عقدت نقابة القضاة التونسيين صبيحة 27 اكتوبر 2013 مؤتمرها الانتخابي بمقر المحكمة الابتدائية بتونس تحت شعار “لا للوصاية السياسية على القضاء” وأسفرت نتائج المؤتمر التي أعلنت حوالي الساعة السادسة مساء عن فوز تسعة مرشحين من جملة خمسة عشر مترشحا لعضوية الهيئة الادارية للنقابة. وكان لافتا ان رئيسة النقابة السيدة روضة العبيدي كانت في طليعة الفائزين بما يؤيد التوجه عن تجديد الثقة فيها لمواصلة رئاسة الهيكل.
ورغم ان مؤتمر النقابة لم يواكبه الا ما يقارب مائتي قاضيا من جملة ألف وثمانمائة قاض يمثلون جملة القضاة العدليين التونسيين بما يبين أن الهيكل النقابي ما زال بعيدا عن لعب دور الهيكل الاكثر تمثيلية للقضاة، فان نجاح الحدث الانتخابي كشف عن نجاح النقابة في اثبات قدرتها على الاستمرارية والنجاح رغم بداياتها الصعبة. اذ يذكر هنا ان نقابة القضاة التونسيين التي عقدت مؤتمرها التأسيسي الاول في 22 ماي 2011 واجهت خلال مدة ولاية هيئتها الادارية الاولى اعتراضات كبرى من داخل الوسط القضائي ومن خارجه بعد ان اتهمتها جمعية القضاة التونسيين بكونها اداة لشق وحدة صف القضاة التونسيين تخدم أجندة من تضررت مصالحهم من حصول الثورة. وتم السعي الى محاصرة النقابة في مهدها بأن تمسكت جمعية القضاة التونسيين بمقاطعة اي تظاهرة تحضرها النقابة غير ان ذلك لم يفلح في انهاء تواجد النقابة التي تمكنت بعد صراعات صعبة من فرض نفسها كطرف فاعل في الساحة القضائية وذلك بعد أن حققت جملة من النجاحات مكنتها من استقطاب أنصار لها خصوصا في صفوف القضاة الشبان.
ويذكر في إطار محاولة رصد نجاحات نقابة القضاة التي مكنتها من فرض الاعتراف بها كهيكل مهني فاعل ان نقابة القضاة تمكنت خلال السنتين الماضيتين من تأطير جملة من التحركات الاحتجاجية اكسبتها اشعاعا في الاوساط القضائية واثبت انها باتت رقما لا يمكن تجاهله في إطار التعاطي مع الهياكل المهنية للقضاة. ويمكن في هذا الإطار الاشارة الى ثلاث محطات رئيسية تمكنت بمناسبتها النقابة من فرض نفسها كطرف نقابي قوي أثّر في الاحداث. كانت أولى هذه المحطات يوم تمكنت النقابة من فرض توازن للقوى مع هياكل المحامين بمناسبة اصدار مرسوم المحاماة ادى لان تجد السلطة السياسية نفسها ملزمة بمراجعة النصوص القانونية التي كانت تحد من حق القضاة في الالتحاق بعد استقالتهم او تقاعدهم بالمحاماة. فيما تمثلت ثاني المحطات في تمكن النقابة من إلزام السلطة السياسية بعدم الالتجاء مستقبلا لآلية الاعفاء. اذ وعقب اعلان وزير العدل التونسي يوم 26 مارس 2012 قراره اعفاء 81 قاضيا من عملهم بدعوى ضلوعهم في الفساد دون المرور بالآليات التأديبية اعلنت الهيئة الادارية لنقابة القضاة التونسيين سلسلة من التحركات الاحتجاجية توصلت عقبها الى ايجاد رأي عام قضائي يناهض الاعفاءات على اعتبار انها تحرم القضاة من حقهم في المؤاخذة العادلة وأدت لفرض التزام وزارة العدل بعدم الالتجاء مستقبلا لآلية الاعفاء. فيما كانت المحطة الهامة الثالثة في تمكن نقابة القضاة من فرض موقفها الرافض لتمثيل غير القضاة بهيئة القضاء العدلي. ورغم أن قانون الهيئة انتهى للحفاظ على مبدأ فتح عضوية الهيئة لغير القضاة فان ضغط النقابة افضى لجعل هذا التمثيل لغير القضاة ينحصر في ربع اعضاء الهيئة ويشتمل على الاساتذة الجامعيين ممن يباشرون التدريس وممن يجمعون بين التدريس والمحاماة بما شكل انتصارا للنقابة على حساب هياكل المحامين التي كانت تسعى لفرض وجودها كطرف في الهيئة وبما أنهى فعليا سعي الاطراف السياسية لفرض ولايتها على هيئة القضاء.
اثبت المؤتمر الثاني لنقابة القضاة التونسيين ان التعددية الهيكلية أضحت من ثوابت المشهد القضائي التونسي رغم التعاطي السلبي لمختلف مكونات المشهد القضائي مع هذه التعددية. وكان في مشاركة أعضاء اتحاد القضاة الاداريين في اشغال المؤتمر من خلال اشرافهم على العملية الانتخابية مؤشرا يؤكد قوة التحالف بين الهيكلين. غير أنه ينهض على عاتق الهيئة الادارية لنقابة القضاة التونسيين الجديدة أن تسعى لجعل قدرتها على التواصل مع هياكل القضاة تتجاوز نطاق تحالفاتها السابقة بشكل ينهي الصراع الصدامي بينها وبين جمعية القضاة التونسيين بما يخدم قضية استقلال القضاء ويفرض احترام كل الدوائر لهياكل القضاة بعدما أضر الصراع الهيكلي بذلك خلال الفترة السابقة. وتنشر المفكرة القانونية نتائج المؤتمر الانتخابي للنقابة في إطار متابعتها لنشاط هياكل القضاة في المنطقة العربية على اعتبار ان تنظم القضاة صلب هياكل مهنية هو من شروط نجاحهم في الدفاع عن استقلاليتهم.
نتائج المؤتمر الانتخابي واعضاء الهيئة الادارية لنقابة القضاة التونسيين
روضة العبيدي 146 صوت
عصام الاحمر 141 صوت
بوبكر سوقير 112 صوت
وليد لوقيني 97 صوت
هادية العايدي 94 صوت
لطفي رويس 91 صوت
سفيان العورابي 87 صوت
فوزية القمري 82 صوت
منصور الشلندي 73 صوت
الصورة منقولة عن موقع جدل
متوفر من خلال: