“إخبار” للمفكرة بهدف استرداد الأملاك البحرية المنهوبة: أي خطوات لإزالة المخالفات التي ليست أو لم تعد قابلة للمعالجة؟


2019-12-18    |   

“إخبار” للمفكرة بهدف استرداد الأملاك البحرية المنهوبة: أي خطوات لإزالة المخالفات التي ليست أو لم تعد قابلة للمعالجة؟

بتاريخ 13 كانون الأول 2019، قدمت “المفكرة” لجانب النيابة العامة التمييزية إخبارا طلبت فيه من هذه الأخيرة التحقيق مع أصحاب المخالفات البحرية المعتدى عليها والذين لم يتقدموا بملف معالجة ضمن المهلة القانونية التي انتهت في 30 تشرين الأول 2019، تمهيدا للادعاء عليهم سندا للمادة 11 من القانون 64/2017 معطوفة على المادتين 737 و 738 من قانون العقوبات مع إلزامهم بإخلاء الأملاك العامة المعتدى عليها فورا.

كما طلبت “المفكرة” التحقيق مع وزارتي المالية والأشغال العامة والنقل حول أسباب إهمالهما في تحصيل الغرامات المتوجبة سندا للمادة 11 من القانون 64/2017 والإيعاز للنيابة العامة المالية الادعاء على المسؤولين عن الإهمال الحاصل في هاتين الوزارتين عند الاقتضاء. ضم الإخبار إلى الكتاب الذي كانت أرسلته وزارة الأشغال العامة والنقل.

وللتذكير، كان مجلس النواب سمح في سياق تمويل سلسلة الرتب والرواتب في 2017، للمعتدين على الأملاك العامة البحرية قبل 1994 معالجة مخالفات الأملاك البحرية لقاء تسديد غرامات زهيدة نسبيا عن الفترة الممتدة من 1994 حتى 2017 ورسوم عن الفترة اللاحقة للتسوية. وقد حُدّدت آنذاك مهلة ثلاثة أشهر لمعالجة المخالفات، كان من المتوقع أن تنتهي في 21/11/2017. وقد انبنى هذا القانون على أربعة أفكار أساسية: (1) التمييز بين المخالفات الحاصلة قبل 1994 ومن بعدها بحيث تكون فقط المخالفات الحاصلة قبل ذلك التاريخ قابلة للتسوية، (2) إعفاء كلّي عن تسديد أي غرامة عن فترة ما قبل 1994 وتحديد غرامات زهيدة عن الفترة اللاحقة، (3) إعطاء مهلة للتسوية أي لاختبار حسن النية لدى مغتصبي الأملاك العامة، بحيث يكون للدولة أن تطبّق تدابير الإخلاء ووضع اليد على المساحات المشغولة من هذه الأملاك بعد ذلك، مع الاحتفاظ بحقها بالغرامات المتوجبة على الشاغل عن فترة الإشغال السابقة لتنفيذ الإخلاء. ومن هذا المنطلق، بدا واضحا من القانون أن أي تخلف عن التسوية خلال المهلة يؤدي عمليا إلى وضع اليد على المساحات المعتدى عليها وإحالة المخالفين إلى القضاء الجزائي و(4) تخيير المعتدين بين تسديد الغرامة فورا والاستفادة من 20% تخفيض أو طلب تقسيطها. وقد استغلّت “المفكرة” حصول طعن أمام المجلس الدستوري في القانون، لتقدم له مذكرة تضمنت أسبابها للقول بعدم دستورية هذه التسوية، وبخاصة لجهة مسّها بالمادة 15 من الدستور. وقد تمّ إبطال هذا القانون بقرار للمجلس الدستوري صدر بتاريخ 22/9/2017، علما أنه تضمن حيثية خاصة لإبطال المادة المتصلة بتسوية الأملاك البحرية. وقد ورد في هذه الحيثية: “جاءت (المادة) في ست صفحات وتضمنت ثماني عشرة فقرة، وكل فقرة تضمنت عدة أقسام، ما يتعارض مع الأصول المعتمدة في نص القوانين، وبما أن الغموض … في النص يفسح في المجال أمام تطبيقه بشكل استنسابي، وبطرق ملتوية، تسيء إلى العدالة والمساواة بين المواطنين أو تنحرف عن النية غير الواضحة أساسا للمشترع، عليه تعتبر المادة الحادية عشرة من القانون المطعون فيه مخالفة للدستور بسبب إفتقارها للوضوح.”

تبعا لذلك، عاد المجلس النيابي ليقر قانونا جديدا بعد إدخال تعديلات شكلية (ترقيم الفقرات التي كانت تتضمنها المادة) وهو القانون رقم 64 وقد صدر بتاريخ 20/10/2017 وقد باتت المهلة تنتهي من جراء ذلك في أواخر كانون الثاني 2018 وقد علمنا أن 227 من اصحاب المخالفات فقط قدموا طلبات تسوية خلال هذه الفترة، علما أن العدد الأكبر منهم لم يسدّد أي مبلغ من الغرامة المتوجبة، بل طلب تقسيطها، وهو أمر يفترض أن يحصل عند صدور مرسوم المعالجة.

وفيما ارتقبنا أن تضرب الدولة بيد من حديد بهدف استرداد جميع الأملاك غير المسوّاة، عاد المجلس النيابي بعد سنة وثلاثة أشهر من انقضاء مهلة التسوية ليناقش اقتراح قانون معجل مكرر قدّمه كل من النواب محمّد الحجّار، نزيه نجم، وجوزيف اسحق، بإعطاء مهلة إضافية للمعالجة هي 4 أشهر. وقد انتهى المجلس النيابي إلى إعطاء مهلة أطول (ستة أشهر) تعادل ضعفي المهلة الواردة في القانون الأساسي فضلا عن أنها تزيد شهرين عن المهلة الواردة في الاقتراح المقدم من النواب. وقد صدر هذا القانون رقم 132/2019 فعليا بتاريخ 30 نيسان 2019، لتنتهي المهلة الجديدة في آخر تشرين الأول من هذه السنة. وقد عممت وزارة الأشغال العامة أن عدد الذين قدموا ملفات تسوية ارتفع تبعا لذلك من 227 إلى 358، علما أن غالبيتهم الساحقة هنا أيضا طلبت تقسيط الغرامات والرسوم، من دون أن تسدد أيا منها.

وفيما يشكل هذا الإخبار استباقا لأي مسعى لاستصدار أي مهلة جديدة لمعالجة التعديات على الأملاك العامة، تدعو “المفكرة” القاطنين في المدن والقرى الساحلية للتحرك قانونيا ضد المخالفات البحرية الكائنة فيها. فقد آن للدولة أن تستعيد أموالها المنهوبة وآن لنا أن ننفض ما علق علينا من غبار حرب 1975-1990.

يراجع في هذا الخصوص:

انتهاء مهل تسوية مخالفات الأملاك البحرية: هل تقوى الدولة بصحوة الشعب بعدما أنهكتها إقطاعات زعمائها؟

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، بيئة وتنظيم مدني وسكن



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني