بدأت قصة حمزة، عندما توجه منذ نحو اسبوعين الى السفارة المصرية ليتقدم بطلب الحصول على تأشيرة دخول الى مصر. هناك عند وصوله استوقفه عند الحاجز أحد عناصر الدرك وطلب منه هاتفه المحمول. ظن حمزة للوهلة الاولى أنها مسألة روتينية تدخل ضمن إطار الإجراءات الامنية للسفارة. لكن سرعان ما اكتشف حمزة بأن الشرطي طلب الهاتف لاستعماله لغرض شخصي. أنهى الشرطي مكالمته دون أن يلقي على حمزة لا عزاء ولا شكورا.
هذا السلوك غير اللائق للشرطي لاسيما انه لم يطلب الهاتف ضمن إطار عمله، دفع بحمزة لتلقينه درساً. روى هذا الأخير لـ "المفكرة القانونية" ما حصل. "أعطيته الهاتف فاتصل بأحد الأفران وطلب مناقيش بإسم "أحمد" عند حاجز السفارة. ثم أعاد الي هاتفي وتابع سيره دون ان ينظر الي حتى. عندها قلت له "تكرم يا وطن". فردّ علي:" شو بدّك إدفعلك؟ انطر ليوصل الأكل بصرّف وبعطيك ٥٠٠". فأجبته:" كنت نطرت لو ما عندي شي، بس في عالم بهيدا البلد بدها تشتغل لتعيش". فسمعته يقول لزميله أنا وأهمّ بالانصراف: "ليك. ليك. عم يتلأمن عليي لأن حكيت من تليفونو".
استفزني كلامه وسلوكه معي فما كان مني الاّ ان عاودت الاتصال بالفرن بعد أن تذكرت طلبه "منقوشتين جبنة مع بندورة بدون حر واتنين سفن اب"، وقمت باستبدالهما بـ “منقوشتين جبنة مع حرّ ووحدة بيبسي".
عندما عدت الى المنزل كتبت ما حصل معي على صفحتي على "فايسبوك". انتشر الخبر بسرعة قياسية حتى أن هناك من كتب مقالاً عن الموضوع ووضعوا صورتي مع "الستايتس" (status)الذي كتبته. لم اكترث كثيراً للموضوع على الرغم من الضجة التي احدثها".
ظن حمزة، أن القصة انتهت عند هذا الحد. عاد نهار الثلاثاء في 12/4/2016 الى السفارة المصرية ليحصل على "الفيزا". لكنه فوجئ بأن السفارة على علم بما حصل. على أن الأمر لم ينقض عند هذا الحد بل اكتشف ان هناك من كان بإنتظاره ليرد له الصاع صاعين.
"توجهت الى السفارة لأحصل على "الفيزا". عندما وصلت وجدت ان القنصل كان على علم بما جرى معي وناداني وتحدث معي ثم ودعني. وانا أهّم بالإنصراف اقترب مني شخص بلباس مدني وسألني عن اسمي فقلت له "حمزة". فردّ علي: "اي نطور هون لقلّك". فسألته لماذا؟ فردّ علي:"هلأ بتعرف". فأجبته أنني لست مجبراً على الانتظار. فلحق به شرطي وقال لي أيضاً أنه عليي الانتظار ومنعني من المغادرة. فطلبت منهم اعطائي سبباً لذلك لأنه لا يحق لهم توقيفي دون سبب ولكن عبثاً حاولت".
وتابع حمزة: "على إثر الجدال، جاء عنصر من الجيش وسأل ماذا يحصل؟ ثم طلب هويتي واطلع عليها ثم أعادها اليّ. فطلبت منه ان يسألهم ما هي القضية، بعد أن شعرت ان لحادثة الهاتف علاقة بما يحصل معي. عندها أخبرني عنصر الجيش انه لا يمكنه ان يدعني أرحل لأن الدرك لا يريدون ذلك. في هذا الوقت كان الإثنان قد ابتعدا قليلاً عني لإجراء الاتصالات.
وعندما أصروا على ابقائي محتجزاً قلت لهم أنني سأصوّر كل شيء يحصل معي. أخرجت هاتفي وقمت بالتصوير. عندها ذهب عنصر آخر من الجيش وأخبر حاجز الأمن الداخلي أنني أقوم بالتصوير. فإجتمعوا عليّ وحاولوا سحب هاتفي مني بالقوة. فرفضت ذلك ولكن وعدتهم بأن اتوقف عن التصوير. أثناء قيامي بحذف الفيديوهات التي كان سبق لي ان صورتها، صرخ أحد العناصر أنني اقوم بالتصوير. عندها هاجموني وبدأوا بشدّي كلن باتجاهه، حتى قاموا بتمزيق كنزتي. علماً أنني لم أحاول أبداً الهروب منهم، اذ يستحيل ذلك فباب الخروج ضيق جداً".
وأضاف: "من ثم بعد ذلك، سحبني أحد عناصر الجيش ودفشني الى داخل غرفة الحرس التي توضع عند الحاجز، ثم وضع الرشاش في ظهري وراح يقول لي "إذا بتتحرك بفضي الرشاش براسك". في الوقت الذي كنت لا أزال أقول له: "ليش عم تعمل هيك؟ نحن ما في مشكل بيناتنا".
وخلال وقوفي في الغرفة، شاهدت أحد عناصر أمن السفارة، فصرخت له بأنني أريد أن أتحدث الى القنصل وان أتصل بأحد عناصر الانضباط. عندما قلت ذلك ابتعد العناصر عني ولكنهم لم يدعوني أرحل. وعندما جاء القنصل سأل ماذا يحصل قالوا له "لا شيء. نتحدث إليه من ثم سيرحل. فجاوبهم أنه لا يظهر هذا الأمر فردوا عليه "انحلت ما في شي". وعندما تأكد أنني بخير عاد الى الوراء.
بعد ذلك اقترب مني أول عنصر من الجيش صادفته، وقام بتهدئتي وطلب مني الدخول والانتظار داخل السفارة قليلاً. عندها لاحظت ان اتصالات تجري وأنهم على ما يبدو كانوا يتصلون بأناس لملاقاتي في الخارج وقد حاول العنصر حمايتي. ثم قام باتصال عبر الهاتف وأخبرني انه أصبح بإمكاني الانصراف. ولكنني شعرت بالخوف ما دفعني الى طلب "تاكسي" ليقلني من أمام باب السفارة وعندما وصل ركبت السيارة وانصرفت".
خرج حمزة من السفارة ممزق الملابس، مرعوباً من ان تتم مطاردته من قبل هذه العناصر الأمنية، خائفاً من العودة الى السفارة إذا اضطره الأمر. وقد أكدّ حمزة أنه لا يريد شيئاً سوى ضمان أمانه وعدم التعرض لمكروه على أيدي هؤلاء الذين أرادوا الانتقام منه امام مركز رسمي، غير ابهين بمكانته. وأردف قائلاً: "أنا لا اريد ايذاء أحد من هؤلاء العناصر. فأنا أعرف ان من يعمل على حاجز يكون راتبه ضئيل. لكن أخاف أن يتعرضوا إلى بسبب هذا الأمر التافه. لقد كتبت ما جرى معي على فايسبوك ليس للتشهير بأحد بقدر ما هو أن أضمن حمايتي أو في حال تعرضي لمكروه ما أن يعرف الناس السبب في ذلك". وختم مؤكداً: "أكثر ما يزعجني في هذه القضية هو ان يقوم أحد الأشخاص بإستغلال مركز عمله للتعدي على الناس (يتصلبط)"، معتبراً أنه: "لا يمكنه لوم هؤلاء الاشخاص وحدهم فالمشكلة هي نظام بأكمله".
وبعد، في وقت يقع على عاتق القوى الأمنية تأمين حماية الناس وحفظ أمنهم، يقرر أحد عناصرها مستغلاً مركزه أن ينتقم من شخص لمجرد انه استفزه. فهل يلام هذا العنصر وحده على سلوكه هذا؟ ومن هو المسؤول عن محاسبته؟ ان على وزارة الداخلية والبلديات مهمة النظر في هذه القضية فعناصر الأمن مهمتها حماية المواطن لا الاعتداء عليه.