بعد طول ترقب، أصدر الرئيس أحمد الشرع بوصفه رئيس سلطة الأمر الواقع في سوريا إعلانا دستوريا أعدّته لجنة عينها هذا الأخير عقب البيان الختامي لمؤتمر الحوار السوري الذي صدر في 25 شباط المنصرم. وقد توزع هذا الإعلان على 53 مادة وأثار مجموعة من التساؤلات حول مضمونه ومدى احترامه للمسار الديمقراطي الذي كان من المفترض أن يحكم الدولة السورية في هذه المرحلة، ريثما يتم تبني دستور نهائي يعيد الانتظام لمؤسّسات الدولة ويسمح للشعب السوري باستعادة سيادته كاملة.
ومن أجل فهم مختلف جوانب هذا الإعلان الدستوري، لا بدّ من تقديم تعريف للدستور يسمح باستخلاص المعايير التي تتيح لنا تحليل مضمون هذا الإعلان وتحديد طبيعته. فالدستور هو القاعدة الأسمى في الدولة التي تحتلّ رأس هرمية النصوص القانونية (تعريف شكلي) بحيث تضمن تكريسا لحقوق المواطنين وحرياتهم الأساسية إضافة إلى تحديد السلطات العامة وتنظيم العلاقات بين هذه الأخيرة (تعريف مادي).
وبالفعل، جاء الإعلان الدستوري كي يحترم التعريف الماديّ للدستور كونه نص على مجموعة كبيرة ومهمة من حقوق المواطنين السياسية والاجتماعية والاقتصادية هذا فضلا عن تحديده للسلطات العامة (رئيس الجمهورية، الوزراء، السلطة التشريعية والقضاء) وشرحه لكيفية تنظيم العلاقة بين هذه السلطات. لكن هذا الإعلان يكتنفه الغموض لناحية مدى احترامه للتعريف الشكليّ للدستور. وهذا ما سنحاول شرحه لاحقا.
جراء ما تقدم، سيقتصر هذا البحث على دراسة الجانب الشكلي من هذا الإعلان من أجل فهم طبيعته القانونية ومن ثم سيتمّ التطرق إلى نظام العلاقات بين السلطات العامة كما حدّدها الإعلان من دون معالجة المواد العديدة التي نصت على مجموعة متنوّعة جدّا من الحقوق والحريات. إذ أنّ تكريس حقوق المواطنين على اختلافها في نصّ دستوريّ هو أمر بالغ الأهمية لكنه في الحقيقة أشبه بمجموعة من الوعود التي تتعهد السلطة الحاكمة باحترامها. فكل الدساتير الحديثة باتت تتضمن أحكاما تتناول حريات المواطنين على اختلافها، لكن العبرة تكمن طبعا في تطبيقها وفي وجود مؤسسات قادرة على حماية تلك الحريات والحقوق، وهذا ما ظهر جليا وبشكل مأساوي قبيل صدور الإعلان الدستوري بأيام قليلة إذ تم ارتكاب مجازر طائفية في الساحل السوري من قبل عناصر تابعة أو قريبة لسلطة الأمر الواقع . لا بل أن أعتى النظم السلطوية لم تجد حرجا في تكريس مجموعة مهمة جدا من الحقوق والحريات في متن دساتيرها بغية منح نفسها الشرعية القانونية التي باتت من مسلمات الدولة الحديثة، لكن هذا التكريس افتقر إلى التطبيق إذ يسهل إدراج هكذا ضمانات في الدستور والتنصّل منها لاحقا، بينما تنظيم العلاقات بين السلطات العامة يشكل معيارا أكثر وضوحا كونه يسمح بمعرفة فيما إذا كان الدستور فعليا يفصل بين السلطات ويرسي نظاما يمنع طغيان سلطة على أخرى أو أنه يركز السلطة بشكل أو بأخر بيد جهة واحدة ما يهدد الطبيعة الديمقراطية للنظام ويجنح به مجددا نحو الاستبداد أو التعسف في استخدام السلطة.
فتنظيم العلاقة بين السلطات يعكس حقيقة الدافع السياسي الذي يقف خلف الدستور، أي أنه يسمح في المبدأ بتحديد من هو المستفيد من شبكة الصلاحيات الدستورية التي تحكم العلاقة بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، الأمر الذي يفرض إيلاء هذا الشأن اهتماما مضاعفا لا سيما خلال الفترة الانتقالية.
لكن قبل التطرق إلى جميع هذه النقاط لا بد من معالجة سريعا مسألة النصوص التي تشير إلى هوية الدولة السورية نظرا للجدل الكبير الذي يرافق دائما هذا الأمر والانقسامات الحادة التي تدور أحيانا حولها.
أولا: التعددية والدين في الإعلان الدستوري.
نصت الفقرة الثالثة من المادة السابعة على أن الدولة “تكفل التنوع الثقافي للمجتمع السوري بجميع مكوناته والحقوق الثقافية واللغوية لجميع السوريين”. كذلك أشارت مقدمة الإعلان إلى القيم العريقة للمجتمع السوري “بتنوعه وتراثه الحضاري”. ولا شك أن هذا النص يعدّ تطورا مهما في تاريخ سوريا السياسي إذ بعد عقود من هيمنة الإيديولوجيا القومية بنسختها البعثيّة القائمة على اعتبار التنوع الثقافي وسيلة من أجل التقسيم أو تحقيق مشاريع استعمارية، جاء الإعلان الدستوريّ كي يتصالح بشكل صريح مع تعدديّة المجتمع السوري الإثنيّة والدينيّة مع التشديد دائما على “حفظ وحدة الأرض السورية، وتجريم دعوات التقسيم والانفصال” (الفقرة الأولى من المادة السابعة).
لكن هذا التنوع المجتمعيّ لا يظهر إلا في احترام الأحوال الشخصية للطوائف (الفقرة الثالثة من المادة 3) علما أن هذا الأمر جرى تكسيره في سوريا منذ دستور 1930 زمن الانتداب الفرنسي. لكن التنوع المجتمعي في سوريا لا يقتصر على التعددية الطائفية لكونه يتضمن تعددية لغوية مهمة تتعلق بالأكراد. فالمادة الرابعة تجعل من اللغة العربية لغة البلاد الرسمية الوحيدة في حين أن المادة السابعة أشارت كما أسلفنا إلى التنوّع اللغويّ، ما يعني أنّ تنظيم استخدام لغات غير العربية سيتطلّب تدخلا من السلطة التشريعيّة وهو أمر لا يشرحه الإعلان ولا يبين كيفية حماية هذا التنوع اللغوي.
وما يزيد من الإبهام في هذه المسألة هو أن الإعلان في المادة الأولى يعتبر سوريا “وحدة جغرافية سياسية لا تتجزأ” ما قد يفهم منه أن شكل الدولة الوحدوي يمنع التفكير بوجود أقاليم تتمتع باستقلالية ذاتية، أو أن الخيار الاتحادي لن يكون مطروحا في المستقبل. وعلى الرغم من أن الاتفاق الذي وقّعه الرئيس أحمد الشرع مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بتاريخ 10 آذار 2025 اعترف في بنده الثاني “بالمجتمع الكردي” كمجتمع أصيل في الدولة السورية مع ضمان “حقه في المواطنة وكافة حقوقه الدستورية”، لكن الاتفاق لم ينص على حقوق خاصة بالمجموعة الكردية أو على منحها استقلالية ذاتية في مناطقها.
ولعل أهم النقاط الحسّاسة تلك التي كرستها الفقرة الأولى من المادة الثالثة التي أعلنت أن “دين رئيس الجمهورية الإسلام، والفقه الإسلامي هو المصدر الرئيس للتشريع”. والملاحظ هنا أن هذا النص لا يقوم بتكريس مبادئ جديدة في تاريخ سوريا الدستوري. فتحديد دين رئيس الدولة تم في المادة الثالثة من الدستور السوري الذي أصدره المفوض السامي الفرنسي في 14 أيار 1930، لا بل يمكن العودة إلى دستور الحكومة العربية في دمشق خلال حكم الملك فيصل إذ نصت المادة الأولى منه على التالي: “إن حكومة المملكة السورية العربية حكومة ملكية مدنية نيابية عاصمتها دمشق الشام ودين ملكها الإسلام”.
وقد كررت الفقرة الأولى من المادة الثالثة من دستور 5 أيلول 1950 الذي يعرف بدستور الاستقلال والذي أشارت إليه صراحة مقدمة الإعلان الدستوري تكريس اسلامية دين رئيس الجمهورية لكن الفقرة الثانية من المادة نفسها أضافت أن “الفقه الإسلامي هو المصدر الرئيس للتشريع” وهو النص الذي كرسه الإعلان الدستوري كما رأينا.
ولا بدّ هنا من التّذكير أنّ دستور 1950 كرّس لأول مرّة في دساتير الدول العربية مسألة التشريع الديني كمصدر للتّشريع. وقد تم اعتماد هذا النص من قبل الجمعية التأسيسية السورية سنة 1950 كحل توافقي بين الداعين إلى الاعلان صراحة أن الإسلام هو دين الدولة وبين الرافضين لذلك الأمر نظرا للطبيعة الغامضة لهكذا نص وما ينجم عنه من إلزام مبهم للدولة والمجتمع. هذا مع الإشارة أن مقدمة دستور 1950 ربطت أيضا بين الدولة والدين وفقا للتالي: “ولما كانت غالبية الشعب تدين بالإسلام فإن الدولة تعلن استمساكها بالإسلام ومثله العليا”.
هذا وقد أشارت المذكرة الإيضاحية المرافقة للإعلان الدستوري التي وجهتها اللجنة إلى الرئيس أحمد الشرع إلى الطبيعة التقليدية والتوافقية لهذه النصوص فاعتبرت أن الحل الوسط المكرس في جعل الفقه المصدر الرئيس للتشريع يؤكد مجددا على اليقين بأنه “كما وصل أجدادُنا إلى صيغٍ توافقيةٍ لحلّ خلافاتهم الدستورية، فإن الأبناءَ قادرون على ذلك في دستورٍ دائم” هذا فضلا على ضرورة الإبقاء على “الفقهَ الإسلامي مصدراً أساسياً من مصادرِ التشريع”، كونه “يُعَدُّ ثروةً حقيقيةً، لا ينبغي التفريطُ بها”.
والحقيقة أن الفقه كما يعرفه الإمام الغزالي بمعناه الاصطلاحي هو “العلم بالأحكام الشرعية الثابتة لأفعال المكلفين خاصة”[1]، والاجتهاد هو “بذل المجتهد وسعه في طلب العلم بأحكام الشريعة والاجتهاد التام أن يبذل الوسع في الطلب بحيث يحس من نفسه بالعجز عن مزيد طلب”[2]. وهكذا يتبين أن الفقه هي محاولة المجتهد لتكوين معرفة عن أحكام الدين، ما يعني أن الفقه هو مجهود بشري لفهم إرادة الله التشريعية وليس هو إرادة الله نفسها كون الإنسان يعجز بعقله مهما تسامت مداركه عن الإحاطة بإرادة الله. فالفقيه هو كل مجتهد يحاول أن يكوّن رأيا عن الحكم الشرعي الديني، ما يعني أن رأيه قد يختلف عن باقي الفقهاء. لا بل أن الغزالي يعتبر أن “الإثم عن المجتهد منفي” كون كل الاجتهاد يمارس في الأعم الغالب في “الفقهيات الظنية التي ليس عليها دليل قاطع” ما يجعلها محل اجتهاد “فليس فيها عندنا حق معين، ولا إثم على المجتهد إذا تمّم اجتهاده وكان من أهله”[3]. وبما أن الفقه مجهود بشري فهو يتطور مع فهم البشر للنص الديني، ونكتفي بهذا القدر من التعليق على هذا النص بغية تبيان أن الأحكام الدينية تستنبط من علم البشر ومحاولتهم لفهم النص، وأن الفقه الإسلامي هو المجهود الدائم والمستمر على مرّ القرون كي يفهم الإنسان بعقله المحدود إرادة الله التشريعية.
وعلى سبيل الاستفاضة، النص على اعتبار الفقه المصدر الرئيسي للتشريع لا يمنع وجود أيضا مصادر أخرى للتشريع كالمبادئ العامة للقانون أو القانون الدولي العرفي أو حتى القانون الطبيعي. وهنا لا بد من تسجيل الاختلاف الطفيف ولكن المعبر بين دستور 2012 (ودستور 1973) الذي يقول أن “الفقه الإسلامي هو مصدر رئيسي للتشريع” والإعلان الدستوري الذي ينص على أن الفقه الإسلامي هو “المصدر الرئيس للتشريع”. إذ أن دستور 2012 لا يمنع وجود مصادر رئيسية أخرى، بينما الإعلان الدستوري جعل من الفقه “المصدر الرئيس” ما يمنحه الأولوية والصدارة على المصادر الأخرى التي، وإن لم يتم نفي وجودها، فإنها لن تحتل المكانة نفسها التي يتمتع بها الفقه.
وتستعيد الفقرة الثانية من المادة الثالثة من الإعلان الدستوري حرفيا الفقرة الثانية من المادة الثالثة أيضا من دستور 1950 التي تنص على التالي: “حرية الاعتقاد مصونة والدولة تحترم جميع الأديان السماوية وتكفل حرية القيام بجميع الشعائر على أن لا يخل ذلك بالنظام العام”. ولا شك أن النص على حرية الاعتقاد هو من الأمور الايجابية لا بل الضرورية لكن حصر احترام الدولة باحترام “الأديان السماوية” يخلق مجالا للالتباس كون مفهوم الأديان السماوية قد يفسر بأنه يقتصر فقط على الأديان الكتابية التي يعترف بها الفقه الإسلامي، أي تلك المرتكزة على وحي إلهي مثل اليهودية والمسيحية بطوائفها المختلفة، بينما باقي الأديان التي لا أساس سماوي معترف به لها لن تحظى باحترام الدولة. والفرق يظهر مثلا بين المادة 15 من دستور 1930 التي تعلن أن “حرية الاعتقاد مطلقة. وتحترم الدولة جميع المذاهب والأديان الموجودة في البلاد وتكفل حرية القيام بجميع شعائر الأديان والعقائد على أن لا يخلّ ذلك بالنظام العام ولا ينافي الآداب”. فالتشديد على أنّ حرية الاعتقاد مطلقة (وهو النصّ ذاته المكرّس في المادة التاسعة من الدستور اللبناني حتى اليوم) يسلّط الضوء أولا على حقوق الأفراد ما يعني أن الدولة تعمل على التوفيق بين حقوق المواطنين الفردية والضمانات التي تمنح للجماعات الدينية، بينما الاشارة إلى الأديان السماوية قد يفسر على أن حرية الاعتقاد لدى الفرد لا تمارس إلا من ضمن الأديان السماوية ما يعني ربط حقوق المواطنين الذاتية بحقوق الطوائف الجماعية.
ثانيا: التعريف الشكلي للإعلان الدستوري وإشكالية السيادة
قام الرئيس أحمد الشرع بإصدار الإعلان الدستوري منفردا، ما يعني أن هذا الإعلان هو نتيجة الإرادة التشريعية المنفردة لرئيس جمهورية المرحلة الانتقالية بغضّ النظر عن اللجنة التي تولّت صياغته أو المشاورات التي رافقته. وهكذا يكون هذا الإعلان الدستوري في حقيقته منحة من الرئيس أحمد الشرع إلى الشعب السوري، أي أنه مماثل للشّرعة الدستورية التي منحها الملك لويس الثامن عشر إلى الفرنسيين سنة 1814 أو الدستور الذي منحه السلطان العثماني عبد الحميد الثاني سنة 1876.
ولكن تلك الدساتير الممنوحة لم تحدّد كيفية تعديلها ما قد يعني أن الجهة التي أصدرتها والتي تجسدت فيها السلطة التأسيسية تظلّ صالحة لتعديلها ساعة تشاء. وقد نقل “مالبرغ”[4] رأيًا مخالفًا إذ اعتبر أنّ صمت الدّستور عن آلية تعديله يعني أن التعديل يمكن أن يحصل وفقا لآلية التشريع العادية بحيث يتمّ تعديل الدستور مثل إقرار وتعديل القوانين العادية.
يتبين من خلال التدقيق في أحكام الإعلان الدستوري أن المادة 50 منه نصت على التالي: “يتم تعديل الإعلان الدستوري بموافقة ثلثي مجلس الشعب بناء على اقتراح رئيس الجمهورية”. وعلى الرغم من الطبيعة المقتضبة لهذا النص لكن المادة 50 تشكل من دون أدنى شك أهم نقطة من أجل تحديد الطبيعة الشكلية لهذا الاعلان. فالرئيس أحمد الشرع أصدر الإعلان منفردا كمنحة لكنه تعهد فعليّا بالحدّ من سلطته عبر منع تعديل الإعلان الدستوري من دون موافقة مجلس الشعب وبغالبية مشددة من النواب. وهكذا يمكن من الناحية النظرية تطبيق التعريف الشكلي للدستور كون الإعلان الدستوري أدّى إلى الفصل بين أحمد الشرع بوصفه صاحب السلطة التأسيسية وأحمد الشرع رئيس الجمهورية الذي أصبح سلطة جرى تأسيسها من قبل الإعلان مثل مجلس الشعب والسلطة القضائية.
إذ أنّ الإعلان الدستوريّ أصبح عملًا بالمادة 50 قاعدةً تحتلّ رأس هرميّة النصوص كون تعديله يحتاج إلى آليّة خاصّة أكثر صعوبة من الآليّة التشريعيّة المتعلّقة بالقوانين الأخرى التي تحتاج فقط إلى الأغلبية العاديّة عملا بالفقرة الثانية من المادة 30. فالدّساتير لا يمكن لها أن توجد إلا في اللحظة التي تنسحب فيها السلطة التأسيسية التي تولّت وضع الدستور من المشهد السياسي وإلا يصبح الدستور مجرد الإرادة الآنية لهذه الأخيرة، لأن السلطات التي يستحدثها الدستور (التنفيذية والتشريعية والقضائية) لا يمكن لها أن تعمل بشكل طبيعي ومنتظم إلا مع اختفاء السلطة التأسيسية وهو ما يعرف بالنظرية الدستورية بالفصل بين السلطة التأسيسية والسلطات المؤسسة أي تلك التي جرى تأسيسها.
لكن المادة 50 على الرغم من أهميتها النظرية لكنها تمنع أيضا تعديل الإعلان الدستوري من دون موافقة رئيس الجمهورية أي أن هذا الأخير لم يفقد فعليّا سلطانه التأسيسيّ لكنه لم يعد بمقدوره أن يستخدمه منفردا. وهذا بلا شكّ صحيح من ناحية نظرية القانون لأن المنحة التي كانت وليدة الإرادة المنفردة للرئيس أحمد الشرع باتتْ غير خاضعة للإرادة المنفردة لهذا الأخير. ولا شكّ أن سمو الإعلان الدستوري هذا يظل في عالم المنطق القانوني المجرّد ما لم يقترن بواقع سياسيّ يحوّله إلى حقيقة تحدّ فعليا من سلطة رئيس الجمهورية. فالطريقة التي صدر بها الإعلان لا تضمن عدم قيام الرئيس أحمد الشّرع بمخالفته، وفي هذه الحالة يكون رئيس الجمهورية قد استعاد كامل سلطته التأسيسية ما يجعل منه السلطة السيدة الوحيدة في الدولة السورية التي يمكن لها تعليق الإعلان الدستوري استثنائيا عندما تقرر ذلك.
ويغيب عن الإعلان الدستوري أيّ نص حول تحديد الجهة السيدة. فالفقرة الأولى من المادة الثانية من دستور 1950 (الذي تحيل إليه صراحة مقدمة الإعلان الدستوري) نصّت بشكل واضح على أن “السيادة للشعب. لا يجوز لفرد أو جماعة ادّعاؤها”. فالإقرار بسيادة الشعب لا يستتبع فقط المساواة بين جميع أفراده، لكنه يعني أيضا أنّ النظام القانوني برمّته في الدولة هو نظريا نتيجة الإرادة الوضعية الشعب. لذلك يطرح إهمال الإقرار بسيادة الشعب أو الأمة السورية تساؤلات حول الأهداف السياسية التي تقف وراء هذا الأمر إذ لا يعقل أن تكون مسألة بهذه الأهمية قد سقطت سهوا. فحتى دستور 2012 في ظل حكم نظام الاستبداد أقرّ في مادته الثانية علنا بأن “السيادة للشعب، لا يجوز لفرد أو جماعة ادّعاؤها، وتقوم على مبدأ حكم الشعب بالشعب وللشعب. يمارس الشعب السيادة ضمن الأشكال والحدود المقررة في الدستور”.
ومن أبرز النقاط الإشكالية المبهمة في الإعلان الدستوري هو الفصل بين هذا الإعلان وآلية وضع الدستور الدائم. فالمادة 26 نصت على منح السلطة التشريعية لمجلس الشعب “حتى اعتماد دستور دائم” بينما اكتفت المادة 53 بتحديد مدة المرحلة الانتقالية بخمس سنوات “تنتهي بعد إقرار دستور دائم للبلاد وتنظيم انتخابات وفقا له”. ويزداد الأمر حيرة في المذكرة الإيضاحية التي وجهت لرئيس الجمهورية التي احتوت على النص التالي: “وتوصي لجنة صياغة الإعلان الدستوري بضرورةِ تشكيلِ لجنةٍ لكتابة دستورٍ دائم”.
فكيفية وضع الدستور الدائم غير مرتبطة بالإعلان الدستوري إذ لا يتبين أن مجلس الشعب سيتولى مناقشة مسودة الدستور الدائم ولا يشرح الإعلان من هي السلطة المخولة بإقرار الدستور الدائم. فهل سيتم عرض مسودة الدستور على الاستفتاء الشعبي؟ هل ستتم مناقشة المسودة في هيئات منتخبة؟ من سيتولى تعيين هذه اللجنة التي ستقوم بكتابة الدستور الدائم؟ هل سينفرد رئيس الجمهورية بتعيينها من دون عرضها على مجلس منتخب بهدف مناقشتها؟ أو هل سيتم انتخاب مجلس يتولى مناقشة وإقرار تلك المسودة؟
إن عدم معالجة الإعلان الدستوري لمسألة كيفية وضع الدستور الدائم يشكل خللا كبيرا وثغرة خطيرة جدّا تضعف من مصداقيّة هذا الإعلان وتحدّ من الطبيعة الديمقراطية للمرحلة الانتقالية لا سيما إذ تمّ عرض مسودة الدستور الدائم على الاستفتاء الشعبيّ مباشرة مثل دستور 2012 الذي أعدته لجنة عينها رئيس الجمهورية السابق بشار الأسد منفردا وتم إقرارها عبر الاستفتاء في أجواء غابت عنها كل المعايير التي تضمن حرية والمواطنين وصدقية الاقتراع.
ثالثا: تنظيم الفصل بين السلطات
شددت المذكرة الإيضاحية على أهمية الفصل بين السلطات معتبرة أن الشعب السوري عانى “من تغوّلِ رئيسِ الجمهوريةِ على باقي السّلطات، معتمداً بتغولِهِ على النصِّ الدستوريّ، مما ولّدَ أنظمةً سياسيةً مشوّهة (…) مما يشكّلُ اعتداءً صارخاً وواضحاً على مبدأِ فصلِ السلطات”. وهكذا تصل المذكّرة إلى خلاصة جازمة إذ تعلن التالي: “ولأنّ مبدأَ فصل السلطات كان غائباً عن النُظُم السياسيّة السوريّة تعمّدنا اللجوء إلى الفصل المطلق بين السلطات”.
ولا شكّ أن أبرز هذه الصلاحيات المادة 113 من دستور 2012 التي كانت تنص في فقرتها الأولى على تخويل رئيس الجمهورية “سلطة التشريع خارج دورات انعقاد مجلس الشعب، أو أثناء انعقادها إذا استدعت الضرورة القصوى ذلك، أو خلال الفترة التي يكون فيها المجلس منحلاً”.
والحقيقة أن تغول رئيسة الجمهورية في سوريا لم يكن يحتاج فقط إلى نصوص دستورية تمنحه صلاحيات واسعة لكن الطبيعة الديكتاتورية للنظام جعلت السلطة الفعلية خارج المؤسسات الدستورية وبيد شبكة من الأجهزة الأمنية التي سيطرت على مختلف جوانب حياة السوريين.
فالفصل المطلق الذي تغنّت به المذكرّة الإيضاحية لا وجود له في أيّ نظام دستوريّ في العالم، إذ لا يعقل الفصل بشكل مطلق وكامل بين السلطات. فالنظام البرلمانيّ يسود فيه الفصل المرن بين السلطات ويتجسّد ذلك بوجود سلطة تنفيذية جماعية (الحكومة) مسؤولة سياسيّا أمام البرلمان الذي يحق له حجب الثقة عنها، بينما يحقّ للسّلطة التنفيذيّة بالمقابل حلّ البرلمان في ظروف معينة و/أو ضمن شروط معينة. ومن تداعيات مسؤولية الحكومة السياسية حقها بالمثول أمام البرلمان للدفاع عن سياستها وقدرتها على اقتراح القوانين التي تعتقد أنها ضرورية من أجل تطبيق بيانها الوزاري وخطتها للحكم. أما النظام الرئاسي حيث الفصل الجامد بين السلطات، فيتمّ منح السّلطة التنفيذيّة إلى رئيس الدولة غير المسؤول سياسيّا أمام البرلمان والذي لا يحق له أيضا اقتراح القوانين ولا حلّ البرلمان. لكن هذا الفصل الجامد لا يعني إطلاقا عدم التعاون بين السلطتين كون رئيس الدولة يملك حقّ ردّ القوانين إلى البرلمان بينما يتمتع مجلس الشيوخ مثلا في الولايات المتحدة الأميركية بحقّ الموافقة المسبقة على التعيينات التي يجريها الرئيس على العديد من المناصب السياسية العليا في الدولة كالوزراء والسفراء ومدراء الوكالات الكبرى.
والظاهر أن الإعلان الدستوري أراد الاقتداء بالنظام الرئاسي إذ تم منح رئيس الجمهورية صلاحيات كبيرة كحقّ تعيين الوزراء وإقالتهم منفردا (المادة 35) وتعيين رؤساء البعثات الديبلوماسية وإقالتهم (المادة 38) وحقّ إصدار القرارات التنظيمية (المادة 36) وإبرام المعاهدات الدولية (المادة 37) هذا فضلا عن كونه القائد الأعلى للقوات المسلحة (المادة 32) وحقّه بإعلان التعبئة العامة وحالة الطوارئ (المادة 41).
وكما في النظام الرئاسي منح رئيس الجمهورية الحق بالاعتراض على القوانين التي يقرّها مجلس الشعب خلال مهلة شهر على أن يقرّها المجلس مجددا بغالبية الثلثين من أعضائه ما يحتّم حينها على رئيس الجمهورية إصدارها، ما يعني أن الرئيس لا يتمتع بحق النقض المطلق كونه ملزمًا بإصدار القانون في حال أصر عليه مجلس الشعب بغالبية مشددة. كذلك لا ينص الإعلان الدستوري على مسؤولية الوزراء السياسية أمام مجلس الشعب الذي تقتصر صلاحياته على عقد جلسات استماع للوزراء من دون قدرته على طرح الثقة بهم أي أن مسؤوليتهم هي فقط أمام رئيس الجمهورية.
من جهة ثانية، خالف الإعلان الدستوري النظام الرئاسي كونه منح رئيس الجمهورية حق اقتراح القوانين (الفقرة الأولى من المادة 39) والمستغرب أنه أعلن أيضا منح السلطة التنفيذية إلى رئيس الجمهورية والوزراء بينما النظام الرئاسي يحصر السلطة التنفيذية في رئيس الدولة. لذلك يقترب الإعلان الدستوري إلى النظام الرئاسيّ كونه لا يشير إلى وجود حكومة جماعيّة ولا بالتالي إلى وجود رئيس للوزراء ما يعني أن الوزراء لا يشكلون هيئة مستقلة عن رئيس الدولة بل هم يخضعون بالكامل له ولكن منحهم صراحة السلطة التنفيذية من دون وجود حكومة متضامنة لا يستقيم مع النظام الرئاسي ولا مع النظام البرلماني إذ إما يتم حصر السلطة التنفيذية برئيس الدولة كما في النظام الرئاسي، وإما يتم منح السلطة التنفيذية للوزراء ما يوجب اجتماعهم في حكومة متضامة مسؤولة أمام السلطة التشريعية كما في النظام البرلماني.
والحقيقة أن الفصل بين السلطات لا يمكن فهمُه إلا بالعودة إلى الحياة الديمقراطية القائمة في كل نظام. ففي النظم البرلمانيّة، تنبثق الحكومة عن الغالبية النيابية التي فازت بالانتخابات التشريعية ما يعني في الحقيقة أن الحزب السياسيّ الذي حصل على أكثرية المقاعد في البرلمان سيسيطر أيضا على الحكومة ما يؤدي فعليا إلى دمج السلطات. أما النظام الرئاسيّ فهو يرتكز ليس فقط على ضرورة انبثاق السلطة التشريعية عن الشعب لكن أيضا على ضرورة انبثاق السلطة التنفيذية مباشرة هي الأخرى عن الشعب ما يمنحها شرعية مستقلة تخولها التأثير على السلطة التشريعية. فالنظام الرئاسي كما يتم فهمه في الولايات المتحدة يقوم أيضا على التعاون بين السلطات بحيث تتمكن كلّ سلطة من إيقاف أو الحدّ من السلطة الأخرى (check) ما يسمح بالتوازن بينها (balance &). ولا شكّ أن نظام التوازن هذا لا يمكن فهمه إلا من خلال الشرعيّة الديمقراطية الممنوحة بشكل منفصل للسلطتين التشريعية والتنفيذية.
فالإعلان الدستوري يقبل بسلطة الرئيس أحمد الشرع الذي لا يتمتع بشرعية ديمقراطية وهو من جهة ثانية يمنح السلطة التشريعية لمجلس شعب يتألف من نواب يعين ثلثهم رئيس الجمهورية بينما يقوم هذا الأخير أيضا بتعيين لجنة عليا هدفها تحديد الهيئات الناخبة التي ستقوم بانتخاب ثلثي أعضاء المجلس المتبقين (المادة 24). فالنظام الرئاسي لا يعمل إلا إذا كانت السلطة التشريعية منتخبة ديمقراطيا وبالكامل مباشرة من الشعب ما يمنحها الاستقلال الكافي كي توازن صلاحيات الرئيس وتحدّ منها بينما الإعلان الدستوري يمنح الرئيس صلاحية تعيين ثلث أعضاء مجلس الشعب والإشراف فعليا على “انتخاب” سائر الأعضاء لا بل تحديد من هي الهيئات الناخبة التي يسمح لها بالانتخاب.
وعلى الرغم من المديح الذي وجّهته المذكرة الإيضاحيّة لرئيس الجمهورية الذي حصل “من قبل مؤتمرِ النصر” على تفويضٍ لتعيين كلّ أعضاء مجلس الشعب، لكنه “آثرَ الانتخابَ لأعضاءِ الهيئةِ التشريعية بما يتناسبُ مع طبيعةِ المرحلةِ الانتقالية وعدمِ توفّرِ البيئة الآمنةِ والمحايدة لإجراءِ انتخاباتٍ على كاملِ الدولة السورية، واحتفظَ بتعيين الثلثِ حرصاً على مشاركةِ الجميع في المجلس، حتى يتسنّى له سدُّ النقصِ الحاصلِ في تمثيلِ المرأة أو الكفاءات”، لكن “الفصل المطلق” بين السلطات لن يتحقق في ظل وجود مجلس للشعب لا يتمتع بالاستقلالية المطلوبة هذا فضلا عن أن الإعلان الدستوريّ لا يحدد مهلة زمنية لتشكيله ولا يشرح كيفية ممارسة السلطة التشريعية خلال المرحلة التي تسبق بداية ممارسة مجلس الشعب لصلاحياته (إقرار وتعديل القوانين، إقرار الموازنة، تصديق المعاهدات الدولية، منح العفو العام).
ومن خصائص النظام الرئاسيّ القدرة على عزل الرئيس (impeachment) عبر آلية خاصّة تسمح للبرلمان باتهامه بالخيانة أو الفساد أو جرائم كبرى أخرى ومن ثم إدانته وتنحيته. وتغيب كلّ هذه الآليات عن الإعلان الدستوري ما يجعل الرئيس أحمد الشرع فوق كل محاسبة، إذ هو الوحيد الذي سيحتلّ منصب رئاسة الجمهوريّة طيلة المرحلة الانتقاليّة. لا بل أن الإعلان الدستوري لا يتخيّل حتى فرضيّة خلو رئاسة الجمهورية بالاستقالة أو الوفاة حتى، ما يعني أنّ آليّة اختيار خلف للرئيس أحمد الشرع في حال خلو الرئاسة لأي سبب لا وجود لها في الإعلان الدستوري ما يعني أن سلطات الأمر الواقع ستفرض اختيار الخلف. وهكذا يتبين أن الإعلان الدستوري لا يكرس فقط سلطة الأمر الواقع لكن لا يمكن له أن يوجد أو يستمر من خارج هذه السلطة.
من جهة أخرى نصّت المادة 43 على استقلالية السلطة القضائية بينما حافظت المادة 45 على ازدواجية هذه السلطة المتمثلة بالقضاء العدلي والقضاء الإداري، في حين منعت المادة 44 إنشاء المحاكم الاستثنائية وهو تطور إيجابي لا سيما في دولة كانت فيها المحاكم الاستثنائية أداة قمعية بامتياز بيد أجهزة الأمن. لكن المستغرب كان إنشاء محكمة دستورية عليا تتألف من سبعة أعضاء يعينهم رئيس الجمهورية (المادة 47) لكن من دون تحديد إطلاقا اختصاصات هذه المحكمة. فهل هي مختصة بمراقبة دستورية القوانين؟ هل يحق لها الإشراف على نزاهة الانتخابات النيابية؟ من هي الجهات التي يحق لها الطعن أمامها؟ تفاصيل تغيب بالكامل عن الإعلان الدستوري ما يضعف من دورها هذا فضلا عن التشكيك بمدى استقلاليتها نظرا لكونها معينة بالكامل من رئيس الجمهورية من دون وجود حتى سلطة تصديق لمجلس الشعب على هذا التعيين كما من المفترض أن يحدث في النظام الرئاسي.
خلاصة
تمرّ سوريا بعد عقود من الاستبداد والحرب والتهجير بمرحلة انتقاليّة محفوفة بالمخاطر. وقد جاء الإعلان الدستوري كي ينظّم هذه المرحلة الانتقاليّة لكنه ربط من جهة بين الانتقال السياسي ووجود الرئيس أحمد الشرع وفصل نفسه من جهة أخرى عن وضع الدستور الدائم. فالرئيس أحمد الشرع هو من أصدر الإعلان الدستوري الذي ينظم المرحلة الانتقالية وهو من يعين ويشرف على آلية وضع الدستور الدائم، أي أنه الجهة الوحيدة المتحكمة بالمرحلة الانتقالية والمرحلة الدائمة التي تعقبها. إن تحديد كيفية تبنّي الدستور الدائم إن كان لناحية صياغته ومناقشته وإقراره النهائي هو في جوهر المرحلة الانتقالية لا بل هو من خصائص السلطة التأسيسية. لكن الإعلان الدستوري لا يجيب على هذه الأسئلة إذ هو لا يحدد كيفية تبني الدستور الجديد ما يعني ترك هذه المسألة للرئيس أحمد الشرع الذي بات يحتلّ من الناحية الدستورية موقعا مزدوجا: فمن جهة هو رئيس الجمهورية الذي يمارس صلاحياته انطلاقا من الإعلان الدستوري، ومن جهة ثانية هو الرئيس الدائم لسلطة الأمر الواقع الذي أصدر الإعلان الدستوري منفردا والذي يملك القرار النهائي بشأن مسودة الدستور الدائم. فهو بالتالي داخل وخارج الإعلان الدستوري في الوقت نفسه، وهي من التناقضات التي تحيلنا مجددا إلى مسألة السيادة وغيابها عن الإعلان الدستوري.
فسيادة الشعب السوري لا يمكن أن تتحقق إلا عبر تكريس الطابع الديمقراطي للمرحلة الانتقالية وذلك عبر منح كتابة ومناقشة الدستور الدائم لمجلس تأسيسي منتخب تنتقل اليه صلاحيات الرئيس أحمد الشرع التأسيسية إذ يصبح فقط رئيسا للجمهورية يمكن تنحيته أو استبداله بشخص آخر عند الضرورة. إذ أن الإعلان الدستوري أصدره رئيس الجمهورية منفردا، وعلى الرغم من أنه كرس مجموعة مهمة جدا من الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية وأشار إلى العدالة الانتقالية وحماية حقوق الإنسان وحقوق المرأة من الظلم والقهر والعنف، لكنه يظلّ عبارة عن منحة شخصيّة من الرئيس أحمد الشرع. فهذه المنحة لم يكن يجب أن تحكم كلّ المرحلة الانتقالية بل كان من المفترض أن يتمّ استبدالها بمرحلة انتقالية ديمقراطيّة تنتهي بتبنّي الدستور الدائم. فمنحة الإعلان الدستوري تبقي مسألة السيادة الشعبية معلقة بانتظار التطورات السياسية التي إما تعيد السلطة التأسيسية إلى الشعب كي يمارسها ديمقراطيا عبر ممثليه أو تبقيها بيد الرئيس أحمد الشرع أو من يخلفه على رأس سلطة الأمر الواقع.
[1] الغزالي، المستصفى من علم الأصول، دار الكتب العلمية، بيروت، 2008، ص. 13.
[2] المرجع السابق، ص. 527.
[3] المرجع السابق، ص. 537.
[4] R. Carré de Malberg, Contribution à la théorie générale de l’Etat, Tome deuxième, Sirey, Paris, 1922, p. 543, note 30.