أصدرت الهيئة الوطنية للمحامين بتونس يوم 29 اكتوبر 2013 بلاغا أعلم الرأي العام والمحامين أن لقاء جمع عميد المحامين ووزير العدل بذات تاريخه وتعهد بمناسبته وزير العدل بالتشاور مع المحامين فيما تعلق باختيار مدير معهد المحاماة. وكشف موقف وزارة العدل المعلن عن تراجع من وزير العدل عن مسعاه السابق لتجاهل هياكل المحامين في ممارسته لصلاحيته القانونية لترشيح مدير لمعهد المحاماة. ويذكر هنا ان وزارة العدل حاولت بداية شهر اكتوبر من السنة القضائية الجارية ان تنفرد باختيار اسم المرشح لمنصب مدير معهد المحامين الا ان تصدي هياكل المحامين لها وتمسكهم بجريان عمل سابق كان يقتضي ان يتشاور وزير العدل مع عمادة المحامين قبل اختياره لمدير معهد المحاماة الزم الوزارة على التراجع عن مسعاها لتنتهي الى الاعتراف بحق المحامين في ابداء رأيهم في مدير معهدهم رغم ان النصوص القانونية لا تفرض ذلك.
وكانتالهيئة المؤقتة للإشراف على القضاء العدلي قد وجهت بذات التاريخ مراسلة لوزير العدل أعلمته صلبها أنها علمت بأمر مراسلته للمتفقد العام لوزارة العدل والتي نبهه فيها الى وجوب "الامتناع عن كل عمل او اصدار اي وثيقة تكون ممضاة من طرفه وتذكيره بتحمل المسؤولية المترتبة عن مخالفة هذا القرار". وكررت هيئة القضاء الوزير قولها بأن مذكرات وزير العدل ومنها المذكرة التي نصت على انهاء تكليف المتفقد العام في حكم المعدومة لصدورها عن جهة غير مختصة. وانطلاقا من ذلك، اعتبرت الهيئة ان المراسلة التي وجهها الوزير للمتفقد العام لوزارة العدل تشكل تعديا عليها وانتهاكا لواجب الاحترام المفروض تجاه القضاة وهيئتهم.
تزامن لقاء وزير العدل بعميد المحامين مع موقف الوزير من المتفقد العام وما استتبعه من رد هيئة القضاء العدلي، يدفع للمقاربة بين اسلوب تعاطي ممثل السلطة التنفيذية مع هياكل المحامين من جهة ومع الهيئة من جهة اخرى خصوصا وان الازمة التي طرأت بين الوزارة والهيكلين اتحدت في سبب نشأتها والذي تمثل في سعي الوزارة الى اجراء جملة من التعيينات بالمناصب القضائية دون اعتبار للأطراف المشاركة في بناء منظومة العدالة.
وبدا جليا ان الوزير ورغم قوة موقفه القانوني في ازمة تعيين مدير معهد المحاماة قبل بدور المحامين في اختيار مدير معهدهم فيما ما بدا منه اعترافا لاحقا للازمة بأهمية الاعراف والسوابق الاجرائية في ترسيخ تقاليد العمل الإداري، فيما أبرز تعنت الوزير في شأن المتفقد العام عن سعي الى مواصلة اسلوب الابواب الموصدة رغم ان قانون الهيئة المؤقتة للقضاء العدلي يجعل من قراراته التي تمت دون ارادة الهيئة وخارج هياكلها موضوع منازعة جدية.
يبدو التناقض في موقف الوزير في تعاطيه مع الازمتين على علاقة بموقع هيئة المحامين في المشهد العام والتي جعلت منها احدى اهم المنظمات الوطنية خصوصا واحد الاطراف الراعية للحوار الوطني فيما بدت المعركة التي تخوضها هيئة القضاء العدلي من اجل فرض انهاء وصاية السلطة التنفيذية على التعيينات القضائية معركة قضائية خالصة بعد ان ادى انشغال الساحة العامة بالحوار الوطني والازمة السياسية الاطراف الفاعلة عن التفاعل معها بما في ذلك المجلس الوطني التأسيسي الذي يسعى الوزير لعدم تطبيق قانونه النافذ. وعزلة القضاة التي نجمت عن ذلك جعلتهم يواجهون صراعهم منعزلين في ظل موازين القوى الحاضر. الا أن قوة الموقف القانوني لهيئة القضاء العدلي والتفاف القضاة حولها قد يسقط حسابات المفاضلة ليفرض الاستقلالية التامة للقضاء كبوابة لبناء الجمهورية الثانية رغما عن الساسة وحساباتهم الآنية.
الصورة منقولة عن موقع الجمهورية
متوفر من خلال: