جنب أكوام الردم حيث سوّي مبنيان بالأرض في حي الجاموس في الضاحية الجنوبية في غارة إسرائيلية يوم أمس الجمعة، وخارج الشريط الأصفر، تقف مريم ابنة الخمس سنوات إلى جانب والدها غسّان. لا تزال بزي المدرسة منذ الأمس حين هرع والدها إلى المدرسة ليأخذها ويهرب بها خارج المنطقة بعد إنذار وجّهه العدو الإسرائيلي إلى المبنى الذي تسكن فيه أسرتهما.
مبنيان دمّرا بالكامل
تُمسك مريم يد والده وتُراقب الجرّافات وفرق الدفاع المدني بهدوء واضح “تنتظر أن تُخرج الجرّافة إحدى ألعابها، جاءت لتبحث عن ألعابها، فهنا كان بيتها” يقول والد مريم لـ “المفكرة”. ويُخبرنا باختصار أنّ بيته كان على الطابق الأوّل من المبنى المستهدف، وأنّه وما أن عرف بوجود الإنذار أمس حتى هرع إلى المدرسة ليأخذ مريم، واليوم عادا علّهما يجدا شيئًا من بيتهما. فضّل غسّان الاكتفاء بهذه الكلمات لأنّ المشهد برأيه وحده يُخبر القصّة كاملة، وكيف لا ومريم لا تزال ترتدي زي المدرسة..
قد يكون من الصعب لأي داخل إلى حيّ الجاموس أن يُصدّق أنّ هذا الحيّ تعرّض بالأمس إلى اعتداء إسرائيليّ، فحركة السير تبدو طبيعيّة وأبواب المحال التجاريّة مفتوحة أمام الزبائن، وفي ظلّ الدمار الذي شهدته الضاحية سابقًا، يبدو وكأنّ رائحة الدخان وحدها تدلّك على استهداف جديد، وبعدها شريط أصفر يطوّق مبنيين سوّيا بالأرض. لم تدمّر إسرائيل المبنيين خلال الحرب بل بعد 121 يومًا من دخول إعلان وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في 27 تشرين الثاني العام الماضي، وبعد أشهر من عودة الناس إلى منازلهم بعد رحلة نزوح هربًا من حرب إسرائيليّة استمرّت 65 يومًا، استُهدفت خلالها الضاحية الجنوبية بـ 279 ضربة معلنة دمّرت 361 مبنى، بحسب إحصاء مختبر المدن.
اصحاب المحال المجاورة يتفقدون الأضرار
أغارت إسرائيل بالأمس (28 آذار 2025) مستهدفة مبنيين سكنيّين لم يتضرّرا في الحرب الماضية، وذلك بعد أقل من ساعتين من إنذار وجّهه العدو الإسرائيلي إلى مبنى في الحدث (حي الجاموس) طالبًا من السكّان الإخلاء فورًا والابتعاد مسافة 300 متر.
أثار الإنذار موجة من الرعب بين السكّان، فقد أتى في وقت يُفترض أنّ الحرب انتهت ولم يعد الناس ينتظرون إنذارات ولا يتوقّعونها. ووجّه الإنذار إلى مبنى يقع وسط شارع يعتبر سوقًا تجاريًا عادة ما يكون مكتظًّا فكيف قبل أيّام من عيد الفطر. ولعلّ أكثر ما أثار الرعب هو توقيت الإنذار عند الساعة الثانية عشرة ظهرًا وقت دوام المدارس وفي المنطقة أربعة، مدرسة “ليسه دي زار” Lycée des arts التي تبعد 94.23 مترًا، ومدرسة “السان جورج” التي تبعد 163.17 مترًا، ومدرسة البيان التي تبعد 419.48 مترًا، ومدرسة المهدي التي تبعد 750 مترًا والتي صودف أنّها مقفلة بسبب يوم القدس.
وتسبّبت الغارة التي سبقتها ثلاث غارات “تحذيريّة” بتدمير مبنيين بشكل كامل أحدهما مكوّن من سبع طبقات والآخر من ست طبقات تسكنهما حوالي 48 أسرة، بالإضافة إلى 4 محال تجاريّة وصيدليّة. كما تسبّبت الغارات بتضرّر حوالي 30 مبنى 9 منها بشكل كبير. وكشف صباح اليوم على المباني المتضررة، حسب ما نقل الأهالي لـ “المفكرة”، مهندسون من مؤسّسة “جهاد البناء” حيث تبيّن أنّ أساسات المباني كلّها سليمة ولا حاجة لهدم أي منها. وستؤمّن جهاد البناء خلال 48 ساعة بدل إيواء وبدل أثاث للأسر الـ 48 التي فقدت منازلها.
تضرركبير للمباني المجاورة
نجت منازلنا في الحرب لتدمّر في السلم
على بعد أمتار من كومة الدمار، تقف سيّدة فضّلت عدم ذكر اسمها، إلى جانب حفرة صغيرة خلّفتها الغارة: “يا ريت راح البيت بالحرب، كنت مضهّرة معي شوية تياب وغراض وصور، وكنت متوقّعة يتدمّر، والله مش آسفة على البيت، الله بيعوّض، بس على ذكرياتنا وعلى الخوف الذي عشناه، هنا كان المبنى وهنا كان بيتي على الطابق الرابع، وأنتظر أن تُخرج الجرّافات أي شيء من رائحته” تقول لـ “المفكرة”.
تروي السيّدة أنّها عرفت ومن صراخ الجيران أنّ المبنى حيث تسكن مهدّد، فركضت كما الجيران على الدرج متّجهة إلى المدرسة التي تبعد أمتارًا لأخذ ولديها (5 و8 سنوات). تُخبرنا كيف دخلت إلى المدرسة وكيف التقت بولديها على الدرج “لا أستطيع أن أصف المشهد، ولا صوت صراخ وبكاء الأطفال، شاهدت ولديّ على الدرج مرعوبَين وجههما أصفر، حملتهما وركضنا”.
كان همّ هذه السيّدة أن تبتعد قدر الإمكان عن مبنى بيتها المُهدّد، فكانت تركض مع ولديها الباكيين من دون وجهة. “وقفت في شارع بعيد نسبيًّا وأنا أمسك ولديّ، انتظرنا لوقت لا أستطيع تحديده، ولكنّني بعد الغارة عدت أخذت سيارتي واتجهنا عند بيت والدي وصلنا بحدود الساعة الخامسة بعد الظهر” تقول. أخبرها ابنها بعد وصولهم عند بيت جدّه عن خوفه بعد الإنذار: “الأهالي كانوا يأتون ويأخذون أولادهم، وأنا كنت أسأل نفسي وين الماما”، قال لها. هي لم تتأخّر ولكنّه شعر بأنّ الوقت كان طويلًا وهو وحده. “ابني يسألني لماذا يحصل كلّ هذا ومتى سينتهي وأنا لا أملك جوابًا، سنعود إلى النزوح حاليًا عند بيت والدي وسيسألني ابني مجددًا عن بيتنا ولا أملك أجوبة، لن أقول له سنعود قريبًا، كيف أشرح له خسارة بيتنا في السلم، سأستأجر هنا في الضاحية إلى حين إعادة إعمار منزلي”، تضيف.
رح تجي الماما تاخدنا…
يُخبرنا من التقيناهم من سكّان الحيّ أنّ ما أثار الرعب أكثر من أنّ المبنيين المستهدفين يقعان في شارع يُعدّ سوقًا يشهد ازدحامًا خصوصًا على أبواب عيد الفطر، هي فكرة قُرب المبنيين من 4 مدارس إحداها وهي مدرسة “ليسيه دي زار” تضمّ وحدها 1800 تلميذ و200 مدرّس ومدرّسة، وقد تضرّرت بشكل كبير.
يتحدّث بعض من رأيناهم عن مشهد غير مسبوق، أمّهات يسألن عن أبنائهنّ يركضن من مكان إلى آخر، سيّارات متوقّفة بسبب زحمة السير، أطفال يصرخون ويبكون “شاهدت تلميذة تصرخ ماما ماما، اقتربت منها لأساعدها، كانت ترتجف لم تتمكّن حتّى من إعطائي رقم هاتف أحد والديها، ولكن بعد ثوان رأت جارتها التي كانت تركض بدورها مع بناتها صرخت لها وركضت معهم” يقول صاحب أحد المحال في المنطقة.
“كان الأمر مرعبًا، التلامذة متوترون وكذلك الأهالي، كانت كلّ معلّمة تحاول أن تحتوي طلّابها، كان همّنا إخراج الجميع وإبعادهم بأقصى سرعة، تعاونّا جميعًا، فمن استطاع أن يصل أسرع من غيره كان يأخذ معه أصدقاء أبنائه أو أبناء أصدقائه، حتّى الجيران هنّا بعضهم سارع لأخذ أبناء جيرانهم الذين كانوا بعيدين في وظائفهم، استطعنا أن نُبعد الجميع في أقل من ساعة، الحمدالله التلامذة كلّهم بأمان اليوم” يقول خير ضاوي المسؤول عن المدرسة. ويشير إلى أنّ التلامذة الصغار كانوا يكرّرون السؤال عمّاذا يحصل، وما إذا كانت أمهاتهم سيأتين لأخذهم، وأنّ المعلّمات حاولن طمأنة التلامذة بالقول “هلّا بتجي ماما هيّاها عالطريق”.
أمّا في ما خصّ الأضرار فيوضح ضاوي أنّها طالت بشكل أساسي واجهات الممرات والصفوف من زجاج وألمنيوم وكذلك الأبواب ومعدّات مثل الكومبيترات قائلًا: “كلّه يُعوّض المهم أنّ التلامذة بخير”.
تلامذة Lycée Des Arts تركوا كتبهم على طاولاتهم
منذ الصباح بدأت أعمال الصيانة في المدرسة بينما كان التلامذة يتوافدون مع أولياء أمورهم لإحضار كتبهم وحقائبهم التي تركوها خلفهم “بعض التلامذة حمل كتبه، وبعض هذه الكتب وقع منهم من الخوف، وجدناها صباحًا في الممرات وعلى الدرج غير تلك المتروكة على الطاولات، حتّى أنّنا وجدنا أحذية يبدو أنّها وقعت من أرجل بعض التلامذة المسرعين” تقول إحدى ناظرات المدرسة لـ “المفكرة”.
تلامذة اتوا لأخذ كتبهم صباحا
هذا الرعب يُخبرنا عنه علي وهو طالب أوّل ثانوي حضر صباحًا لأخذ كتبه التي تركها أمس في المدرسة. يُخبرنا أنّ أحد زملائه عرف بالإنذار عبر هاتفه ولكنّه لم يفهم أنّ الإنذار للضاحية “نحن في رمضان، والحرب مفروض انتهت وعدنا إلى حياتنا، حتّى زميلي لم ينتبه أنّ الإنذار للضاحية، وهو رأى الإنذار” يقول مضيفًا أنّه بعدها بثوان سمع وزملاؤه صراخًا في أحد أروقة المدرسة وعرفوا أنّ إسرائيل تُنذر المبنى القريب. أوّل ما فكّر فيه علي ابن الـ 15 عامًا هو أخته التي تصغره بعامين وأخاه الذي يصغره بثلاثة، فركض يبحث عنهما ليطمئنهما لأنّه كان يعرف بأنهما سيخافان كثيرًا وسيبحثان عنه. بعد دقائق وجدهما، فخرجوا من المدرسة ركضًا وأخذوا طريقًا لا يسلكونه عادة جنب المبنى المستهدف “شاهدت الخريطة سريعًا، شعرت أنني في الاتجاه الصحيح وتأكّدت بعدما طلب مني أحد المارة عندما رآنا واقفين ألّا نعود أدراجنا” يقول. اتصل علي بوالدته التي لم تكن تعرف بعد بالإنذار وأخبرها بأنّه وأخوته في طريقهم إلى المنزل الذي يبعد ربع ساعة مشيًا.
يشير علي إلى أنّه حاول طوال الطريق أن يظهر بمظهر الهادئ حتّى لا يُقلق أخاه وأخته “مشيت متمسكًا بهما، أحاول أن أحافظ على هدوئي، كانت أختي تبكي، قلت لها سنصل عند أمّنا قريبًا ونحن بخير وأنا لا أعرف إن كنّا بخير، وكانت أمي معنا على الهاتف، وصلنا إلى البيت بعد حوالي ثلث ساعة، ذهبنا جميعنا عند بيت جدتي في الجناح وعدنا مساء إلى منزلنا” يقول علي.
الرعب نفسه عاشته لميس ابنه الـ 14 عامًا، إذ تُخبرنا كيف خرجت من المدرسة من دون أن تعرف وجهتها وكيف كان كلّ همّها أن تصل إلى أبعد نقطة ممكنة من المبنى المهدّد. كان من المفترض أن تنتظر أخاها ليأتي ويأخذها إلّا أنّه كان بعيدًا وزحمة السير ستؤخّره، لذلك اتصل بها وأرشدها خطوة بخطوة كيف تسير وأي طريق تأخذ. “أنا ورفيقاتي قرأنا الخريطة، نحن نجيد قراءة الخرائط وكنت أعرف أي اتجاه يجب أن أسلك، ولكنّا كنا خائفات كنت أبكي” تقول مضيفة: “أصلًا نحن لا نزال نازحين لم نعد إلى منزلنا المدمّر من الحرب، وسبق أن سمعت في المدرسة أوّل الحرب صوتًا مرعبًا، ولكن هذه المرة كان إنذارًا، يعني يجب أن أهرب سريعًا”.
واعتصم ظهر اليوم عدد من تلامذة مدارس الضاحية الجنوبية جانب المكان المستهدفًا تنديدًا بما تعرّض له أصدقائهم من عدوان إسرائيلي.
اعتصام لعدد من التلامذة جانب مكان الاستهداف
الحرب بكفّة ويوم أمس بكفّة
بدا الوقت بين الإنذار ووصول الأهالي إلى أبنائهم في المدارس كأنّه لا ينتهي، مئات الأسئلة راودت الأمهات المتعبات أصلًا من حرب طويلة اعتقدن أنّها انتهت وأن أبناءهنّ باتوا بأمان. “نصف ساعة بين الإنذار وبين علمي أنّ ولديّ باتا خارج المدرسة وبأمان، نصف ساعة كانت عمرًا كاملًا، الحرب كلّها بكفة ورعب الأمس بكفّة، في الحرب نكون مستعدين، لكننا أمس كنّا نظنّ أنّ الحرب انتهت” تقول أم علي التي التقيناها على باب إحدى المدارس القريبة تمسك يد أحد أبنائها حاملة كتبه.
تخبرنا أم علي بأنّ أختها أخبرتها بأنّ إسرائيل أنذرت مبنى قريبًا من المدرسة، فركضت تتصل بزوجها ليحضر ابنيهما “مضى عشر دقائق على الانذار وزوجي لا يردّ على هاتفه، وقبل أن أركض باتجاه المدرسة اتصل بي وأخبرني بأنّه أصبح قريبًا منها”.
تروي أمّ علي كيف خرج ولداها 14 و12 عامًا من المدرسة مع والدة زميل في المدرسة، ووقفوا في الشارع في منطقة بعيدة من الإنذار بانتظار وصول والدهما، وكيف سمعوا الغارة الأولى التي تُسمّى تحذيريّة قبل وصول والدهما وتقول: “تعلمين لماذا لم أحضر ابني الصغير معي؟ لأنّه يُعاني منذ أمس من إسهال سببه الخوف والصدمة” مضيفة: “يا ريت يصل صوتنا إلى المسؤولين، يا ريت يعرفون رعبنا الذي سيرافقنا”.
أمّا علي فيخبرنا كيف قال له أخوه الصغير عندما وجده في المدرسة وسط الفوضى والصراخ “أهم شي لقيتك كنت خايف ما لاقيك”، وكيف شعر بأنّه يجب أن يكون قويًا من أجل أخيه الصغير الخائف.
وسط الصراخ والفوضى وفي زحمة الشوارع وجنون الخوف، ظنّت أم حسين أنّها أضاعت ابنتها ليلى ابنة السبع سنوات. “اتصلت بي إحدى المعلّمات وأخبرتني بالإنذار، كنت أسمع صوت ابنتي تبكي وتصرخ، كان قد مرّ على الإنذار ربع ساعة” تقول.
سارع كلّ من والد ليلى وخالها لإحضارها وصلوا بعد حوالي عشر دقائق فبيتهما قريب في الكفاءات، ولكنّهما لم يجداها، فظنّت الأم أنّ ابنتها ضاعت “هل تعرفين معنى أنّ ابنتك ضائعة في بقعة جغرافيّة ستقصف بعد قليل، مرّ نصف ساعة على الإنذار وأنا لا أجدها، شعرت برعب العالم كلّه” تقول وهي تبكي وتشدّ على يد ابنتها التي أتت معها إلى المدرسة لإحضار حقيبتها.
بعدها اتصلت ليلى بوالدها لتخبره بأنّها باتت بأمان وأنّها في طريقها إلى المنزل إذ ذهبت مع صديق العائلة الذي كان ينقلّ أبناءه بدوره على الدرّاجة الناريّة.
مكان الاستهداف من شباك احد المدارس القريبة
بالكاد أنهينا إصلاح منازلنا
إلى جانب المبنيين المدمّرين وعلى مدخل مبنى مجاور متضرّر بشكل كبير، التقينا أم محمد تجلس على كرسي منتظرة أن ينتهي مهندسو “جهاد البناء” من الكشف على أساسات المبنى حيث تسكن. بالأمس تحديدًا وقبل ساعة فقط من الإنذار أنهت أم محمد ورشة تصليحات منزلها الذي تضرّر في الحرب الأخيرة وما أن انتهت حتّى تضرّر مجدّدًا.
تروي أم محمد أنّها بعد خروج العمّال من منزلها أمس مدّت سجادة الصلاة ولم تكد تبدأ حتّى أخذ هاتفها يرنّ بلا توقّف “كنت أسأل نفسي من هذا المصرّ على معاودة الاتصال مرارًا، حبكت معه هلّأ، هيك صرت قول لحالي” تقول لـ “المفكرة”. وتتابع أنّها ما أن انتهت من صلاتها حتى سمعت الجيران يصرخون لها بأن تترك المنزل لأنّ المبنى المجاور الذي يبعد أقل من 10 أمتار مهدّد. ستعرف لاحقًا أنّ ابنتها المقيمة في ألمانيا هي من كانت ترنّ على هاتفها لتخبرها عن الإنذار.
نزلت أم محمّد مسرعة من المنزل وبالكاد استطاعت حمل جزدانها، وبعدها ذهبت ركضًا إلى بيت أخيها في حيّ الأميركان القريب نسبيًا حيث سُتقيم حاليًّا. “كنت أركض في الشارع والناس كلها تركض، السيّارات كانت لا تتحرّك فالزحمة كبيرة، ما عرفنا كيف ركضنا” تقول.
يحتاج بيت أم محمد أشهر لإصلاحه فشبابيكه كلّها متضرّرة فضلًا عن ضرر كبير لحق بالشرفة والأبواب والأثاث، ولم يعد لها بيت في بلدتها عيترون، فقد فجّره الجيش الإسرائيلي مع بيوت أقاربها خلال الحرب “نسفوا بيتي وبيت أقاربي، ثلاثة بيوت مرّة واحدة، أقاربي يُقيمون حاليًا في النبطيّة حيث استأجروا وأنا سأنتظر إلى حين إعادة تصليح منزلي للمرة الثانية لأعود إليه هنا في الضاحية” تقول. وتضيف: “أحزن على منازل لنا ولكن أعرف أنّ هذه إسرائيل التي يعرفها الجميع، خاصة نحن أهالي الجنوب”.
أبو سامي الذي يسكن في مبنى آخر قريب من المبنيين اللذين دمّرا بالكامل كان أيضًا قد أنهى قبل أيّام تصليح منزله الذي تضرّر في الحرب الأخيرة ليعود ويتضرّر بالأمس. لم يكن أبو سامي في المنزل وقت الإنذار ولكن عائلته كانت في المنطقة فهرع لإخراجها، وصل إلى غاليري سمعان وكان السيّر متوقفًا، فركن سيّارته على جانب الطريق وأكمل مشيًا ليخرج عائلته. “وصلت قبل الغارة التحذيريّة الأولى أخرجت حفيدتي وزوجتي وذهبنا مشيًا أيضًا إلى الكفاءات حيث التمسنا الأمان”. سيُقيم أبو سامي عند أحد أقاربه في منطقة عرمون، حيث سبق أن نزح، في انتظار أن يصلح منزله للمرّة الثانية.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.