من مشاهدات المفكرة القانونية لأعمال المحاكم (1): لا مبالاة إزاء تجاوز المدة القصوى لاحتجاز عاملة منزل وزوجها


2013-11-07    |   

من مشاهدات المفكرة القانونية لأعمال المحاكم (1): لا مبالاة إزاء تجاوز المدة القصوى لاحتجاز عاملة منزل وزوجها

في سياق عملها على إزالة الحواجز بين القضاء والمجتمع وتعزيز العمل القضائي ومكانته اجتماعيا، تبدأ المفكرة القانونية سلسلة من المشاهدات لجلسات تعقد في محاكم لبنانية متفرقة. وهي تنشر هنا ملاحظاتها حول مشاهدة أولى قامت بها سارة ونسا لجلسة عقدت أمام القاضي المنفرد الجزائي في قصر العدل في جديدة في 24/10/2013 (المحرر).
سارة ونسا

الجلسة محاكمة لعاملة في الخدمة المنزلية من الجنسية الاثيوبية وزوجها من الجنسية السودانية وهما مدعى عليهما بالسرقة أمام القاضي المنفرد الجزائي في جديدة المتن. وقد حضر الجلسة محامي الطرف المدعي (الذي تغيب عن حضور الجلسة)، فيما تم سوق المدعى عليهما ومثلا أمام القاضي من دون محام.

عندما أنهى محامي الادعاء كلامه، توجه الزوج المدعى عليه للقاضي قائلا "الي فوق ال 6 أشهر انا ومرتي بالحبس". وبذلك، يكون الزوج أعلم القاضي أن توقيفهما قد تجاوز المهلة القصوى للحبس الاحتياطي المنصوص عليها في المادة 108 من قانون اصول المحاكمات الجزائية، هذا مع العلم أنه نما الى علمنا فيما بعد أن الزوجة كانت حاملا في شهرها السادس. لكن ردة فعل القاضي على هذا القول جاءت جد سلبية: فبدل أن يدقق في مدة التوقيف، توجه اليهما بنبرة حادة جد منفعلة "ولا كلمة وطي صوتك، جلستك ب 29/10، اقعد!".

أسئلة عدة تبرز للمراقب اذ ذاك: ما سبب انفعال القاضي؟ أليس للمدعى عليهما، مهما كانت جنسيتهما، الحق بمخاطبة القاضي وبتقديم طلبات اليه؟ وألا يستوجب وضع الضعفاء اجتماعيا مزيدا من الانتباه من القاضي؟ وهل كان حصل الأمر نفسه لو تمتع المدعى عليهما بدعم جمعية حقوقية أو بمساعدة محام، على نحو يشعر القاضي أنه تحت مراقبة الرأي العام؟ ثم، أليست مسؤولية القاضي أن يضمن احترام القوانين اللبنانية لجهة المدة القصوى للتوقيف الاحتياطي؟ وأخيرا، ألا يعبر هذا الموقف عن كم غير مقبول من الآراء المسبقة إزاء الضعفاء والأجانب من شأنها أن تصل الى حد الشوفنية والعنصرية على نحو يتنافى تماما مع الوظيفة القضائية التي تفترض بالدرجة الأولى التحرر عن مجمل أنواع الآراء المسبقة؟ والأهم من كل ذلك، ما هي خطة القيمين على معهد الدروس القضائية الذي احتفل بعيده الخمسين لتحرير القضاة من مشاعر وسلوكيات مشابهة، على نحو يهيئهم بشكل مناسب للقيام بما اؤتمنوا عليه؟ 

الصورة من ارشيف المفكرة القانونية

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، لجوء وهجرة واتجار بالبشر ، لبنان



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني