“كحقوقيّين ما عدنا نعرف كيف بدنا نتعامل مع الدولة اللبنانيّة! فمن يخرق القانون و”بعربش” و”بدعوس” عليه هني مؤسسات الدولة! مش مقبول! أمر محزن للغاية.. فإن الدولة التي وجب أن تصدر القوانين وتحرص على تنفيذها وتردع عبر القضاء، كل معتدٍ، هي التي تجنح بأعمالها فوق سقف القانون وقرارات القضاء”. بهذه العبارة تستنكر المحامية فداء عبد الفتاح بصفتها وكيلة عن جمعية “الجنوبيون الخضر” ما يحصل في ملفّ ” الشواكير – صور”، وتوجز بحسرة ما آلت إليه القضية حتى الساعة.
قلقٌ شديد يخيّم على الرأي العامّ اللبنانيّ وتحديدا البيئي والحقوقي، إزاء استمرار وزارة الدفاع عبر المستثمر المتعاقد معها تحت جنح الغموض، بالمخالفات الجسيمة للقوانين المرعية في منطقة الشواكير المحاذية لمحميّة شاطئ صور المصنّفة، رغم صدور 5 قرارات بوقف الأعمال، 4 قرارات قضائية بالوقف الفوري للأعمال الجارية، آخرها بتاريخ 15 أيار 2025، تحت طائلة غرامة إكراهية قدرها “200 مليون ليرة لبنانية عن كل يوم يخالف فيه القرار”، فضلا عن القرار الصادر عن وزارة الثقافة.
الأمر المستهجّن، أن وزارة الدفاع ترجمت قرارات وقف الأعمال الصادرة عن قاضية الأمور المستعجلة في صور يولا عظيمي: “تماديا وتسريعاً في وتيرة أعمالها ووحشيّتها، لا وقفا للمخالفات” وفق ما أفادتنا به كل من جمعية “الجنوبيون الخضر” و”الجمعية اللبنانية للحفاظ على صور”.
شاحنات تنقل ردم الحرب إلى داخل موقع “الشواكير”
موجة الغضب الأخيرة دعّمها مشهد الشاحنات “تخرج محمّلة رمول من الموقع- محظور نقلها والاتجار بها من موقع بيئي حساس وأثري مصنف، وأخرى محملة ردميات تدخل” وفق ما أفادنا به د. هشام يونس رئيس جمعية “الجنوبيون الخضر”، مستنكرا كل ما يجري في ظل دولة القانون، من عبثية وتدمير وتشويه ونسف للقوانين وخرق لهيبة وسلطان القضاء.
قرارات قضائية تنتظر من يحترمها، أشغال تتسارع وأضرار جسيمة تشوّه الموقع، موجة انتقادات ومناشدات لضرورة وقف الأعمال، ومخاطر تهدّد محمية شاطئ صور الطبيعية وأراضيها الرطبة المصنّفة، آخرها حريق يرجّح أنه مفتعل كاد يقضي على القسم العلمي والمتبقي من المحمية.. كلها مستجدات تابعتها المفكّرة القانونية في ظل أداء متفاوت للوزارات المعنية.
وعليه، رصدت المفكّرة ما يجري في موقع الشواكير والمسار الذي سلكته بعض الجمعيّات أمام القضاء والجهات الرسمية. كما استحصلت المفكرة على نسخ عن القرارات القضائية وبعض اللوائح الجوابية وتقرير الخبرة للإجابة عن أهمية الموقع وطبيعته وماهيّة المخالفات المرتكبة، ولاستطلاع مواقف المعنيين بالملف وأداء السلطات المختصة.
ماذا عن مشروع وزارة الدفاع ” المشبوه”؟
سبق أن نشرت المفكّرة القانونية مقالا حول القرار القضائي الصادر بتاريخ 12 آذار 2025، القاضي بوقف الأعمال وتعيين الخبرة البيئيّة للكشف على موقع الأعمال. وكنا قد لفتنا إلى الضبابيّة التي ما تزال تحجب الإجراءات القانونيّة التي سبقت مباشرة الأعمال والغموض الذي يلفّ هوية الشركة المتعهدة وآلية تكليفها بالمشروع الذي أشيع بأنه نادٍ للضباط وأنه سيضمّ عشرات المحالّ التجارية وفندقًا صغيرا.
إلا أنه وحتى الساعة تعذّر على كل الجهات المعنية بالملف الوصول إلى الاتّفاقية أو عقد الـ BOT الذي أبرم بين الجيش والمستثمر. وبعد امتناع وزارة الدفاع أو مماطلتها في التبلّغ سابقا، وفق الأستاذة عبد الفتاح “تبلّغت أخيرًا وزارة الدفاع وجاوبتنا ولكن يا ليتها ما فعلت” إذ أن الجواب أتى فقط للمنازعة بصفة ومصلحة جمعية “الجنوبيون الخضر” بالدرجة الأولى، قبل أن تدلي بذريعة هي أقبح من ذنب قوامها أن “مشروع الوزارة هو مشروع دفاعي للجنود من الاعتداءات الإسرائيلية” وفق ما أفادتنا به عبد الفتّاح.
ولدى الاطلاع على جواب وزارة الدفاع الأول في القضية، والذي أتى ردّا على الاستدعاء المقدّم من جمعية الجنوبيون الخضر، والذي حصلت المفكّرة القانونية على نسخة منه، يتبدّى أن الوزارة تتساءل حول الغاية من اللجوء إلى قضاء العجلة وليس قضاء الأساس. واللافت أن الدفاع تثير في جوابها أن قرار قاضية الأمور المستعجلة بوقف الأعمال “يشكّل بحد ذاته ضررا جسيما، ليس فقط لما سوف ينتج عنه من تبعات ماديّة مع شركة أس.أي.أس المكلّفة من قبل الجيش اللبناني.. إنّما الأخطر أن ما يتم تنفيذه حاليا هو مبنى من الباطون المسلّح مخصص لتمركز القوة العسكرية، المتمركزة ضمن منشآت خفيفة… وذلك بهدف تأمين الحماية اللازمة لهذه العناصر من جرّاء الاعتداءات المتكررة والمتمادية والعنيفة من قبل العدو الإسرائيلي.”
من جهتها، تحاول وزارة الدفاع أن تتلطى وتنأى بكل المخالفات المرتكبة في هذا المشروع المشبوه، خلف ستار “مواجهة العدو” وحماية عناصر الجيش، إذ ذيّلت ملاحظاتها، بأن: “تنفيذ أي قرار بوقف الأعمال يشكّل ضررا أكيدا و جسيما، ليس ماديا فقط، إنما يطال حياة وأرواح العناصر العسكرية المنتشرة، الأمر الذي يبرر بل يوجب الرجوع عن قرار وقف الأعمال.”
يذكر أن رئيسة الجمعية اللبنانية للحفاظ على صور، مهى الخليل كانت تأسّفت في حديثها للمفكّرة على غياب الشفافية: “ما في ولا وثيقة صدرت عن وزارة الدفاع لتثبت شو المشروع ولمين ومن خلفه، لا شفافية بتاتا، رغم أن المشروع واقع على ملك الدولة أي ملكنا نحن الناس، ملك كل لبناني…” وتؤكّد للمفكّرة: “المشروع تجاري وبالطبع في بناء للضباط مقابل التنازل عن حقّ التصرف بالعقارات التسعة ومساحتها 400 ألف متر مربع.. 400 ألف متر مربع، وتستنكر: 400 ألف متر لبناء نادي سباحة لضباط الجيش؟”
ولدى سؤالها عن هوية الشركة، تشرح: “لم نجد أي أثر لاسم الشركة” .. قبل أن توضح أن الجمعية تيقنت من دور محوري يؤديه شخص يدعى علي جابر “يشرف على أرض الواقع ويعمل منذ سنوات لحساب كبار المتمولين في المنطقة، وهو من أتى بالمتعهّدين” مما يزيد من التساؤلات وعوامل القلق. وتختم الخليل بالإشارة إلى أن الجمعية تقدّمت بطلب رسمي من قيادة الجيش ووزير الدفاع للحصول على وثائق الملف ومعرفة ماهية المشروع والاتفاق الذي يخوّل المتعهد القيام بهذه الأشغال.” وتضيف: “وعدونا بس لليوم ما في جواب.. غير التأجيل.”
الحراك البيئي يناشد الوزارات
جرائم بيئية ترتكب في موقع حساس ومصنّف بيئيا وأثريا
تعددت الجمعيات البيئية والهيئات ومبادرات أهالي صور، التي ناشدت المعنيّين ونظّمت وقفات احتجاجية بوجه الأعمال المخالفة للقانون، والتي بوشر بها قبل العدوان الإسرائيلي الأخير من دون إعداد دراسة الأثر البيئي.
وكانت جمعية “الجنوبيون الخضر”، قد بادرت وعلى جبهات مختلفة لحماية الموقع، من وزارات معنية، إلى نيابة عامة بيئية وصولا إلى قضاء العجلة. ثم علت متضامنة أصوات الجمعيات والبيئيين للغاية عينها، نذكر منها “الجمعية اللبنانية للحفاظ على صور” و”مبادرة حماية شاطئ ومحمية صور” و”جمعية الأرض” ..
ألا أن موجات الاعتراض توحّدت حول ضرورة وقف الأعمال الكارثية التي تهدد منطقة الشواكير، وحول حساسية وأهمية الموقع المهدد بيئيا وثقافيا لوقوعه ضمن المنطقة الحزامية لمحمية شاطئ صور الطبيعية.
ويسجّل للناشطين البيئيين أنهم لم يكتفوا بالتحرّك عند مدخل الموقع حيث ما زالت الأعمال تتسارع ليلا نهارا، بل أنهم دأبوا لشهور طويلة على تشكيل ورفع ومتابعة الملف قانونا أمام القضاء، وقد نجحوا حتى الساعة بالاستحصال على قرارات قضائية بوقف الأعمال. وفي حين كان يعوّل على القرارات القضائية تأمين حماية مؤقتة للموقع المهدد، ما خيّل لأحد أن وزارة الدفاع ستستمرّ في انتهاك القوانين ولن تردعها قرارات القضاء أو فرض الغرامات.
وبالعودة إلى رحلة الألف ميل، ومنذ أيلول 2024، كانت جمعية الجنوبيون الخضر قد رصدت أشغال تجريف وقطع أشجار في الموقع الكائن ضمن النطاق الحزاميّ لمحميّة صور الطبيعية، ما استدعى مراسلتها وزارة البيئة بصفتها وزارة الوصاية، خاصة بعد أن تطورت الأعمال إلى “إنشاء مجبل ترابة في قلب النطاق البيئي الحساس”.
وبعد استئناف الأعمال التي توقّفت قسرا في ظل عدوان إسرائيل، وفي ظل صمت وزارة البيئة المستمر، أعقبت الجمعية كتابها بكتب إلحاقية في تاريخيْ 2 شباط 2025 و8 نيسان 2025، حتى وبعد صدور قرار قاضية الأمور المستعجلة بوقف الأشغال، التي تعدّ وفق عبد الفتاح خرقا فادحا لقانون حماية البيئة رقم 444/2002 والمرسوم 8633/2012 المتعلّق بأصول تقييم الأثر البيئي الإلزامي، الذي لم يبصر النور بعد.
وكانت جمعية “الجنوبيون الخضر” قد قرعت أبواب كل من وزارة الدفاع والبيئة والثقافة لدرء خطر المشروع المنوي تنفيذه عن شاطئ محمية صور ومحميّتها الطبيعية وأراضيها الرطبة، ولم يتّخذ أيّ إجراء لوقف الأعمال. وفي خطٍ موازٍ راسلت الجمعية وزارة الثقافة في تاريخ 20 شباط 2025 لكون العقارات واقعة ضمن منطقة مصنّفة أثريا، ولكون الأشغال خرقًا فادحًا لقانون حماية الآثار رقم 166 وللقانون رقم 708 المتعلّق حماية المناطق الساحلية ذات القيمة البيئية والأثرية. استتبع ذلك تحركا ملموسا من قبل مديرية الآثار، ترجم بخطوة تحييد بعض النقاط الأثرية ضمن العقارات، إلا أن الخطوة عجزت عن تأمين حماية كافية وفعالة خاصة لعقارات مصنّفة على لائحة الجرد العام للمواقع الأثرية. وإلحاقا بالكتاب الأول، أرسلت الجمعية كتابا يبرز استمرار الأعمال، مرفقا بخريطة وبيانات توثّق التعديات، دون أن يفضي ذلك إلى وقف الأشغال.
وفي موازاة ذلك، جلّ ما تمّ الاستحصال عليه في المجال الوزاري، كان جواب وزارة الثقافة ردّا على الاستدعاء الذي قدّمته “الجمعية اللبنانية للحفاظ على صور”، والذي اتخذ في الأول من أيار والذي قضى بوقف الأشغال. كلّ ذلك في ظل صمتٍ مريب لوزارة البيئة، التي حاولنا بدورنا استطلاع رأيها، إلا أن طلبنا للمواعيد استهل بداية بطلب إرجاء لغاية ” تشكيل الملف والاطلاع على تفاصيله”، ليعود ويُرجأ لأجلٍ غير محدد.
الجمعيات ترصد ما يهدّد “العام”.. تراسل سلطاته .. وتتقاضى لصالحه
في السياق القضائي، وبعد صدور أول قرار بوقف الأشغال، يوم 12 آذار توضح عبد الفتّاح، أنها عمدت الى تبليغ وزارة الدفاع نسخة عن القرار، عبر الاجتماع برئيس الدائرة القانونية لدى الوزارة بتاريخ 19 آذار 2025. كما تمّ التبليغ عبر هيئة القضايا في 24 آذار وفقا للأصول القانونية، إلا أن وزارة الدفاع لم تتّخذ حتى تاريخه أيّ إجراء بوقف الأعمال، وكأنه تحدّ لسلطة القضاء وإمعان في المخالفات الصارخة التي ترتكب، وفق عبد الفتاح.
وبدورها ” الجمعية اللبنانية للحفاظ على صور”، تقدّمت بتاريخ 28 آذار 2025، باستدعاء لوقف الأعمال في العقارات 4150 و 1570 و 1572 و 1573 و 1574 و 1575 و 1197 و 1198 من منطقة صور العقارية والعقار 630 / الخراب، والذي أصدرت بشأنه القاضية يولا عظيمي بتاريخ 2/4/2025 قرارها الثاني بوقف كافة الأعمال بصورة مؤقتة لحين ورود الخبرة، وذلك تحت طائلة غرامة إكراهية 100 مليون ليرة عن كل يوم يخالف فيه القرار. وعليه، ورغم تبلغ وزارة الدفاع عبر هيئة القضايا لم يتم تنفيذ القرار وتستمر الأعمال حتى الساعة.
أما وبعد تعيين الخبرة وإطلاع القضاء على تقريرها، وعلى ملاحظات المستدعى ضده علي جابر، أكدّت قاضية الأمور المستعجلة بتاريخ 5/5/2025، بقرار ثالث من نوعه: “وقف كافة الأعمال من أي جهة كانت، لحين ورود ملاحظات الوزارات الثلاثة المعنية، مع رفع الغرامة الاكراهية هذه المرة إلى 200 مليون ليرة لبنانية عن كل يوم مخالفة.
حراك قضائي ما كلّ قبل الاستحصال على 4 قرارات قضائية بوقف الأعمال، ولكن تنفيذها جميعا تحت رحمة وزارة الدفاع والمتعاقد معها الذي ما تزال أشغاله تنهش الموقع البيئي الأثري الحساس.
القرار القضائي الرابع والأخير، حتى الساعة” بوقف الأعمال، كان حصيلة دعوى “الجنوبيون الخضر” بعد ورود ملاحظات وزارة الدفاع، وضم تقرير الخبرة ولكن المفارقة هذه المرة أن قاضية العجلة في صور، عظيمي، قررت وللمرة الأولى إدخال الدولة اللبنانية طرفا في الخصومة. وقد أرسلت عظيمي عبر هيئة القضايا نسخا من القرار تبلغ كل من وزارة الدفاع والبيئة والثقافة.
“مخالفات ترتكب على عينك يا قضاء”
استمرار الأشغال رغم صدور القرارات القضائية بالوقف الفوري
بمعزل عن المآخذ والشائعات حول ماهية المشروع والغاية منه، تجارية، عسكرية مقنّعة، أم دفاعية.. فقد ثبت في تقرير الخبرة المكلّفة قضائيا، أن معظم العقارات حيث تجري الأعمال، هي عقارات مصنّفة على لائحة الجرد العام، وأن “التعديات منها قانونية ومنها بيئية ومنها أثرية” حرفيا بحسب نص تقرير الخبرة، وتاريخه 14/4/2025.
وعند الاطلاع على تقرير الخبير يتبدّى بأن العقارات حيث موقع الأشغال بمعظمها مدرج على لائحة الجرد العام لاحتوائها على أبنية أثرية، كما أنها تحتوي على أشجار وشجيرات نادرة. كما ويوثّق تقرير الخبير أن مسؤولي الشركة الحاضرين تمنعوا عن التجاوب وكذلك المهندس المسؤول أبى الحضور إلى الموقع، وقد حصل أن عناصر الجيش المتواجدين بأسلحتهم منعوا الخبير من إتمام المهمة.
وعليه رصد الخبير، بما تيسّر له الأعمال الإنشائية وورش الحفر وجبل الباطون وشفط الرمول جميعها لا يجوز القيام بها، وبأيّ عمل من شأنه أن يغير الوضع الحالي للأبنية الأثرية. كما ويرصد الخبير أثناء تواجده شاحنات كبيرة تنقل ركام الحرب إلى حفر مستحدثة، نقل منها الرمل إلى خارج العقار. معتبرا هذه الأعمال:” جريمة بيئية وأثرية بحق مدينة صور ويزعزع الإيكو سيستام للمنطقة.”
وقد فنّد التقرير المخالفات على النحو التالي:
– مخالفات قانونية:
مخالفة قانون تنظيم الأملاك العمومية ( 144/ 1925)
مخالفة قانون البناء رقم 646/2004
مخالفة قانون المناطق المحمية 130/2019
مخالفة قانون إنشاء محمية شاطئ صور الطبيعية 708/1998
– مخالفات بيئية:
مخالفة قانون حماية البيئة رقم 444/ 2002
مخالفة أصول تقييم الأثر البيئي ( المرسوم 8633/2012.)
مع إشارة إلى أنه لم يتم إجراء أي دراسة للأثر البيئي.
– مخالفات لقانون الآثار
أضف الى كلّ ما تقدّم، مخالفة اتفاقية رامسار للحفاظ والاستخدام المستدام للمناطق الرطبة، التي سلّط عليها الضوء د. هشام يونس، باعتبار أن الموقع يشكّل امتدادًا طبيعيا للأراضي الرطبة الواقعة ضمن نطاق المحميّة والمصنّفة على لائحة اتفاقية رامسار الدولية لحماية الأراضي الرطبة.
وأكد يونس أن كل الأشغال تشكّل: “خرقا صارخا للأنظمة البيئية المحلية والدولية لكونها تجري في قلب النطاق البيئي الحساس وضمن منطقة مصنفة أثريا شملها المسح الأثري الأخير عام 2019، والذي تم من قبل مديرية الآثار بالتعاون مع جامعتي سابينزا في روما والجامعة اللبنانية والذي يثبت وجود 20 نقطة أثرية تعود الى عصور البرونزي والحديدي والحقبات الرومانية والبيزنطية.”
ولفت يونس الى أن:”اتفاقية رامسار والتي انضم اليها لبنان بموجب القانون 23/1999، إنما تلزم الدولة اللبنانية بمنع الإضرار بالمواقع المصنّفة، بل والحفاظ على تنوّعها البيولوجي وخدماتها البيئية، ما يلقي على كاهل الوزارات المعنية مسؤوليات قانونية مباشرة.”
“درءا لخطر المشروع على المحمية: حاولوا حرقها”
حريق غامض الأسباب طال القسم العلمي لمحمية صور الطبيعية.حريق غامض الأسباب طال القسم العلمي لمحمية صور الطبيعية.
“كارثة هائلة على المحمية الطبيعية في صور.. تضايقوا الظاهر من إلحاحنا على حماية المحمية، فحاولوا القضاء عليها، بل قضوا عليها بحريق هائل وهون الكارثة!.” بهذه العبارة أوجزت مها الخليل موقفها من الحريق الذي نشب وطال القسم العلمي المتبقي من محمية صور الطبيعية. وتكاد تحسم الخليل: ” لدي قناعة بأن الحريق لم يكن طبيعيا بل مفتعلا.”
كردّ فعل، التهديد لم يتعرّض به الجزء العلمي للمحمية وحسب، بل حصل في 27 نيسان، منع الصحافي والناشط مهدي كريم والدكتور حسيب عودة من القيام بمهامّهما أثناء تواجدهما بالقرب من موقع المشروع المشبوه، بل وتمّ توقيفهما لساعات من قبل مخابرات الجيش قبل أن يتم إطلاق سراحهما بقرار من قيادة الجيش اللبناني.
نستنتج من كل ما تقدّم بأن وزارة الدفاع بواسطة المتعاقد معها، قد أمعنت في المخالفات القانونية والتعديات، وباشرت الأعمال من دون إعداد دراسة الأثر البيئي، ضاربة بقرار وزارة الثقافة والقرارات القضائية الأربعة عرض الحائط.
وعلمت المفكرة، في اتصال أجرته مع د. يونس مدى خطورة استمرار الأشغال المدمّرة، لكون مدينة صور:”ككتلة حضرية كبيرة آخذة بالتوسع غير المستدام، و معرضة لتأثير ظاهرة الجزر الحرارية، ويوضح د.يونس أن ما يزيد من هذا التأثير وقوع صور على شبه جزيرة.
وفي إشارة إلى أهمية المناطق الرطبة وضرورة الحفاظ عليها، يؤكد يونس أنّ للنظام البيئي وفي صلبه الأراضي الرطبة والبساتين “دورٌ حاسم في التخفيف من وطأة ظاهرة الجزر الحرارية، مع ارتفاع درجات الحرارة.” ويلفت يونس أن النظام البيئي وأراضي صور الرطبة وبساتينها: “في منحى انحساري مما يفاقم التحديات المناخية على المدينة ويهدّد بتآكل شاطئها المعرض أساسا للعواصف البحرية.”
وفي وجه تقاعس وزارة الدفاع عن الاحتكام لسلطان القضاء، “وبعد أن سدّت السبل القانونية والإدارية”، بحسب جمعية الجنوبيون الخضر، أطلقت عريضة إلكترونية وطنية موجّهة إلى الرؤساء الثلاثة، ومفادها التدخل فورا لوقف الأشغال المخالفة للقوانين المرعية الإجراء، خاصة وأن “خمسة من أصل ثمانية عقارات تقع مصنّفة على لائحة الجرد العام للمواقع الأثرية”.
فهل ستلقى هذه المبادرة آذانا صاغية؟ فلنراقب ما ستحمله الأيام والأعمال القادمة.
موقع محمية صور الطبيعية المحاذية للمشروع “المشبوه”
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.