هل أخطأت نقابة المحامين بشطب فتوش من دون محاكمة؟ حق الدفاع حق مستمد من طبيعة الانسان


2014-11-11    |   

هل أخطأت نقابة المحامين بشطب فتوش من دون محاكمة؟ حق الدفاع حق مستمد من طبيعة الانسان

في 24/10/2014،أصدر مجلس نقابة المحامين في بيروت قرارا بشطب المحامي نقولا فتوش من الجدول العام للمحامين مانعا اياه بالتالي من ممارسة مهنة المحاماة. وقد حصل ذلك بعدما عدّ المجلس اعتداء فتوش على موظفة في قصر عدل بعبدا، منال ضو،وتعرضه لنقيب المحامين ووزير العدل تباعا،خروجا عن قوانين مهنة المحاماة وآدابها. وقد اتخذ القرار باجماع أعضاء المجلس ما عدا المحامي جورج نخلة الذي اصر على عدم قانونية الشطب وعلى وجوب احالة فتوش الى المجلس التأديبي تمكينا له من ممارسة حق الدفاع عن نفسه. وتعليقا على ذلك، يجدر ابداء الأمرين الآتيين:

1-    نأن أبقدر ما أصابت النقابة في مباشرة اجراءات تأديبية بحق فتوش، بقدر ما أخطأت في شطبه من دون محاكمة ومن دون تمكينه من حق الدفاع عن النفس. وخطأ النقابة يؤدي الى ثلاث نتائج سلبية: أنه يشكل خروجا لنقابة المحامين عن مهمتها الأساسية التي هي ضمان حق الدفاع وصونه حسبما جاء في قانون تنظيم مهنة المحاماة، ثانيا، أنه يضعف موقفها أمام فتوش الذي سيجد سبيلا سهلا للطعن بالقرار المتخذ بحقه وابطاله قضائيا في ظل بداهة انتهاك حقه بالدفاع، وثالثا، أنه يشكل سابقة خطيرة من شأنها اشعار أي محام بقدرة النقابة على شطبه في حال خروجه عن خطوط حمراء معينة، مما يتهدد باستقلاليته بشكل كبير.

2-    يجدر التذكير في هذا المجال بحكم صادر في 2011 عن قاضي الأمور المستعجلة في بيروت جاد معلوف بتكريس حق الدفاع كحق طبيعي[1]. وكانت بطلة التزلج، شيرين نجيم، قد تقدمت أمام القاضي المذكور بدعوى لتعليق العمل بالعقوبة التي اتخذها الاتحاد اللبناني للتزلج بحقها، بمنعها من المشاركات والنشاطات باسم لبنان لمدة ثلاث سنوات. وقد قبل معلوف الدعوى آنذاك بعدما أثبت ان الاتحاد أصدر العقوبة “من دون مراعاة الحد الأدنى من حقوق الدفاع”. ولهذه الغاية، أعلن معلوف حق الدفاع “حقا طبيعيا”، اي حقا مستمدا من طبيعة الانسان بمعزل عن ارادة المشرع.وقد استند الحكم داخليا الى اجتهادات صادرة عن محكمة التمييز ومجلس شورى الدولة والمجلس الدستوري والتي عدت كلها حق الدفاع مبدأ اساسيا ومبدأ قانونيا عاما، ذات قيمة دستورية. كما استأنس الحكم باجتهادات المحكمة الاوروبية التي “الزمت النقابات بحق الدفاع عند اصدار قرارات تأديبية لا سيما متى كان من شأن القرار المس بحقوق ذات طابع مدني كممارسة مهنة مثلا”. كما استند الى عدة معاهدات دولية التزم بها لبنان فأصبحت جزءا من منظومته القانونية الداخلية بموجب مقدمة الدستور، وأبرزها المادة 10 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان والمادة 14 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والاتفاقية الأوروبية لحقوق الانسان.
 
 



[1] ابعد من نظرية “المحاكمة العادلة”: القضاء يكرس مجددا مفهوم “الحق الطبيعي، منشور في المفكرة القانونية، عدد 1، تموز 2011. 
انشر المقال

متوفر من خلال:

عمل ونقابات ، لبنان ، مقالات ، حقوق العمال والنقابات ، المهن القانونية



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني