ائتلاف الشاطىء اللبناني: موعد جديد للدفاع عــن الملك الـعام والحياة البحرية


2017-06-29    |   

ائتلاف الشاطىء اللبناني: موعد جديد للدفاع عــن الملك الـعام والحياة البحرية

«نحن ائتلاف من مجموعات وأفراد من مناطق متنوعة من لبنان تشمل شاطئه من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه. إلتقينا بهدف حماية الشاطئ اللبناني كثروة طبيعية، بيئية وثقافية، والحفاظ عليه من التعديات وتكريسه كمساحة مشتركة ومُتاحة للجميع، وأيضاً كمورد إقتصادي يشكل وسيلة عيش لشريحة كبيرة من سكان لبنان.
نؤمِن أن لجميع المقيمين في لبنان حق متساوٍ في الوصول الحرّ إلى كامل الشاطئ والتمتع به وببيئة سليمة، وكذلك مسؤولية مشتركة تجاه حمايته وصونه للأجيال المقبلة.»

مــوعد جــديد للــدفاع عــن المـــلك الـعـــــام والحــياة الـــبحرية

يوم السبت 27 أيار 2017 كان موعداً جديداً لاستعادة الملك العام والدفاع عن الحياة والبيئة البحرية في لبنان. هذه المرة عبر مؤتمر إطلاق «ائتلاف الشاطئ اللبناني» التي بادرت إلى تأسيسه «الحملة الأهلية للحفاظ على دالية الروشة». وتحضيراً لإطلاق الائتلاف، قامت المجموعة المُبادرة بتنظيم سلسلة لقاءات تشاورية مناطقية، كان أولّها في بيروت في ١٨ شباط ٢۰۱٧، وتلتها لقاءات مناطقية في طرابلس (١٨ آذار) وصور (٩ نيسان) وصيدا (٢٩ نيسان).
بعد سلسلة اللقاءات هذه، استطاع المشاركون بلورة النقاط المشتركة التي تجمعهم وتحديد المحاور الأساسية لعملهم، ليطلّ علينا الإئتلاف يوم 27 أيار بمؤتمر صحافي هو ليس إلّا «نقطة التقاء لمن يريد مشاركتنا هذه المسؤولية الكبيرة. نحن ندري أن هناك مبادرات ومواقع على طول الشاطئ اللبناني لم يتسنى لنا معرفتها أو دعوتها. مؤتمر اليوم هو بالذات لهذا الغرض: لكي ندعوها إلى إئتلافها ولكي تعلم بوجودنا»، كما شرح أحد المتحدثين في المؤتمر.
ليس إطلاق الائتلاف إلّا الخطوة الأولى لمسار طويل يهدف إلى بناء إطار جامع ودائم لحماية الشاطئ اللبناني على قاعدة المقاربة الاستراتيجية له، المتضافرة مع جهود المهن والمراكز والهيئات المتنوعة المرتبطة به بشكل مباشر أو غير مباشر.إغتنم الحاضرون في المؤتمر الصحافي الفرصة لدعوة كل من يعمل أو ينوي العمل على طول الشاطئ اللبناني الذي نتحمّل جماعياً مسؤولية الدفاع عنه – إلى الإتصال بالائتلاف للمشاركة والمساهمة والمساعدة فيه.
فالإئتلاف يسعى إلى إعطاء طابع دائم للنضالات المتعددة لحماية الشاطئ، ووضع إطار مرجعي لها جميعها، يقوّيها ويحصّنها ويقدّم لها عند الحاجة معرفة ومشورة وفريقاً قانونياً ومحامين وخطاً ساخناً وفريقاً إعلامياً. 

وسوف يعمل الائتلاف على مستويات عدة، أبرزها:
–   توثيق الأنظمة الراعية لكلّ منطقة والمراسيم الاستثنائية الصادرة ورصد التعديات وحالات التلوّث فيها.
–  تكريس الحق بالشاطئ وحماية مصالح المتضررين من مشاريع الخصخصة على تنوّعها وخصوصياتها.
–  تطوير رؤى واستراتيجيات بديلة تهدف إلى تعزيز ثقافة الشاطئ والتوفيق بين الجدوى الاقتصادية والحقوق البيئية ودعم التنمية المستدامة للمجتمعات المحلية.

لهذا، ينطلق الإئتلاف من المقاربة الشاملة للشاطئ اللبناني وينظر إليه بشكل بعيد المدى وكامتداد طبيعي متكامل ذو مصالح وقضايا مترابطة ومتشعبة، مثلاً – لا حصراً – الارتباط العضوي بين قضايا التلوّث وقضايا التعدي على الأملاك البحرية، أو تغليب المصالح المشتركة بين الصيادين أنفسهم وبين الصيادين ومحبّي الشاطئ والبحر لتخفيف وطأة الوصاية المفروضة عليهم.

مــــواضــــيع مـــــحوريّــــة

يسعى الائتلاف إلى العمل على ثلاثة مواضيع محورية وهي في الواقع قضايا متداخلة:    

١. القيمة البيئية والضرر الجسيم الذي يطال الشواطئ  ويقضي على تنوّعها الاجتماعي والاقتصادي والثقافي
إنّ الضرر البيئي الجسيم والتلوّث الذي يطال الشواطئ اللبنانية ناتج عن إلقاء الصرف الصحي والنفايات الصناعية والخطرة (بما في ذلك الطبية منها) في البحر أو في الأنهر الرافدة إليه من دون معالجة، وإزدياد عدد مكبات النفايات الموازية للشاطئ، وتموضع وانتشار المكبات غير الصحية والمسالخ والمصانع على مساحات شاطئية في مناطق عديدة، وانتشار الردميات الإسمنتية على كامل الساحل. كل ذلك وغيره أدّى إلى جعل البحر مساحة موبوءة صحّياً وخطرة للإستعمال العام في كل المقاييس الدولية، كما أدّى إلى إلحاق أبلغ الضرر بالتنوّع البيولوجي الشاطئيّ والبحريّ وإلى انقراض انواع أساسيّة من النظم البحرية. ونتيجة سرقة الرمول وبناء المنتجعات الخاصة والحواجز البحرية وإغلاق المنافذ المؤدية إلى البحر، تمّ تشويه كامل الشاطئ اللبناني وتغيير معالمه.

وضع حد للتشويه وللضرر البيئي يتطلب:
–   تحديد المواقع الهامة التي يجب الحفاظ عليها، والعمل على حفظ وحماية التنوّع البيولوجي والموائل البحرية والشاطئية والتي تشكل قيمة ومورداً طبيعياً وثقافياً.
–  إجراء مسح ميداني للمواقع الملوّثة وتحديد أنواع المخاطر والتشوّهات الناتجة عنها وتأثيراتها السلبية على السكان والبيئة والإقتصاد المحلي.
–  التشدد فيما يتعلق بوضع دراسات للأثر البيئي في مجمل المشاريع التي تُقام في مدار مائة متر من الشاطئ.
–     الإلتزام بالمعاهدات الدولية التي وقّع عليها لبنان مثل إتفاقية برشلونة (١٩٩٥) وبروتكول المناطق المتمتعة بحماية خاصة في المتوسط وتحديد سياسة احترازية من الأضرار التي ستنجم عن أعمال التنقيب في البحر.

٢. النشاطات الإقتصادية والإجتماعية المرتبطة بالبحر  وبالأولوية قضايا المعنيين بالصيد وأولاد البحر وسُبل عيشهم
مهنة الصيد في أزمة خانقة نتيجة الضرر البيئي من جهة وعدم تنظيمها من جهة أخرى. إنّ مشكلة الصيد البحري تتفاقم منذ أربعة عقود وأصبح عنوانها اليوم البؤس بسبب إهمال كلّ الوزارات لها، لاسيّما وزارة الزراعة المسؤولة عن الثروة السمكية. وهذا الإهمال يهدد بالقضاء على ما تبقى من المهنة المجبرة على التعايش مع الديناميت والسموم والشباك الممنوعة وعدم التقيّد بمواسم الصيد وبأوقات التزاوج.
المتضررون الأوائل من هذا الواقع المأساوي هم الصيادون أنفسهم. فالبحر هو جزء من تراثهم وتاريخهم، والثروة السمكية سبيل عيشهم. في دفاعه عن الشاطئ والبحر، يميّز الإئتلاف مهنة الصيادين باعتبار مصيرها مهدد أسوة بمصير الشاطئ، كما أنه يعتمد عليها باعتبارها إبنة الشاطئ وحارسة أوضاعه. 

استمرار مهنة الصيد وسبل عيش اهلها يتطلب:
–   تطبيق قوانين وزارة الزراعة المتعلقة بالصيد ومنها تحديد مواسم الصيد ومنع الصيد وقت التزاوج وقمع المخالفات.
–  التعامل مع مشكلة ازدياد أعداد الصيادين وصغر مساحات الموانئ.
–  خلق مشاريع جديدة استثمارية تسند عوائل الصيادين (كمزارع سمك تقوم بإدارتها التعاونيات).
–     إدخال الصيادين وعوائلهم في شبكة الضمان الصحي الاجتماع (أسوة بسائقي السيارات العمومية).

٣. التعدّي على الأملاك العامة البحرية والمساحات المشتركة الموازية للشاطئ
أسّست نهاية الحرب الأهلية لمحاصصة سياسية وطائفية جرى في ظلّها الاستيلاء على مساحات شاسعة من الأملاك العامة البحرية. وفي العام ١٩٩٤ صدر قانون لتنظيم وتصحيح وضع الإنشاءات البحرية غير المرخصة، إلا أن المحاصصة السياسية حالت دون تطبيقه. منذ ذلك الوقت، لم تتعامل الدولة مع هذا الموضوع من باب الحق العام أو حق بالتمتع بالمواقع الطبيعية أو حماية البيئة الساحلية، بل من منظور أحادي هو ضمان ربحية المرافق السياحية لفترة تضمن جدوى الاستثمار. وبدءاً من العام ١٩٩١، إزدادت وتضاعفت أعداد المنشآت السياحية الخاصة على طول الشاطئ اللبناني، وهذه المرة عبر «قوننة» ما كان يجري من تعدّيات خلال الحرب الأهلية.
هذه التعدّيات فرضت وما زالت تفرض أمراً واقعاً، ألا وهو التعاطي مع المواقع الساحلية كأنها حالة أو قضية على حدة. في الواقع، هذه الإنتهاكات ليست مجرد حالات منفصلة وإنّما حالة واحدة تستند إلى أدوات مماثلة، وبذلك يجب رصدها والتصدّي لها قبل وقوعها.

وقف التعدّي المنهجيّ وإنقاذ ما تبقى من الشاطئ يتطلب:
–   تنفيذ الخطة الشاملة لترتيب الأراضي اللبنانية والتزام البلديات والمجلس الأعلى للتنظيم المدني بها عند إصدار أو تعديل أيّ تصميم توجيهي للمناطق الساحلية والأراضي الموازية للشاطئ.
–  وقف منح الاستثناءات من قبل وزارة الأشغال العامة والنقل لإشغال الأملاك العامة البحرية.
–  فرض تراجع عن الأملاك العامة البحرية وفق المناطق، على أن لا تقلّ بأيّ حال من الأحوال عن25 متراً، وإنشاء ممر رملي للمشاة بعرض ستة أمتار.
–  الطعن بالمراسيم الصادرة لإشغال الأملاك العامة البحرية والتصاميم التوجيهية التي تغيّر تصنيف الأراضي الساحلية.

المُبادرون: 
الحملة الأهلية للحفاظ على دالية الروشة // الحملة المدنية لحماية شاطئ الميناء // الجنوبيون الخضر // مبادرة للمدينة

أوّل المشاركون:
الجمعية التعاونية لصيادي ميناء جل البحر // تعاونية صيادي عين المريسة // تعاونية صيادي ميناء الجناح // بيروت مدينتي // المفكرة القانونية // جمعية الخط الأخضر // جمعية نحن // حملة الأزرق الكبير // السيد نسيب // الصلح (مجموعة سباحي الدالية) // مجموعة حماة مياه لبنان // نقابة صيادي الأسماك في الشمال // الجمعية التعاونية الشمالية لصيادي الأسماك // حملة بحرنا برنا (طرابلس) // ثورة الملح في أنفة // حملة أنقذوا شاطئ كفر عبيدا // مجموعة الحفاظ على إرث جبيل // نقابة صيادي الأسماك في صيدا // جمعية أصدقاء زيرة وشاطئ صيدا // لجنة شجر وبشر (صيدا) // التجمع الديمقراطي العلماني (صيدا)

شكل الائتلاف:
يعتمد الإئتلاف العمل الجماعي والأساليب الديمقراطية لصياغة قراراته المتعلقة بالبيئة البحرية وعلاقته بها. كما يعمل على تعميق مستويات التعاون بين أعضائه بدءاً بتوثيق المعلومات وتوفيرها، مروراً بالتضامن وتشارك الخبرات وصولاً إلى العمل الفاعل المشترك إن مع المعنيين أو مع المسؤولين.
إيماناً منا بأهمية الطابع اللامركزي للائتلاف، تتمحور آلية عملنا حول الاجتماعات والتنسيقيات المناطقية الدورية حيث تؤخذ القرارات وتُحدد توّجهات العمل. 

نشر هذا المقال في العدد |50|حزيران 2017، من مجلة المفكرة القانونية | لبنان |. لقراءة العدد اضغطوا على الرابط أدناه :

“المدنية خجولة، النسبية كذلك”

انشر المقال

متوفر من خلال:

مجلة لبنان ، لبنان ، مقالات ، بيئة وتنظيم مدني وسكن



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني