أهالي ضحايا 4 آب يتوعّدون بتحرّكات لمنع “طمس” قضيتهم


2021-09-06    |   

أهالي ضحايا 4 آب يتوعّدون بتحرّكات لمنع “طمس” قضيتهم
أهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت أمام البوّابة رقم3 للمرفأ

بعد مرور ثلاثة عشر شهراً على تفجير مرفأ بيروت، يواصل أهالي الضحايا وقفاتهم الشهرية وتحركاتهم من دون كلل أو ملل حتى بلوغ الحقيقة، في وقت لا يزال التخفي وراء الحصانات السياسية والطائفية يعرقل التحقيقات ويتلاعب بمشاعر ذوي الضحايا الذين نفذوا السبت 4 أيلول وقفتهم الشهرية في مرفأ بيروت عند البوابة رقم3. أعرب الأهالي خلال الوقفة عن سخطهم من محاولات “تسييس” قضيتهم “الوطنية” وطمسها، وعليه، أعلنوا عن تنفيذ سلسلة تحركات مفاجئة و”موجعة” في الأيام المقبلة “للمطالبة بضرورة مثول كلّ من يستدعيه المحقق العدلي في قضية التفجير القاضي طارق بيطار إلى التحقيق”. أما في ما يخصّ تعرّضهم للاعتداء ليل 11 آب 2021 عند دوّار اليونيسكو من قبل عناصر أمنية ومدنيين خرجوا من قصر عين التينة، شدّد الأهالي أنهم “ليسوا ضد أي أحد شخصيا لكنهم ضد كل من يستدعيه القضاء ولا يستجيب، وضدّ كل من يستهدف قضيتنا”، كما جاء على لسان الناطق الرسمي باسم أهالي الضحايا إبراهيم حطيط.

أهالي الضحايا يستعيدون حادثة “عين التينة”

استذكر أهالي الضحايا خلال وقفتهم، اعتداء من وصفوهم بـ”المجرمين” و”المتوحّشين” عليهم، ليل 11 آب 2021. فتروي والدة الشهيد أحمد قعدان للنساء من حولها “زوجي إبراهيم قعدان يقول إنّه بخير لكنه لا يزال يعاني آلاماً في رأسه في موضع الضربة إلى اليوم”. وكان الأخير قد تعرّض للاعتداء من قبل شخصين “ضخمين”، على حدّ تعبيره، بعمر أولاده، على رأسه “من دون أي مقدّمات ومن دون أن أعرف السبب”، كما يروي قعدان “للمفكرة”. ويضيف: “عندما سألتهما عن السبب أمراني بالمغادرة وإلّا يكسران عظامي”. عندما أحسّ الوالد المفجوع بابنه بالدم يسيل من رأسه، انسحب متوجّها إلى المستشفى. وفي اليوم التالي شارك في تحرّك الأهالي تزامناً مع الجلسة النيابية في 12 آب ليثبت أنّه “ما من شيء يثبط عزيمته”. 

لا يملّ حطيط من رواية تفاصيل حادثة “عين التينة” عشية الجلسة “المشؤومة” لمجلس النواب التي دعا إليها بري صباح 12 آب للبحث في الطلب المقدّم من عدد من النوّاب ضدّ وزراء حاليين أو سابقين أعلن المحقق العدلي طارق بيطار نيّته الاستماع إليهم كمدّعى عليهم: “نزلنا إلى محلّة اليونيسكو عند تقاطع فردان وكنا حوالي 25 فرداً بيننا أطفال ونساء، وكان الهدف البقاء في الشارع والمبيت على دوّار اليونيسكو لإعطاء زخم للشارع وللشعب اللبناني، في مسعى لاستقطاب أكبر عدد من المتظاهرين صبيحة اليوم التالي. فجأة، ومن دون سابق إنذار ظهر حوالي خمسين فرداً من جهة عين التينة وضربونا بقوّة وحشية”. يسمي حطيط ما تعرّض له: “محاولة قتل متعمّدة” لأنهم “رموني أرضاً على ثوابت حديدية مسنّنة الرأس وراحوا يركلوني بهدف غرز هذه الرؤوس المسنّنة في جسدي، كما ضربوني على صدري، إلى حين أنقذتني زوجتي من بين أيديهم عبر تهديدهم بحجرٍ كبير”. حاول حطيط أن ينسحب عندها، فلحقوا به وتابعوا ضربه على كل أنحاء جسده إلى حد “انشلّ جسدي تماماً”، كان هذا كلّه بذريعة: “أنت تشتم الرئيس بري”.

ويعلّق حطيط على الحادثة، في كلمة له، بالقول: “المرة الوحيدة التي ذكرت فيها الرئيس برّي كانت عندما تعرّضت عوائلنا للضرب في عين التينة ووقعت على إثرها النساء أرضاً، يومها شعرت أنّني بلا كرامة إذا ما سكتت”. أما دون ذلك “فلم أذكر الرئيس بري شخصياً أو أيّ شخص آخر إلّا من يستدعيه القضاء بالاسم”. ويسأل عن دراجته النارية الخاصة والباص الذي نقل الأهالي إلى الوقفة: “ماذا يفعلان منذ 11 آب إلى اليوم في قصر عين التينة”؟ 

فودوليان للمسؤولين: “كفى استخفافاً بقضيتنا”

وكان لرئيسة جمعية أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، وشقيقة الضحية غايا فودوليان، ماريان فودوليان، كلمة محتدّة عنوانها “كفى” وجهتها إلى المسؤولين، جاء فيها: “كفى استهتاراً وتهميشاً واستخفافاً بقضيتنا الوطنية، كفى مماطلة وتضييعاً للوقت بهدف عدم المثول أمام المحقق العدلي وعدم التخلّي عن حصاناتكم”. أمّا عن تحويل التحقيق إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء فرأته فودوليان بأنّه “كذبة كبيرة” لأنّ ما حصل في الرابع من آب من العام 2020 هو “جريمة موصوفة وليس خطأ أو إهمالاً وظيفياً”. وفي حين كانت الجمعية تطلب الاعتذار من ذوي الضحايا صار “همّنا التفات وزارة الصحة والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إلى جرحى الانفجار والتفات وزارة الشؤون الاجتماعية إلى المعوّقين منهم”. وختمت فودوليان حديثها بدعوة الشعب اللبناني إلى التضامن مع قضية أهالي الضحايا “وهو ما رأيناه في الذكرى السنوية”، وأثلج قلوبهم، وذلك حتى “يصل صوتنا إلى العالم أجمع ما دام المسؤولون لا يسمعونا”.

حطيط: لا نثق بالنيابة العامة التمييزية

بدوره، شدّد حطيط على “ضرورة رفع الحصانات التي “تعيق الوصول إلى الحقيقة، والتي نتوجّس منها، بل نرتاب فيها، حيث نشعر أنّها طريق للهروب من العدالة”، طالباً من المسؤولين وبعض وسائل الإعلام “إبعاد قضية التفجير عن استهدافاتهم السياسية لبعضهم البعض والرأفة بمشاعرنا”. كما عبّر عن عدم ثقة أهالي الضحايا بالنيابة العامة التمييزية بشخص القاضي غسان عويدات و”ظلّه الذي يتحرّك عبره القاضي غسان خوري” على حد تعبير خطيط. وعليه، قرّر عوائل الضحايا تنفيذ تحركات مفاجئة و”موجعة” “كي لا يفكّر أحد بطمس أو تمييع أو تضييع قضيتنا”. وسيكون الهدف وراء هذه التحرّكات “المطالبة بضرورة مثول كل من يستدعيه المحقق العدلي، بالإضافة إلى المطالبة بالتحقيق مع رؤساء الجمهورية والحكومة وأجهزة أمنية وقضائية ووزراء مالية وأشغال سابقين وحاليين كائناً من كانوا”.

يُذكر أن عويدات كان قد التقى أهالي الضحايا خلال التظاهرة التي نفذوها في 30 آب 2021 أمام منزله، ليقول لهم إنّه “متنحٍّ عن ملف انفجار الرابع من آب لأنّ النائب غازي زعيتر صهره”، مضيفاً إنّ “النظرية التي تقول إنّي يمكن أن أبتّ بأيّ شيء خاطئة”. كما لم يؤيد عويدات ذهاب رئيس الحكومة (حسان دياب) إلى التحقيق لأنّه “ذهب وقدّم إفادته، وبحسب الدستور كمدّعى عليه يجب أن يدّعي عليه مجلس النواب، وأن يُحاكم أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء”. وقد خالف عويدات من خلال ذلك “تفسير المحقّق العدلي للمادة 70 من الدستور والذي يسمح بملاحقة دياب و4 غيره من الوزراء السابقين في الجرائم المعزوة إليهم في قضية تفجير المرفأ أمام القضاء العدلي. بالمقابل أبدى تماهيه مع تفسير رئيس مجلس النواب ونائبه نبيه بري وإيلي الفرزلي وعدد من القوى السياسية لهذه المادة، والذي على العكس من ذلك تماما يحصر محاكمة هؤلاء أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وهو مجلس لم ينعقد يوما ويشكّل استكمال إجراءات الاتهام أمامه أمرا شبه مستحيل”، وفق ما جاء في بيان المفكرة القانونية بتاريخ 2/9/2021. “المفكرة” أشارت إلى مغالطات قام بها عويدات عند حديثه مع الأهالي، يمكن تلخيصها ب”عدم قانونية تنحيه عن مهامه بإرادته المنفردة وتعيين بنفسه البديل عنه طالما أن أي تعارض مصالح في شخصه سينسحب على من يعينه بنفسه بديلاً عنه. كذلك عدم قانونية تفويض أيّ من صلاحياته طالما أنها تبقى ملازمة لشخصه دون سواه، وعليه، فإنّ ادّعاء عويدات أنّه ليس له اتخاذ أي قرار بشأن طلب رفع الحصانة عن اللوائين عبّاس إبراهيم وطوني صليبا هو ادّعاء غير صحيح وهو بمثابة تخلّ غير قانوني عن مسؤولياته”. 

عند الساعة السادسة والسبع دقائق، “ساعة الشؤم”، كما يصفها ذوو الضحايا، دقت أجراس الكنيسة ورفع الآذان. فأضاء الأهالي الشموع أمام صور ضحاياهم التي كانوا يحتضنونها. وكان الصمت سيّد الموقف، وحالة من الشرود تملّكت أهالي الضحايا. شيء لا يتغيّر، لا يزال المشهد مؤثراً للمرة الثالثة عشر، ولا تزال الدمعة تسكن عيون كلّ الأهالي منذ التفجير إلى اليوم.

انشر المقال

متوفر من خلال:

استقلال القضاء ، قضاء ، محاكمة عادلة وتعذيب ، قضايا ، لبنان ، سياسات عامة ، مقالات ، أطراف معنية ، حراكات اجتماعية ، أجهزة أمنية ، عدالة انتقالية ، محاكم جزائية ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد ، البرلمان ، مجزرة المرفأ ، حركات اجتماعية ، أنواع القرار ، قرارات قضائية



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني