
أدانت جمعية القضاة التونسيين الشبان في بلاغ صدر عنها بتاريخ 26-01-2016 ما ذكرت أنه إمتناع من الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي عن تنفيذ قرارات قضائية. والقرارات التي لم تنفّذ هي القرارات التي صدرت عن الرئيس الأول للمحكمة الاداريّة لفائدة قضاة عدليّين الذين شملتهم الحركة القضائية لسنة 2015-2016. اعتبر القضاة الشبّان أن الهيئة خرقت الدستور التونسي الذي ينص في الفصل 111 منه على أنه يحجر الامتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية ولوح هؤلاء بأنه في صورة إصرار الهيئة على موقفها، فإنهم سيقاضونها إستنادا للفصل العاشر من القانون عدد40 لسنة 1972 المتعلق بالمحكمة الادارية الذي يعتبر "عدم التنفيذ المقصود لقرارات المحكمة الادارية خطأ فاحشا معمرا للذمة المالية للسلطة الادارية التي صدر عنها". كشف البلاغ عن إشكالية تعلقت بأكثر من خمسين قاضيا صدرت هذه القرارات لصالحهم. وأحرج تداول هذا الخبر الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي التي وجدت نفسها في وضعية إتهام.
حاولت الهيئة أن تكشف مبررات موقفها، فأصدرت بتاريخ 02-02-2016 بلاغاً ذكرت صلبه أنها "سعت لاعادة الوضعيات المعنية لسالف حالتها غير أنه استحال عليها ذلك واقعيا وقانونيا لعدة اعتبارات منها أن الخطط الأصلية للمستفيدين من قرارات توقيف التنفيذ لم تعد شاغرة، خصوصاً بعد تنفيذ قرارات الهيئة، واكتسب شاغلوها الجدد بموجب الحركة حقوقاً في الاستمرار فيها على وجه يحول دون تراجع الهيئة في تسميتهم بها. كما أن تنفيذ القرارات بالنسبة لمن تزامنت نقلتهم مع ترقية في الرتبة ستفضي إلى إرجاعهم إلى رتبهم الأصلية إضافة إلى عدم قابلية الحركة القضائية للتجزئة. فتنفيذ القرارات سيؤدي إلى إحداث شغورات بالمراكز المعنية يتعذر على الهيئة ملؤها مع ما يترتب عن ذلك من تعطيل سير العمل القضائي. وانتهت الهيئة إلى الوعد بتسوية وضعيات من يمسكون قرارات قضائية في الحركة القضائية الخاصة بسنة 2016-2017 بعدما عدت "أن إبقاء الحالة الناجمة عن الحركة القضائية على ما هي عليه لم يكن مرده منحى مقصودا من الهيئة في عدم تنفيذ القرارات الصادرة عن المحكمة الإدارية بل مراعاة لاعتبارات اقتضتها ضرورة العمل."
رفضت الهيئة الوقتية للاشراف على القضاء العدلي تنفيذ القرارات القضائية المتعلقة بإيقاف تنفيذ الحركة القضائية بدعوى أن التنفيذ قد شرع فيه فعليا. ويكون من المفارقات أن ذات التبرير استعملته السلطة التنفيذية سنة 2013 لتمرر تعييناتها في الخطط القضائية الساميةالتي تعلقت بعضوين من الهيئة الوقتية للاشراف على القضاء العدلي هما الرئيس الاول للمحكمة العقارية والمتفقد العام لوزارة العدل. وتصدت حينها المحكمة الادارية بتاريخ 09-12-2013 لهذه التبريرات بما حمى الهيئة الوقتية للاشراف على القضاء العدلي. وتبدو أزمة تنفيذ قرارات القضاء الاداري الاستعجالية من هذا المنظار من أخطر الأزمات الأخلاقية التي واجهت القضاء التونسي بعد الثورة خصوصا وأن الامتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية صدر عن هيئة قضائية بما يشجع منطقيا غيرها على إنتهاج ذات السلوك. وقد يكون من المتعين على الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي أن تبحث عن السند الذي اعتمد لإيقاف قرارتها لتطور عملها في اتجاه تحقيق شفافية الحركة بدل البحث عن مبررات لعدم تنفيذ تلك القرارات.
متوفر من خلال: