يواصل أهالي المنصورية تحرّكاتهم دفاعا عن حقهم بالحياة في مواجهة خطوط التوتر العالي المعروفة بـ “وصلة المنصورية”. وقد عبّروا أمس عن يأسهم من المسؤولين السياسيين بلجوئهم إلى القديسين، علهم يسعفونهم في الخلاص في هذه القضية. وعليه نفذ أهالي المنصورية، عين نجم، عين سعاده، بيت مري، عيلوت والديشونية المتضررون من مد خطوط التوتر العالي هوائيا وقفة احتجاجية بجانب مزار القديسة ريتا – عين نجم، قرب الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية، ورفعوا الصلوات للقديسة ريتا “شفيعة المستحيلات” علها ترشدهم إلى السبيل لحل المشكلة.

وتأتي هذه الخطوة بعد “فشل” الإجتماع الأخير الذي جرى بتاريخ 10/5/2019 وجمع وزيرة الطاقة والمياه ندى البستاني بممثلين عن أهالي المناطق المتضررة يرافقهم الاختصاصي في طب المجتمع والوبائيات البروفيسور سليم أديب. وقد خرجت الوزيرة من هذا الاجتماع متمسكة بقرار مجلس الوزراء متحدثةً عن عرض شراء الشقق ممن يخشى أضرار العواميد. وقد نقل الأهالي عن الوزيرة تشبثها برأيها حيث وأنها “لم تكن جاهزة للاستماع إلى أي رأي مخالف”. وقد أقدم مجهولون منذ يومين على محاولة نشر قاعدة العامود رقم 9 في المنطقة، لكنه لم يسقط فعمدت شركة كهرباء لبنان إلى تلحيمه. وقد أطلت الوزيرة البستاني على وسائل الإعلام محذرة من مغبة القيام بهذا الفعل.

وتحدث الأهالي فأجمعوا على أن “خطوط التوتر الهوائي مضرة أكثر من تلك التي تمر تحت الأرض”، داعية “الكنيسة التي تمتلك الأراضي بمعظمها، لا سيما البطريركة المارونية، إلى عدم التخلي عن هذه الأراضي“.
عند الساعة الخامسة عصراً، تجمع الأهالي بالقرب من مزار القديسة ريتا. وهناك، وضعت صور تنبيهية بأغلبها لوجوه أطفال كتب عليها باللغة الانكليزيا “لوكيميا” أي سرطان الدم، و”توتر”. كما كانت لوحة كتب عليها “24/24 منور 24/24 موتر شبكة النقل موجودة بدها كهربا في حبل وقف لعب على الحبلين”، وأخرى “لكل عيلة بالمتن عامود ما تقعد بالبيت رح تصير تقعد عل…”.

كذلك وضعت يافظات طالب من خلالها الأهالي بإيقاف “خطوط التوتر قبل فوات الأوان من أجل حماية أطفالنا”، مشددين على أن”المسألة لا تتعلق بالدين، والمسألة لا تتعلق بالسياسة، وإنما المسألة تتعلق بحياتنا”.

من ثم بدأوا جمعياً بقراءة صلوات وزعت عليهم: إحداها للقديسة ريتا. وكان من اللافت اقتراب طفل في التاسعة من عمره من مكبر الصوت وتحدث باللغة الانكليزية إلى القديسة ريتا قائلاً: “يا قديسة ريتا ساعدينا لأننا لا نريد الموت من جراء الكهرباء”.

وفي حديث “للمفكرة” مع منسقة التحرك كارول ابراهيم، قالت: “نحن جئنا لنصلي للقديسة ريتا لأنها شفيعة المستحيلات. يبدو أن قضيتنا صارت من المستحيلات وسط الجهل الذي نعيش فيه والمصالح التي نعيش فيها والتي يدفع ثمنها المواطن. جئنا نصلي للقديسة ريتا لتتشفع بنا وتساعدنا على الخلاص من هذه المشكلة وتدلنا على طريقة لحلها، لأن هذه المشكلة لا تقتصر على عين نجم وعين سعادة وبيت مري وانما هي مشكلة كل لبنان”.

اللجوء إلى القديسة ريتا جاء بعد اليأس من المسؤولين الذين يلهثون وراء مصالحهم، هذا ما تؤكد عليه إبراهيم. وتقول: “القضية باتت محسومة من قبلهم علماً أننا نقاتل منذ سنوات في هذا الشأن. فقد مضى ستة عشر عاماً ونحن على الطرقات لكن ليس هكذا تنتهي الأمور باتفاق كل أركان السلطة علينا. نحن مواطنون عاديون ولكننا مثقفون. وعندما تتوجهين إلى أشخاص من طبقة علمية معينة، لا يمكنهم أن يضحكوا علينا كما اعتادوا على فعله. هذا الأمر لن يمر”.

أما عن الواقع الميدان لعملية مد خطوط التوتر العالي حتى الآن تقول:”تم مد خطوط بالقرب من المونتي فردي ووصلوا الى عين نجم الآن”.

وتعرضت إبراهيم للعمل التخريبي الذي طال العامود رقم تسعة لتحذر قائلةً:”لقد قام أحدهم بعمل تخريبي فنشر قاعدة العامود، لكن ذلك لم يمنع تمرير الخط، فقد قامت شركة كهرباء لبنان بعملية “ترقيع” لقاعدة العواميد، وهذا الأمر يشكل خطراً كبيراً، ذلك أننا في منطقة معروفة بالعواصف والزواعق في الشتاء. فإذا اختلّ توازن العامود عندها ستحل الكارثة”.

وردا على اقتراح  الوزيرة ندى البستاني باستعداد الوزارة على شراء المنازل من أصحابها إن كانوا يشعرون بالخوف قالت: “هذا كلام صحف وكلام شعبوي. هم في السابق قدموا عرضا لشراء 58 شقة في المنطقة، لكن المجمع الماروني في الطرف الثاني يضم نحو 400 مسكن وأحداً لم يأت على سيرة هذه المساكن. هذا كلام شعبوي “أنو شوفوني قديه منيح عم أعرض أشتري بيوتكن”. لكن بأي سعر؟ هناك أشخاص أصلا لم ينهوا تسديد ثمن شققهم ويسددون قروضاً. عندها ماذا سيحل بهم، يبيعون للدولة ثم يسددون الدفعات للبنوك. ثم يصبحون على الطريق هذا ليس حلاً”.

وأكدت إبراهيم: “لماذا في لبنان يريدوننا أن نعيش هكذا؟ لماذا كل هذا الاستعجال لقتل الناس؟ هذه الخطوط بالإمكان طمرها من محطة عرمون إلى محطة بصاليم في الطرقات العامة، من خلال استرجاع الاستملاكات التي يريدون دفعها ثم يقومون بفك العواميد ويدعون الناس يعيشون في أمان. فالناس اليوم يهاجرون لأنهم ببساطة لا يشعرون بالأمان لا اقتصادياً ولا صحياً”. وختمت قائلةً:”نحن نتضرع للقديسة ريتا شفيعة المستحيلات وحتى لو قاموا بتمديد كافة الخطوط نحن لن نوقف تحركاتنا أبدا لأننا أصحاب حق”.