آليات تنفيذ القوانين المعطّلة في لبنان: موجبات الفعل غير قابلة للتنفيذ


2020-06-30    |   

آليات تنفيذ القوانين المعطّلة في لبنان: موجبات الفعل غير قابلة للتنفيذ

في أواخر 2014، أُنشئت لجنة نيابية غير دائمة ad hoc لمتابعة تنفيذ القوانين، وذلك بعدما هال النواب عدد القوانين التي تُعرِض الحكومة عن اتخاذ الإجراءات الضرورية لضمان تنفيذها. وقد باشرت اللجنة عملها على أساس 30 قانوناً رفعت عددها فيما بعد إلى 33، فيما عدد القوانين غير المنفذة هو أكثر بذلك بكثير. ولإنفاذ هذه القوانين، يقتضي إما إصدار مرسوم لتحديد دقائقها وإما تعيين أعضاء هيئات أو مجالس إدارة منشأة بموجبها.

وقد صرّح رئيس اللجنة النائب ياسين جابر لـ”المفكرة القانونية” أنه “ليس للجنة أيّ وسائل ولا يمكننا معاقبتهم (الوزراء) في حال التقصير في الوضع الحالي”. فالأسلحة الديمقراطية المتاحة للنواب كطرح الثقة أو استجواب أي وزير يتخلّف عن تطبيق القوانين، غير قابلة للإستعمال لأنّ “الوضع العام لا يساعدنا على ذلك”. وتالياً، وعلى ضوء هذا التصريح، تبدو مهمة اللجنة مهمة تقنية هدفها تذكير الوزراء المعنيين بموجباتهم و”حثهم على تطبيق القوانين” من دون ممارسة أي نوع من أنواع الضغط أو “السلطة”. وبذلك، لا نكون أمام تجسيد لمبدأ فصل السلطات، إنما بأحسن الأحوال أمام تعاون تقني بين السلطات لتحسين الأداء التنظيمي للدولة. وهي مهمة بإمكان أيّ جمعية غير حكومية مختصّة أن تقوم بها من خلال توجيه كتب إلى الوزراء لحثّهم على تنفيذ المهام المناطة بهم، وربما بدرجة أعلى من المثابرة والشمولية.

ومن هنا، يجدر التساؤل عن دور المواطن أو القضاء الإداري في ضمان تنفيذ هذه القوانين، خصوصاً التي تكرّس حقوقاً إجتماعية أو إقتصادية له أو تعنيه مباشرة؟ ومردّ طرح السؤال هو أنّ تنفيذ القوانين ليس مصلحة نيابية أو لكتل نيابية معيّنة، إنما هو في حالات عدة يلبّي مصالح المواطنين. وما يزيد هذا السؤال إلحاحاً هو خشية أن يقتصر عمل اللجنة على قوانين تهمّ الطبقة السياسية أو جزءاً منها… فيما يبقى اهتمامها بالقوانين الأخرى هامشياً ومن باب رفع العتب أو من باب الزينة من دون أي إرادة سياسية حقيقية في تنفيذها.

وفي هذا المجال، يهمّنا لفت النظر إلى الخيارات التي انتهى إليها المشرّع الفرنسي عند تطوّر “ظاهرة التأخير في تنفيذ القوانين”. فجبْهاً لهذه الظاهرة، لم يكتفِ المشرّع بتعزيز وسائله لمراقبة تنفيذ القوانين، إنما اتّجه في 1995 قبل كلّ شيء إلى تمكين المواطنين من إلزام الحكومة على تنفيذ القوانين من خلال القضاء الإداري. فباتت المحاكم الإدارية مُخوّلة إلزام المراجع الوزارية أو الحكومية اتّخاذ الإجراءات الضرورية لتنفيذ القوانين تحت طائلة تغريم الدولة عن كل يوم تأخير، وذلك بخلاف مجلس شورى الدولة اللبناني الذي يمنعه نظامه عن إلزام الحكومة بالقيام بعمل معيّن. وبالطبع، لتوجّه مماثل منافع عدة: فهو يسهم في دحض المخاوف المبيّنة أعلاه، وهو يعيد لمبدأ فصل السلطات رونقه، ليس فقط في علاقة البرلمان بالحكومة ولكن أيضاً في علاقة السياسة بالقضاء، وهو ثالثاً، يؤدّي إلى تعزيز الطابع المؤسّساتي لهذه المبادرة من خلال تحريره من تجاذبات اللعبة السياسية”.

  • نشر هذا المقال في العدد | 65 | حزيران 2020، من مجلة المفكرة القانونية | لبنان |. لقراءة العدد اضغطوا على الرابط أدناه:

القضاء الإداري: من يحمي الدولة ومن يدافع عنها؟

(المصدر، نزار صاغية، لجنة نيابية لتنفيذ القوانين، المفكرة القانونية، العدد 27، نيسان 2015).

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، مجلة لبنان ، لبنان



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني