موظفون يعتصمون أمام Aishti احتجاجاً على الصرف التعسفي: “أين حقوقنا؟”


2019-12-09    |   

موظفون يعتصمون أمام Aishti احتجاجاً على الصرف التعسفي: “أين حقوقنا؟”

مصادر وزارة العمل تؤكد أن زهاء 67 شركة أو مؤسسة تقدمت بطلب إجراء مشاورات معها في إطار الصرف لأسباب اقتصادية. وفيما حددت 47 منها عدد الأجراء الذين تنوي صرفهم وقد بلغ مجموعهم زهاء 1500، فإن 20 أبقوا العدد غير محدد. وتفيد نفس المصادر أن آيشتي تقدم بطلب مشاورات من دون أن يرفقها بالمستندات المطلوبة، مما يؤدي إلى اعتبار الصرف الحاصل تعسفيا حكما. وكانت “المفكرة” دعت إلى مؤتمر صحافي للمطالبة بإعلان خطة طوارئ للدفاع عن الاستقرار الوظيفي في المرحلة القادمة يوم الثلاثاء القادم (المحرر).

أمام واجهات محلات “أيشتي” في وسط بيروت، وقف ستة من موظفيها المصروفين تعسفياً، وحملوا يافطات تندد بالإجراءات التي اتخذتها الشركة بحقهم مساء الخميس 5 كانون الأول. وكانت الشركة قد طلبت من جزء من موظفيها توقيع استقالاتهم مقابل تعويضات مجحفة تساوي تعويض ما يقل عن راتب شهرين (راتبين بنسبة 66% من قيمة الراتب الأساسي). ومن رفض التوقيع، هددته الشركة بعدم دفع راتبه عن شهر تشرين الثاني وأي تعويضات أخرى. وينقل الموظفون أن أعدادهم بين الذين تم صرفهم وآخرين أرغموا على التوقيع على استقالاتهم يصل إلى حدود 100 موظف وموظفة.

أول أمس، كان الاعتصام بمحاذاة الفرع الرئيسي، حيث وقف الموظفون أمام الواجهات التي يلبس “المانيكان” الذي يقف فيها ملابس أسعارها بـ “الملايين”، أو كما عبرت امرأة انضمت إلى المعتصمين لأجل دعمهم: “ثمن كل حقيبة لدى أيشتي يتخطى قيمة تعويض موظف بمبالغ كبيرة”. ومن داخل المحل حيث الأضواء البراقة بدا الجموح على أوجه الموظفين، لربما كان كل شخص يشعر بأن الصرف قد يطاله أيضاً. ويؤكد على ذلك موظف لا يزال يعمل في الشركة بقوله أن: “القلق يُسيطر على من بقي في العمل”، لافتاً إلى أنه لو تم صرفه تعسفياً سينضم للاعتصام مع رفاقه.

يروي الموظفون بأن الشركة بدأت منذ بداية الانتفاضة الشعبية بتعديل ساعات العمل اليومية، وقد ترتب جراء ذلك تخفيض الرواتب. فأصبح الدوام منذ ما يُقارب الشهرين دواماً جزئياً، فيتقاضى كل موظف لقاء أيام العمل التي يعملها كل شهر، وهي التي وصلت إلى 15 يوماً كل شهر. وبالتالي، فإن الرواتب انخفضت لنسبة وصلت إلى 40% وأكثر. ويلفت بعض الموظفين إلى أن عدد الأيام التي عملوا فيها في الشهرين الأخيرين لم تتخطـ 10 أيام. وذلك يعود إلى أن المحلات أغلقت معظم فروعها خلال التظاهرات، فاتجهت نحو خصم أيام الإغلاق من رواتب الموظفين، علماً أن ظروف الإغلاق ليست بيد الموظفين.

هذا التعديل الذي شهدته دوامات العمل، أرادت الشركة أن تقوننه منذ نحو أسبوع، فأرسلت أوراقا بمثابة “براءات ذمة” للموظفين طالبة منهم توقيعها، وهذه الورقة تتذرع بالظروف “الاقتصادية والسياسية والمالية الراهنة والتي أدت إلى استحالة استمرار النشاط الطبيعي للشركة”، وهي تهدف إلى تبرير تخفيض ساعات العمل والرواتب، وفي الآن نفسه تشريع الإجراءات الجديدة. وتتضمن الورقة تبرئة ذمة الشركة من أي حق أو مطلب أو ادعاء يتعلق بهذا الخصوص. أي أنها تحرم الموظف من حق اللجوء إلى مجلس العمل التحكيمي لتحصيل تعويضاته.

الذين تم صرفهم من العمل منهم من رفض التوقيع على براءة الذمة، وآخرون كانوا قد وقعوا عليها بعدما تم استدعاؤهم إلى الإدارة والطلب إليهم بتوقيع استقالاتهم مقابل تعويض راتب شهرين، لكن ليس الراتب الأساسي بل بنسبة لا تتعدى 66% منه. أما الآخرون الذين رفضوا تسوية الاستقالة والتي وصفوها أنها تحصل تحت الضغط، طُلب منهم أخذ إجازة على أن يتم التواصل معهم خلال يومين وهذا ما لم يحصل. وبما أنه لم يتم التواصل معهم للعودة إلى العمل أو لتعديل التسوية، اعتبر الموظفون أنفسهم أمام صرف تعسفي، وهؤلاء منهم من عمل في الشركة لأكثر من خمس سنوات وآخرون تتخطى سنوات عملهم العشر سنوات. وإذ ذكرت الشركة أنها ستسدد الاشتراكات للضمان الاجتماعي على أساس الراتب الأساسي قبل التخفيض خلال فترة العمل الجزئي، لكنها لم تحدد المدة الزمنية التي ستتبع خلالها التعديلات الجديدة.

يظهر جلياً بحسب روايات الموظفين بأن الشركة تُخالف قانون العمل وخاصة المادة 50 منه الفقرة “و”، التي تُفسر الصرف الاقتصادي على نحو آخر. إذ تُقيد إجراءات إنهاء عقود العمل لأسباب اقتصادية، بأنه لا يتم سوى بإعلام وزارة العمل قبل شهر من الصرف، وعلى أن “يتشاور صاحب العمل مع الوزارة لوضع برنامج نهائي لذلك الإنهاء يُراعي أقدمية العمال في المؤسسة واختصاصهم وأعمارهم ووضعهم العائلي…”. بالنسبة لـ “أيشتي”، علم من مصدر في وزارة العمل أنها قدمت أوراقا غير مكتملة ولم تستجب لإبراز ما طلبته وزارة العمل من مستندات ولم تعقد تاليا أي جلسات تشاور. وعليه، نكون حكما أمام صرف تعسفي لعدم اكتمال الاجراءات الجوهرية للصرف الاقتصادي.

اعتصام خجول إنما بصوت مرتفع

وعلى الرغم من العدد القليل الذي حضر إلى الاعتصام إلا أن مجرد اسم “ايشتي” جذب وسائل إعلام، وأظهر الموظفون إرادة عالية للمطالبة بحقوقهم دون خوف من “رب العمل” الذي حذرهم سابقاً عبر الإدارة بأنهم لن يحصلوا على حقوقهم في حال رفضوا التسوية التي تفرضها الشركة. وكان هدف الموظفين أن يلفتوا نظر زبائن محلات أيشتي بأن الشركة تأكل حقوقهم، وكان لافتاً تدخل عدد من المارين الذين انتابهم الفضول ليعرفوا سبب الاعتصام.

تقول أنوار، وهي عملت في الشركة لما يقارب 9 أشهر أنها قبلت بكتابة استقالتها مخافة من ألا تحصل على مستحقاتها المالية، تضيف، “حين علمت أن آخرين لم يوقعوا كتاب استقالتهم، تيقنت أنه كان بإمكاني المطالبة بتعويضات عادلة كون التعويض الذي حصلت عليه غير عادل”. لذا تتجه أنوار إلى الطعن بكتاب استقالتها، علها تحصل حقوقاً عادلة كونها خسرت وظيفتها التي تشكل مدخولها الأساسي.

موظفة ثانية تقول للمفكرة بأنها عملت في الشركة لمدة خمس سنوات، وتفاجأت بأن ترغمهم الشركة على العمل بدوام جزئي ما سترتب عليها أعباء اقتصادية، فوقعت على الورقة مع التحفظ. وسرعان ما تم طلب مثولها في مكتب الإدارة، وهناك قيل لها أنه عليها أن تعيد التوقيع على الورقة من دون تحفظ، فرفضت التوقيع. فقيل لها أن تلزم منزلها إلى حين معاودة الاتصال بها، وقد مرت أربعة أيام دون أي اتصال من الإدارة.

موظفة أخرى قالت بأنها طالبت بأن يعطوها تعويضا عادلا، شهرا عن كل سنة عمل. وكانت قد عملت في الشركة لمدة 7 سنوات. لكن الإدارة رفضت، وطلبت منها هي أيضاً ألا تأتي إلى العمل إلى حين الاتصال بها. أما مروى فتقول بأنه تم طردها بسبب تعليقها على منشور على فايسبوك كان قد نشره صديقها، ويتضمن نقدا سياسيا لوزير لبناني ويوجه له اتهامات “هدر وفساد”، وكانت قد لفتت في تعليقها أن زوجة الوزير تشتري بآلاف الدولارات من أيشتي. حينها، قام شخص ما بإرسال صورة عن تعليقها لزوجة الوزير، فعمدت الأخيرة إلى الاتصال بطوني سلامة مالك محلات “أيشتي”. وتؤكد مروى أنها “أرسلت اعتذارا إلى زوجة الوزير”، لكنها تفاجأت بأنه تم نقلها إلى فرع آخر للشركة ويبعد أكثر من ساعتين عن منزلها، ما ترتب عليها دفع أجرة تنقل مرتفعة. وعلى الرغم من أنها استمرت بالعمل بعد التضييق عليها بهذا الشكل، فقد تم صرفها وإعطاؤها تعويض صرف يُساوي قيمة راتب واحد، علماً أنها عملت في الشركة لمدة ثلاث سنوات.

وفيما تمنى المعتصمون لو انضم كافة الذين صرفوا تعسفياً من الشركة إلى الاعتصام، ومنهم من عمل لسنوات عديدة فخرجوا من دون تعويضات عادلة، بدا الاعتصام هادئاً وسلمياً. وإذ حاولت موظفة من داخل المحل الخروج لإيصال صورة مختلفة عن مالك الشركة طوني سلامة، قائلةً: “سلامة لا يصرف أحدا تعسفياً، لكن الظروف الاقتصادية دفعته لذلك”، استمر الموظفون بالاعتصام متحدين أي محاولات ضغط تُمارس عليهم.

المحامية سميحة شعبان أكدت للمفكرة بأن “الموظفين يواجهون صرفا تعسفيا فعليا، بمجرد الطلب إليهم توقيع استقالاتهم”. وتُضيف: “على الشركة أن تبلغ وزارة العمل بأن تنوي صرف العمال، ومن المستحسن أن يتم تفاوض بين رب العمل والعمال على التسوية المناسبة لا أن تُفرض عليهم تسوية تُمثل مصالح الشركة وحدها لا مصالح العمال”. وعليه، تلفت شعبان إلى أن “وزارة العمل قادرة على أن تلعب دوراً أساسياً في التوسط بين الطرفين، وفي حال الوصول إلى نتيجة مرضية، يوقع ورقة أشبه بعقد تسوية تكون نافذة على أصلها”. وتلفت شعبان إلى أنه من الضروري أن تتم الإجراءات بهذا الشكل لأنه لو تفردت وزارة العمل باتخاذ قرار يتعلق بتعويضات الموظفين في حال تمنع الشركة عن عقد جلسات تشاور فإن قراراتها غير ملزمة. وتُذكر شعبان، بأنه بالتوازي مع المشاورات في الوزارة، على المصروفين، أن يتجهوا خلال مهلة شهر من الصرف إلى مجلس العمل التحكيمي لتقديم شكوى، على أن يتم تحريكها في حال لم تتوصل وزارة العمل إلى تسوية عادلة”.

وزارة العمل تشكل لجنة طوارئ

أيشتي ليست الشركة الوحيدة التي قامت بعملية صرف جماعي لموظفيها متذرعة بالأوضاع الاقتصادية خلال هذا العام، بل بات خبر صرف الموظفين وكأنه خبر يومي، عدا عن أن بداية هذا العام كانت تنذر بحالات الصرف وإغلاق شركات. وأمام هذا الواقع، أصدرت وزارة العمل بيانا نهار الجمعة 6 كانون الأول تبعاً “للأوضاع الاستثنائية التي تمر بها البلاد”. ويبدو من خلاله وأن وزارة العمل ترصد أعدادا عالية من حالات الصرف التعسفي. إذ يلفت إلى “ورود عدد كبير من طلبات التشاور التي تقدم بها أصحاب عمل إلى الوزارة، وعدد أكبر منها شكاوى الصرف التعسفي للعمال”. البيان أشار إلى صلاحيات الوزارة محدودة لناحية رعاية علاقات العمل وحماية حقوق العمال، حيث أن قانون العمل لا يُعطيها صلاحية بمنع الصرف الجماعي”. لكن بالمقابل، فإنه بحسب البيان فإن “التقارير التي تضعها الوزارة بناء على التحقيقات، فإنها تُعتمد لدى مجالس العمل التحكيمية بشكل أساسي”.

 وأمام حالات الصرف المتعددة، أشار البيان إلى أن وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال كميل أبو سليمان شكل لجنة طوارئ تضم 6 أشخاص من الموظفين الكبار في الوزارة، ومن مختلف دوائر الوزارة في المناطق، وذلك لدراسة كل حالة لإجراء المقتضى القانوني وللبت السريع بالطلبات. وأظهر البيان أن للجنة دور أساسي في القيام بالتحقيقات والتشاور مع أصحاب العمل، عدا عن أنه ذكر بالمادة 50 من قانون العمل، وشرح الآلية التي تتبعها لجنة الطوارئ، وحدد المستندات الواجب تقديمها للوزارة. ومن هذه المستندات، أن يوضح صاحب العمل حجم أعمال الشركة المالية في السنوات السابقة ومقارنتها مع السنة الحالية، ومبتغى ذلك “أن يُثبت أن تأثير الأزمة قد أثر فعلاً على الشركة/ المؤسسة وأن عملية الصرف ليست إجراء استباقيا”. إضافة إلى ذلك، عليه أن “يُثبت … أنه استنفذ جميع طروحات الحلول مع موظفيه ولم يعد لديه أي خيار بديل عن الصرف”.  واللافت في هذه الإجراءات أنها تؤكد على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار رأي الموظف قبل البت بأي طلب تشاور.

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، حراكات اجتماعية ، حقوق العمال والنقابات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني