وقفة احتجاجية لحماية الضمان ودفاعاً عن حقوق المضمونين


2019-12-20    |   

وقفة احتجاجية لحماية الضمان ودفاعاً عن حقوق المضمونين

ما يعانيه الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أشبه بحالة اهتراء تتوسّع يوماً بعد يوم، وهي ناتجة عن إهمال "عالي الجودة" من قبل السلطات لمؤسسة تُعدّ من أهم ما حققته المعارك النقابية والعمّالية لأجل إنشائه في أوائل الستينيّات. ويتمثل مستوى الإهمال بـ"ثلاثة مليارات ومئتي مليون ليرة دين في ذمة الدولة للصندوق، ومبالغ متوجبة على المؤسسات في القطاع العام غير مدفوعة والتي تتكتم السلطة عن تحديد قيمتها". وينسحب الإهمال على "مجلس إدارة منتهي الصلاحية، ملاك وظيفي لا يتعدى الـ 47 بالمئة وشغور وظيفي في 11 مركزاً قيادياً، عجز في فرع نهاية الخدمة بسبب عمليات تحويل الأموال منه إلى فروعه الأخرى".    

هذه المعطيات ليست سوى بعض مما جاء في بيان "الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان"، خلال وقفة شارك فيها عشرات النقابيين أمام مبنى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في المصيطبة – بيروت أمس الخميس في تاريخ 19 كانون الأول 2019. وهدفت هذه الوقفة إلى التأكيد على "حماية الضمان والدفاع عن حقوق المضمونين وأموالهم".

طالب رئيس الاتحاد النقابي كاسترو عبد الله السلطة في بيان قرأه، وقف التآمر على الضمان الذي يتمثل بـ "امتناع الدولة عن تسديد المبالغ المتراكمة بذمتها لصالح الضمان، والتي تتعدى ثلاثة مليارات ومئتي مليون ليرة"، عدا عن التكتم عن "تحديد المبالغ المتوجبة على كافة المؤسسات العامة والمصالح المستقلة وتحصيلها، وهي مبالغ لم يعرف مقاديرها أحد".

ويزيد الإهمال في الضمان الاجتماعي أكثر بفعل عدم تعيين عضوي اللجنة الفنية منذ عدة سنوات، وبحسب البيان فإن ذلك ينعكس "إهمالاً في الدور الرقابي الذي تُمارسه هذه اللجنة على أعمال الصندوق، وبالتالي، تعميم الفساد". ويُضاف إلى ذلك، امتناع السلطة عن "ملء الشغور بالوظائف القيادية، فهناك 11 مركزاً جديداً شاغراً". ولملء الشواغر في هذه المراكز بحسب البيان، "تلجأ الإدارة إلى التعيين عن طريق التكليف أو بالوكالة، ما يُعزز منطق الزبائنية والاستزلام، بعيداً عن الكفاءة". واعتبر عبد الله أنّ الطامة الكُبرى والفضيحة في هذا المجال، هي "عدم تشكيل مجلس ‘دارة من كفاءات قادرة على إدارة مرفق بحجم الوطن". ولفت إلى أن المجلس الحالي هو منتهي الصلاحية، ورئيسه مقيم في فرنسا، عدا عن أنّ عدد مندوبيه لا يتعدى 14 عضواً. (بحسب قانون الضمان الاجتماعي، 6 مندوبين يمثلون الدولة، 10 ممثلي لأصحاب العمل، 10 ممثلين للأجراء، ومندوبين يمثلون الزراعيين يُحدد عددهم بمرسوم في مجلس الوزراء).

وأما على صعيد الملاك الوظيفي، وفقاً لبيان عبد الله، فإن العاملين حالياً في الضمان لا يتعدّون نسبة 47 بالمئة من ملاكه. ويترتب على ذلك، أعباء يتحملها المضمونون عبر إذلالهم لتسوية معاملاتهم، غير ما يترتب عنه من عبء على كاهل الموظفين.  

لم يتوقف الاهتراء عند هذا الحد، فإن تعويضات نهاية الخدمة مهددة بفعل تحويل جزء أساسي من أموال صندوق نهاية الخدمة إلى صندوق المرض والأمومة، (وصلت إلى حد 2068 مليار ليرة في نهاية الـ 2018)[1]، وهذا ما اعتبره عبد الله "استغلالاً للصناديق وأموال المضمونين".

وأشار عبد الله إلى أن الضمان الاجتماعي يملك مبنى في منطقة الباشورة، وعوضاً عن توجه الدولة لترميمه، تختار "صفقات الإيجار المشبوهة ولا سيما عقد إيجار رأس بيروت سيء الذكر".
وحذر عبد الله من أنّ السلطة تعمد إلى "إفلاس الضمان بهدف خصخصته لصالح شركات التأمين". 

وبرز مطلبان أساسيان في بيان عبد الله، أولاً إلزام "أصحاب العمل بالتصريح عن كل عمالهم للضمان الاجتماعي، والتصريح عن أجورهم الفعلية، وبأن يتم شمل كافة العمال اللبنانيين وغير اللبنانيين في الصندوق، خاصة عمال البناء والزراعيين والصيادين وعمال البلديات". وثانياً، "ضرورة توظيف أموال الضمان في مشاريع منتجة، صحية واجتماعية، وصيدليات ومراكز طبية، كما وإنشاء مستشفيات واستيراد الدواء وإنشاء تعاونيات إسكانية للمضمونين".

يشرح عبد الله في حديث مع "المفكرة" أنّ هناك استشعار بأن "السلطة تتوجه إلى خصخصة الضمان الاجتماعي، وذلك لا يؤدي سوى إلى إفراغه من مضمونه". وأكّد أنّ عدم العمل لإيجاد حل لمشاكل الضمان "لا يحمل أعباءه سوى المضمونين، وهم العمال والموظفين الذين تذلهم الدولة ليتمكنوا من الحصول على مستحقاتهم من بدلات طبابة وتعويضات نهاية الخدمة". ويُضيف، "وبدلاً من أن تبذل الدولة جُهداً لتحسين العمل في الضمان، عبر ممارسة الرقابة على المؤسسات التي لا تُدخل موظفيها في الضمان أو لا تُصرّح عن أجورهم الفعلية، وبدل من أن تغطي العمال الزراعيين والصيادين وغيرهم في الضمان الاجتماعي، تذهب إلى سحب الأموال من صندوق نهاية الخدمة إلى صناديق أخرى منها صندوق الأمومة. "وهذا ما يضع المضمونين أمام خطر عدم الحصول على تعويضات نهاية الخدمة"، بحسب عبد الله. 

من جهتها تلفت ماري الدّبس، ممثلة لجنة الدفاع عن المستأجرين القدامى في المجلس الاقتصادي والاجتماعي إلى أنّ السلطة تتعمّد إفراغ الضمان من أهميته ولو بالقانون. وتُذكّر في هذا المجال عندما تقدم مجلس الوزراء بطلب رأي من المجلس الاقتصادي والاجتماعي أول العام 2018 بما يخصّ "حصر موجب الحصول على براءة ذمة من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بحالات معينة واعطاء حوافز للمؤسسات باستخدام اجراء لبنانيين"، والذي تعتبره لا يصب سوى في صالح المؤسسات التي لا يسدد جزء كبير منها أصلاً مستحقّاتها للصندوق. وتؤكّد الدّبس ولو أنّ "رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي آنذاك كان يُخالف توجهات الحكومة، إنما لا يزال الخطر يُهدد المضمونين كون آراء المجلس غير ملزمة للحكومة". 

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، حراكات اجتماعية ، الحق في الصحة والتعليم



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني