نُدرة المياه كمُحرّك لمشاريع الهجرة (1): تعميم نموذج الزراعة والصناعة الاستخراجيتين


2024-10-22    |   

نُدرة المياه كمُحرّك لمشاريع الهجرة (1): تعميم نموذج الزراعة والصناعة الاستخراجيتين

على الرغم من شُهرتها بمناخها المُمطر للغاية، شهدت المملكة المتحدة فترة من الجفاف النسبي، الأمر الذي أدّى إلى إقرار وزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفي الحد من استهلاك المياه في مقاطعتي ساتون وساري (Sutton et d’East Surrey) في جنوب المملكة المتحدة. ونجحت هذه القرارات في التأثير على الحياة اليومية لمئات الآلاف من المواطنين. ولوصف هذه الوضعية بصيغة مجازية يذهب ويُصر مهرج السرك المحترف زيبوو Zippo في ساري بإنجلترا بالقول: “بالنسبة للمهرج، فإن رش الماء لا يقلّ أهمية عن أن يكون لديه أنف أحمر”. وتأتي هذه المقولة حينما حرمت السلطات المهرجين الحزينين مما يعتبروه جوهر احتياجاتهم اليومية للعمل والعيش (الرش بالماء). ولئن كانت مثل هذه المقولات التي تصدر من حناجر المهرجين تُعتبر ربما فكاهة إنجليزية، إلاّ أنّها تُبيّن أنّ المسألة أكثر خطورة بكثير.

ففي سياق تَغيّر المناخ[1] وجَشع الرأسمالية المُعاصرة، وتعميم نموذج الزراعة والصناعة الاستخراجيتين، وجعل الماء أحد أطماع الاستعمار، صَارَت هذه الثروة الطبيعية أحد أحلام الفقراء والمزارعين والفلاحين وكل المواطنين، وكأننا في زمن استحالة حصول بسطاء الناس على الماء، بشكل يَجعلنا نستعير من عنوان كتاب الفيلسوف الفرنسي غاستون باشلار “الماء والأحلام”.[2]حيث أنّ العودة إلى المنزل أو الاستيقاظ صباحاً على أمل عودة الماء إلى الحنفية صارت أحلام العديد من التونسيات والتونسيين في جهات ومناطق عديدة سواء كانت ريفية أو حضرية، في المراكز أو في المناطق الداخلية.

يتنبأ تقييم النظام الإيكولوجي للألفية الثالثة بأن تفاقم ندرة مياه الشرب، إلى جانب استمرار استخراج المياه في النظم الإيكولوجية الهشة للأراضي الجافة، من المُرجّح أن يؤدي إلى تفاقم التصحر والتسبب في دوامة مفرغة من التدهور البيئي وسبل العيش غير المستقرة في العديد من المناطق النامية. وفي المقابل، يمكن لهذه الظاهرة أن تَدفع السكان إلى الهجرة، ما قد يكون له تداعيات بعيدة المدى تؤثر على الاستقرار السياسي والاقتصادي على المستويات المحلية والإقليمية وحتى العالمية.[3]

لئن كان موضوع المياه والمناخ يتم تداوله غالباً من قِبل الخبراء أو المتخصصين في المجالات الهيدرولوجية أو علوم المناخ أو الجيولوجيا إلخ. فإنّ هذا المبحث أثار أيضا اهتمام الباحثين في مجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية والسياسية. فعلى سبيل المثال، برز من منظور الإيكيولوجيا السياسية مفهوم المجالات الهيدرو- اجتماعية،[4] والذي يُحدّد التكوينات المجالية للأشخاص والمؤسسات والتدفقات والبيئات الفيزيائية الحيوية[5] التي تَدور حول التحكم في المياه.[6] ويفترض آلان توران أنّ الشكل الجديد من الوعي الطبقي، هو هذا الشعور بالاستغلال، الذي يُمكن قراءته في شكل حكاية جديدة، وهي الكارثة البيئيّة. وأزمة المناخ التي تُهدّدنا بشكل خطير يجب التفكير فيها من منظور بيئي بالطبع، ولكن أيضا من الناحية الاجتماعية والاقتصادية”.[7]

هكذا يُمكن اعتبار كل العلاقات المرتبطة بالماء ظواهر اجتماعية كاملة.[8] ومن هذا المنظور يُعالج هذا المقال البحثي أثر قضية الماء والمناخ في القرار الهجري في سياق الحالة التونسية. للتغيّرات المناخية آثار على النظم البيئية والحياة البرية والبحرية، ممّا سيؤثر في الحماية والإدارة والاستخدامات المألوفة للأنواع والموارد البحرية والبرية المهمة ثقافيا واقتصاديا. ولا يتعلق الأمر هنا بمدى قدرة المجتمعات على التكيف وممارسة المرونة في مواجهة التغير المناخي، بل يتعلق الأمر أيضا بإعادة استقرار البشر والحيوانات والنباتات للتكيف مع التغيير والتّعامل مع تداعياته.[9] ولكن في ظروف قد تَعجز فيها الدولة عن عملية التكيّف أو مقاومة المناخ أو بناء سياسات رصينة وسيادية في حل المشاكل المتعلقة بالماء فإنّ الهجرة نحو فضاءات أخرى تكون أحد الحلول الممكنة لاستقرار البشر في مكان تتجَسّد فيه ملامح الحُلم.

وفي هذَا السياق نحاول الإجابة عن بعض الإشكاليات المركزية: ما هي أثر السياسات المائية والتغيّرات المناخية على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والمجتمعية التونسية؟ وكيف يُمكن لندرة المياه أن تكون أحد العوامل التي تُعزّز اتخاذ القرار الهجري؟ وقبل الإجابة عن هذه الإشكاليات يكون مفيدا معرفيا العودة سريعا إلى مكانة الماء في ذهنيات وتمثلات الإنسان وكفاح الأسلاف وتشكل الحروب حول هذه الثروة الطبيعية.

الماء: كفاح الأسلاف، الحرب والقدسيّة

أوضَحَت العديد من الأساطير الارتباط الوثيق بين الماء والحياة. فقد “واجَهَ البربر أوّل سكان البلاد مشكلة هطول الأمطار غير المنتظمة. بمرور الوقت أظهروا براعة كبيرة في التحكم في جريان المياه السطحي وتخزينها عن طريق الصهاريج وقنوات التحويل وعن طريق صالات العرض في الأحجار الجيرية الضخمة المليئة بمياه الأمطار، حيث قام يوغرطة وجيشه بتطبيقها حوالي 110 و104 قبل الميلاد.”[10]

احتلّ مؤسّسو قرطاج عام 814 قبل الميلاد المناطق الساحلية ثم وادي مجردة وأدخلوا تقنيات هيدروليكية جديدة في تونس مثل الصهاريج وقنوات المياه. وتظل قناة قرطاج مثالا بارزًا على البراعة البونية في تصريف مياه الشرب لمسافات طويلة لتزويد مدينة قرطاج من منابع زغوان بمسافة إجمالية تبلغ حوالي 130 كلم. وأظهر الرومان الذين استلموا زمام الأمور من البونيقيين أيضا مهارات كبيرة في علم المياه، وذلك من خلال جمع أكبر قدر من المياه لا في المدن فقط وإنما أيضا في المناطق النائية والجبال الواحات ومنها واحات قفصة (كبسة Capsa).[11]

وتمّ العثور على المجموعة الأولى من ينابيع الأحواض، في الوثائق الأوروبية، وتُسمى هذه الأحواض بـ “الأحواض الرومانية”.[12] إذ أن تاريخ واحات قفصة التي تعود نشأتها تقريبا إلى حوالي 2200 عاما إن لم يكن أكثر يُفسّر بالضرورة تاريخ المياه بالمنطقة. حيث هناك تاريخ منقوش على الأحواض الرومانية بقفصة مرسوم عليه 200 قبل الميلاد.[13]

تَركَت الدول الإسلامية المتعاقبة أيضا في تونس، منذ عام 668، بصَماتها في مجال الحفاظ على المياه وإدارتها. وفي هذا السياق جَمعَت فسقيات الأغالبة في القيروان، التي بُنيت بين 860 و862، بين الكفاءة والتناغم المعماري. لكن هذا مجرد مثال لأنّه في جميع أنحاء البلاد ضاعف الأغالبة ثم الحفصيون (1207- 1574) أعمال الحفاظ على مياه الأمطار لتمكنّهم من التكيّف في أي وقت مع الجفاف.[14]

تُبيّن هذه المعطيات التاريخيّة أهمية الثروة المائية في حياة البشرية. لذلك فإنّ الماء هو أحد أطماع الدول الاستعمارية، فعلى سبيل المثال فإنّ كل الحروب التي شنّها الكيان الإسرائيلي “كانت السيطرة على الموارد المائية من أولى أولوياتها، ويتّضح هذا من خلال السيطرة على مصادر مياه نهر الأردن ومرتفعات الجولان كأهداف رئيسية في حرب 1967، ومن خلال الغزو على لبنان حيث كان الهدف هو السيطرة على نهر الليطاني لتحويل جزء كبير منه إلى نهر الحاصباني ثم إلى بحيرة طبرية”.[15]

يَتّضح مما سبق ذكره أنّ الماء حقل أساسيُّ في الحياة والصراع والحروب، وهكذا فقد احتلت هذه الثروة مكانة “المقدّس”. ووفقا للأساطير فقد احتلّ الماء مرتبة المقدّس عند أهل بابل وآشور الذين ابتدعوا وعبدوا الآلهة الخاصّة بالمياه، أو عند اليونان حيث كان لكل من إيزيس وبوسايدون ومينارفا طقوسه ووظيفته المتمثلة في الحفاظ على السلم والسلام وإعادة البعث والحياة الأبدية من خلال الحفاظ على الماء.[16] ويتأتى تقديس الماء من فكرة أساسية وجوهرية وهي أنّ الماء حاجة من الحاجات الأولية للإنسان، “ثم إن نسج مفاهيم القداسة المرتبطة بالماء هي بناء اجتماعي ونظرة الإنسان إلى المحيط الذي يعيش فيه، لكي يُنتج مفاهيمَ ورموزا مرتبطة بذات المجال”.[17] وهكذا وعبر التاريخ فإن الماء هو المحدد في تنقل حركات البشر والجماعات، وهو العامل الجاذب في حياة الاستقرار الجماعية. فالماء هو الذي يحدد خارطة التنقل والهجرة ومجال الاستقرار.

عُطوبَة النّماذج التنموية وتَدمير الثروة المائية

يتّضح من العنصر السابق براعَة الأسلاف في الحفاظ على ثروة الماء. ولكن بعد الاستقلال (1956)، تبنّت الدولة التونسية منذ وقت مبكّر سياسة تَهدف إلى تعبئة قصوى للموارد المائية المُتاحة لتلبية حاجيات القطاعات الاقتصادية وتزويد المدن والقرى والأرياف بالمياه الصّالحة للشرب، ومَرَّت إدارة سياسة العرض بثلاث مراحل: “سياسة السّدود” من زمن الاستقلال إلى موفى السبعينات وهي مرحلة لإنشاء السدود الكبرى. والمرحلة الثانية خلال عشرية الثمانينات أين أصبحت مياه الشمال تُدار بصفة ممركزة في شكل منظومة مترابطة من السدود والقنوات تهدف إلى تعبئة قصوى للعرض وتحويل المياه من مناطق إنتاجها إلى مناطق استهلاكها. المرحلة الثالثة: ما بعد 1990 وهي سياسة التحكم في العرض لتعبئة الكميات القليلة الباقية، والتي امتدّت حتى نهاية القرن العشرين.[18] ولكن بيّنت كل التجارب تقريبا أنّ لسياسة السدود حدودها. فلئن مكنّت السدود في وقت ما من “توفير مياه الشرب والريّ بخاصّة في المناطق التي تُعرَف شُحًّا في هذا المورد الحيوي، كما مكنّت من توفير الطاقة والحماية من الفيضانات، فإنّ وجودها لا يخلو من سلبيات بيئية وصحيّة واجتماعية وثقافية، فقد تسبب وجود السدود في اختلالات النظم البيئية مما يؤدي إلى تلوثها وتنامي بعض الأمراض وتناقص التنوع البيولوجي”.[19]

وقد أدّت سياسة السدود إلى تشكّل “الإخلاء القسري” لمجتمعات عديدة.[20] وفي الحالة التونسية تميّزت السدود بعديد الجوانب السلبية منها السوسيو اقتصادية والبيئية خصوصا “حينما اقترن إحداثها بتدخّل المؤسّسات المالية العالمية التي تتحكّم في إدارة المياه، حيث أفرزت هذه الخيارات واقعًا قائمًا على سياسة التفقير والتهجير.”[21]

بشكل عام، يُمكن القول إنّ دولة الاستقلال قد عَملَت على تدمير الابتكارَات التي خلّفها الأسلاف. فما تعيشه اليوم تونس من تدهور الموارد المائية هي “نتيجة الخيارات التنمويّة والسياسات التي تمَّ تطبيقها منذ سنة 1956 في مجال التصرف في الموارد المائية. إذ أن هدر الموارد في الإنتاج الفلاحي المستنزِف والتصديري قد حَوّلَ تونس إلى مجرد وعاء لإنتاج ما يطلبه الأجنبي على حساب موارد البلاد المائية وتُربتها”.[22] وقد توسَّعَت نماذج الهدر والاستنزاف في تونس، بخاصة منذ سنة 1986.

الإصلاحات الهيكلية: نموذج للتبعية وهدر الموارد المائية

اتّبعت البلاد التونسية منذ سبعينيات القرن الماضي سياسة اقتصادية ليبرالية جديدة بقيادة الوزير الأوّل الهادي نويرة (1970-1980). ولكن انتصرت هذه التجربة لمبادئ اقتصاد السوق وجعلت الأعراف شريكا اقتصاديا فعليّا للدّولة.[23] ومن ذلك التاريخ تقريبا تحول العديد من إطارات الدولة إلى مقاولين، وانخرطت الدولة في سلعنة المياه في سياق تحاول فيه الانفتاح على السوق الرأسمالية العالمية. وقد توسعت هذه السياسة منذ انخراط تونس في برنامج الإصلاحات الهيكلية سنة 1986 أو ما يعرف بوفاق واشنطن والمتمثل في خضوع تونس إلى إملاءات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وتتمثل هذه الإملاءات في “تحرير التجارة وإرساء منطقة تبادل حرّ للمواد المصنّعة مع الاتحاد الأوروبي، واعتماد سياسة تأهيل المؤسسات الصناعية ومسار الخصخصة.”[24] ويقترن هذا النموذج الاقتصادي الجديد باتجاه الأمم المتحدة خلال المؤتمر الدولي المنعقد بديلن سنة 1992، والتي اعتبرت أن الماء مجرد سلعة كباقي المواد الأخرى القابلة للبيع والشراء ووجب إخضاعها لآليات السوق.

الصناعة الاستخراجية مثالا

بخصوص المؤسسات الصناعية، وعلى سبيل المِثال وليس الحصر أدَّى انخراط شركة فسفاط قفصة في برنامج الإصلاحات الهيكلية إلى تراجع دورها الاجتماعي المحلّي. فقد كانت الشركة هي التي تُوزّع الماء والكهرباء بصفة مجانية أو بأسعار رمزية لمتساكني الجهة. ولكن هذه الخدمات تراجعت في سياق الإصلاحات الهيكلية، منذ أن تمّت سلعَنَتها بالكامل عبر تحويلها إلى مؤسسة وطنية عمومية كشركة الكهرباء والغاز وشركة توزيع المياه ووزارة الصحة. وقد أدّت مكننة الآلة في مقاطع الفسفاط إلى استنزاف الثروة المائية وهدر النظم البيئية، إذ تَستغلّ شركة فسفاط قفصة 11 مغسلة لتثرية الفسفاط، بطاقَة جملية تقدر بحوالي 8،5 مليون طن من الفسفاط التجاري سنويا في حالات الإنتاج العادية (سنة 2010)، ليتبيّن أنّ طنّا واحدا من الفسفاط الخام يتطلب ما بين 1 إلى 1.5 متر3 [1] [2] من الماء لتثريته، وهذا ما يعني أنّه في ظلّ الظروف العادية للإنتاج يصل فيها إلى حوالي 12.5 مليون طنا من الفسفاط الخام، فإنّ شركة الفسفاط تستغل كمية ماء تتراوح ما بين 18 و20 مليون متر3 سنويا.[25] وهكذا فإنّ الصناعات الاستخراجية “تتطابق مع الطابع العنصري للرأسمالية وتتعارض تماما مع العدالة الاجتماعية نظرا إلى مخلفاتها الكارثية على المستويين الاجتماعي والبيئي. إذ تخلق ما تسميه نعومي كلاين مناطق التضحية”[26].

الزراعة الأحادية والاستخراجية مثالا آخر

“أدّى انتشار النزعة الرأسمالية الجديدة في شكلها النيوليبرالي بالفلاحة التونسية إلى استنزاف التربة والموارد المائية. لأن هذا النمط يَعتمد على الزراعات السقوية لغايات تجارية بحتة تهدف إلى تصدير المنتجات الزراعية الأحادية إلى الأسواق الأوروبية وترتكز على تكثيف الإنتاج إلى أقصاه.”[27] وهكذا فإن جشع الرأسمالية والمقاربات النيوليبرالية واعتبار الماء سلعَة والعمل على خصخصة المياه، هي عوامل تُعبّد الطريق نحو استنزاف الثروة المائية وهدرها مما يُسهم في تفقير صغار الفلاحين والمزارعين.  فإعطاء “الفرصة للمبادرة الفردية والانفتاح على مختلف أنماط التفكير والسلوك لا ينتج إلاّ تفاوتا بين الطبقات والجهات وحتى داخل أعضاء العائلة الواحدة.”[28]

وضمن النمط الاستخراجي، بات “يُوصف نموذج الزراعة في تونس، والذي يَتّبعه المستثمرون الجُدُد والذين غالباً لم يكن لهم ماضِ زراعي معروف، بأنه زراعة استخراجية تتعارَض من حيث ممارساتها وطرق استغلالها واستنفادها للثروة المائية والبيئيّة مع مبادئ الإيكولوجيا الزراعية”.[29] كما “تسهر على هذا النوع من الفلاحة شركات استثمارية….وهذه الاستثمارات ما فتئت تتوسّع وتتخذ شكل مؤسسات استثمارية ربحيّة تُشبه كثيرا المؤسسات الصناعية. وهي تعتمد على استنزاف الطاقة الإنتاجية للأرض من ناحية وعلى استنزاف الطاقة الشغيلة لسكان الريف من ناحية ثانية.”[30] ويأتي هذا الاستنزاف في سياق تَحوّلَت فيه الفلاحة في تونس من التبعيّة إلى تبعيّات متعددة،[31] وفي ظرفية عالمية أصبح فيها القطاع الخاص هو المزود الأساسي للمياه، فحسب “تقديرات البنك السويسري Pictet، فإن القطاع الخاص زوّد حوالي 1.7 مليار من سكان العالم بالمياه في سنة 2015.”[32]

بعد الثورة التّونسية: استمرارية ديناميكية النّهب والاستحواذ

رغم ضَوء الأمل الجديد الذي أتَت به الثورة التونسية بعد سنة 2011، إلاّ أنّ الحكومات المُتَعاقبة قد اعتمَدَت على نفس المقاربات الاقتصادية التي انتهَجَتها الدّولة التسلطيّة قبل الثورة التونسية، وظلّت كل الحكومات تُرَاهن على سياسات الدّين الخارجي غير السيادي من المؤسسات المالية العالمية (صندوق النقد الدولي والبنك العالمي)، الأمر الذي جعلَ البلاد التونسية رهينة مقاربة التخلف وعدم فك الارتباط، والفشل في تحقيق تنمية عادلة ومستدامة. 

بعد سنة 2011، وحول القطاع الفلاحي في تونس، وَجبَ التذكير بتواصل السياسة القديمة المتوخّاة منذ ستينيات القرن الماضي، وهي “التضحية بالفلاحة بغية تمويل الصناعة والسياحة وكل المشاريع الحكومية، وذلك بواسطة سياسية التسعيرة الإجبارية المنخفضة التي تَفرضها الدولة المحتكرة لتصدير منتوجات الفلاحين، ثم أصبح كبار التجّار المصدّرين يمارسون نفس السياسية منذ تراجع الدولة في الاقتصاد انطلاقا من سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي”.[33]

وفي سياق استمرارية مقاربات النهب باعتماد القروض غير السيادية، فإنه لئن كان لإقامة السدود نصيب كبير من القروض التي تحصلت عليها تونس منذ فترة ما بعد الاستقلال، وبخاصة منذ المصادقة على “الاتفاقية المبرمة بين الوكالة الأمريكية للتعاون الدولي عام 1957، واتفاقية القرض من المؤسسة المالية الإسبانية وتونس سنة 1986، فإنّ هذه الاتفاقيات لا تزال متواصلة بعد سنة 2011 عندما قامَت لجنة المالية والتخطيط والتنمية بتقديم مشروع قانون يتعلّق بالموافقة على اتفاقية قرض مبرم بتاريخ 28 جانفي 2019 بين الحكومة التونسية والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي للمساهمة في تمويل مشروع سدّيْ  “تاسة” و “خلاد”. وفي 6 أفريل 2020 نفذت تونس قرار المؤسسة الألمانية للقروض من أجل إعادة الإعمار لتمويل برنامج الإصلاحات في قطاع المياه القاضي بالترفيع في ترفيع تسعيرة الماء الصالح للشرب.”[34]

بعد الثورة التونسية، استمرّت الشركات المنجمية في استنزاف الثروة المائية. بالنسبة إلى المياه الجوفية فقد استهلك القطاع الزراعي بالحوض المنجمي حوالي 87.37 مليون م3 سنة 2016، ليُعتبر القطاع الصناعي ثاني أكبر مستهلك للموارد المائية حيث تبلغ الكمية حوالي 29.66 مليون م3، منها 95.23% تستخدم لمعالجة الفسفاط، أما مياه الشرب فقد استهلك تقريبا 18.30 مليون م3. كما أنّ منسوب المياه الجوفية ضعيف العرض بسبب المناخ الجاف. أما بالنسبة إلى الجداول المائية العميقة، فقد بلغت الموارد تقريبا 42.3 مليون م3 سنة 2016، ويتم استغلالها بمعدّل 80% ليكون استخراج الفسفاط في صدارة استهلاك هذه الموارد بمعدّل إجمالي قدره 76% والباقي ينقسم بين الزراعة بـ 13%  ومياه الشرب بـ 11%.[35]

رغم الشعارات المرفوعة والتي تؤكد على تحقيق القيم ذات الصلة بالعدالة الاجتماعية من قِبل النخب السياسية الحاكمة بعد سنة 2011 وبعد 25 جويلية 2021، إلاّ أنّ سياسة جشع المصانع واستنزاف الثروة المائية وتفقير الفلاحين ظلّت أكبر المشاهد البارزة على الساحة الاقتصادية والاجتماعية التونسية. على سبيل المثال احتلّت تونس عام 2020 “المرتبة العاشرة عالميا في إنتاج الطماطم المحوّلة بحجم مخزون مقدّر بـ 160 ألف طن. ويحتاج تحويل 1 طن من الطماطم الطازجة إلى ما بين الـ 1 و3 متر مكعب من المياه، في سياق لا تستعمل فيه أغلب وحدات تحويل الطماطم في تونس تقنيات معالجة المياه المستعملة وتقوم في أغلب الأوقات بسكبها في مجاري الأودية.”[36] علاوة على أنّ هذا القطاع يُسهم في استنزاف الثروة المائية. وجدير بالذكر هنا أيضا أنّ هذا القطاع الذي يُعاني فيه صغار الفلاحين أوضاعا صعبة تبدو مَصانع الطماطم هي المستفيد الأكبر، حيث يقول عدد من الفلاحين وخاصة العاملين منهم في ولاية نابل لموقع الكتيبة “إنهم قرّروا التوقف عن زراعة الطماطم وذلك للارتفاع الكبير في كلفة الإنتاج ونقص المياه والتقلّبات المناخية، أمام سعر بيع محتشم لا يلبي الحدّ الادنى من طموحاتهم.” كما “أبدى الفلاّحون سخطا وحسرة جرّاء العلاقات التي وصفوها بغير العادلة من حيث الربح بينهم وبين أصحاب المصانع، مستغربين كيف أنّ السعر الذي يتم وفقه ترويج الطماطم المعلّبة في الأسواق، والتي تقدّر حاليا بـ 4.9 دينار في الوقت الذي لا تتجاوز فيه أسعار مبيعاتهم الـ 0.2 دينار للكيلوغرام الواحد”.

من جهة أخرى، وفي سياق تهميش الخدمات العمومية بعد الثورة التونسية، ومنها رداءة خدمات الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه سواء كان ذلك في جودة المياه أو انقطاعها المتكرر في مناطق عديدة سواء الداخلية أو الفضاءات الحضرية في تونس العاصمة، ارتفع استهلاك الفرد التونسي للمياه المعدنية. فبعد أنّ كان “معدّل استهلاك الفرد للمياه المعلبة 19 لترا في السنة عام 1990 تطورت إلى 100 لتر في عام 2011 إلى ما يناهز الـ247 لترا في السنة في عام 2021 ليحتل بذلك التونسي المرتبة الثالثة عالميا في استهلاك هذه المادّة.[37] ورغم ما يشوب هذا القطاع من غموض حول فوارق الجودة بين مختلف العلامات التجارية المروّجة، إلاّ أنّه عامل أساسي في استنزاف المياه وتردي جودتها. فقد استهلكت السوق التونسية “بحلول موفى عام 2022 ما يقارب الـ3.3 مليار لتر من المياه المعدنية التي تمّ تعليبها في أكثر من 1.8 مليار قارورة بلاستيكية في مختلف الأحجام. ولكن ستتراجع هذه الأرقام الضخمة للمبيعات في سنة 2023، حيث أنّ عديد الوحدات أصبحت تُعاني من شحّ الموارد المائية ونضوب عدّة عيون طبيعية وذلك جراء الاستنزاف المشط للمياه، وكذلك من جراء الحفر العشوائي للآبار.”[38]

عبر التاريخ، اتسمت السياسة التنموية في تونس بهيمنة مقاربة التبعية، فلئن كان النظام السياسي بعد 25 جويلية 2021 يؤكد في خطاباته الرسمية على عدم الاقتراض من قبل المؤسسات المالية الدولية، إلاّ أن هذا لم يمنع تونس من الحصول على قروض جديدة مقابل تعزيز المقاربات غير السيادية. فقد تحصلت تونس على مساعدات مالية ولوجيستية طفيفة[39] على ضوء مذكرة التفاهم المبرمة بين الطرفين التونسي والاوروبي في 16 جويلية 2023. وتحتل قضية الهجرة العنصر الأساسي في هذه المذكرة، ولكن صادق الطرفان أيضا على ما يطلق عليه “الانتقال الطاقي الأخضر في تونس”، الأمر الذي يُسهم في هدر الموارد المائية والنظم البيئية، إذ أن ستنزاف الطاقة في بلد غير طاقي مثل تونس له نتيجة واحدة تتمثل في هدر الماء.[40] ممّا سيعبّد الطريق نحو المزيد من تفقير الفئات الأكثر هشاشة.

لم تعرف البلاد التونسية تغيرات اجتماعية تطورية سواء كان ذلك بعد سنة 2011 أو بعد 25 جويلية 2021. بل تعمقت الأزمة وظلت الصناعة الاستخراجية والزراعة الأحادية- الاستخراجية إحدى علامات النهب والاستحواذ. وهكذا فإنّ المشكلة الحالية هي أزمة بنيوية تاريخية، فالرأسمالية التونسية شهدت تطورات جعلتها تمرّ من “رأسمالية الدولة” إلى “رأسمالية تحت رعاية الدولة” ثمّ تحولت انطلاقا من 1986 إلى “رأسمالية تُحاول الانفتاح على المنافسة العالمية” وفي العشرية الأولى من القرن الواحد والعشرين إلى “رأسمالية محاباة ومحسوبية” Capitalisme de copinage.[41] واستمرت النزعة الزبائنية ومنطق المحاباة وعدم رسم السياسات الرصينة في البلاد التونسية حتى في سياقات انتقالية بعد سنة 2011 أو بعد 25 جويلية 2021. إذ أن مسألة الماء هي قضية تنموية وسياسية بالأساس، وهذا ما تُوضّحه أيضا بعض الشهادات الميدانية في منطقة تمغزة الواحية التي يشير صاحبها إلى أن “منوال التنمية هو منوالٌ خاطئ ويهدف إلى تجميع الثروة للمستثمرين مع حرمان المجتمع المحلي من المياه وتلويثها”.[42]

وفي سياق تقاعس السلطات وعجزها عن حل المشاكل البيئية والمناخية والسوسيو اقتصادية تتوقع العديد من الأبحاث أنّ التغير المناخي والشح المائي سيكون له تداعيات وخيمة على المجتمعات الفقيرة، من ضمنها سكان البلاد التونسية، فما هي تداعيات التغير المناخي والشح المائي على القطاع الفلاحي وحياة المواطنين، وعلى حركة الهجرة؟

نتابع الإجابة حول هذه الإشكالية في الجزء الثاني من الدراسة الذي سننَشره تباعا…


[1]  تاريخيا لئن كانت التغيرات المناخية تحدث بصفة طبيعية إلا أنّ تقرير التقييم الرابع للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الصادر سنة 2007، قد وضّح أنّ تغير المناخ لا يحدث بصفة طبيعية وإنما بسبب النشاط البشري. فالحرق المتزايد للوقود الاحفوري والانبعاثات المتزايدة للغازات الدفيئة والتي من أهمها ثاني أكسد الكربون والمتان برزت ظواهر مناخية مثل الاحترار العالمي وتقلص الأمطار وعدم انتظام هطولها وارتفاع مستوى سطح البحر وتحمّض المحيطات وتصاعد وتيرة العواصف الفيضانات وغيرها من الظواهر المناخية التي يعيشها العالم في سياقات حينيّة. يمكن للقارئ النظر إلى تقرير التقييم الرابع للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ: تغير المناخ 2007. IPCC.

[2]  غاستون باشلار، الماء والأحلام: دراسة عن الخيال والمادّة، ترجمة: علي نجيب إبراهيم، تقديم: أدونيس، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، 2007.

[3] Steffen Bauer La rareté des terres et de l’eau : moteur de migrations et conflits ?, agriculture et développement rural, n0, 2007. P 8.

[4]  هي ترجمة لـ: Territoires hydrosociaux

[5]  البيئات الفزيائية الحية هي ترجمة لـ: Milieux Biophysiques

[6] Louis Guay et Ana Lucia Britto, Les enjeux sociaux de l’eau : comparaisons internationales, Cahiers de géographie du Québec, Vol 61, n0 174, 2017, pp 415- 425. P 415.

[7] Alain Touraine, La société de communication et des acteurs, Editions du Seuil, Paris, 2021. P 65, 66.

[8] Ibid.

[9] Susan Carte, Mark Nuttal, Anthropology and climate change: From encounters to actions, Left Coast Press, Inc, California, 2009. P 12.

[10] Abdeljalil Sghari, Salem Chriha, Rivalité sur l’eau souterraine dans le bassin minier de Gafsa (sud tunisien) : témoignage d’une gestion incohérente, Revue GéoDév.ma, vol 4, 2016, en ligne : http : // revues.imist.ma/ ? journal : geodev, p 2.

[11]Ibid. P 3.

[12] Mustapha Tlili, La gestion communautaire de l’eau dans la ville oasienne de Gafsa au XIXe Siècle, In Mustapha Tlili et Jamel Ben Tahar, Histoire (s) d’eau en Tunisie et Ailleurs, Préface : Adbelhamid Hénia, Laboratoire de recherche Diraset, Faculté des Sciences Humaines et Sociales, Université de Tunis,  Arabesques Editions, Tunis, 2011, pp 66- 76, p 68.

[13] حسين الرحيلي، تأثير التحولات المناخية على الواحات التونسية، مؤسسة روزا لكسمبورغ، مكتب شمال إفريقيا، تونس، 2022، ص 85، 86.

[14]Abdeljalil Sghari, Salem Chriha, Op.Cit. P 3.

[15]  عزيز لطرش، واقع المياه في المنطقة العربية، في المياه في المنطقة العربية من الملك العام إلى الخصخصة، تحرير: عبد المولى إسماعيل، منتدى الحق في المياه بالمنطقة العربية ومؤسسة روزا لكسمبورغ، مكتب شمال إفريقيا تونس، 2016، ص 34.

[16]  إبراهيم بن عرفة وجمال معتوق، الماء بين المقدّس والطقوس الممارسة: دراسة مونوغرافية في منطقة بئر الذهب تبسة، مجلة أنتربولوجيا، 2017، ص 7- 22، ص 15.

[17]  حسن حبران، عنصر الماء بين المعتقدات الدينية والممارسات الاجتماعية في المجتمعات المغاربية، مؤسسة مؤمنون بلا حدود، 2019.

[18] لمزيد القراءة يمكن للقارئ العودة إلى: -عبد الكريم داود،  خمسون سنة من سياسة إدارة الموارد المائية في البلاد التونسية: من إدارة العرض إلى الإنصاف الترابي، مجلّة حكامة، العدد 3، المجلد 2، سبتمبر 2021، ص 9- 35.

[19]  رجاء كساب، الآثار البيئية والاجتماعية والثقافية للسدود، في السدود الكبرى تنمية أم هيمنة؟ تحرير: عبد المولى إسماعيل، دار صفصافة للنشر والتوزيع والدراسات، مصر، 2021، ص 13.

[20]  لمزيد القراءة يمكن للقارئ العودة إلى: رجاء كسب، مرجع سابق.

[21]  رامي بن علي، أزمة العطش في تونس: هشاشة للمنظومة وسعي متواصل للهيمنة الخارجية، في السدود الكبرى تنمية أم هيمنة؟ تحرير: عبد المولى إسماعيل، دار صفصافة للنشر والتوزيع والدراسات، مصر، 2021، ص 234.

[22]  حسين الرحيلي، سياسات البنك العالمي في مجاليْ الماء والصرف الصحي بتونس: الأولوية للخصخصة على حساب الحقوق الأساسية”، المعهد العابر للقوميات، مؤسسة روزا لكسمبورغ –مكتب شمال إفريقيا تونس، جمعية نوماد 08، المرصد التونسي للمياه، 2023، ص 6.

[23] المولدي قسّومي، المنظمة النقابية لأرباب العمل التّونسيّين. الأطوار والأدوار، تقديم: الهادي التيمومي، دار نقوش عربية، تونس، 2018، ص 125.

[24]  عائشة التائب، سياسات التنمية في تونس وتأثيرها في فرص عمل، في النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة في الدول العربية. سياسات التنمية وفرص العمل: دراسات قٌطرية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، لبنان، بيروت، مارس 2013، ص 131-258، ص 156.

[25]  حسين الرحيلي، الماء والعدالة الاجتماعية بالحوض المنجمي، مؤسسة فريدريش إيبرت، 2018، ص 90.

[26] حمزة حموشان، النمط الاستخراجي ومقاومته في شمال إفريقيا، ترجمة: مروة بن عمر الشريف، المعهد الدولي-ترانس ناشونال، 2019، ص 6، 7.

[27]  سميرة الولهازي، الفلاحة في تونس المستقلة من التبعية الواحدة إلى التبعيات المتعددة، في التبعية الغذائية في البلاد العربية: جذورها وأبعادها تونس والمغرب وفلسطين نموذجا، تنسيق: حبيب العايب، محمد الأزهر الغربي، ماكس آجل، مخبر التبادل المغاربي والافريقي والأوروبي، مرصد السيادة الغذائية والبيئية، تونس، 2022. ص 156- 173. ص 166.

[28]  فتحي الرقيق، منصف القابسي، إعادة إنتاج الهامشية، أشغال ملتقى الاقصاء الاجتماعي والتهميش في العالم العربي، تونس 18-23 نوفمبر 1991، المجلة التونسية للعلوم الاجتماعية، مركز الدراسات والأبحاث الاقتصادية والاجتماعية، العدد 109، تونس، 1992، ص 17-34، ص 26.

[29]  عزّام محجوب، محمد منذر بلغيث، الأمن الغذائي والسيادة الغذائية والحقّ في الغذاء في تونس، الملخص التنفيذي، المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، 2023، ص 35، 3

[30]  سميرة الولهازي، مرجع سابق، ص 166.

[31]  لمزيد القراءة حول تعدد التبعيات في القطاع الفلاحي في تونس يمكن للقارئ العودة إلى: سميرة الولهازي، مرجع سابق.

[32]  عزيز لطرش، مرجع سابق، ص 38.

[33]  الهادي التّيمومي، “ديسمبر 2011- مارس 2013: حكومة الترويكا الأولى أو يُوطُوبيا الخلافة السادسة”، في موسوعة الربيع العربي في تونس 2010- 2020، الجزء الثاني، دار محمد للنشر، صفاقس، 2020، ص 190.

[34]  رامي بن علي، مرجع سابق، ص 236، 237.

[35] Bilel Salhi, Mutations soci-spatiales et environnementales du bassin minier de Gafsa (Sud-ouest de Tunisie) Approche par les outils géomatiques, Thèse de doctorat, Co- directrice de thèse : Yamna Djellouli, Co- directeur : Mohsen Dhieb. UNIVERSSITE BRETAGNE LOIRE_ Le Mans Université, 2017. P 280.

[36]  وائل ونيفي، قطاع الطماطم في تونس: استنزاف للماء، تفقير للفلاحين وتغوَل لأصحاب الصانع، موقع الكتيبة، 20 جويلية 2023. الموقع وتاريخ زيارته: 30- 05- 2024 على الساعة 11.

[37]  وائل ونيفي، أرباح طائلة واحتكار للسوق: الوجه الآخر لاستنزاف الموارد المائية من قبل شركات تعليب المياه في تونس، موقع الكتيبة، 12 ديسمبر 2023. الموقع وتاريخ زيارته: 29- 05-2024 على الساعة 10:13.

[38]  المرجع السابق.

[39]  منح الاتحاد الأوروبي لتونس في سبتمبر 2023 مبلغا بقيمة 67 مليون يورو لتمويل خفر السواحل، وقطاع غيار ووقود بحري للسفن الأخرى وكذلك مركبات لخفر السواحل والبحرية التونسية والتدريب على تشغيل المعدات من أجل اعتراض المهاجرين غير النظاميين. وتندرج هذه المبالغ في إطار مذكرة التفاهم والمقدرة ب 150 مليون يورو. يمكن للقارئ النظر إلى: من ليبيا إلى تونس: كيف يعمل الاتحاد الأوروبي على توسيع نطاق نظام الصد بالوكالة في وسط البحر الأبيض المتوسطMigration Control (migrationcontrol.info)

[40] Khaled Tabbabi, Le Mémorandum entre la Tunisie et L’Union Européenne : Vers un renforcement de la dépendance, de l’autoritarisme et de l’Europe forteresse ?, ECRE, 2023.

[41] غريب بكّار، “مسألة منوال التنمية البديل”، في حركية المجتمع التونسي في عشرية الثورة بين  “إرادة الحياة”  و”استجابة القدر” ، تقديم: المولدي قسّومي، تونس، دار محمد علي للنشر، 2020، ص 139- 146، ص 144.

[42]  أيمن عميّد، واحة تمغزة ومأزق التنمية، في الحق في المقاومة: حكايات الفلاحات والفلاحين التونسيين حول العدالة المناخية، تنسيق رمزي العموري وأيمن عميّد، تحرير: ماكس آجل، الترجمة والمراجعة: كمال البشيني، منشورات مرصد السيادة الغذائية والبيئية، 2024، ص 70

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، تونس ، اقتصاد وصناعة وزراعة



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني