هيئة القضاء العدلي تحمي جدية آرائها الاستشارية


2015-09-23    |   

هيئة القضاء العدلي تحمي جدية آرائها الاستشارية

في 21-9-2015، أصدرت الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي رأيا استشاريا اعتبرت فيه أن استشارتها الوجوبية بخصوص مشاريع القوانين المتعلقة بسير القضاء "هي لتمكين مجلس نواب الشعب من آراء تسمح بتحسين وتطوير مشروع النص المعروض على جلسته العامة بعد استيفاء لجنة التشريع العام لأعمالها وذلك ضمانا لجودة النص القانوني التي هي من مقومات دولة القانون". واذ سجلت الهيئة أن نصوص مشاريع القوانين التي عرضت عليها لم تتضمن نتيجة عمل لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب، رأت أن طلب رأيها الاستشاري سابق لأوانه. وقررت تبعا لذلك "إرجاء إبداء رأيها في موضوع  الاستشارة التي عرضت عليها إلى حين موافاتها بمشروع القانون في صيغته النهائية المزمع عرضها على الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب".

وكانت للهيئة  رفضت في 22-7-2015 الخوض في اصل الاستشارة بخصوص مشروع " قانون مكافحة الارهاب و تبييض الاموال" بعدما  اعتبرت " أن تحقيق الغاية من الاستشارة يقتضي ورودها في أجل معقول وفي تاريخ ملائم وإلا اعتبرت كأنها لم تكن إذ تنتفي بذلك الجدوى منها وتغدو إجراء شكليا بحتا يتجافى ومقومات النظام الجمهوري الديمقراطي التشاركي كهدف دستوري". وقد بنت الهيئة رفضها ذاك على واقعة مفادها أن الجلسة العامة انطلقت بذات التاريخ في مناقشة مشروع القانون.

وتجدر الإشارة إلى أن الصراع بين لجنة التشريع العام والهيئة الوقتية للاشراف على القضاء العدلي بدأ بمناسبة نظر اللجنة في مشروع القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء. فقد اعتبرت حينها اللجنة النيابية أن استشارة الهيئة الوقتية للاشراف على القضاء العدلي اجراء لا تأثير له على دستورية المشاريع لكونه غير ملزم. كما رأت أنه اجراء يحمل على الحكومة متى كانت جهة المبادرة التشريعية. وقد تصدت حينها الهيئة الوقتية للرقابة على دستورية مشاريع القوانين بقرارها عدد 02 المؤرخ في 08-06-2015 لذلك بعدمااعتبرت "أن إبداء الرأي من هيئة القضاء العدلي ولئن كان يكتسي صبغة استشارية، فإنه إجراء جوهري وأساسي له وثيق الارتباط بقواعد النظام العام الدستوري بحكم تعلقه بصميم العمل القضائي، وأن الجهة المعنية بإحالة مشروع القانون هي اللجنة المختصة بمجلس نواب الشعب دون سواها بحكم أن هذا المشروع يكون لديها حين يبلغ فيه وضعا تتضح فيه ملامحه وتبدو مظاهره فيتيسر عندئذ للهيئة المذكورة الاطلاع عليه وإبداء ملحوظاتها في شأنه."

بلت فيما يبدو لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب الالتزام بمبدأ تحملها بوصفها لجنة فنية بالمجلس التشريعي واجب استشارة هيئة الاشراف على القضاء العدلي فيما تعلق بالتشريعات التي تمس سير القضاء. الا أن لجنة التشريع العام عملت على ان تحول  تلك الاستشارة إلى اجراء شكلي بيروقراطي. فبادرت اللجنة فيما تعلق بقانون مكافحة الارهاب لطلب الاستشارة بعد ان شرع مجلس نواب الشعب في مناقشة مشروع القانون. وعادت فيما تعلق بمشروعي القانون الاساسي للمحكمة الدستورية لطلب الاستشارة قبل بلورة ملامح مشروع القانون.
وبالمقابل، تجهد الهيئة الوقتية للاشراف على القضاء العدلي من خلال آرائها الإستشارية السلبية للتصدي لمحاولة انقلاب لجنة التشريع على روح التشريع الذي يسند لها دورا استشاريا.

ويلاحظ في هذا الاطار أن النواب لم يعيروا أي انتباه لمقاومة الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي بخصوص الرأي الاستشاري الذي تعلق بقانون مكافحة الارهاب، فصادقوا على مشروع القانون رغم اعتراضاتها. وآنذاك، لم يقدّم طعن بعدم دستورية مشروع القانون المذكور. ويؤمل اليوم أن تتغير التوجهات التشريعية وقد تجدد الصراع بهذا الشأن أن يتنبه نواب الشعب لخطورة محاولات تحويل طلب استشارة الهيئة الى اجراء شكلي على عمل المؤسسات الدستورية والتناسق بينها.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، استقلال القضاء ، تونس



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني