ذهب ثوار عكار في مكان نحو ما يمكن تسميته المعنى الحقيقي للإتجاه الثوري. فقد تداول الناشطون وأهالي المنطقة خبراً عبر الواتس آب يقول أن مجموعة من الناشطين تقوم بإقفال المصارف في العبدة تطبيقا لشعار “يسقط حكم المصرف”، فيما قصد ناشطون أخرون محلات ودكاكين يراقبون ارتفاع الأسعار والفرق في تصريف الدولار، منعا لاستغلال المواطنين.
في ظل إقفال الطرقات، أحيانا بقرار منظم من قبل الناشطين والناشطات في عكار وأحياناً بمبادارت فردية، صارت الرحلة بين حلبا والعبدة، وكلاهما في عكار، تستغرق ساعات، فيما حوّل بعض الصبية الساحات الخالية من السيارات، بفعل تسكير الطرقات، إلى مساحات يلعبون فيها بدراجاتهم الهوائية، كونهم محرومين من أبسط حقوقهم في المساحات العامة المخصصة لذلك. وساحة العبدة هي واحدة من هذه المساحات التي استغلها صغار الثوار.
على المقلب الأخر من ساحة العبدة كان رجل أربعيني يهرول مسرعا فيما يلحق به مجموعة شبان في ما تبين لاحقاً أنه هجوم على أحد المصارف الذي انتشر خبر إقفاله قبل وقت قصير. هناك في مدخل المصرف وقف مدير فرع المصرف في المنطقة يتصبب عرقاً برغم برودة الطقس، فيما وقف إلى جانبه عنصر من قوى الأمن الداخلي.
طلب الناشطين كان واضحا: “حل أزمة المواطنين والعودة إلى التداول بالدولار كما كان الوضع قبل الأحداث”. كان الشبان يحتجون على عدم سماح المصرف للعملاء من المواطنين التحويل إلى الدولار أو تصريف مالهم من الليرة اللبنانية لدفع قروضهم أو فواتيرهم المطلوبة أيضاً بالدولار، وهو ما عرضهم لإستغلال بعض الصرافة وبأسعار السوق السوداء.
حاول مدير الفرع أن يحول الموضوع الى مطلب شخصي للرجل الذي دخل المصرف ك”السهم”، الاّ أن الناشط تدارك الموضوع سريعا وصحح الوجهة : “هذا الأمر سينطبق على كل المودعين بالبنك”. فُض التجمع حتى صباح اليوم الإثنين موعد بداية التداول بالبورصة، ولكن المصارف أقفلت ابوابها اليوم في 4 تشرين الثاني 2019
.
مراقبة ألأسعار وضبطها
اليوم الإثنين، وفي الساحة في العبدة أيضاً، مكان الإعتصام، يوجد محال تجارية عدة منها ما هو مخصص لبيع المواد الغذائية بالجملة . قصد الشبان أنفسهم بعض هذه المحال لبيع المواد الغذائية بالجملة. طلب الشبان لائحة بأسعار البضائع، وهذا من حقهم، إذ أنهم يدافعون عن حقوق الناس الذين يعانون من غلاء الأسعار، كما يقولون. قال صاحب المحل أنه لم يرفع أسعار بضائعه وإنما اضطر إلى دفع ثمن مشترياته بالدولار على سعر 1630، وبالتالي لا يمكنه البيع على سعر 1515، وهو السعر الرسمي للتداول بالدولار، وقال أن هذا الأمر استجد حتى قبل بدء الثورة.
كذلك رد عبد القادر فتاح، صاحب سوبر ماركت في الجوار، سبب الغلاء لارتفاع سعر الدولار “لم استطع الإلتزام بكل ما طلبه الشباب فكل بضاعتنا، حتى الوطنية منها، نشتريها بالدولار، وسعر صرف الدولار مرتفع”.
عندما وجدنا أحمد، الشاب الذي قاد التحرك تجاه المصارف ومحلات بيع المواد الغذائية، وقف أمام الكاميرا وقال: أنا أحمد فؤاد البستاني ذاكراً رقم سجله و تاريج ميلاده و إسم الأم: “هكذا تميزني الأجهزة الأمنية عن باقي من يحملون اسم أحمد البستاني”.
مدرس مادة التاريخ
عن الحوار الذي جرى في المصرف، وعن الجولة التي قام بها برفقة شبان أخرين على المحال التجارية، وردود أصحاب محلات بيع المواد الغذائية، علّق أحمد وهو أستاذ في مادة التاريخ، بالقول “هذه المحال تُخزن بضائع في مستودعاتها قبل مشكلة الدولار، لكن، وعندما اختفى الدولار من الأسواق، ارتفعت الأسعار”، مشيراً إلى أنه “لا يحق لهم رفع الأسعار”. وفي ما يتعلق بالسلع التي يتم شراءها بسعر مرتفع قال ” عندها يحق لهم رفع الأسعار، ولكن ليس بطريقة عشوائية، وهذا القرار(جولة المحال) لم نأخذه كأفراد، ولكن تم أخذه بالتعاون مع البلدية، ونائب رئيس البلدية الذي هو معني من بين المعنيين بالحراك. ولذا قمنا بإلزام أصحاب المحال بالأسعار التى كانت قبل الإعتصام، مثال : سعر السكر أصبح الفين و200 ليرة بعد الإنتفاضة فتم إرجاعه إلى سعره الاصلي 1750 ليرة لبنانية، والأرز الذي أصبح 3 آلاف ليرة لبنانية بعد الإنتفاضة تم إرجاعه لسعره الاصلي 2500 ليرة لبنانية، بالإضافة الى كل مستلزمات البيت الأساسية”.
وعند سؤالنا عن دور مصلحة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد التي قاموا بدورها هم في عكار قال: “الكلام عن وزارة الاقتصاد كلام فارغ، إذ لا وجود لها هنا، فهذه وزارة اغتصاب هناك فقط وزير ومستشارين وموظفين، وهم فقط أعباء على الدولة، ولكن لا وجود فعلي لهم على أرض الواقع في عكار وفي هذه الأزمة أيضاً”. وأعطى مثالاً عن تشريجة ألفا الخليوية التي أصبحت ب 48 ألف ليرة لبنانية، يتم تسعيرها بالدولار، وكأنهم يستوردونها من أمريكا. وفي ما يتعلق بموضوع التشريج قال: “لقد قمنا أيضا بجولة على أصحاب محلات التشريج وطلبنا منهم عدم شرائها بسعر الدولار، وإعطاء حجج غير مبررة، وأن تكون بالسعر المقبول، أو سيتم التعامل معهم بطريقة مختلفة”. وأخيراً أكد أن ناشطي المنطقة لن يتوقفوا عن مراقبة أي تاجر أو مصرف يحاول استغلال الناس “ونحن ننسق خطواتنا مع ناشطين بمناطق لبنانية أخرى، ولن نتوقف عن ذلك”.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.