“
في تطور لافت لفكرة التقاضي الاستراتيجي، لجأت نقابة المحامين بالمغرب إلى تقديم طعن أمام محكمة النقض ضد مرسوم رئيس الحكومة القاضي بإضافة ساعة إلى التوقيت المحلي بالمغرب، وتطبيق التوقيت الصيفي “غرينيتش+1” على طول العام. وهو القرار الذي خلف جدلا واسعا داخل المغرب.
تقديم دعويين أمام القضاء
اختارت نقابة المحامين تقديم دعويين أمام الغرفة الإدارية بمحكمة النقض بدل دعوى واحدة: الأولى هي دعوى في الموضوع ترمي إلى الطعن في المرسوم المتعلق بالساعة القانونية، استنادا الى المادة 9 من القانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية التي أوكل إليها المشرع البت ابتدائيا وانتهائيا في طلبات الإلغاء لتجاوز السلطة فيما يخص المقررات التنظيمية والفردية الصادرة عن رئيس الحكومة.
والثانية هي دعوى استعجاليه لطلب إيقــاف تنفيذ المرسوم المتعلق بالساعة القانونية إلى حين البت في الطعن المقدم بالإلغاء في نفس المرسوم المعروض أمام الغرفة الإدارية لدى محكمة النقض بالرباط، وترتيب النتيجة القانونيـة الواجبة.
وقد استندت هذه الدعوى على المادة 361 من قانون المسطرة المدنية، التي أوكلت للغرفة المذكورة البت في طلبات إيقاف تنفيذ القرارات والأحكام الصادرة في القضايا الإدارية ومقررات السلطات الإدارية التي وقع ضدها طلب الإلغاء.
في نفس السياق، استندت عريضة الدعويين من حيث الصفة على مقتضيات الفقرة الخامسة من المادة الثالثة والمادة السادسة من النظام الأساسي لنقابة المحامين بالمغرب والتي تخول لها صفة التقاضي.
رئيس نقابة المحامين يوضح
صاحب الفكرة هو المحامي الحسين الراجي، المنتمي لهيئة مراكش ومقبول للترافع لدى محكمة النقض، وهو بالمناسبة رئيس نقابة المحامين بالمغرب، وقد تقدم بمقالي الدعوى لدى محكمة النقض في الرباط ضد رئيس الحكومة والوكالة القضائية للمملكة. وقد هدف من هذه المبادرة غير المسبوقة، إلى التفاعل إيجابا مع الجدل المجتمعي الذي خلفه مرسوم الحكومة القاضي بإضافة ساعة للتوقيت الرسمي للبلاد، والاستعانة بالسلطة القضائية للقول بمدى قانونية المرسوم، ومن ثمة استخدام القضاء كوسيلة لإحداث التغيير الاجتماعي والقانوني المنشود. فالقضاء قد يكون هو الحل في إنهاء هذا الجدل المحتدم.
أسس الطلب
توافر عنصر الاستعجال: أشارت عريضة الدعوى الاستعجالية إلى توافر شرط الاستعجال، ذلك أن “تنفيذ المرسوم المذكور تترتب عنه انعكاسات سلبية تمس بالأمن الاجتماعي والاقتصادي، والأمن الصحي والروحي لعموم المواطنات والمواطنين، والتي تمثل حالة استعجال قصوى يستوجب درؤها إلى حين البت في الطعن المثار في المرسوم المذكور”.
تجاوز في استعمال السلطة: أسس المحامي طلبه المقدم في الموضوع، بكون المرسوم شابته عيوب شكلية، من بينها أساساً بـ”الشطط في استعمال السلطة وتجاوزها لصدوره عن جهة لا تنعقد لها الولاية لإصدار المقررات التنظيمية لتغيير التوقيت المعمول به المحدد بالتراب الوطني بواسطة مرسوم ملكي، فضلًا عن أن هذا المرسوم قد انحرف بالسلطة التنفيذية عن دورها ومهمتها في حماية الحقوق والحريات، وتحقيق الأمن الاقتصادي والاجتماعي والثقافي”.
وتوضيحا لادعائه بعدم اختصاص الوزارة التي أصدرت المرسوم، يقول ملف الطعن “إن الجهة المصدرة لهذا المرسوم اعتمدت في تأسيسه على المرسوم الملكي عدد 455.67 الصادر بتاريخ 02/06/1967، الذي نصت فقرته الثانية من فصله الأول على وجوب تغيير التوقيت بنفس المرسوم الملكي المحدد للتوقيت القانوني للمملكة، وهو ما يغل يد الحكومة عن إصدار أي مرسوم لتغيير التوقيت القانوني”.
وخلص مقال الدعوى إلى أن “إضافة ستين (60) دقيقة إلى التوقيت القانوني، وبمقتضى الفقرة الثانية من المرسوم الملكي المذكور، يجب أن تتم بموجب مرسوم ملكي وليس بمرسوم حكومي، استناداً لوجوب صدور القوانين عن الجهة المختصة، وتكريسا لمبدأ تراتبية القوانين”.
مراعاة المصلحة العامة
اعتمدت عريضة الدعوى على معطى مراعاة المصلحة العامة باعتبارها أصل التشريع ومناطه وغايته. وفي هذا الصدد جاء في الطعن أن المرسوم الجديد: “يتطلب من جميع الشرائح الاجتماعية، أطفالا متمدرسين وآباء وأمهات وعمالاً وموظفين ومرتفقين وغيرهم، الاستيقاظ تحت جنح الظلام والتوجه إلى العمل وولوج المدارس ومقرات العمل قبل فترة الشروق. وكل هذا يؤدي إلى الرفع من استهلاك الطاقة بجميع أنواعها”.
كما أن “المرسوم المطعون فيه يفتقر لشرط المعيارية الذي يجب أن يسود التشريع؛ وذلك لعدم أخذه بعين الاعتبار عوامل الاستقرار والملاءمة والمرونة، كخصائص تميز المعيار القانوني عن الأدوات التقنية القانونية الأخرى، فضلاً عن انتفاء شرط الولوج إلى المرافق العامة، خاصة بالنسبة للمرتفقين البعيدين عن هاته المرافق”.
أكثر من هذا، فالطعن يعتبر أن المرسوم “فيه خرق للمبادئ الدستورية التي تنص على حماية الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين، وتمنع المس بأمنه الاجتماعي والاقتصادي وأمنه الصحي والروحي، وذلك وفق ما نص عليه الدستور في الباب الثاني المتعلق بالحريات والحقوق الأساسية”.
“