احذروا شراء الأسماك الموبوءة السامّة: تلوّث القرعون يقتل ثروتها السمكية مجدداً


2021-04-30    |   

احذروا شراء الأسماك الموبوءة السامّة: تلوّث القرعون يقتل ثروتها السمكية مجدداً
(مصلحة الليطاني)

عادت بحيرة القرعون مقصداً للزوّار في صيف 2021 ولكن ليس من باب السياحة ولا صيد الأسماك ولا ريّ المزروعات وهي أنشطة أساسية ترتبط بوجودها إضافة إلى توليد الطاقة الكهربائية، بل للأسف ليتفرّج المواطنون على فرق المصلحة الوطنية لنهر الليطاني وهي تجمع يومياً عشرات الأطنان من أسماك الكارب carp النافقة في البحيرة والعائمة على سطحها وعلى ضفافها بعدما لفظتها المياه. 

وبعدما حذرت مصلحة الليطاني وجمعية حماية الطبيعة  SPNLمن وباء فيروسي يصيب نوعاً محدّداً أو فصيلة معيّنة من الأسماك في البحيرة، لفتتا في بيان مشترك مع الجمعية إلى أنّ هذا الوباء “يفاقم أزمة الأسماك في الليطاني التي تعاني من جرّاء التلوّث الكيميائي والبيولوجي الناتج عن الأنشطة البشرية الصناعية والزراعية والسكنية”، وبينما يعمد عشرات الصيادين والتجّار إلى بيع الأسماك في سوقَي الكرنتينا وصبرا وربما في مناطق أخرى أيضاً، على أنّها أسماك مجلّدة، برغم منع الصيد في البحيرة واستهلاك أسماكها منذ 2018، أكّدت المصلحة أنّ جميع أسماك القرعون “لا تصلح للأكل، وتشكّل خطراً على صحّة مستهلكيها”. ويُطرح سؤال هنا عن كيفية استمرار الصيد في البحيرة وجمع الأسماك الميتة، بينما يجب على وزارات الداخلية والزراعة والسياحة ومعها القضاء والبلديات السهر على تطبيق قانون منع صيد الأسماك وبيعها. ولهذا الأمر عادت مصلحة الليطاني وطالبت الأجهزة الامنية والسلطات الرقابية والقضاء بالتشدّد في قمع أي مخالفة لقرار حظر الصيد في البحيرة قطعياً.

وانتشلت فرق مصلحة الليطاني مع متطوّعين حتى الآن أكثر من 40 طناً من الأسماك النافقة وطالبت المصلحة جميع الجهات المعنية بتشكيل فرق مجهزة لمؤازرة المصلحة للعمل بشكل يومي على انتشال الأسماك النافقة من البحيرة قبل تحلّلها، وذلك لتفادي الكارثة المتفاقمة.

(تصوير ماهر الخشن)

5 سنوات على القانون 63 ووضع القرعون أسوأ

يذكّر مشهد الأسماك النافقة الطافية على سطح بحيرة القرعون وعلى ضفافها بما حصل في تموز 2016 حيث نفقت آلاف أطنان الأسماك يومها، وهو ما دفع مجلس البحوث العلمية، والباحث البروفيسور كمال سليم، إلى نشر تقرير علمي حول نهر الليطاني وبحيرة القرعون أعلن موتهما السريري من التلوّث الصناعي والكيميائي والصرف الصحي والزراعي والجرثومي.

يومها لم تكن قد تشكّلت لجنة وزارية على أعلى المستويات ولا تمّ إقرار القانون 63 في خريف 2016 في مجلس النواب الذي خصّص اعتمادات بألف و100 مليار ليرة لتنظيف البحيرة ونهر الليطاني. وها نحن اليوم وبعد 5 سنوات على إقرار القانون نجد أنّ وضع البحيرة قد ازداد سوءاً، خصوصاً عندما نعلم أنّ سمكة الكارب هي من الأسماك القادرة أكثر من غيرها على تحمّل التلوث، وفق البروفيسور سليم. 

والملفت في كارثة البحيرة اليوم أنّ نفوق الأسماك يحصل في شهر نيسان أي في فصل الربيع قبل ارتفاع الحرارة إلى أعلى مستوياتها في شهري تموز وآب من كل عام واستفحال السيانوبكتيريا التي قتلت البحيرة والتي تتكاثر بشكل كبير ويتفاقم خطرها في قيظ الصيف. مع الإشارة إلى أنّ السنة المطرية الحالية كانت أقلّ غزارة من العام الماضي والعام الذي سبقه إذ لم تتخط البحيرة 150 مليون متر مكعب هذا العام بينما تصل سعتها، كما حصل في نيسان العام الماضي، إلى 222 مليون متر مكعب في سنة مطرية جيدة لتبدأ تفريغها الذاتي وبالتالي تنظيف نفسها نسبياً مما يعيد بعض الحياة إلى تنوعّها البيولوجي قبل قدوم الصيف واستفحال السيانوبكتيريا والتلوّث من جديد. ويحتّم توقيت حدّة الكارثة الحاصلة حالياً إجراء الفحوصات المخبرية على الأسماك النافقة والبحيرة في الوقت عينه لتحديد الوضع بدقّة وسبل التدخّل اللازمة، خصوصاً أننا لا نعرف نوعية الفحوصات التي بُنيت عليها المعطيات العلمية المعلنة لغاية الساعة حول أسباب نفوق الكارب.

وتحلّ الكارثة أيضاً بعد توقّف طويل لجلسات محاكمة ملوّثي نهر الليطاني من مؤسّسات صناعية وطبية إثر الدعاوى التي رفعتها مصلحة الليطاني منذ النصف الثاني من 2018، وذلك بسبب الإقفال على خلفية انتشار فيروس كورونا، مما أخّر إلزام المدعى عليهم استكمال تركيب محطات تكرير لنفاياتهم وإلزامهم، وفق الأحكام، بتنظيف ملوثاتهم التي تضر بالنهر ومحيطه.

(تصوير ماهر الخشن)

تقرير المصلحة حول نفوق الكارب

يفيد تقرير المصلحة أنّه، بعد المسح الميداني واستعمال طريقة تقييم التنوع البيولوجي تبيّن أنّ “الأسماك النافقة جميعها من نوع سمك الكارب (Cyprinus Carpio Carpio)، ووجود أربعة أنواع أخرى من الأسماك على الأقل وهي السمك البني البلديو  (Cyprinidae Spp)وسمك الأنجورا لوش (Angora loach – Nemacheilus Angorae) وسمك الأفانيوس منتو  (Iridescent toothcarp- Aphanius Mento) وأسماك البعوض الشرقية  (Gambusia Holbrooki)، وهي باستثناء الكارب تتمتّع بصحّة جيّدة وتبيّن أنّها تضع بيضها وتتزاوج”. واستبعد التقرير “كلّياً نظرية نقص الأوكسيجين أو التلوّث الكيميائي الحاد لدرجة القضاء على آلاف أسماك الكارب المعروفة بمقاومتها للعاملين الآخيرين بعكس الأسماك الأخرى، علماً أنّ التلوّث الكيميائي موجود في البحيرة منذ عقود ويشكّل خطراً على صحّة الإنسان والحيوان لكنّه ليس السبب المباشر للنفوق السريع لأسماك الكارب بهذا الشكل”.

وبيّنت العيّنات التي أخذت من أسماك الكارب النافقة والأخرى التي لا تزال حيّة لكن على وشك الموت، وتم تشريحها ميدانياً وتحديد عامل مشترك واحد بينها، أنّها “جميعها تعاني من نزيف داخلي وتلف في الأعضاء الحيوية، ومن وجود تقرّحات حادة على أعضائها الداخلية والخارجية مثل الزعانف والحراشف، وأنّ الخياشيم حمراء وحالتها جيدة نسبياً، مما يستبعد فرضية النقص بالأوكسجين”.

وخلص التقرير إلى أنّ أسماك الكارب “تعاني من انتشار مرض وبائي خطير أدى إلى نفوقها بالآلاف في غضون أقل من أسبوع”. وعلى الأغلب أنّ هذا الوباء “هو فيروسي يصيب نوعاً محددً أو فصيلة معيّنة من الأسماك”.

وتابع البيان: “في جولتنا الميدانية بنفس التاريخ وثقنا نفوق عشرات اسماك الكارب (بنفس العوارض) في مجرى ماء متفرّع من الليطاني في منطقة تل الأخضر مما يدلّ على أنّ الوباء منتشر على نهر  الليطاني وليس محصوراً في بحيرة القرعون”، محذّرة من إمكانية انتقاله إلى مسطّحات مائية أخرى في لبنان، وخصوصاً إذا تمّ استعمال عدّة الصيد نفسها المستعملة في القرعون، وهو ما يضاعف من حجم الكارثة وسبل مواجهتها.

وأوصت المصلحة بـ”التشدد في إنفاذ القانون لمنع الصيد على بحيرة القرعون وعلى طول مجرى نهر الليطاني، لمحاولة حصر الوباء ومنع انتشاره، حيث من الممكن انتشار فيروسات الأسماك بواسطة عدّة الصيد، مثلاً إذا استعملت في الليطاني ثم استعملت بالعاصي قد تسبّب كارثة على مزارع الأسماك ليس فقط في لبنان بل في سوريا وتركيا كذلك، والقيام فوراً بمسح ميداني شامل واخذ عيّنات لفحصها مخبرياً لتحديد نوع الوباء ومدى خطورته على الأسماك والإنسان”. وناشدت المواطنين اللبنانيين والنازحين السوريين الامتناع بشكل قطعي عن تناول أسماك الكارب وتبليغ المصلحة والقوى الأمنية عن اي شخص يقوم ببيع هذه الأسماك.

(مصلحة الليطاني)

أكثر من احتمال علميّ وراء ظاهرة نفوق الأسماك

كمراقبة أوليّة لعمليّة نفوق الأسماك، طرحت فرضيّات عدّة، ولكن الفحوصات نفتها جميعها. أفادت الفرضيّة الأولى أنّ نقص الأوكسجين سبّب النفوق، ولكنّ سمك “الكارب” هو الأكثر تعايشاً مع نقص الأوكسجين وبحسب الدكتور كمال سليم، لا تحتاج هذه السمكة إلى كمّيات كبيرة من الأوكسجين. الفرضيّة الثانية قالت بأنّ الحادثة مفتعلة، أيّ أنّ سموماً رميت في البحيرة، ولكن تحاليل المياه نفت ذلك، إضافة إلى أنّه لم تظهر أيّ أسماك أخرى متضرّرة، ما يعني أنّ الحادثة خاصّة فقط بنوع “الكارب”.   

سمكة “الكارب” أيضاً تتحمّل التلوّث بأقصى مراحله، ولديها قدرة على حماية نفسها منه، بحسب سليم. لذلك، يطرح الأخير احتمالات عدّة قد تكون خلف ظاهرة نفوق أسماك “الكارب” في بحيرة القرعون حالياً. أوّلاً، قد تكون السموم التي تفرزها “السيانوبكتيريا” التي عادت للظهور مجدّداً قبل حوالي الشهرين في البحيرة. ويحيل سليم الاحتمال الثاني إلى الحرارة، بحيث أنّ تغيّر الحرارة بطريقة فجائيّة (مثلاً إذا تحوّلت حرارة المياه من 20 إلى 27 درجة مئوية في نهار واحد) يؤدّي إلى صدمة حرارايّة لدى الأسماك، وخاصّة في فترة الصباح. ويشير سليم إلى أنّ حوادث مماثلة حصلت في أنحاء العالم. 

ومن المحتمل أيضاً أنّ بكتيريا معيّنة أصابت “الكارب” وبما أنّ تلك الأسماك في فترة التزاوج حالياً، فإنّ إصابتها بالبكتيريا تضعفها. وإنّ تجمّع الأسماك بهدف التزاوج يزيد من سرعة انتقال البكتيريا ويؤدّي إلى نفوق هذه الأعداد الضخمة. وقد يرافق تلك البكتيريا فيروس معيّن. والغازات السامّة مثل الأمونيوم أو الكبريت  وغاز الميثان التي تفرز بفعل تحلّل الكائنات الحيّة في أعماق البحيرة مع السيانوبكتيريا، قد تكون سبباً مباشراً لنفوق أسماك “الكارب”. وكانت هذه السموم مسبّباً مباشراً لما وصفه سليم بمجازر حصلت في العالم. ولكن يؤكّد الباحث كمال سليم أنّ الأمر يحتاج إلى فحص دقيق في مختبرات، قد لا تكون متوفّرة في لبنان، للخروج بخلاصة علمية دقيقة.

إجراءات مصلحة الليطانيّ لتدارك الكارثة المستجدّة  

فور حصول الكارثة، باشرت فرق من المصلحة الوطنيّة لنهر الليطاني بالتعاون مع جمعيّة حماية الطبيعة (التي تتعامل مع المصلحة على مستوى توقيف الصيد الجائر للطيور، وتنظيم عملية صيد الأسماك)، وصيّادي الأسماك في البحيرة بجمع الأسماك النافقة. وتنوّعت الآراء حول التخلّص منها، بين طمر الأسماك في حفرة معزولة، أو تحويلها إلى سماد زراعيّ. ولكن، ترك الأمر للجمعيّات البيئيّة لإيجاد حلّ خلال 24 ساعة، لأنّه برأي مدير عام مصلحة الليطانيّ سامي علويّة، الأهمّ هو التخلّص من الأسماك الميتة وإبعادها عن البحيرة حتّى لا يتمّ بيعها. وفي اليوم نفسه، راسل علويّة المجلس الوطنيّ للبحوث العلميّة طالباً “تكليف فريق متخصّص من الخبراء التابعين لمعهد علوم البحار للكشف الفوري على بحيرة القرعون لمعاينة نفوق أعداد كبيرة من الأسماك بشكل غير معتاد”.   

وفي بيان صدر ليلاً، قالت المصلحة إنّ فرقها مع بعض المتطوعين انتشلت أكثر من 40 طناً من الأسماك النافقة خلال اليومين الماضيين وتجري معالجتها وفق توصيات وزارة البيئة، ونبّهت المصلحة إلى أنّ فرقها إلى جانب فرق جمعية حماية الطبيعة في لبنان قد وثقت اليوم انتشار الذباب الأخضر والأزرق بكثرة، وبما أن العوامل الطقسية (الحرارة العالية) تساعد على تسريع عملية تكاثر هذه الذبابات الناقلة للأمراض، فمن المتوقّع تضاعف أعدادها مئات المرّات في الأسبوعين المقبلين اذا لم يتمّ ترحيل جثث الأسماك من البحيرة ومعالجتها بطريقة علمية مما قد يشكل خطراً صحياً على السكان القاطنين قرب البحيرة. 

وحذّرت المصلحة من أنّ الآلاف من الأسماك النافقة بدأت بالتحلّل في الماء ممّا سيزيد من تلوّث البحيرة البيولوجي، ويسبب نقصاً في الأوكسيجين وارتفاعاً حاداً بمعدلات الأمونيا والنيترات والفوسفات مما سيتسبّب بدوره بتداعيات كارثية على التنوّع البيولوجي الباقي في البحيرة وقد يتسبب بانتشار السيانوبكتيريا بمعدّلات غير مسبوقة، بالإضافة الى الروائح التي ستهدد السكان.

وطالبت المصلحة جميع الجهات المعنية بتشكيل فرق مجهزة لمؤازرة المصلحة للعمل بشكل يومي على انتشال الأسماك النافقة من البحيرة قبل تحلّلها، وذلك لتفادي الكارثة المتفاقمة.

واستنجدت المصلحة بالدفاع المدني في كتاب رفعته إلى مديره العام العميد ريمون خطار طلبت بموجبه الاستعانة بعناصر من وحدة الإنقاذ البحري لتأمين المؤازرة الفورية لعملية تنظيف بحيرة القرعون من الأسماك النافقة، وخصوصاً من منتصف سطح البحيرة حيث لا يملك طاقمها الإمكانات اللازمة لذلك. علماً أنّ الفرق الفنية في المصلحة، وفق كتابها إلى خطار، “تقوم منذ 22 نيسان 2021 برصد كميات هائلة من الأسماك النافقة في بحيرة القرعون وهي من نوع الكارب. وبتوصية من الخبراء البيئيين، تقوم المصلحة منذ تاريخه وبإمكانات محدودة برفع الأسماك النافقة من البحيرة كجزء ضروري من عملية المعالجة لوقف الوباء والحفاظ على أنواع الأسماك الأخرى”.

ضفاف البحيرة: أسماك ميتة وروائح كريهة

جالت “المفكرة القانونية” على بحيرة القرعون حيث لحظت انتشار الراوئح الكريهة على الضفة الغربيّة للبحيرة، وتحديداً الطريق المؤديّة من قرية “صغبين” إلى البحيرة، حيث تبدأ الرائحة الكريهة بالتزايد مع الاقتراب أكثر من المياه ، مروراً بالمطاعم وبعض المنازل والبساتين الصغيرة على أطراف الطريق. تشتدّ الرائحة الكريهة مع الوصول إلى البحيرة مباشرة، وتترافق مع مشهد لمئات الأسماك الراكدة على الشاطئ، ومنها ما زالت حيّة وتلفظ الأنفاس الأخيرة ثمّ تقذفها المياه إلى الضفّة وبعضها الآخر يظهر عليه نزيف خارجيّ وبقع دماء. كميّات من الأسماك، بين النفايات الصلبة، موزّعة على الضفّة، وكأنّها حصيلة عمل الصيّادين، إلّا أنّها ظاهرة تستدعي القلق على الصعيد العامّ، وليس فقط لدى الصيّادين ولدى العاملين في المطاعم المجاورة، الذين وصفوا للمفكّرة تخوّفهم من وصول الرائحة إلى حيث يعملون فيضطرون إلى المغادرة وإقفال منتزهاتهم ومطاعمهم. ويشتكي أصحاب المطاعم والاستراحات من عدم رؤية زائرين إلى المنطقة، إلّا القادمين لرؤية تلوّث البحيرة. أمّا المزارع مرسيل غنطوس، والذي يملك بستاناً صغيراً على ضفّة البحيرة، فيتحدّث كيف كانت البحيرة مركزاً لصيد السمك النهريّ منذ سنين عديدة، وتوقّف هو عن الصيد منذ بدء الكلام عن تلوّث الأسماك أيضاً.

وعلى سدّ القرعون، تظهر البحيرة كاملة وعلى جميع ضفافها كميّات كبيرة من الأسماك النافقة، وخاصّة ناحية السدّ نفسه، إضافة إلى تجمّعات كبيرة خضراء، ناتجة على الأرجح عن السيانوبكتيريا. ويتحسّر أحد الصيّادين على المشهد الجميل لبحيرة القرعون والقرى المحيطة الذي أفسد بسبب التلوّث المستمرّ للبحيرة منذ عقود. أوقف الصيّادون شباكهم عن العمل منذ شهرين بانتظار تزاوج “الكارب” وطرح بيوضه، علماً أنّ الصيد ممنوع من العام 2018. 

الأسماك النافقة ما زالت خاضعة للصيد والبيع

وحتّى نهار السبت في 24 نيسان 2021، لم تستطع دوريّات مصلحة الليطانيّ منفردة  إيقاف عمليّة سحب الأسماك النافقة عن الضفاف وبيعها لتجّار، فقدّمت بحقّهم دعاوى جزائيّة. ووفقاً لتقرير المصلحة، كانت عشرات العائلات اللبنانيّة والسوريّة تقوم بالصيد من بحيرة القرعون ومن نهر الليطاني عند جسر صغبين الذي يصل ضفتيّ النهر، وتبيع الأسماك كأسماك مثلجة في الأسواق المحليّة. وخلال دوريّات القوى الأمنيّة ومصلحة الليطانيّ، أوقف 12 شخصاً، ترك بعضهم، في حين ما زال آخرون موقوفين وفقاً لإشارة النائب العام الاستئنافي في البقاع منيف بركات، الذي صادر أدوات صيدهم. المؤسف أنّ التجّار لم يردعهم أيّ ضرر قد يصيب مستهلكي السمك الملوّث وغير الصالح للأكل. 

وكانت المصلحة الوطنيّة لنهر الليطانيّ قد ادّعت أمام النيابة العامّة التمييزيّة على ف.ق  كونه تمادى في مخالفات قرار منع صيد الأسماك في بحيرة القرعون، بعد أن عثر على شبكة صيد تعود له يبلغ طولها 300 مترا، وهو كان لا يمتثل لتحذيرات مصلحة الليطاني بوقف صيد الأسماك غير الصالحة للاستهلاك البشريّ والذي كان يقوم ببيعها في الأسواق. وفي تقريرها الفنّي حول المخالفات، أشارت مصلحة مياه الليطانيّ إلى “قيام أكثر من 200 صيّاد وبدون توقّف” بالصيد من البحيرة ومنهم “ع.عله (يقوم بشراء الأسماك من مسمكة هاني دباجة)، وش.ع  (يبيع الأسماك في سوق صبرا)، وشخص آخر يبيع الأسماك في الكرنتينا. وأضاف التقرير إلى أنّ تجّارا يحاولون تحديد سعر الأسماك قبل بيعها إلى التجار منهم ت.ش وكذلك ج.ش . 

ولذلك، طلبت  مصلحة الليطانيّ  من وزارات البيئة، والزراعة، والصحّة، والاقتصاد والتجارة والداخليّة، “وجوب استصدار قرار بمنع بيع هذه الأسماك وبمنع استهلاكها وليس فقط بمنع صيدها، وتكليف وزارة الاقتصاد والتجارة ووزارة الصحة العامة بالقيام بدورهما في حماية الأمن الصحيّ والغذائيّ”، و”تكليف البلديّات المحيطة في بحيرة القرعون لا سيّما القرعون وصغبين وعيتنيت وبعلول ولالا بإقفال كافة المداخل المؤدية الى بحيرة القرعون لمنع ظاهرتي الصيد والتقاط الأسماك النافقة”.

أسماك البحيرة غير صالحة للأكل منذ سنوات… والصيد مستمرّ

يؤكّد مدير عام المصلحة الوطنيّة لنهر الليطانيّ أنّ الأسماك النافقة وغير النافقة في بحيرة القرعون هي غير صالحة للاستهلاك البشريّ، بموجب قرار وزاري من وزارة الزراعة في العام 2018. ينصّ القرار رقم 1/796 بتاريخ 22 تشرين الأوّل 2018، على منع صيد الأسماك في بحيرة القرعون وفي المجرى الرئيسيّ للنهر. ويذكر أنّ مرسوماً مشابهاً كان قد صدر في العام 1994 لمدّة ثلاث سنوات، ثم أعيد السماح بالصيد لاحقاً، قبل إعادة القرار إلى حيّز التنفيذ في العام 2018. ومع ذلك، فإنّ القرار، الذي ترافق مع تقصير من الوزارات المعنيّة ومع أخبار عن أسباب أمنيّة (من قبل القوى الأمنيّة)، لم يمنع الصيّادين وتجّار السمك من اصطياد الأسماك وبيعها في الأسواق الاستهلاكيّة في مناطق صبرا والكرنتينا في بيروت. وأشار علويّة إلى أنّ مراقبي وزارة الزراعة لا يقومون بما تطلبه منهم وزارتهم، فكان يحدث أنّ هؤلاء “لا يحتاجون مؤازرة أحد، وعندما كنّا نطلب مؤازرتهم كان الصيّادون يقولون إنّهم غادروا المكان، بمعنى أنّ أحدا بلّغهم بقدوم مصلحة الليطانيّ، فتركوا المكان”.

انشر المقال

متوفر من خلال:

بيئة ومدينة ، مؤسسات عامة ، الحق في الصحة ، لبنان ، بيئة وتنظيم مدني وسكن ، الحق في الصحة والتعليم ، اقتصاد وصناعة وزراعة



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني