صفقة OTT (الخدمات المتاحة بحرية عبر الإنترنت) نموذج فاقع لسوء إدارة وزارة الاتصالات وسوء نيّتها. منذ أكثر من سنة لا تترك وسيلة إلا وتحاول فيها، بالتواطؤ مع أوجيرو، تمرير صفقة مشبوهة لتلزيم هذه الخدمة (بث المحتوى المتلفز عبر الإنترنت). تارة بالتحايل على استشارات هيئة الاستشارات والتشريع في وزارة العدل وتارة في التغاضي عن رأي هيئة الشراء العام، وتارة أخرى في تقديم إجابات كاذبة على الأسئلة النيابية المُتعلّقة بالموضوع، وأخيراً من خلال محاولة الضغط على ديوان المحاسبة للموافقة على عقد تصرّ على توقيعه مع شركة “ستريم ميديا” التي وُلدت من العدم في مُهمّة وحيدة هي توقيع عقد مع أوجيرو لتقديم خدمة المحتوى التلفزيوني لمشتركي الهيئة.
المُثير للسخرية أن وزير الاتصالات جوني القرم، كما رئيس أوجيرو عماد كريدية، يتنقّلان بين وسيلة إعلامية وأخرى للإيحاء أن توقيع هذه الصفقة هو بمثابة جائزة كبرى للخزينة العامّة، وبأنّ أيّ عرقلة لهذا الفوز هو فعل خيانة للمال العامّ. أما إذا حُشر أحدهما، فلا يتردد في التبرؤ من الصفقة، والإيحاء بأنه: “بلاها الشركة”.
باختصار، يتبيّن من كل المُعطيات الرسمية المُحيطة بالصفقة تلك أن الاستمرار بها سيؤدي إلى خسائر للمال العام، بخلاف ما يدّعيه وزير الاتصالات الذي يقول إن أوجيرو ستحصل على 10% من العائدات مع احتمال أن تصل هذه النسبة إلى 50%. كيف ظهرت نسبة الـ 50% ليس واضحاً. فما هو واضح في العرض المقدّم من شركة ستريم ميديا أن النسبة هي 10% وربما تزيد قليلاً بحسب الباقات.
ليس واضحاً أيضاً لماذا حُدد توزيع العائدات بهذه الطريقة. والأغرب هي موافقة أوجيرو ووزارة الاتّصالات على النسبة المقترحة في عرض الشركة من دون أي تفاوض لرفعها، كما يحصل مع أي خدمة يتشارك فيها مقدمها مع مشغل الإنترنت. الـ 10% التي ستحصل عليها أوجيرو لن تكون مقابل السماح بالولوج إلى قاعدة مشتركيها فقط، بل تشمل أيضاً تأمين الإنترنت المُناسب لحصول المُشتركين على الخدمة، تأمين الدعم التقني والصيانة على مدار الساعة، تأمين حماية المنصّة وتطوير الشبكة بما يتناسب مع الخدمة الجديدة، إضافة إلى تحصيل ثمن الخدمة من خلال دمجها مع نظام الفوترة في أوجيرو … وبالرغم من أنّ لا كلفة تقديرية لهذه الأعمال إلا أن مصادر تقنية مطّلعة تُرجّح أن تفوق الكلفة نسبة ال10% التي تحصل عليها الهيئة. وإذ يُسقط ما سبق شائعة تحقيق عائدات للدولة من جرّاء العقد، إلا أن وزير الاتصالات لا يتردّد، في مقابلة مع جريدة “الأخبار” من القول إن “المشروع كلفته صفر ويدرّ إيرادات من دون إلزامنا بأيّ شرط مسبق”.
IPTV تكنولوجيا مستمرة في الانتشار
الإصرار على تقديم خدمة OTT المتوفّرة منذ سنوات في لبنان وتُعرّف بأنها من “الخدمات المتاحة بحرّية على الإنترنت”، أي التي يمكن لأي صاحب محتوى أن يقدمها إلى أيّ شخص متّصل بالإنترنت، يترافق مع التخلّي عن خطوة إدخال تكنولوجيا سبقتنا إليها الكثير من الدول، ولا تزال في نمو مستمر. والمقصود هنا خدمة IPTV التي تسمح ببث المحتوى المتلفز عبر شبكة مشغل الإنترنت، والتي قدّم كريدية معلومات غير صحيحة بشأنها، إما عن جهل بالتطورات العالمية أو عن تعمّد لإخفاء الحقيقة. كريدية ردّ في وثيقة رسميّة على سؤال نيابي مُقدّم إلى الحكومة عن خدمة OTT، أفتى أنها خدمة تشكّل تطويراً لخدمة IPTV، مُتجاهلاً أن الخدمتين لا يجمع بينهما سوى الحاجة إلى الإنترنت لتقديم المحتوى المتلفز. عدا ذلك لا التقنية متشابهة ولا الجودة متشابهة ولا البنية التحتية ولا التجربة. الكلام هنا يصدر عمّن يُفترض أن يكون الأكثر علماً بالتطورات العالمية التي يشهدها القطاع بالنظر إلى منصبه (مستمرّ فيه لعدم تعيين بديل) والذي يبدو أنه فاته دراسة حديثة أجراها موقع mordor intelligence المتخصص تظهر أن حجم سوق خدمة IPTV تخطى 44 مليار دولار في العام 2024 وسيصل في العام 2029 إلى 105 مليار دولار. وأكثر من ذلك، فإن كريدية الذي يقضي معظم وقته في دبي، ويدير الهيئة عن بعد، لا بد أنه يدرك أن خدمة elife التي تقدمها شركة “اتصالات” الإماراتية، على سبيل المثال، تعتمد على تكنولوجيا IPTV، فيما لا تُشكّل خدمة OTT سوى خدمة إضافية يمكن للمشترك الحصول عليها لقاء بدل إضافي. وهو ما يحصل على سبيل المثال من خلال إمكانية حصول المشترك في الإمارات على حقّ مشاهدة محتوى منصة “ستارز بلاي”، ومثلما يمكن للمشترك في السعودية أن يحصل على حقّ مشاهدة محتوى منصة “شاهد”، وهي كلها خدمات OTT تقدم بوصفها خدمات مضافة للخدمة الأساسية، بحيث لا يضطرّ المشترك إلى الاشتراك مع المنصّة مباشرة، بل يدفع فاتورة واحدة على كلّ المحتوى الذي يختاره.
تمسّك شركات الاتصالات الوطنية بـIPTV لا يأتي من فراغ، فهي استراتيجية تضمن تطوير الخدمات المقدمة للمشتركين، وتسمح بالتحكّم الكامل بالشبكة وضمان حصول المشترك على خدمة ذات جودة عالية عبر كابل الإنترنت نفسه، خلافاً لخدمة OTT التي تتأثّر بالظروف المُحيطة كالعوامل المناخية وسرعة الإنترنت وغيرها. أضف إلى أنه ليس تفصيلاً أنه لم يسبق لأيّ مشغّل وطنيّ للإنترنت أن قدّم خدمة OTT بمعزل عن وجود تقنية IPTV التي تُشكّل الخدمة الأساسية التي تقدمها شركات الاتصالات بوصفها تعتمد على شبكة مغلقة وتوفر تجربة تلفزيونية مباشرة وتفاعلية للعملاء. أضف إلى أنّ هذه الخدمة هي الخدمة التي لا يمكن تقديمها إلا من خلال شركات الإنترنت لما تملكه من تقنيات وبنية تحتية قابلة لتقديم الخدمة خلافاً ل OTT التي لا تحتاج إلى تقنيات متطورة لتقديمها.
هذا الأمر كانت تدركه وزارة الاتصالات جيداً، عندما تقدّمت بطلب إلى مجلس الوزراء يعطيها الحق الحصريّ في تقديم خدمة IPTV. وهو ما تحقّق فعلاً من خلال القرار الذي أصدره مجلس الوزراء في 20 أيار 2022 (صدر المرسوم في 30/6/2022). وهنا يبدو مستغرباً أن تعود الوزارة، صاحبة الاقتراح، بعد نحو سنة، إلى طلب رأي هيئة الاستشارات في إمكانية تقديمها عبر الشركات الخاصة، فهي تعرف سلفاً أن عودة الهيئة إلى قرار مجلس الوزراء سيعني التأكيد على تقديم هذه الخدمة بشكل حصريّ من قبل وزارة الاتصالات. فهل كانت تسعى فعلاً إلى هذه الإجابة؟ ولماذا لم تبدأ التحضير لتقديم هذه الخدمة التي سبق أن اختبرتها أوجيرو لمدة سنتين. وما علاقة العرض الذي حصلت عليه الوزارة من “ستريم ميديا” في التوجّه نحو إقفال ملف IPTV وفتح ملف OTT؟ فقد قدمت الوزارة طلب استشارة جديدة تسأل هذه المرة عن إمكانية تقديم خدمة OTT مع الشركات الخاصة. ما يوحي أن الغاية من التعاقد ليس خدمة محددة بذاتها بل أي خدمة يمكن أن تُقدّم عبير القطاع الخاص. قبل أن يتبيّن أن الغاية ليست التعاون بالمطلق مع القطاع الخاص على قاعدة المنافسة والشفافية بل هي التعاقد مع شركة محدّدة وبالتراضي، بوصفها شركة فريدة من نوعها.
“ستريم ميديا” تبيع وزارة الاتصالات منتجاً لا تملكه
ما يُبثّ من معلومات عنوانه واحد: الإصرار على التعاقد مع شركة “ستريم ميديا”، التي هبطت على القطاع من العدم، ومن دون أيّة خبرة سابقة، بوصفها شركة تُقدّم هذه الخدمة بشكل حصري. هذه الصفة تريد الوزارة القول إنها تسمح بالتعاقد مباشرة معها، من دون الحاجة إلى إجراء مزايدة تنافسيّة تخضع لقانون الشراء العام. وكما صار معلوماً، فإنّ الخدمة المقصودة هنا هي خدمة المحتوى المُتلفز، فهل هذا المحتوى حصري فعلاً؟ وإذا كانت الخدمة التي ستقدّمها عبر شبكتها، هي متاحة بالحدّ الأقصى لـ400 ألف مشترك هم المشتركين عبر شبكتها، فهل هذا يعني أن نحو 800 ألف مشترك سيكونون غير قادرين على الحصول على المحتوى الذي حصلت عليه بشكل حصري؟ وهل هذا يعني حجب التلفزيونات المحلية، عن ثلثي عدد المشتركين (مع تقديرات تشير إلى وجود نحو مليون و200 ألف وحدة سكنية في لبنان)؟ فهل هذه هي الحصرية التي يتطرق إليها قانون الشراء العام، التي تطرق لها كتاب الهيئة إلى أوجيرو؟ أي بمعنى آخر، هل فعلاً لا يتوفّر موضوع الشراء إلّا عند مورِّد أو مقاول واحد، وهل يملك هذا المورّد حقوق ملكية فكرية في ما يَخصّ موضوع الشراء، ويتعذّر اعتماد خيار أو بديل آخر؟ وهل أجرت دراسة سوقية أكدت ذلك؟ وعليه، هل تملك شركة ستريم ميديا منتجاً لا يمكن الحصول عليه من أيّ جهة أخرى؟ وهل تملك حقوق الملكية الفكرية للمحتوى الذي ستعرضه عبر منصّة أوجيرو؟ وقبل ذلك، هل الشركة تملك المؤهلات (يُفترض بالحدّ الأدنى أن تملك الملاءة والخبرة وأن تكون مسجلة في الضمان الاجتماعي…) لتقديم الخدمة بغض النظر إن كانت حصرية أم لم تكن؟ بما أن الإجابة هي حكماً بالنفي، إذ أن الشركة لم يسبق أن عملت في هذا المجال، إضافة أنه لم يمضِ على تأسيسها سنتان، أضف إلى أنها ليست هي صاحبة المحتوى بل بالحدّ الأقصى ستحصل على حقوق بثّ هذا المحتوى. ما يعني أنّ الخدمة التي ستُقدّمها “ستريم ميديا” يمكن لأيّ شركة أنْ تُقدّمها، إذا كانت تملك ترخيصاً من مالكي حقوق البثّ. فلماذا الإصرار على الاتفاق مع الشركة بالتراضي وبدون أي منافسة؟ علماً أن الصيغة المُتداولة توحي أن أوجيرو بحاجة إلى وكيل يتفاوض بالنيابة عنها مع أصحاب الحقوق، فهل هذا الوكيل يستحقّ الحصول على 90% من الإيرادات؟ أليس من الأولى عندها عكس النسب، فتحصل أوجيرو على النسبة الكبرى من العائدات؟
“الجديد” يحاول حماية الصفقة
هذه النقطة لم يكن قد تنبّه لها الساعون إلى الاتفاق. فالشركة التي تحرص الوزارة على التعاقد معها لا تملك أيّ منتج تقدمه للوزارة، وبالتالي الحديث عن امتلاكها حصريّة بثّ عدد من القنوات هو إمعان في التضليل. لذلك، كان الحلّ بمسارعة تلفزيون الجديد إلى إرسال رسالة إلى الشركة، تشير فيها إلى نيّتها توقيع عقد معها بعنوان “حقوق بثّ حصرية”. هذه الرسالة بدتْ أشبه بوعد بالبيع، فلا هي عقد يوضح حقيقة العلاقة بين الطرفين ولا هي مستند يمكن اعتباره دليلاً على امتلاك الشركة حقوق البث حصرياً، وإن تعدها بأن تكون الموزع الحصري لبرامجها عبر منصات OTT التي تتوجه إلى الجمهور في لبنان. وهنا مرة جديدة، يطرح السؤال: هل هذا يعني منع أيّ منصة أخرى من عرض محتوى “الجديد”؟ وهذا يثير تساؤلات إضافية لناحية إعلان الوزير عن انتظار رأي ديوان المحاسبة، فإذا كان هذا الكلام يشير إلى وجود مسودة عقد بين الطرفين، فهل هذا يعني أن الوزارة تريد توقيع عقد بالتراضي مع شركة لا تعرف فعلاً ما هو المنتج الحصري الذي تقدّمه؟
لا حصرية في قطاع البث التلفزيوني
العودة إلى الكتاب الموجّه من هيئة أوجيرو إلى هيئة الشراء العام توضح بعضاً من محاولات تمرير العقد بالتراضي: يقول الكتاب “إنّ مقدّمي خدمات التلفزيون عبر تقنية OTT يقدمون المحتوى الحصري ضمن باقات المحتوى التي يودعونها على منصة أوجيرو، وبالتالي فإنه لا يمكن لمقدّم خدمات أن يبثّ أيّ محتوى حصري موجود لدى مقدّم خدمات آخر. وذلك سنداً للعقود الموقّعة بين صاحب المحتوى ومقدّم الخدمة، حفاظاً على الحقوق الفكرية. ويوضح الكتاب، على سبيل المثال، بعض باقات المحتوى التي تتضمن المحتوى الحصري (Netflix, Disney, OSN, HBO, Show Time…). هنا ليس واضحاً ماذا تحاول أن تقوله أوجيرو. عن أي خدمة حصرية تتحدث؟ وما علاقتها بالتعاقد بين صاحب المحتوى ومقدّم الخدمة لها؟ وكيف تكون هذه الخدمة حصرية هنا؟
لو كانت الهيئة تتعاقد مع Netflix على سبيل المثال للحصول على المحتوى الذي تُقدّمه في لبنان، لكان أمكن الحديث عن حصرية، إذ لا يمكن أن يقدم أحد خدمة نتفليكس خلافاً لموافقتها، لكن في هذه الحالة تريد أوجيرو أن تتعاقد مع شركة تفترض أن لديها عقود حصرية مع أصحاب المحتوى منه دون أن يتبين ما هو هذا المحتوى وكيف تتمثل الحصرية فيه.
أن تتعاقد أوجيرو مع وسيط سيضمن تقديم خدمات متنوعة مفتوحة وحصرية فهذا الوسيط يمكن أن يكون أياً كان، ومن البديهي أن تكون المنافسة كبيرة بين الراغبين في التعاقد مع أوجيرو، والقادرين على تأمين المحتوى لمشتركيها إن كان حصرياً أو لم يكن. أحد المسؤولين في شركة تقدم حالياً خدمة OTT في لبنان يبتسم عندما يُسأل عن الحصرية التي تسعى لها أوجيرو. يقول إن أياً كان يمكنه الحصول على حق توزيع المحتوى الحصري، موضحاً أن هنالك فارقا كبيرا بين الحصول على حقوق توزيع محتوى حصري وبين توزيع المحتوى حصرياً، فإذا كانت الفكرة الأولى شائعة، فإن الثانية لا مكان لها في قطاع البثّ عبر الإنترنت. ويضيف: على سبيل المثال، نحن نحصل على حقوق بث BeIn من الشركة مباشرة أو من وكيلها، فهل يمكن أن تُمنع الشركة من إعطاء هذه الحقوق لموزّع آخر؟ باختصار، يقول إن الغاية من التعاقد مع أوجيرو هي الاستفادة من قاعدة المشتركين التي تملكها، بحيث تضع الشركة Server لديها، وتقدم المحتوى نفسه الذي يحصل عليه المشتركون الآخرون.
مسار OTT من عرض “ستريم ميديا” إلى ديوان المحاسبة
باختصار، إذا كانت وزارة الاتصالات تنتظر رأي ديوان المحاسبة، فمن المفيد عرض بعض الحقائق التي قد تفيد المهتمين في تتّبع مسار الملف:
- تأسست شركة باسم “ستريم ميديا” في 20/9/2022 برأسمال يبلغ 30 مليون ليرة أي ما يعادل 790 دولاراً في تاريخ التأسيس (كان سعر الصرف حينها 38 ألف ليرة) و335 دولاراً حالياً.
- في 3/3/2023، أي بعد نحو 6 أشهر على تأسيسها قدّمت الشركة عرضاً إلى وزير الاتصالات تقترح فيه التعاون بينها وبين أوجيرو لتقديم خدمة OTT التي يعتبر أنها ستؤدي إلى ثورة في قطاع البث التلفزيوني الرقمي. العرض يتضمن فوائده أيضاً: تأمين مصدر دخل جديد لأوجيرو، تسمح لصناعة الإعلام المحلية من تحقيق مدخول من المحتوى الذي تقدم، وتكافح القطاع غير الشرعي. أما في ما يتعلق بالدخل، فيحدّد العرض حصّة أوجيرو بـ 10% من العائدات بوصفها حصة عادلة. ومع إشارة العرض إلى أن عدد مشتركي أوجيرو يبلغ 400 ألف مشتركة فهو يفترض أنه يمكن بيع باقة دنيا بقيمة 4 دولار لكل باقة، إلى نصف هؤلاء في السنة الأولى بما يؤدى إلى تحقيق أوجيرو لـ960 ألف دولار من “دون أن تدفع أي مصاريف”.
- في 20/5/2022، أي بعد استلام العرض بشهرين، أصدر مجلس الوزراء قراراً وافق بموجبه على اقتراح وزير الاتصالات لتعديل مرسوم تعرفة خدمات الاتصالات (صدر المرسوم في 24/6/2022). وقد أشار المرسوم في الفقرة الرابعة من المادة الرابعة إلى أنه “يمكن تشكيل سلّات جديدة من خدمات مختلفة (على سبيل المثال لا الحصر VOD، IPTV، OTT) تنسجم مع حاجة السوق وبأسعار مبنيّة على جدوى ودراسات علمية تجريها أوجيرو تقترحها على المديرية العامة للاستثمار والصيانة حيث تصدر بموجب قرار عن وزير الاتصالات. وأشارت الفقرة الرابعة من المادة السادسة إلى أن تستعمل خدمة الإنترنت من قبل المشتركين للاستخدامات المتعلقة بتطبيقات الإنترنت العامة فقط ويمنع منعاً باتاً توثيق خدمات صوتية VOIP أو خدمات IPTV…
- في 22 أيار 2023، طلب وزير الاتصالات استشارة من هيئة الاستشارات والتشريع بشأن تقديم خدمة IPTV عبر أوجيرو، مشيراً إلى أن هذه الخدمة تُقدّم الكثير من المميزات أهمها الاستغناء عن الصحون اللاقطة وعدم التأثّر بالعوامل المناخية، كما تحدّ من القرصنة ومن كوابل البث التلفزيوني غير المرخص. ثم عاد في 11/7/2023 بتزويد الهيئة بمستند يشير إلى تقديم عدد من الشركات طلبات للتعاون مع أوجيرو لتقديم خدمة IPTV ونجاح التجارب التي أجرتها أوجيرو مع هذه الشركات، طالباً إبداء الرأي بتقديم هذه الخدمة عبر أوجيرو عن طريق مشاركة العائدات، السماح للهيئة بفاتورة هذه الخدمة بالدولار، قيام أوجيرو بالتحاسب وتسديد حصة الشركات عبر مقاصة. وجاء قرار الهيئة الصادر، في 20/7/2023، ليذكر أن الجهة المعنية بتقديم هذه الخدمة هي وزارة الاتصالات أما الشركات مقدمة الخدمات فيمنع المرسوم رقم منعاً باتاً عليها تسويق خدمات IPTV، كما لا يمكن لوزير الاتصالات توقيع عقد مع هذه الشركات يسمح بالولوج إلى شبكة الاتصالات، التي تعتبر شبكة عامة ويستجوب إشغالها صدور قرار من مجلس الوزراء.
- في 24/10/2023، طلب وزير الاتصالات من هيئة الاستشارات والتشريع إبداء الرأي بتقديم أوجيرو خدمة OTT. وبعد يومين فقط، أصدرت الهيئة رأياً تعتبر فيه أنه يحق لأوجيرو أن تقدم هذه الخدمة، بعد تحقيق 4 شروط، إجراء دراسات علمية ودراسات جدوى من قبل أوجيرو، يجب أن يكون الدخول في شراكات مع القطاع العام داخلاً ضمن المهام الموكلة لأوجيرو في عقدها مع وزارة الاتصالات، يجب أن تكون هذه الشركات مستوفية للشروط المنصوص عليها في قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، كما يجب أن يكون متوافقاً مع قانون المنافسة. وقد أحيلت هذه الاستشارة إلى وزارة الاتصالات في 30/10/2023.
- في 1/11/2023، كان هذا الموضوع بنداً على جدول أعمال مجلس الوزراء، إذ طلبت وزارة الاتصالات الموافقة على طلب أوجيرو تقديم خدمة نقل المحتوى الذي يقع ضمن الخدمات المتاحة بحرية على الإنترنت وذلك بالشراكة مع مرخصي ومقدمي هذا المحتوى. لكن مجلس الوزراء اكتفى بالإشارة إلى أنه أخذ علماً بعرض وزارة الاتصالات لطلب أوجيرو.
- في 23/11/2023، عرضت أوجيرو الملف على هيئة الشراء العام (ألحقته بكتاب ثان يضمّ إيضاحات فنّية وإدارية تشير إلى أن مقدمي خدمات التلفزيون عبر تقنية OTT يقدمون المحتوى الحصري ضمن باقات المحتوى التي يودعونها على منصة أوجيرو، وبالتالي لا يمكن لأي مقدم خدمات أن يبث أي محتوى حصري موجود لدى مقدّم خدمات آخر) وذلك سنداً للعقود الموقّعة مع صاحب المحتوى. كما تؤكد أوجيرو أن المنصة المعدة لتقديم خدمة OTT متاحة ويمكنها استقبال جميع مقدمي الخدمات دون أي استثناء مما يفسح في المجال أمام منافسة شفافة خدمة للمشترك النهائي، وتقوم أوجيرو بدفع تكاليف المحتوى المقدم من مقدمي الخدمات نهاية كل شهر.
- ردّت هيئة الشراء العام بالتذكير أن قانون الشراء العام نصّ على المنافسة العمومية كقاعدة عامة. وبما أن أوجيرو تشير إلي وجود مورد حصري واحد في السوق للخدمة الواحدة (محتوى حصري غير موجود لدى أي مقدم خدمات آخر)، وبما أن هذا الأمر يخضع لأحكام المادة 46 بالمعلقة بالتعاقد بالأراضي عندما يتعذّر اعتماد خيار آخر، يقع على عاتق أوجيرو وعلى مسؤوليتها، وعليها أن تثبت تعذّر اعتماد بديل آخر نتيجة لدراسة السوق التي تجريها.
- في 23 كانون الثاني 2024، وجهت إدارة تلفزيون الجديد رسالة إلى رئيس مجلس إدارة “ستريم ميديا” تعلمه فيه أنها بصدد التعاقد لإعطائه حقوق بث المحتوى المقدّم من قبلها حصرياً، على أن يصار إلى تحديد الرسوم في اتفاق يوقع لاحقاً.
- في مقابلة مع جريدة الأخبار، أعلن وزير الاتصالات أنه بانتظار رأي ديوان المحاسبة. والمعروف أن دور الديوان يبدأ بعدما توقيع العقود للتأكد من مواءمتها للقوانين، وإعطائها الموافقة المسبقة على أساس هذه المواءمة. أي أن وزارة الاتصالات قد وقعت مسودة عقد من دون المرور بهيئة الشراء العام، لافتراضها أن الصفقة يجب أن تتم بالتراضي لعدم وجود منافس لـ”ستريم ميديا”. وهو ما يرجح أن يتأكد منه الديوان.