هذه ثغرة أملِ لعذاباتِ كلِّ مواطنٍ نهشَ الفسادُ أحلامَه


2025-03-12    |   

هذه ثغرة أملِ لعذاباتِ كلِّ مواطنٍ نهشَ الفسادُ أحلامَه
زياد عيتاني

كلمة الممثل المسرحي زياد عيتاني في المؤتمر الصحافي المنعقد في 12 آذار 2025 حول قرار مجلس شورى الدولة الذي يثبّت مسؤولية الدولة عن المظلمة التي تعرّض لها في العام 2018، بعد تلفيق تهمة العمالة مع العدو الإسرائيلي له. 

اليومَ يقفُ أمامَكمْ واحدٌ منكمْ، يعيشُ مع عائلتِهِ الصغيرةِ مآسيكمْ ونضالَكُم اليوميَّ، وتعبَكم وديونَكم، ومسعاكم إلى لقمةِ الخبزِ، وتعليمِ أطفالِكم، والنجاةَ اليوميةَ من قساوةِ حياةٍ، وفسادِ سلطةٍ، والخوفَ المستمرَّ من مستقبلٍ مجهولٍ.

مواطنٌ أُغلِقتْ عليه بوابةُ زنزانةٍ ضيقةٍ، فما كانَ منه إلّا أنْ يستمدَّ من ضحكةِ طفلتِه، ودعاءِ والدتِه، وجهدِ الأصدقاءِ قوةً يستعينُ بها على سلطةٍ وقضاءٍ وأمنٍ وأموالٍ ونفوذٍ، في معركةٍ تبدو لغالبيتِكم، أنّها معركةٌ خاسرةٌ.

سبعُ سنواتٍ ورغمَ براءَتي تعرّضتُ لحملاتِ تشويهٍ لمْ تنتهِ حتى الأمسِ، وإساءةٍ لسمعةٍ، وتهمةٍ تعرضُني يوميًّا للخطرِ هي أسوأُ وأقذرُ التهمِ التي يمكنُ لإنسانٍ وأبٍ أن يواجهَها.

وبعدَ كلِّ هذا أقفُ اليومَ مسلّحًا بفريقٍ قانونيٍّ من “المفكرةِ القانونيةِ” والأستاذينِ غيدة فرنجية ونزار صاغية لنقدّمَ ثغرةً من الأملِ لعذاباتِ كلِّ مواطنٍ نهشَ الفسادُ أحلامَه، ولنرسمَ طريقًا جديدًا لإصلاحِ الذي تناولَه خطابُ قسمِ رئيسٍ، وبيانِ حكومةٍ، ومن دواعي سروري أن يكونَ القرارُ باكورةَ عهدِ حكومةِ قاضٍ دوليٍ خرجَ من بيروتَ أم الشرائعِ.

فخامةَ ومعالي وسيادةَ المواطناتِ والمواطنينَ اللبنانيينَ

لقد تابعتُم هذه القضيةَ حتى مللتُم منها، بعشراتِ الأخبارِ من هنا وهناك، وتجاذبٍ إعلاميٍّ وكمٍّ هائلٍ من الأخبارِ المضللةِ، تارةً عبر حساباتٍ إلكترونيةٍ رخيصةٍ، وطورًا عبر تسريباتٍ أشارَ إليها قرارُ مجلسِ الشورى كإدانةٍ ساطعةٍ على ارتكاباتِ رئيسِ جهازٍ أمنيٍّ ومدعٍ عامٍّ ومجلسٍ وطنيٍّ للإعلامِ، تحولَ من سلطةٍ رابعةٍ لمتفرجٍ أخيرٍ.

لكنها تهمةُ العمالةِ، وليست تهمةً عابرةً، وتعامَلَ معها الجميعُ كأنّها قصةٌ بين طرفينِ، ملفّقٍ وضحيةٍ، وفي الحقيقةِ يا سادةُ هي أكبرُ من ذلك بكثيرٍ، هي يا فخامةَ الرئيسِ ودولةَ رئيسِ الحكومةِ كانت مثالًا ساطعًا للعبثِ في ملفِّ أمنٍ قوميٍّ خطيرٍ، كانَ سلاحًا للعدوِّ في تدميرِ قرانا ومدنِنا وقتلِ أهلِنا، وعليه كان يجبُ أن تكونَ محاكمةُ المتهمينَ ليس على أساسِ تلفيقِ جرمٍ، بل على أساسِ خيانةٍ وطنيةٍ في وضعِ اليدِ السوداءِ على ملفاتِ أمنٍ قوميّ.

أما اليومَ وبعدَ كلِّ ما تقدمَ، وبعدَ نضالٍ طويلٍ، أدعو المواطنَ اللبنانيَّ أن يتسلحَ بالأملِ والقانونِ، والإرادةِ، وأشددُ على حقِّ كلِّ موقوفٍ بضمانِ حقوقِه الكاملةِ بدايةً من وجودِ محامٍ معَه، ومطالبًا بالدعمِ الكاملِ لأهلي ضحايا تفجيرِ المرفأِ، وبتسريعِ محاكماتِ الموقوفينَ المعروفينَ بالإسلاميينَ، والتعويضِ لمن خرجَ منهم بريئًا بعدَ أشهرٍ وسنواتٍ من التوقيفِ..

وختامًا خلالَ هذه السنواتِ، أرادَت جهةٌ سياسيةٌ تصويرَ القضيةِ من بوابةٍ إجراميةٍ، وهي بوابةُ الطوائفِ، وأنا أردُّ اليومَ بكلمةٍ للكاتبِ والأديبِ نصري الصايغ الذي قالَ:

أعداؤُك يا زيادُ، لا دينَ لهم ولا طائفةَ. إنهم من سلالةِ الاغتصابِ. اغتصبوا البلادَ، كلَّ البلادِ التي لنا. اغتصبوا الجبالَ والسهولَ والشواطئَ والفضاءَ وما تحت الأرض ِ. هذا لبنانُهم وحدَهم. اغتصبوا الوزاراتِ والرئاساتِ والمؤسساتِ والجامعاتِ. مدوا أياديهِم القذرةَ إلى خبزِ الفقراءِ الأنقياءِ الضعفاءِ. سرقوا من جيوبِ الضعفاءِ، مالاً ليُنقصوا عجزَ الموازنةِ. اغتصبوا كلَّ “لبنانِهم” واقتسموه قسمةً طوائفيةً “متوازنةً”.. ولن يرتدعوا 

وإلى حبيبي وأستاذي ومعلمي إلى روح الأديبِ الكبيرِ والروائيِّ إلياس خوري، أستمدُّ من كلماتِه عبارةً شهيرةً قالَها حين خرجتُ من السجنِ : كلُّهم كوليت يا زياد إلّا أنت.

وفي نهاية كلمتي لا بد أن أتوجّه بالشكر مجددًا إلى المفكرة القانونية بشخصَي الأستاذة غيدة فرنجية والأستاذ نزار صاغية ولمؤسسة التلفزيون العربي (حيث أعمل)، ولمنظمة العفو الدولية ولمنطمة هيومن رايتس ووتش ولسفارة الاتحاد الأوروبي وللأصدقاء الناشطين الحقوقيين في جنيف. 

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، محاكمة عادلة وتعذيب ، لبنان ، مقالات ، محاكمة عادلة



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني