنح غير الشائنة. تشير الأسباب الموجبة إلى أهميّة شمول فئة الأشخاص المحكومين بجرائم شائنة ضمن المستفيدين من إستبدال عقوبتهم بعقوبة العمل الإجتماعي المجاني، نظرا لمدى حاجتهم إلى الإصلاح وإعادة التأهيل والإندماج في المجتمع. غير أن المقترح لم يعمد إلى معالجة الثغرات الأخرى والتي كانت “المفكرة” أشارت إليها، وتحديداً لجهة صدوره بقانون خاص من دون تعديل مواد قانون العقوبات والصعوبات العمليّة التي ستطرح عند تنفيذه نظرا لعدم توفر مجالات العمل البديل وقدرة المؤسسات المعنية به على التجاوب مع مقتضياته.

2- جرائم التعذيب لا تقبل مرور الزمن

هنا نتناول اقتراحا آخر تقدمت به النائبة بولا يعقوبيان بصفة المعجل المكرر بتاريخ 24/9/2019، وهو يرمي إلى تعديل المادة 10 من قانون أصول المحاكمات الجزائية والمادة 163 من قانون العقوبات المتعلّقتين بإلغاء مرور الزمن فيما يتعلق بجرم التعذيب (البند 27). يقوم الإقتراح على مادتين: تعدّل الأولىالمادة 10 من قانون أصول المحاكمات الجزائيّة وتحديداً الفقرةالمرتبطةبمرور الزمن على جرائم التعذيب المنصوص عليها في المادة 401 من قانون العقوبات. فينصّ القانون الحالي على عدم سريان مرور الزمن على هذه الجرائم “إلا بعد خروج الضحية من السجن أو الإعتقال أو التوقيف المؤقت إذا لم يتبعه سجن”. أمّا التعديل المقترح من النائبة يعقوبيان فيهدف إلى تكريس قاعدة عدم سريان مرور الزمن بالنسبة إلى جرائم التعذيب“إطلاقاً”. أمّا المادة الثانية، فتعدّل الفقرة (2) من المادة 163 من قانون العقوبات، لتنصّ على عدم سريان مرور الزمن على الجرائم المنصوص عليها في المادة 401 من قانون العقوبات أي جرائم التعذيب. وتستند الأسباب الموجبة للإقتراح على أنّ “المجتمع الدولي قد عبّر عن تحبيذه وتأييده لعدم سريان مرور الزمن على الجرائم ذات الطبيعة الخطيرة، وفق ما يُستفاد من أحكام الإتفاقية الدولية لعدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية والتي يجري التساؤل عن سبب عدم انضمام لبنان إليها لغاية تاريخه وهو أمر يقع على عاتق الحكومة”.

وقد تم تقديم هذا الاقتراح على خلفية قضية ملاحقة المسؤول في معتقل الخيام السابق عامر الفاخوري. وكانت قاضية التحقيق العسكري نجاة أبو شقرا قد أصدرت قراراً اتهامياً ضد هذا الأخير معتبرة أنه وسنداً إلى الاتفاقيات والمعاهدات والأعراف الدولية (خصوصاً العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ومعاهدات جنيف الأربعة واتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية تاريخ 26/11/1968 والمادة 29 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائيَّة الدولية تاريخ 17/تموز/1998) يقتضي حماية الأسرى ومعاملتهم معاملة حسنى، وإن جرائم التعذيب والمعاملة غير الإنسانية تشكل جرائم حرب غير قابلة للسقوط بمرور الزمن استناداً إلى القانون الدولي المتعلّق بحقوق الإنسان. إلا أن المحكمة العسكرية الدائمة أصدرت بتاريخ 16/3/2020 قراراً  بكفّ التعقبات ضد الفاخوري بعدما اعتبرت أن دعوى الحق العام سقطت عنه بمرور الزمن العشري. وقد استبعدت المحكمة العسكرية تطبيق أحكام المعاهدات والإتفاقيَّات الدولية فيما خص عدم التقادُم أو مرور الزمن على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

وبالنظر إلى ما سبق، نتساءل عن اقتصار قاعدة عدم مرور الزمن على جرائم التعذيب، عوض أن تشمل القاعدة جميع الجرائم الخطيرة أي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وجريمة الإبادة الجماعية.

3- منع إدراج جرائم المطبوعات على السجل العدلي

هنا نتناول إقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى منع إدراج الأحكام الصادرة بمقتضى قانون المطبوعات في السجل العدلي،والمقدم من النواب بولا يعقوبيانوطارق المرعبي وبكر حجيري وقاسم هاشم وأنطوان حبشي وإلياس حنكش وياسين جابر وشامل روكز وسامي فتفت وبلال عبدالله بتاريخ 26/9/2019 (البند 28). وكان هذا البند أيضاً وارداً على جدول أعمال جلسة 12/11/2019. ويضيف الإقتراح أوّلا مادة إلى المرسوم الإشتراعي المتعلّق بجرائم المطبوعات (104/77) لتكريس قاعدة عدم إدراج الأحكام الصادرة في جميع جرائم المطبوعات في السجلّ العدلي. وتقضي المادة الثانية بشطب جميع الأحكام الصادرة في هذه الجرائم قبل نفاذ القانون من قيود السجلّ العدلي، تلقائيّا إمّا بناء على طلب صاحب العلاقة بموجب قرار من النيابة العامة لدى المحكمة التي نظرت الدعوى بالدرجة الأخيرة. ونتساءل عن جدوى إدراج إمكانية الاستحصال على قرار من النيابة العامّة في هذا الإتجاه، في حين يمكن شطب القيد تلقائيا.

ويهدف هذا الإقتراح حسب ما جاء في أسبابه الموجبة إلى تعزيز حريّة الرأي والمعتقد المصانة في الدستور، على نحو عدم إدراج الأحكام المذكورة على السجلّ العدلي لأنّها لا تشكّل سوى تجاوز لحريّة الرأي التي هي جزء من المبادئ الديمقراطيّة. يصعب فهم هذا الإقتراح إلا على أنه خطوة أولى في اتجاه إلغاء تجريم جرائم المطبوعات كليّا.

انشر المقال

متوفر من خلال:

حريات ، المرصد البرلماني ، تشريعات وقوانين ، محاكمة عادلة وتعذيب ، لبنان



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني