بحجة تشجيع الاستثمارات، يتجه مشروع موازنة لعام 2017 نحو حصر موجب الحصول على براءة الذمة للمؤسسات بحالتي التصفية والحل فقط. فالمادة 54 من هذا المشروع تفتح أمام المؤسسات مجالات إضافية لانتهاك حقوق العمال من خلال تسهيل إمتناعها عن تسجيلهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أو عدم التصريح بكامل أجورهم بدافع تخفيض الضريبة على المؤسسة. وكأن السلطة تقدم للمؤسسات سلاحاً إضافياً بوجه مستخدميها، بدلاً من العمل على تعزيز ضمانات حقوق العمال. إلى ذلك، تعفي المادة 68 من مشروع قانون الموازنة الدولة اللبنانية من الغرامات والفوائد، التي استوجبت عليها بسبب تأخرها بتسديد ديونها للصندوق. وهذه الديون التي قدرت بحوالي الـ "الألف وتسعمائة مليار ليرة لبنانية"، تقدر فوائدها القانونية وزيادات التأخير بما يلامس الـ 100 مليار ليرة سنوياً[1]. إذن، بمفاعيل هاتين المادتين، لم يعد هناك أي ضمانة لحقوق العمال من جهة، وللإستقرار المالي للصندوق واستقلاله من جهة أخرى.
وفي الوقت الذي تعتبر وزارة المالية بمثابة اللاعب الأساسي أثناء إعداد مشروع الموازنة، الا أن العمال والنقابيين إختاروا أن ينفذوا إعتصاماً في وقت سابق أمام مراكز الضمان الاجتماعي، ليتوجهوا أمس إلى ساحة رياض الصلح، لمخاطبة المجلس النيابي. وتعليقاً على هذا الإعتصام، يوضح سكرتير تحرير المرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين أسعد سمور أن "حصر براءة الذمة بحالتي التصفية والحل فقط يؤدي الى انخفاض مداخيل الضمان الاجتماعي". ذلك أن "نسبة المؤسسات التي تصفي متدنية جداً، الأمر الذي ينعكس على مالية الضمان الاجتماعي". الأهم هو ما يلفت اليه نمور لناحية وجود "احتمال بخصخصة الضمان الاجتماعي لصالح شركات التأمين، إذا ما اتجهت السلطة إلى تنفيذ هذا المشروع".
بدوره، يستنكر رئيس الاتحاد العمالي بشارة الأسمر تسييس التحرك في تصريح لـ "المفكرة القانونية"، موضحاً "اننا تواصلنا مع وزير المال مسبقاً وقد نقل شكوانا إلى رئيس الجمهورية". ويضيف: "علمنا وقتها أن المادتين لن تحالا إلى مجلس الوزراء وتفاجأنا بإحالتهما". واعتبر بشارة أن "الهم الأكبر هو حقوق الموظفين وصحتهم"، مشدداً على أنه "اتخذ المسار القانوني الصحيح حيث أننا تظاهرنا أمام السلطة التشريعية التي يرأسها الرئيس نبيه بري، وأنا لا أتوجه نحو أي شخص معين". وأشار إلى أن التواصل قائم أيضا مع "رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان". بذلك يعتبر بشارة أن "المنحى القانوني قد اكتمل"، مردفاً بالقول: "نحن نريد أن نأكل العنب، فلا داعي لإدخال السياسة".
على الضفة الأخرى، أكد الأسمر على أن "تحرير المؤسسات من براءة الذمة، يهدد الموظفين والمستخدمين في المؤسسات عندما "يزداد تهرب الشركات من التصريح عن كافة عمالها في الضمان الاجتماعي"، لافتاً النظر إلى "قيام العديد من الشركات بالامتناع عن التصريح عن الأجور الفعلية للمستخدمين لديها، أو تعمد الى التصريح بالحد الأدنى من الأجر". ويرى الأسمر أن " إعفاء الدولة من الغرامات على الديون التي تراكمت منذ عشرات السنين لصندوق الضمان الاجتماعي تهدد الإستقرار المادي لهذه المؤسسة".
وقد كان الأسمر قد أدلى بياناً خلال الإعتصام في رياض الصلح[2]، أشار فيه الى أن "سداد الدولة لجزء بسيط من الديون معفاة من الفوائد ومن زيادات التأخير ومن دون تحديد قيمة هذه الأجزاء أو الأقساط أو الجدول الزمني المحدد لتسديدها" بالإضافة الى "عدم فتح صناديق الضمان إلا بقرار من مجلس الوزراء أول كل سنة"، يُعتبر "مخالفة صريحة لأصول التعامل المالي بين المؤسسات والاعتداء على استقلالية مؤسسة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وحرمانه من حق الغرامات والفائدة وعدم التعهد الصريح بتسديد الموجبات المستحقة". هذا وأشار الى أن ذلك يساهم في هدم كيان الصندوق وإسقاط المظلة الاقتصادية والاجتماعية عن رؤوس أوسع شريحة شريحة اجتماعية تصل إلى ما يقارب المليون ونصف المليون مواطن من العاملين بأجر ومن هم مستفيدون معهم". كذا وأعلن عن "توجيه كتاب الى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء حول رفض التعديلات المقترحة في مشروع الموازنة المحال إلى المجلس النيابي في المادتين 54 و68 من المشروع". ذلك أن هذه المواد "ستفضي إلى انهيار الصندوق بسبب انحدار وارداته بسرعة قياسية، الأمر الذي يؤدي إلى تعذر قيامه بواجباته تجاه المضمونين"، معتبراً أن دعم الاستثمارات ينبغي أن يأتي مباشرةً من الدولة وليس على حساب المضمونين ومحدودي الدخل.
[1] المرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين، اعتصام من أجل حماية الضمان الاجتماعي يوم غد الثلاثاء، 24 نيسان 2017، https://goo.gl/k40y5u. [2] الوكالة الوطنية، اعتصام للاتحاد العمالي وموظفي الضمان والقطاعات النقابية…، 25 نيسان 2017، https://goo.gl/JjBRNl.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.