نقل الإعلام عن وفد من المودعين زار مؤخّرا حاكم مصرف لبنان كريم سعيّد أن الأخير أبلغهم تأييده لفكرة متقدمة تتضمن استصدار قانون يلزم من سدّد قرضاً بالدولار بأقل من قيمته الفعلية، بالليرة أو اللولار، بدفع الفرق حتى يصبح المبلغ المسدد مساوياً لقيمة القرض. والمقصود بالقانون المقترح مجموعة المقترضين السابقين من أصحاب الأعمال مصرفيين وتجار ومستثمرين كبار وغير مقيمين الذين استفادوا من تدهور أسعار الصرف لتسديد قروضهم، وليس المدينين بقروض التجزئة كالقروض الشخصية أو المخصصة لغايات الإسكان والصحة والطبابة والتعليم أو لشراء سيارة وما شابه ذلك من قروض استهلاكية.
يرمي الاقتراح إلى استعادة ما بين 15 إلى 20 مليار دولار لصالح المودعين أي ما يعادل حجم الناتج الإجمالي للبلاد. فقد بلغت قيمة محفظة القروض المصرفيّة للقطاع الخاصّ في لبنان تاريخ اندلاع الأزمة في العام 2019 نحو 55.5 مليار دولار، منها نحو 37.5 مليار دولار بالعملات الأجنبية . وفي نهاية العام 2024، انخفضت هذه الاخيرة إلى نحو 7 مليارات دولار، نتيجة لتسديد المقترضين قروضهم بالعملات الأجنبية بالليرة اللبنانية واللولارعلى أسعار صرف متدنيّة راوحت بين 1507.5 و15000 ل ل للدولار. وقدّرت النسبة العائدة لكبار المقترضين من التسليفات التجاريّة المسدّدة ما بين 15 و20 مليار دولار.
هذا الاقتراح يفضّل بلا ريب على اقتراح النائب الأول للحاكم د. وسيم منصوري الذي يقوم على فكرة فرض ضريبة لمرّة واحدة نسبتها ما بين 15 و17% (رفعها اقتراح النائب فريد البستاني حتى 50%) على أرباح كبار المقترضين بالعملة الأجنبية الذين سددوا ديونهم بالليرة أو بشيكات مصرفية لولار بمبالغ أدنى بكثير من القيمة الفعلية لقروضهم .
وكان من المؤمل أن يحصد اقتراح د. منصوري حوالي الثلاثة مليارات دولار تخصص لصندوق استرداد الودائع المزمع إنشاؤه. وهو يقلّ بكثير عن العائد المتوقع من المشروع الذي نقل تأييد الحاكم سعيد له، والذي يتراوح ما بين 15 والـ 20 مليار دولار. وقد استند اقتراح د. منصوري على قانون ضريبة الدخل الذي يخضع في المادة 4 – د للضريبة كلّ شخص حقيقي أو معنوي حصل على ربح من عمل يدرّ ريعاً غير خاضع لضريبة أخرى على الدخل. كما استند إلى قانون الإجراءات الضريبية الذي ينصّ في مادته 42 -3 على أنه في الحالات التي تلزم فيها القوانين الضريبية التكليف الذاتي بالضريبة، يكون المكلف مسؤولاً عن التصريح عن الضريبة المتوجبة وتأديتها من دون الحاجة إلى إصدار إعلام ضريبيّ أو جدول تكليف ضريبيّ.
وكانت حكومة الرئيس ميقاتي قد وافقت قبل نهاية عام 2023 على مشروع قانون معجل مكرر قدّمه نائب الأخير سعادة شامي يرمي الى فرض ضريبة على من أفاد من سداد قروض بغير قيمتها الفعلية بعد اندلاع الأزمة تخصص لتمويل صندوق استرداد الودائع .
وأهم الانتقادات التي وجهت لجميع الاقتراحات السابقة بفرض الضريبة هو إضفاؤها الشرعيّة على عمليات سداد غير أصولية للديون، وفقا لما سنبينه فيما يلي، وعدم جواز فرض الضريبة بأثر رجعي.
إشكاليات واقعية تهدد الاخذ باقتراح الحاكم سعيد
يرى البعض أن هناك صعوبة أو حتى شبه استحالة في تمرير اقتراح الحاكم سعيد في مجلس الوزراء أو مجلس النواب حيث ترتبط نسب وازنة من أعضائهما بشكل مباشر وغير مباشر بالمصارف، ومنهم من اقترض شخصيا أو اقترض المقربون منهم من أصحاب الأعمال بمئات الألوف أو بملايين الدولارات من المصارف، وتمّ تسديدها على أساس أسعار صرف متدنية بكثير عن أسعار الصرف الفعلية، ومن غير المتوقع أن يصوّتوا إلى جانب مشروع قانون يطالب بإكمال سداد القروض على قيمتها الفعلية، خصوصًا أن لبنان لا يعتمد أحكاما قانونية ملزمة تحمي بشكل صارم من تضارب المصالح في عمل مجلسي الوزراء والنواب وتعاقب عند إثبات حصول هذا التضارب بنصوص زاجرة.
كما يثير اقتراح الحاكم سعيد في حال الأخذ به إشكاليات عدّة في التنفيذ والذي لن يكون سهلاً وربما مستحيل التحقق في أحيان كثيرة. فالذين سدّدوا قروضهم حصلوا على براءة ذمّة وتم فكّ التأمين على الأصول التي سبق لهم تقديمها للحصول على قروضهم ومن الممكن أن يكونوا قد انسحبوا من النظام المصرفي أو غادروا البلاد أو لم يعد لديهم القدرة على دفع الأموال التي سيطالبون بها، هذا دون الحديث عمن غيّبهم الموت .
أخيرا هناك من يرى أن كلام الحاكم سعيد للمودعين لا يعدو كونه كلاما من باب رفع العتب وربما تنتهي الأمور بإعلانه أنه فعل المتوجب عليه بتقديم الرأي ولو شفاهة للحكومة عملا بالمادة 72 من قانون النقد والتسليف؛ لكن لم يستجَب لرأيه وبالتالي لا مسؤولية عليه.
إشكاليات قانونية والردّ عليها
يثير اقتراح الحاكم سعيد أيضا إشكاليات قانونية. فهناك رأي يقول أن سداد القروض المحكي عنها قد تم وفقا للأصول استنادا:
- لتعميم مصرف لبنان رقم 568 تاريخ 26 آب 2020 الذي سمح للمقترضين من المصارف بالدولار الذين لا يملكون حسابات مصرفية بالعملات الاجنبية ، أن يسددوا الاقساط او الدفعات المستحقة بالليرة اللبنانية على سعر 1507.5 ل ل للدولار الواحد، شرط أن تكون قروضهم من قروض التجزئة وألا يتعدى مجموع القروض السكنية الممنوحة للعميل 800 ألف دولار ومجموع قروض التجزئة الأخرى 100 ألف دولار،
- للمادة 7 من قانون النقد والتسليف التي تمنح الليرة اللبنانية قوة إبرائية غير محدودة وفقا لسعر الصرف الرسمي الصادر عن مصرف لبنان والمعتمد في مجالات عديدة.
وإنّ صدور أيّ قانون يرمي إلى دفع مبلغ إضافي لتغطية الفرق بين قيمة القرض المسدّد على سعر مصرف لبنان والسعر الفعلي للدولار هو في غير موقعه السليم لأنه يصدر بأثر رجعيّ ما قد يعرضه للإبطال من قبل المجلس الدستوري.
وردّنا على ذلك هو الآتي:
- إنّ الاستناد إلى تعميم مصرف لبنان رقم 568 منتقدٌ أساسًا، لأن التعميم المذكور يستند إلى المادتين 70 و174 من قانون النقد والتسليف. الأولى تطالب مصرف لبنان كأيّ مصرف مركزيّ باتخاذ قرارات وإجراءات تخصّ المصلحة العامة ولا يجوز تفسيرها على نحو يتمّ فيه التمييز بين المقترضين من المصارف فتوسّع حقوق فئة منهم (المدينين بقروض التجزئة) وإن كانت مفهومة المبررات الإنسانية لذلك ولا يطال الأمر المدينين لغير المصارف . لذا فهذا الامر غير قانوني علاوة على كونه غير دستوري ويندرج على كل حال من ضمن صلاحيّة السلطة التشريعية لا النقدية حسب تقدير الاقتصادي الشهير Joseph Stiglitz.
أما الثانية أي المادة 174، فإنّ شروحات الأسباب الموجبة لقانون النقد والتسليف لها تشير إلى أن المطلوب بمقتضاها هو تأدية خدمة شبيهة بالخدمة التي تؤدّيها إشارات السّير، من دون أن يكون هناك انغماس من قبل مصرف لبنان في عمليّات المصرف التجاريّ، وهذا ما لم يحترمه التعميم 568 الذي أوغل كسائرالتعاميم التي صدرت عن مصرف لبنان بعد اندلاع الأزمة في تفصيلات غير جائزة دستورا وقانونا. وكان من غير الممكن الحصول على قرار من مجلس الشورى بإبطالها بسبب ضغوطات عليه من القيمين على السلطتين السياسية والنقدية. وما يؤكد الأمر تجميد مجلس الشورى البتّ بالطعونات التي قدمت إليه ضدّ تعاميم مصرف لبنان بدءا بتجميده العمل بأحد قراراته الذي اصدره باكرا بخصوص التعميم رقم 151 وذلك تنفيذا لبيان صدر عن الحاكم السابق رياض سلامة من القصر الرئاسي في 3 حزيران 2021 في نهاية اجتماع مع الرئيس ميشال عون ورئيس مجلس شورى الدولة. ولتاريخه، لم يبتّ الأخير بالأمر.
- كما أن التعميم 568 منتقد لتجاوزه مادّتين قانونينين أعلى منه في الهرمية القانونية
- المادة 303 موجبات وعقود التي تنص على عدم جواز إجبار الدائن على قبول الإيفاء قبل الأجل إلّا إذا كان الأجل موضوعا لمصلحة المديون وحده، (وليس هذه هي حالة القروض المصرفيّة المسدّدة بأقل من قيمتها الحقيقية موضوع النقاش)،
- وأيضا المادة 762 موجبات وعقود التي تجيز للمقترض ردّ المتوجب عليه قبل الأجل في قرض الاستهلاك، ما لم يكن هذا الردّ مضرّا بمصلحة المقرض (وهذا هو الحال بالنسبة للقروض المصرفيّة التي سدّدت بأقلّ من قيمتها الحقيقية ما حال دون تمكن المصارف من إعادة الودائع الدولاريّة إلى أصحابها).
- كذلك يشمل الانتقاد تنفيذ التعميم 568 وليس فقط مضمونه. فالمادة الأولى منه تنصّ على وجوب قبول تسديد العملاء “الأقساط” أو “الدفعات المستحقّة”. ولكن الذي حصل هو تسديد كامل قيمة القرض مسبقًا بقيمة متدنيّة عن قيمته الفعليّة وليس فقط “الأقساط” و”الدفعات المستحقّة”. وفيما تعلّق التعميم بـ “قروض التجزئة”، فقد تمّ استعماله لتسديد قروضٍ لا تندرج من ضمن الأخيرة. وقد حصل الأمر “بتغطية من السلطة الناظمة (أي مصرف لبنان مصدر التعميم 568) … أدّت إلى ضرب مبدأي العدالة والمساواة” كما ورد في الأسباب الموجبة لمشروع قانون الضريبة المقدم من نائب رئيس الحكومة السابق سعادة الشامي .
- والقول بأنّ سداد القروض بمقتضى التعميم 568 قد تمّ وفقا للأصول استنادًا للمادة 7 من قانون النقد والتسليف التي تمنح الأوراق النقديّة التي تساوي قيمتها الخمسماية ليرة وما فوق قوّة إبرائيّة غير محدودة على أراضي الجمهورية اللبنانية هو قول غير سليم وغير صحيح . فالمادة المذكورة تتعلق حصرًا بمدفوعات النقود النقدية monnaies scripturales لتسوية التزامات نقدية يتعين دفعها بالليرة اللبنانية المصدرة من قبل مصرف لبنان وليس بمدفوعات نقود مصرفية monnaies fiduciaires أي حسابات ودائع مفتوحة بالعملات الأجنبيّة.
والدّليل على ذلك أنّ المادة 192 من قانون النقد والتسليف تقضي بأن تطبق على من يرفض قبول الإيفاء المبرىء بالليرة اللبنانية عملا بالمادة 7 آنفة الذكر العقوبات المنصوص عليها في المادة 319 من قانون العقوبات (الحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات مع الغرامة). وهذا الأمر لا يستقيم إذا كان الالتزام محدّدًا بالعملة الأجنبيّة وعرض ايفاؤه بالليرة وتمّ رفض الأمر. إذ لا تتضمّن المادة 7 تحديدًا لسعر الصرف الواجب اعتماده لحصول الإبراء الصحيح والسليم بالليرة وهو أمر جدّ أساسي. إذ لا يمكن إنزال العقوبة الجزائية للمادة 319 الآنفة الذكر إلا اذا كان سعر الصرف واضح التحديد بموجب نص قانونيّ تكتمل به جميع العناصر المخالفة في مادة العقاب، وليس محدّدا بما ينشره مصرف لبنان بقرار إداري يوميّ خلافا للأصول المبينة في المادة 65 من الدستور (تحديد مجلس الوزرء السياسات العامة) معطوفة على المادة 33 من قانون النقد والتسليف (تحديد مصرف لبنان السياسة النقدية). إذ يجب أن يحدد بمقتضىاهما سعر صرف الليرة الذي سيستهدف في سوق القطع بالتشاور بين مجلس الوزراء ومصرف لبنان. وهذا ما لم يحصل بإقرار الحاكم السابق سلامه الذي آسند تثبيت سعر صرف الليرة لعقود إلى البيانات التي كانت توجّهها الحكومات المتعاقبة إلى المجلس النيابي لطلب الثقة.
- وعليه لا يصحّ القول بأن سداد القروض موضوع النقاش قد تم وفقا للأصول على سعر الصرف الرسمي للدولار وهو 1507.5 ل ل . فالسعر الأخير حدده مصرف لبنان بشكل منفرد خلافا لقانون بورصة بيروت الذي ينصّ على إجراء العمليات اليومية على العملات وإعلان أسعار الإقفال في ردهة تبادل العملات في بورصة بيروت. وقد استغلّ مصرف لبنان عدم عودة الردهة السابقة إلى العمل عند إعادة تشغيل البورصة، ليقرّر أن عمليات مصرف لبنان مع المصارف هي التي تحدد سعر الصرف وأن “مديرية القطع ” لدى المصرف مكلّفة بالإعلان عنه يوميا. وكانت حجّة الحاكم السابق سلامه أن حجم العمليّات بين مصرف لبنان وبين المصارف هي الأكبر، وهي حجة دحضتها مستويات أسعار الصرف التي تعاملت بها “صيرفة” عند إنشائها من قبل مصرف لبنان؛ إذ تماهتْ مع الأسعار الفعلية للدولار المتعامل بها في الأسواق وتبلغ أضعاف أضعاف سعر الصرف الرسميّ المعلن من قبل “مديرية القطع” في مصرف لبنان .
- معروف أن مضمون اعتماد المشرّع اللبناني السعر الإلزامي le cours forcé تمكين مصرف لبنان من إصدار أوراق نقديّة مسندة إلى ما يحوزه من ذهب وعملات أجنبية، من دون أن يكون من حقّ المواطن مطالبة المصرف بتسليمه ذهباً أو عملة أجنبية مقابل ما يعرضه عليه من أوراق نقدية مصدرة منه. لكن هذا الأمر لا يعني، ولا يجب أن يعني، منع الأفراد والأشخاص من إبرام عقود يلتزم فيها المدين (وهو المصرف في الحالة اللبنانية) بردّ دينه الى الدائن (المودع) بعملة أجنبية في حال الاتفاق على ذلك بينهما حسب ما اوردته Laure Nurit-Pontier أستاذة القانون النقدي في جامعة Nantes في كتابها عن الإطار القانوني للعملة الأجنبية والمعنون Le Statut Juridique de La Monnaie Etrangère[1]. (1)
- أيضا العملة الأجنبية هي بالنهاية بضاعة. والسعر القانوني للعملة الوطنية وقوتها الإبرائية لا علاقة لهما بهذه البضاعة، ولا يجب أن تكون لهما أية علاقة، عند تعاقد الأفراد على السلع وتوريدها في الوقت والشروط المتفق عليها حسب أستاذي القانون M Savatier و M Malaisie [2].
- يضاف إلى ذلك أن إدراج العملة الأجنبية في العقد يعني ضمناً أن العقد لن ينفذ فوراً وأن التنفيذ يدخل فيه عنصر الوقت. وفي هكذا حالة، يعني استعمال العملة الاجنبية يعني حسب الاستاذة Nurit-Pontier أن إرادة المتعاقدين كانت بالحصول وقت الإيفاء على قيمة أقرب ما تكون في ما لو كان الإيفاء نقديّاً في التعاملات الواقعية، حيث تكون العملة الأجنبية ضماناً لعدم تدهور قيمة العملة الوطنية[3].
وعليه يتبين من آراء الفقهاء السابقة ومن أحكام قضائيّة فرنسيّة صدرت بالاستناد إليها أن التعاقد بالعملات الأجنبية هو تعاقد ملزم لأطرافه، فيما خصّ تنفيذه بهذه العملات عند اشتراط الأمر الأخير لمصلحة فريق أو فريقي العقد. وعليه، تنتفي الحاجة إلى ضرورة استصدار نصّ قانوني خاصّ يؤكّد على ذلك، كما ترمي إليه مشاريع قوانين تقدّم أو تُدرس تحت حجة إعادة إطلاق الاقتراض بالعملة الأجنبية في القطاع المصرفي لاستعادة الأخير عافيّته. وخطورة هذه المشاريع في حال إقرارها عدم تقديمها لأية قيمة مضافة لا بل ستكون ضارة بالنسبة لاستعادة المودعين لودائعهم الدولاريّة إذ سيكون بامكان كبار المقترضين الذين سدّدوا ديونهم الدولارية بالليرة اللبنانية على سعر الصرف الرسمي المتدني الاحتجاج بأن الإيفاء بذات عملة القرض والذي يتم مطالبتهم به لا يسري عليهم لأن هذا الموجب لم يتقرّر قانونا إلا لاحقًا.
خلاصة
إن فكرة استصدار قانون يلزم من سدّد قرضاً بالدولار، بالليرة أو باللولار، بأقل من قيمته الفعلية بدفع الفرق حتى يصبح المبلغ المسدد مساوياً لقيمة القرض، والمقترحة من قبل حاكم مصرف لبنان كريم سعيد، تعتبر وأيا كانت العوائق التي تعترضها، خطوة رائدة وصائبة ليس فقط لاستعادة الودائع بل ايضا لاستعادة دولة القانون في لبنان. وهي تفضل على اقتراح دفع الضريبة الاستلحاقية على الفرق بين المبلغ المسدد وقيمة القرض الفعلية المقدّم من نائب رئيس الحكومة السابق سعادة الشامي والذي يتلاقى مع اقتراح نائب الحاكم الأول د. منصوري.
ومن شأن طرح الحاكم سعيد رسميا لاقتراحه أن يسلّط الضوء ضمنيّا على مخالفات عميقة ارتكبها مصرف لبنان قبل مجيئه، تبدآ بالفهم المشوّه لمفهوم القوة الإبرائيّة للنقد اللبناني المنصوص عليها في المادة 7 من قانون النقد والتسليف، وتحديدا من خلال جعلها تستوعب بغير حق النقود المصرفية وتحديد لسعر صرف رسمي إلزامي للدولار أقلّ بكثير من أسعاره الفعلية، تمهيدا لإصدار تعميم آخر في 26 آب 2020 يُخالف الدستور والقانون معا وهو التعميم 568 المبرّر بمساعدة مديني “قروض التجزئة” حصرا. لكن النتيجة كانت استغلال التعميم المذكور من دون وجه حق من قبل آلاف المتمولين وأصحاب الأعمال لتسديد قروضهم الدولاريّة على سعر صرف جد متدنٍّ للدولار، مما مكّنهم من تحقيق ثرواتٍ استثنائيّة خياليّة ما كانوا ليحلموا بها. وحصل الانحراف تحت نظر مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف من دون أية رد فعل لغاية صدور التعميم رقم 646 تاريخ 12 تشرين الأول 2022 الذي نص على التسديد المسبق للقروض بعملة القرض .
أيا كان الأمر، فإن حاكم مصرف لبنان بات اليوم ملزما أدبيّا بعد شيوع خبر اقتراحه أن ياخذ المبادرة بالبدء في تطبيقه في مصرف لبنان من خلال برمجة اعادة مبالغ الهيركات التي اقتطعتها المصارف بمقتضى التعميمين 151 و158 إلى اصحابها أي إلى المودعين. إذ أن التعميمين المذكورين قضيا بليلرة المصارف قسمًا من مدفوعاتها الدولارية إلى مودعيها على أسعار صرف متدنية أفقدا الأخيرين ما بين الـ 40 والـ 60 بالمئة من قيمة سحوباتهم. وألزمت المصارف بالتوازي بأن تبيــع إلى مصرف لبنان العمــلات الأجنبيـة العائدة للسحوبات السابقة التي تمت «ليلرتها» توطئة لاستعمالها في إطفاء التزامات مصرف لبنان تجاه المصارف بعد استعمالها في تذويب قسم من التزامات المصارف تجاه مودعيها، كل ذلك في تخريجات انتقدها في حينه فريق صندوق النقد الدوليّ المفاوض مع الحكومة اللبنانيّة بفعل الإجحاف الذي لحق بالمودعين بهدف تقليص التزامات المصارف تجاههم، كما تقليص التزامات مصرف لبنان تجاه المصارف.
[1] Ainsi selon la Cour d’appel le cours forcé ne régit que les rapports du détenteur
de billets de la Banque de France, et ne peut en aucun cas faire échec au principe fondamental de liberté des conventions qui continuer à régir les rapports créancier- débiteur.
[2] M Savatier :On ne voit pas en quoi cela (le cours légal) empêcherait les monnaies étrangères d’être en France, des marchandises librement négociées, et dont, par conséquent, la livraison peut être librement stipulée.
M Malaisie: Ce n’est pas le cours légal qui peut interdire de faire de la monnaie étrangère une monnaie de paiement. Sans doute est-il de principe que tout paiement fait en France doit être effectué en monnaie française, ce qui généralement résorbe la clause libellée en monnaie étrangère en monnaie de compte, mais pendant longtemps ce ne fut pas un principe gênant car la monnaie étrangère pouvait être, comme toute marchandise, l’objet d’un contrat et non plus seulement instrument de compte.
[3] Le recours à une monnaie étrangère pour libeller leurs obligations, traduit la volonté des parties d’obtenir, au moment du paiement, une valeur aussi proche
que possible de celle qu’elles auraient obtenu dans le cas de paiement immédiate. La monnaie étrangère est envisagée comme le moyen de faire échec à la dépréciation de la monnaie nationale