عقد نادي قضاة المغرب في نهاية الأسبوع المنصرم جمعه العام السادس تحت شعار التحصين الاقتصادي والاجتماعي للقضاة ضمانة لاستقلال السلطة القضائية، وقد أسفر الجمع العام عن انتخاب القاضي هشام العماري رئيسا جديدا لنادي القضاة خلفا للرئيس عبد الرزاق الجباري، وانتخاب مكتب تنفيذي ومجلس وطني جديدين.
مؤشرات الجمع العام السادس
عرف الجمع العام حضور أزيد من 600 قاضية وقاض، يتقدمهم الرؤساء السابقون للجمعية، وعدد من عضوات وأعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وممثلون عن باقي الجمعيات المهنية، إلى جانب 15 مسؤولا في الإدارات المركزية، و23 مسؤولا قضائيا، ينتمون الى نادي قضاة المغرب.
خلال كلمته الافتتاحية استعرض رئيس نادي قضاة المغرب أهم المنجزات التي عرفتها الولاية الحالية والتي تمثلت أساسا في مواصلة النادي لترافعه من أجل الدفاع عن مبادئ استقلال السلطة القضائية، مستذكرا عددا من المحطات من أهمها مراجعة قوانين السلطة القضائية، ومعالجة عدد من القضايا العالقة التي تهم الملف المطلبيّ للقضاة، مثمّنا تجاوب المؤسّسات مع مطالب النّادي وعلى رأسها المجلس الأعلى للقضاء الذي غلب المقاربة التأطيرية على المقاربة التأديبية في عدد من القضايا، كما استجاب لعدد من المطالب التي تقدّمت بها الجمعية، مؤكّدا على أهمية المقاربة التشاركية في تنزيل الإصلاحات القضائية، وعلى أهميّة الاستدامة في الترافع من أجل قوانين ضامنة لاستقلال القضاء.
كما قدم الكاتب العام للنادي التقرير الأدبي والمالي _ تمّ نشره عبر الموقع الرسمي للعموم_ والذي أكد اعتماد الجمعية بدرجة كبيرة على المساهمات المالية لأعضائها ومحدودية ولوجها إلى الدعم العمومي، وهو ما لم يؤثر على حصيلة عملها خلال هذه الولاية، وبعد مناقشته تمت المصادقة عليه بالإجماع، كما تمّ تقديم مشروع تعديلات جديدة على القانون الأساسيّ للنادي من أجل رفع الحظر على ترشّح المسؤولين القضائيين لعضوية أجهزة الجمعية على الصعيد الوطني، وهي النقطة التي عرفت نقاشا مستفيضا بين توجه يؤكد على الإبقاء على هذا الحظر وآخر يدعو الى رفعه بعدما أصبح غير مبرر بعد تغيير السياق العام وبروز جيل جديد من المسؤولين القضائيين كانوا أعضاء بارزين في أجهزة الجمعية، وقد أسفرت عملية التصويت عن المصادقة على مشروع التعديل بأغلبية أصوات الحاضرين مع تسجيل اعتراض 100 مؤتمر، كما تضمنت التعديلات أيضا مقتضى جديد بموجبه يصبح الرؤساء السابقون للجمعية أعضاء شرفين ضمن أجهزة الجمعية بحيث تكون لهم الصلاحية في المساهمة في المناقشات دون الحق في التصويت.
انتخاب رئيس جديد لنادي قضاة المغرب وتصاعد مقاربة النوع
قبيل موعد الجمع العام أعلن رئيس نادي قضاة المغرب عبد الرزاق الجباري، عدم نيته في الترشح لولاية جديدة، إيمانا منه بضرورة التداول الديمقراطي على المسؤولية، معبرا عن ثقته في الكفاءات القضائية التي يزخر بها النادي، والتي يمكنها “حمل المشعل والاستمرار في تحقيق الأهداف التي من أجلها وجدت الجمعية”، وبعد فتح باب الترشيحات تقدم لمنصب الرئيس مرشحان، هما هشام العماري وعبد الله الكرجي، كما تقدّم للمكتب التنفيذي حوالي 30 مرشحا، وتقدّم عشرات المرشحين لعضوية المجلس الوطني. وقد أسفر الاقتراع عن فوز الرئيس هشام العماري برئاسة النادي، وفوز 3 قاضيات بعضوية المكتب التنفيذي من أصل 10 أعضاء، كما تم فوز 15 قاضية بعضوية المجلس الوطني من أصل 50 عضوا.
من هو الرئيس الجديد لنادي قضاة المغرب وما هي أولويات المرحلة؟
الرئيس الجديد لنادي قضاة المغرب هو القاضي هشام العماري من مواليد سنة 1975 بطنجة، حاصل على الاجازة في الحقوق من كلية الحقوق بمكناس سنة 1997، وحاصل أيضا على دبلوم الدراسات العليا المعمقة تخصص قانون الأعمال بكلية الحقوق بالدار البيضاء سنة 2003. التحق بالمعهد العالي للقضاء سنة 2001، حيث اشتغل بعدد من المحاكم مثل المحكمة الابتدائية بالناظور ووجدة ثم بالمحكمة التجارية بالرباط والمحكمة التجارية بمكناس، ويمارس حاليا بالمحكمة التجارية بفاس. كما أنه أستاذ بعدد من الكليات، وله عدد من المؤلفات والمقالات التي سبق نشرها في المفكرة القانونية، وهو من مؤسسي نادي قضاة المغرب سنة 2011 حيث شغل منصب عضو في المكتب التنفيذي خلال الولاية الاولى للنادي من سنة 2011 الى غاية 2014.
وعن أولويات المرحلة أكد هشام العماري، أن نادي قضاة المغرب “لم يتخلَّ يوما عن تفعيل دوره الاقتراحي، وكان حريصا على المبادرة في طرح أفكاره الإصلاحية إن بشكل رسمي ومباشر أو بشكل غير مباشر، وخاصة عن طريق نشر تقاريره ومذكراته”. وأضاف: “سنشتغل خلال المرحلة القادمة، في إطار الاستمرارية، على نهج الأجهزة المسيرة السابقة التي وضعت خطوطا كبرى للعمل.. تتمحور أساسا حول دعم استقلال السلطة القضائية، ودعم نزاهة القضاء وتخليقه، وتعزيز ثقة المتقاضين في القضاء، في انسجام مع عمل باقي الفاعلين في مجال العدالة عموما والقضاء على وجه الخصوص”.
ارتسامات ما بعد الجمع العام
اختار نادي قضاة المغرب موضوع التحصين الاقتصادي للقضاة شعارا للجمع العام، حيث قدم رئيس نادي قضاة المغرب الخطوط العريضة لوثيقة “التحصين الاقتصادي والاجتماعي للقضاة ضمانة لاستقلال السلطة القضائية”، والتي تمّ التأكيد فيها على مطلب إخضاع أجور القضاة لمبدأ المراجعة الدورية، وتمكين القضاة من جمعية للأعمال الاجتماعية خاصة بهم.
كان لافتا في الجمع العام لنادي قضاة المغرب استمرار طابع التشبيب الذي يغلب على الجمعية بحيث أن أغلبية الحضور المؤتمرين هم من القضاة المؤسسين للنادي إلى جانب الأفواج الجديدة من القضاة الجدد، مع تزايد ملحوظ على مستوى حضور القضاة العاملين بمحاكم الاستئناف، على إثر ترقية عدد من القضاة وانتقالهم الى محاكم أعلى درجة.
يلاحظ أيضا حضور متزايد للمسؤولين القضائيين الشباب من أعضاء الجمعية الذين أسندت لهم مهام المسؤولية القضائية في المحاكم، وهو ما جعل مطلب رفع الحظر بين المسؤولية القضائية وتولي مناصب تسيير الجمعية حاضرا بقوة خلال الجمع العام، رغم أن هذا الحظر ظلّ وإلى وقت قريب يميز القانون الأساسي للنادي كردّ فعل على ممارسات سابقة عرفها الشأن القضائي من جراء الخلط بين القضائي والجمعوي، وهو ما تراجع خلال السنوات الأخيرة بعد صدور مدونة الأخلاقيات القضائية.
يلاحظ أيضا انفتاح الجمع العام لنادي قضاة المغرب على باقي الجمعيات المهنية القضائية بحيث تمت دعوة رؤسائها الى الجلسة الافتتاحية للجمع العام، مما يؤكد على علاقات التعاون التي تربط بين الجمعيات المهنية، وإذا كانت الولاية السابقة عرفت تراجعا على مستوى المقاربة الجندرية بحيث اقتصر حضور النساء القاضيات على منصب واحد على مستوى المكتب التنفيذي، فإن الولاية الجديدة عرفت انتخاب 3 قاضيات، وبأغلبية أصوات كبيرة، من دون اعتماد نظام الحصص أو “الكوتا” ، كما تم انتخاب 15 قاضية على مستوى المجلس الوطني.
من جهة أخرى، ورغم ما عرفته هذه الاستحقاقات من تنافس ديمقراطي على منصب الرئاسة بين قاضيين ينتميان معا الى الجيل المؤسس للنادي يلاحظ غياب أي برنامج خاص بكل مرشح، بحيث كان التركيز على تنزيل أهداف الجمعية أكثر من تقديم برامج أو وعود انتخابية.
مواضيع ذات الصلة
دور نادي قضاة المغرب في نظر مؤسسيه: شهادات (1) لماذا تأسيس نادي قضاة المغرب؟ القاضي يفرض نفسه كفاعل أساسي في اصلاح القضاء
اولى بواكير الدستور (الثورة) في المغرب: القضاة ينشؤون ناديا في الهواء الطلق..
من تونس إلى مكناس، “المفكرة” تناقش تصورها التجديدي حول مدونة الأخلاقيات القضائية
تجديد هيئة نادي قضاة المغرب ورئاسته: تراجع المقاربة الجندرية والحذر حيال المسؤولين القضائيين
إعادة انتخاب الشنتوف رئيسا لنادي قضاة المغرب وسط حضور عدد كبير من القضاة الشباب
نادي قضاة المغرب يقدم مذكرة حول مشروع مدونة السلوك: يتشبّث فيها بالحرية ويوصي بالولاء لقيم المجتمع الديمقراطي
نادي قضاة المغرب يكسر حاجز الصمت حول تردي الأوضاع الصحية للقضاة
نادي قضاة المغرب يحذر من المسّ بـ “الأمن المهني للقضاة”
نادي قضاة المغرب يدشن حملة لرفض تعديلات قوانين السلطة القضائية
نادي قضاة المغرب يطالب بالمراجعة الدورية لأجور القضاة
نادي قضاة المغرب يتشبث بإخضاع مناصب المسؤوليات القضائية للتباري
نادي قضاة المغرب عضو في لجنة الإشراف على الحكومة المنفتحة: اختيار يعكس تحولا كبيرا في شروط العمل القضائي
نادي قضاة المغرب يدعم حق نظيره اللبناني في ممارسة عمله الجمعوي القضائي