من جديد[1]،ولّدت تصريحات وزير العدل والحريات المغربي مصطفي الرميد في 18-3-2015 خلال ندوة نظمت داخل كلية الحقوق بالمحمدية أجواء توتّر داخل المشهد الحقوقي والقضائي المغربي. فقد تحدث الوزير لطلاب كليات الحقوق ولعدد من الباحثين المهتمين بموضوع اصلاح القضاء عن وجهة نظره بخصوص مشاريع الاصلاح والمطالب المقدمة اليه في هذا المجال. فعن مطلب انتخاب الرئيس الأول والوكيل العام للملك بمحكمة النقض، اعتبر الوزير أن القضاة "لم ينضجوا بعد، لدرجة دعم بعض مطالبهم الإصلاحية"، وأضاف معللا رفضه لانتخاب الرئيس الأول والوكيل العام لمحكمة النقض، بكون القضاة جزءا من المغاربة، وقال "نحن لم نصل في ثقافتنا إلى تحمل هذه المسؤولية الجسيمة" قبل أن يتساءل: "من سينتخب..؟ إذا كنا عاجزين على انتخاب منتخبين جمعويين، فكيف سنكون قادرين على انتخاب الرئيس الأول والوكيل العام[2]؟"
وعن مشروع تعديل قانون المسطرة الجنائية والمطالب المرفوعة من طرف عدة منظمات من أجل اقرار أحقية حضور المحامي مع المشتبه فيه المعروض على الحراسة النظرية خلال عملية البحث الذي تباشره الشرطة القضائية، اعتبر وزير العدل والحريات أن هذا المطلب مؤجل إلى "حين أن ينضج المحامون والمصالح الأمنية"، وأنه يمكن المطالبة به في حال التأكد بالممارسة أن هذا الحق لن يعطل المسطرة.
وقد لقي هذا التصريح ردا شاجبا من كلا من نادي قضاة المغرب[3]ورئيس الودادية الحسنية للقضاة[4].
تجدر الاشارة إلى أن تصريحات وزير العدل والحريات تأتي في فترة تعرف زحاما تشريعيا بمناقشة عدد من مشاريع القوانين والتعديلات الجديدة من بينها قوانين السلطة القضائية ومشاريع تعديل قانون المسطرة الجنائية. واذ تلتقي في عمقها مع مجموعة من المواقف الحكومية العربية والتي تبرر رفض اعطاء ضمانات قضائية بحجة أن القضاة لم ينضجوا كفايةً بعد أو انه يقتضي تطهيرهم قبل منحهم الاستقلالية (خطاب حركة النهضة بعد الثورة التونسية)، فانها تتميز عنها في اضافة مبرر آخر لرفض الاصلاح وهو عدم نضج المحامين والمتقاضين. ومن هذه الزاوية، ينسف الرميد مشروعية وجوده المستمدة من اصوات هؤلاء المتقاضين.
الصورة منقولة عن موقع maroctelegraph.com
[1]– سبق لتصريحات وزير العدل والحريات أن أثارت عدة انتقادات داخل الجسم القضائي، عندما شبه القضاة بعمال البلديات (عمال النظافة)، على اثر حركة الاحتجاجات التي خاضوها من أجل المطالبة بقوانين ضامنة للاستقلال الفعلي والحقيقي للسلطة القضائية بالمغرب، كما سبق له أن اعتبر أن جمعيات القضاة لا تعتبر نقابات ولا يجوز لها أن تقدم ملفا مطلبيا وتفاوض عليه.
[2]اشارة الى الاشكال الحاصل في انتخابات نادي قضاة المغرب.
[3]– بيان المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب الصادر في اجتماعه بتاريخ 21 مارس 2015، منشور بالمقع الرسمي لنادي قضاة المغرب.
[4]– موقع بديل، الاتنين 23 مارس 2015.
متوفر من خلال: