لاتزال أعمال الجرف والردم مستمرة منذ نحو ثلاثة أسابيع على شاطئ عدلون الأثري لإنشاء مشروع "ميناء دولة الرئيس الاستاذ نبيه البحري للصيادين وللنزهة"، بموافقة وزارة الأشغال العامة والنقل. وكانت هذه الاخيرة قد عمدت الى تجاهل العديد من الكتب التي ارسلتها وزارتي الثقافة والبيئة منذ نحو عشرة أشهر تطالبها فيها بوقف الأعمال في المكان الى حين إجراء دراسة تقييم الأثر البيئي للمشروع.
وعلى الرغم من مخالفة القانون الواضحة في هذا المشروع، الا أنّ وزارة الأشغال وعوضاً عن التريث وتصحيح الخطأ، ترد "بتسريع وتيرة الأعمال على الشاطئ حيث وصلت أعمال الردم الى عشرات الأمتار داخل البحر إضافة الى فتح طريق على إمتداد الشاطئ حيث جرى جرف المطبات الصخرية والأحواض الأثرية" متجاهلة صرخات المجتمع المدني ومعظم أهالي عدلون الرافضين لمشروع ولد لتحقيق منفعة خاصة على حساب الشاطئ في عدلون بكل ما يحويه من كنوز بيئية وأثرية.
"ان أردت ان تعرف ماذا في عدلون فعليك ان تعرف ماذا في الدالية" هو الشعار الذي رفعه الناشطون خلال اعتصام رمزي نفذته "الحملة الأهلية للحفاظ على دالية الروشة" بالتعاون مع جمعية "الجنوبيون الخضر"، نهار الخميس 11/2/2016 أمام المديرية العامة للنقل البحري والبري في وزارة الأشغال العامة في مبنى ستاركو-بيروت. والهدف "ردع تعديات وزارة الأشغال"، و"إنقاذ شاطئ عدلون" من مشروع لا يعكس سوى جشع المستثمرين ولا يمت لمصلحة اهالي عدلون بصلة.
هذا ما أكده الناشط بول أشقر الذي اعتبر ان "ما يحدث على شاطئ عدلون وغيره من الشواطئ اللبنانية معروف منذ الستينات حيث يأتي مقاول ويقوم "ببرطلة" (رشوة) البلدية ليعمد بعدها الى التعدي على الشاطئ". وقال:"ان القوانين لم توضع بشكل عبثي لذا يجب احترام القانون. يتحججون أنهم سيقومون بمشروع لتنمية عدلون وان المرفأ مخصص لصيادي السمك علماً انه بين عدلون ومرفأ الصرفند مسافة لا تتجاوز الـ500 متر. ان ما تحتاجه عدلون التي بأغلبها مناطق زراعية، هو خطة لتصريف انتاجها الزراعي وعند ذلك نكون بصدد الحديث عن التنمية".
"بين "دالية الروشة" و"عدلون" رابط كبير فاللاعبين هم أنفسهم والوزارات نفسها وما يحصل من انتهاك للحق العام في المنطقتين هو نفسه"، بهذه الكلمات تختصر عبير سقسوق ما يجري في عدلون اليوم. وتقول:" تستمر وزارة الأشغال في الاصرار على ان هذا المشروع هو للصالح العام العدلوني في وقت تم شراء العقارات المحيطة بشاطئ عدلون تباعاً من قبل مالكين اثنين أحدهما رجل سياسي. وبعد اتمام عملية الشراء تم صدور قرار عن المجلس الأعلى للتنظيم المدني في أيلول 2015 بطلب رسمي من بلدية عدلون تاريخه 2013 بتعديل تصنيف الاراضي الساحلية في البلدة من زراعي الى سياحي. ونتيجة ذلك ارتفعت نسبة البناء على العقارات الساحلية من 2% الى 20%. وأخيراً سوّق المرفأ في عدلون بأنه مرفأ للصيادين فيما المستفيدان الوحيدان هم أصحاب العقارات الكبيرة حيث سوف تتضاعف قيمة عقاراتهم ويسهل عليهم تجهيزها للاستثمار".
وخلال الاعتصام توجه كل من عبير سقسوق ومحمد بزيع (من الجنوبيون الخضر) الى مكتب المدير العام للنقل البحري والبري عبد الحفيظ القيسي، وتسليمه بيان بمطالب الناشطين. لكن تبيّن ان القيسي لم يكن في مكتبه بل كان "يشارك بورشة عمل في الحمرا" على حد قول أحد الموظفين في المديرية الذي تولى استلام البيان. الا ان الموظف الذي اصر على عدم ذكر اسمه قرر الافصاح عن ما في جعبته من معلومات أكدت بما لا يقبل الشك أن ما يحصل في عدلون جريمة "مع سبق الاصرار والترصد".
فقد اعترف الموظف "بمخالفة وزارة الأشغال العامة للقانون" مدعّماً كلامه بأن هناك قراراً من مجلس شورى الدولة بوقف الأشغال في المشروع"، لافتاً الى أن "المشروع لم يمر على المديرية بل تم تخطيهم وتجاوزهم في هذا المشروع لأن المديرية عادة هي التي تقوم بالمناقصات". واعترف الموظف بأن"ما يقوله يتناقض مع ما يقوله مديره" ملمحاً الى ان القيسي قد يكون غير راضٍ على المشروع علماً أنه هو من يسوق له في المناسباتفي إشارة الى أن القبول فرض على المدير العام بإرادة أقوى منه وربما أقوى من وزارة الأشغال العامة والنقل.
اذا وكأن الحكم صدر بالإجهاز على شاطئ عدلون، فيما يشعر ناشطو الحملات البيئية بشيء من العجز. فهم حتى يترددون بالدعوة الى تحرك في المنطقة خوفاً من تعرضهم لاعتداء بحسب ما أفاد الناشط في الحملة الاهلية للحفاظ على دالية الروشة غسان حلواني. فيما يجد الناشط الياس أبو مراد "ان أكبر مشكلة لدينا هي في حرماننا من الحق في الوصول الى المعلومات ومعرفة كيف يقوم من في السلطة في إدارة حياتنا وثرواتنا الوطنية".
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.