إشكال في طرابلس ينغّص اليوم الأخير من توزيع المساعدات


2020-04-15    |   

إشكال في طرابلس ينغّص اليوم الأخير من توزيع المساعدات

إشكال وتضارب من خارج المشهد العام في عاصمة الشمال، كاد أن يطيح بمبادرة بلدية طرابلس لتمكين الأسر المحتاجة في المدينة. فأثناء التحضير لإتمام المرحلة الثالثة والأخيرة من توزيع القسائم الشرائية على المنازل في منطقتي القبة وأبي سمراء بقيمة 75 ألف ليرة لبنانية لكلّ شقة، بدأ إشتباك لفظي بين عناصر من شرطة البلدية، وعدد من  الكشفيين الذين يرافقون البلدية في الجولات داخل الأحياء الشعبية والذين يساهمون في الرقابة والتوزيع. ونجم عن الإشكال أربعة جرحى من بين العناصر الكشفية التي تعرّضت للضرب المبرح. كما أدّى إلى توقف في عملية التوزيع، الأمر الذي أثار حفيظة الحراك الشعبي الذي توجّه للإحتجاج أمام مركز شرطة البلدية.

إتهامات وإتهامات مضادّة هي الحصيلة الأولّية لحملة البحث عن أسباب الإشكال الذي وقع في ساحة المنشيّة المقابلة لبلدية طرابلس أثناء تقسيم الأفواج للتوجّه إلى منازل المواطنين في القبّة وأبي سمراء. ولكن الأكيد هو أنّ ما حصل جاء من خارج السياق العام للمشهد التعاضدي الذي تشارك فيه العشرات من الجمعيات الكشفية، بحسب شهود عيان.

يقول أحد الكشفيين لـ"المفكرة القانونية" إنّهم تعرّضوا للإعتداء من قبل عناصر من شرطة البلدية الذين لم يقدّروا أن العناصر الكشفية تطوّعت لمساعدتهم في أعباء الحملة بدون بدل مادّي. ويعزو سبب الإعتداء عليهم إلى أنّ "عناصر من الشرطة لجأوا إلى المحسوبيات في توزيع المساعدات، وقد إستفزّهم قيام الكشّافة بلفت نظر رئيس البلدية إلى المخالفات". غير أنّه وصف المعتدين بأنّهم عناصر غير منضبطين، مشيراً إلى أنّهم اعتدوا على كشفيين بعمر العشر سنوات، وعاملوهم بشدة وشهروا بوجههم المسدسات.

غير أنّ قائد شرطة البلدية ربيع حافظ نفى في تسجيل انتشر على واتساب "ما يُحكى عن إنقلاب" على رئيس بلدية طرابلس، مؤكداً الإلتزام بسلطة الأخير. ولفت أيضاً إلى وجود عناصر "غير كشفية" ضمن المجموعات التي تدعم الشرطة في توزيع المساعدات، داعياً إلى إجراء تحقيق عدلي، وإلى أن يتحمّل كل طرفٍ المسؤولية عن أفعاله. كما إتهم البعض بمحاولة الإصطياد في الماء العكر بين البلدية والشرطة.   

وتلقّى الجرحى الأربعة العلاج في طوارئ المستشفى الإسلامي، حيث زارهم رئيس البلدية رياض يمق للإطمئنان على أوضاعهم وخرجوا بعدها إلى منازلهم. وتبعت الزيارة لقاء بين يمق وممثلي الجمعيات الكشفية بحضور الأعضاء خالد الولي، توفيق العتر، أحمد حمزة، جميل جبلاوي، وأحمد البدوي. وتعهّد رئيس البلدية في الإجتماع بإجراء تحقيق داخلي مسلكي لمعرفة حقيقة ما حدث. وخلص الإجتماع، إلى أنّه لن يتمّ الإدعاء عدلياً على عناصر الشرطة الذين إعتدوا على الكشافة.

ومقابل عدم اليقين الذي ساد حادثة المنشية، بدا المشهد في البلدية أكثر وضوحاً، حيث يسود التوتر بين المجلس البلدي والشرطة على خلفية الأحداث. ويتحفّظ الكثير من أعضاء البلدية على الإدلاء بأي تصريح أو تقديم توضيحات بإنتظار جلاء المشهد العام، وعدم سكب الزيت على النار.

من جهته يرفض نائب رئيس البلدية خالد الولي الخوض مباشرة في الإتّهامات وتحميل المسؤوليات، بإنتظار التحقيق الذي بدأه رئيس البلدية للتحقق مما جرى وسلسلة المخالفات التي حصلت خلال عمليات توزيع القسائم. ويعد الولي في اتصال مع "المفكرة" بأن تستمر التحقيقات التي يجريها الرئيس حتى النهاية لكشف ما وصفها "اللعبة المدبّرة التي سبقها تجييش عبر الواتساب، وحرب بيانات بين الأطراف".

ويلفت الولي إلى مطالبة الأعضاء بإتخاذ أقصى الإجراءات المسلكية بحق من وصفهم بـ"العناصر غير المنضبطة" التي إرتكبت خطأ لا يُغتفر، فهي لم تحترم وجود رئيس البلدية في الساحة ولم ترضخ لمحاولته فض الإشتباك، مشيراً إلى أنّ مخالفة واحدة كافية لتشويه جهود المئات من العناصر المنضبطة، ولضرب سمعة شرطة البلدية التي تقوم في الأساس على الإلتزام وإحترام أوامر قائدها.

ويكشف الولي عن مجموعة من الوقائع أدت إلى وقوع الإشكال، فأثناء توزيع المساعدات قام بعض عناصر الشرطة غير المنضبطين بمخالفات محدودة لقرار المجلس البلدي بمنح قسيمة شرائية واحدة لكل شقة بغض النظر عن عدد العائلات التي تقطنها وذلك لعدم فتح الباب أمام إنفلات الأمور، إلّا أنّ بعض العناصر أعطوا أكثر من قسيمة لشقة واحدة يقطنها أب وأبناؤه المتزوجون. يضاف إلى ذلك وجود شقق سكنية في القبة غير مسجّلة رسمياً في سجلات البلدية، فحسب القيود يوجد سبعة آلاف شقة، أما على أرض الواقع فإتّضح وجود ثمانية آلاف وخمسمئة شقة، وهو أمر ولّد عبئاً كبيراً على الحملة لأنها غير موجودة في النظام المالي للبلدية، ولأن عدداً كبيراً من شققها يقطنها أسر عناصر الجيش والموظفين العموميين الذين يتقاضون أجوراً دائمة.

وعن وجود قسائم مزوّرة، يؤكد نائب رئيس البلدية أنّ القوى الأمنيّة إعتقلت الشخص الذي كان يزوّر في التبانة، مطالباً إنزال العقوبة بحقه لأنه ارتكب جرماً جزائياً من خلال تزوير مستندات بلدية. 

ويأمل الولي بإتمام الحملة قريباً لأنها شكلت علامة فارقة في العمل البلدي الطرابلسي، لناحية إعطاء مساعدات للجميع في الأحياء الشعبية بدون إستنسابية شملت جميع سكان مدينة طرابلس بغض النظر عن مكان السّجل.  

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، حراكات اجتماعية



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني