منذ بدء النقاش حول قضايا الإيجارات، بدا المجلس التشريعي وكأنه يسعى الى إيجاد حل ما بين فئتين اجتماعيتين متصارعتين، وهما تباعاً فئة الأشخاص الذين يشغلون عقارات على سبيل إيجارة تمتد بحكم القانون منذ ما قبل 1992 والأشخاص الذين يملكون تلك العقارات. وفي هذا المجال، لا بد من تصحيح خطأ شائع، ربما يقصده البعض، مفاده اختزال هاتين الفئتين بفئتي المستأجرين والمالكين القدامى. ومرد الخطأ هو أن العديد من المالكين الحاليين هم حديثو الملكية، بمعنى أنهم اشتروا أبنية مؤجرة كلياً أو جزئياً على سبيل المضاربة أو للقيام بمشاريع إعادة بناء. كما أن العديد من المستأجرين قد دخلوا الى المآجير كخلفاء لمستأجرين قدامى. ورغم أهمية الأرقام هنا، فإن الباحث لا يجد أي رقم بهذا الشأن. والأهم من ذلك هو أن هذا البحث عن حل بقي طوال السنوات الماضية بمنأى عن أي معايير قانونية ضابطة أو مؤثرة بطريقة أو بأخرى.
ومن هنا، كان أمام المجلس الدستوري فرصة استثنائية لوضع ضوابط قانونية في هذا المجال، وعملياً للتفكير بشأن المسائل القانونية التي من شأنها أن تحكم مسألة الإيجارات القديمة. إلا أنه، هو أيضاً بدا وكأنه يؤثر تجنب الخوض في عمق هذه المسألة. وقد بدا ذلك واضحاً جداً حين أصدر قراره في 13-6-2014 بإبطال الطعنين الأولين لأسباب شكلية كان بإمكانه تجاوزها وفق ما نقرأ في المخالفة التي حررها عضو المجلس أنطوان مسرة. وفيما أسهب في قراره الثاني في تقييم حقي الملكية والسكن وما يرتّبانه من نتائج، فقد بدا جدّ مقلّ عندما قارب جوهر المسألة أي المعايير الملائمة للموازنة بين هذين الحقين. فبقي قراره غامضاً بل خالياً من أي معيار في هذا الخصوص، مكتفياً بالقول إنه وجد أن مواد القانون تلبي من منظاره شروط هذه الموازنة. بالمقابل، فقد وجد في شروط تعيين اللجنة التي أناط بها بعض المهام كتحديد بدل المثل وبتّ أحقية المستأجر بالمساعدة المالية، حجة كافية لإبطال مواد القانون المتصلة بها لتعارضها مع ضمانات التقاضي، علماً أن ثلاثة من أعضاء المجلس أعلنوا مخالفتهم لهذا الأمر.
والمفكرة هنا تسجل عدداً من الإيجابيات والسلبيات في قرار المجلس المتصل بالموازنة بين حقوق المالكين وحقوق المستأجرين، تبحثها هنا، على أن تخصص بحثاً منفصلاً للمسائل المتصلة باللجنة ذات الصفة القضائية
الإيجابيات
في هذا المجال، يسجل للمجلس عدد من المواقف المبدئية الهامة.
الأول، هو تأكيده على الطبيعة الدستورية للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، ومنها حق السكن. وهذا الأمر يتأتى ليس فقط عن “الشرعات الدولية” (التي وردت الإشارة اليها عموماً دون تحديد النصوص المعنية ومنها المادة 11 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية) و”اجتهادات دستورية مستقرة” (الأرجح أنه يشير الى اجتهادات في القانون المقارن) بل أيضاً من طبيعة الجمهورية وأهدافها وفق ما جاء في مقدمة الدستور، وخصوصاً لجهة التأكيد على النظام الديموقراطي وعلى العدالة الاجتماعية وعلى مبدأي المساواة والإنماء المتوازن كما جاء في الفقرتين “ج” و”ز”. فـ”الديموقراطية لا تقتصر على الحقوق السياسية والمدنية إنما يتطلب تحقيقها توافر الحقوق الاقتصادية والاجتماعية أيضاً للمواطنين” (كل العبارات بين قوسين في هذا المقال مأخوذة من القرار). و”الغاية من الإنماء المتوازن للمناطق تحقيق العدالة الاجتماعية وتعميمها على جميع المواطنين وتوفير العيش الكريم لهم”. و”العدالة الاجتماعية تقتضي العمل على إيجاد مسكن لائق لكل مواطن”. والغاية من الدستور هي “تنظيم العلاقات في مجتمع الدولة بما يضمن العيش الكريم للمواطنين والاستقرار والأمن”. ونلحظ هنا أنه استنتج دستورية حق السكن من مجموعة من البنود الواردة في مقدمة الدستور (الديموقراطية، المساواة، الإنماء المتوازن، العدالة الاجتماعية..) وعلى مجموعة من الحقوق (الحق بمسكن لائق والحق بتأسيس عائلة). بل وصل الى حد القول بأن المسكن عامل استقرار نفسي واجتماعي وعامل أمان وشرط أساسي لتحقيق الأمن الاجتماعي.
الثانية، هو تأكيده على أن تحقيق الحقوق المذكورة، وفي مقدمها حق السكن، يشكل هدفاً ذا “قيمة دستورية ينبغي على السلطتين الاشتراعية والإجرائية رسم السياسات ووضع القوانين الآيلة الى تحقيق هذا الهدف”. وانطلاقاً من ذلك، وضع المجلس الدستوري على عاتق هذه السلطات “اعتماد سياسات عامة اجتماعية واقتصادية في الإسكان والتنمية المتوازنة والنقل، وبخاصة في لبنان حيث يساهم نقل مشترك منتظم بتشجيع السكن في مختلف المناطق”. وقد انتهى الى التأكيد أن القوانين تبقى “خاضعة لرقابة القضاء الدستوري من أجل الحفاظ على هذه الضمانات (أي الضمانات التي نص عليها الدستور)”.
الثالثة، أنه كرّس نظرية الحق-الوظيفة، بحيث أعلن أن “لكل حق حدوده وبالتالي يشمل التعسف أو التجاوز في استعمال الحق abus de droitكل حق دون استثناء”. وبذلك، فتح الباب أمام التفكير بوظائف الحقوق المكرّسة على نحو لا يتعارض مع المصالح العامة.
السلبيات
عند قراءة القرار، نخال فوراً أن ثمة انفصاماً بين حيثياته، بين سلبياته وإيجابياته، أو كأن ثمة تسوية حصلت بين أعضائه وأدت الى جمع حيثيات ذات خلفيات وأبعاد متناقضة في سياق واحد. وهذا ما سنعود اليه أدناه.
السلبية الأولى: فصل موجبات الدولة بخصوص “حق السكن” عن العلاقة بين المستأجر والمالك
على الرغم من تأكيد القرار أن على السلطات اعتماد سياسات عامة في مناح عدة (إنماء ونقل مشترك وسياسة إسكانية) لضمان حق السكن من دون الاكتفاء بتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، فإن المجلس الدستوري أقر دستورية تحرير عقود الإيجارات في الظروف الحالية، رغم قصور المشرّع عن اتخاذ أي سياسة بهذا الخصوص، أي رغم انعدام أي خطة لضمان مسكن لائق للمستأجرين القدامى الذين قد يُرغمون على مغادرة منازلهم بعد رفع بدلاتها رفعاً ملحوظاً أو تحرير إيجاراتهم بالكامل. كما أنه بخلاف قرارات سابقة له، لم يجر أي تقييم للمساعدة المالية التي نص عليها القانون للمستأجرين القدامى الذين تقل مداخيلهم عن حد معين، وتحديداً في ما إذا كانت تشكل ضمانة بديلة كافية لحق السكن اللائق. وبذلك، بدا المجلسوكأنه يكتفي بإعلان موجب فعل على الدولة بتأمين ضمانات بديلة للسكن اللائق مستقبلاً، من دون أن يشترط إقرارها فعلياً كشرط مسبق لإلغاء الضمانات المتوافرة حالياً. وهو بذلك استبدل عملياً موجب عدم فعل على السلطات العامة خاضع لرقابته بموجب فعل في ذمة هذه السلطات ليس له عليه أي رقابة. ومن هذا المنطلق، بدت حيثيات المجلس متضاربة في ما بينها، إذ هي تعلن دستورية قانون من شأنه المسّ بحقوق دستورية من دون أن تتوفر أية ضمانة بديلة لتأمين هذه الحقوق، ما قد يؤدي عملياً الى ضياع هذا الحق، ومن الناحية الاجتماعية، الى نتائج كارثية بكل ما للكلمة من معنى. وبالطبع، يتعارض هذا الموقف جذرياً مع مواقف المجلس السابقة التي أشار فيها صراحة الى أنه: “عندما يسن المشترع قانوناً يتناول الحقوق والحريات الأساسية فلا يسعه أن يعدل أو يلغي النصوص النافذة الضامنة لهذه الحريات والحقوق دون أن يحل محلها نصوصاً أكثر ضمانة أو تعادلها على الأقل فاعلية وضمانة” (قرار المجلس الدستوري، 27-6-2000).
السلبية الثانية: تحرير المالك من أي موجب واضح تجاه المستأجر
هنا، ورغم أن المجلس أعلن نظرية الحق الوظيفة droit-fonction، فإنه سرعان ما حرر المالك من أي موجب تجاه المستأجر. بل أسوأ من ذلك، جازف المجلس بتعداد اعتبارات المصلحة العامة التي من شأنها أن تحدّ من حق الملكية مع التأكيد على أنه يوردها على سبيل الحصر وليس على سبيل المثال. وهذه المسائل هي الآتية: “القواعد العقارية والهندسية في الفرز والضم والبناء، والاستملاك لقاء تعويض عادل ولمصلحة إنشاءات عامة، وقواعد التنظيم المدني والسلامة العامة وحماية الإرث المعماري والثقافي والتقيد بالأنظمة البلدية في الصيانة والترميم”. وبذلك، يكون المجلس قد استبعد إمكانية الحد من حق الملكية عملاً بأي اعتبار آخر، كحماية البيئة أو ضمان حق التمتع بها مثلاً؛ لا بل إن هذا التهور في إعلان الحصرية أوقعه في تناقض واضح وصريح مع قرار سابق له (قرار 10-5-2001) أعلن فيه “أن المصلحة العليا يمكنها أن تبرر أي قيد لحق الملكية، حتى في ما يتعلق بالمواطنين أنفسهم، على الرغم من أن الملكية .. هو حق مصان دستوراً”. كما أنه، في السياق نفسه، استبعد صراحة أن يتم الحد من حق الملكية في العلاقة بين المالك والمستأجر. فالحد ليس من “المبادئ التعاقدية وحرية التعاقد والتوازن في النظرية العامة للعقد”. وقد أكمل المجلس تحليله في هذا المجال من خلال القول بأن الحق في سكن لائق استناداً الى الشرعات الدولية يفرض موجباً ليس على المالك، بل على السلطات العامة وحدها. وانطلاقاً من ذلك، توصل المجلس الى اعتبار القانون المطعون فيه منسجماً “مع القواعد الدستورية لجهة استعادته مبادئ حق الملكية لمصلحة المالكين القدماء واستعادته المبادئ العامة لنظرية العقد”.
وعدا أن هذه الحيثيات تتعارض مع نظرية الحق-الوظيفة، فإنها تتعارض أيضاً مع حيثيات أخرى للمجلس الدستوري وردت في ما بعد ويستشف منها بوضوح أنه بإمكان المشرّع في ظروف معينة الحد من حق الملكية لضمان حق السكن. وهذا ما نقرؤه في الصفحة 16 من القرار حيث جاء أن: “على السلطة الاشتراعية التوفيق بين الحق بالملكية والحق بالسكن” و”أن تباين الوضع بين المالك والمستأجر هو في طبيعته ووزنه يبرر التباين في المعاملة” و”أن القانون المتوازن بين مصالح متباينة قد يحد من حقوق دستورية ولكن لهدف رشيد وضروري انطلاقاً من قيم ومرجعيات ومن خلال مقاربة متوازنة”. وبذلك، بدا المجلس في إحدى حيثياته وكأنه يعد أي مس بحق الملكية غير جائز، ليعود ليجوّز ذلك في حيثية أخرى من باب التوازن بين المستأجر والمالك، موقعاً نفسه وقراءه في تناقض كبير. ولكن، أهم من ذلك، هو أن حديثه عن وجوب التوازن في العلاقة بقي عاماً: فبعدما نص عليه، انتهى الى تأكيد حصوله في القانون المطعون فيه، من دون أن يبين ماهية التوازن المطلوب أو المعايير الضامنة لحصوله أو لقياسه.
والتناقض نفسه نلمحه في تقييم القوانين الاستثنائية بتمديد الإجارة التي بدأ العمل بها أثناء الحرب العالمية الثانية. ففي إحدى حيثياته، بدا المجلس وكأنه يدين مجمل هذه القوانين السائدة منذ سبعين سنة، حيث أورد في الصفحة 12 أن “ما حصل طيلة سبعين سنة هو تعسف مستمر في الحد من حق الملكية من خلال قوانين استثنائية متمادية التعرض لحرية التعاقد”. وفي حيثية أخرى، عاد المجلس ليذكر أن هذه القوانين بدأ العمل بها استثنائياً بسبب النقص في الأماكن السكنية وانخفاض العرض، من دون أن ينظر في ما إذا كانت الظروف الحاضرة تتوافر فيها حالة الاستثناء، على نحو يبرر تمديد الإجارة قانوناً، بالنظر الى وفود أعداد هائلة من اللاجئين وتفاقم الطلب الهائل على المساكن. والواقع أن المجلس أخطأ من خلال المزج بين قوانين الإيجار الاستثنائية الحاصلة قبل الحرب الأهلية والتي تمثلت بتوازن معين بين حقوق المستأجر والمالك فحمت المستأجر من تبعة نقص العرض وارتفاع بدلات الإيجار نتيجة المضاربة من دون حرمان المالك من البدل العادل، وتلك الحاصلة ما بعد هذه الحرب والتي أدت الى تمديد حق السكن بما يخل تماماً بتوازن العقد ويصيب حق الملك بضرر بليغ.
وبذلك، وبدل أن يستوحي المجلس الدستوري من الاجتهادات الدولية ما يسمح باعتماد معايير توازن بين المستأجر والمالك، اكتفى بالتحدث عن توازن بلغة عمومية وعلى نحو لا يخلو من الالتباس. وبذلك بدا تعليله مفقوداً وإلا منقوصاً الى حد كبير. والواقع أن نظرية تمديد عقود الإجارة تستند في عمقها الى مفهوم الحاجة المشروعة الى مسكن لائق ببدل إيجار يتناسب مع المداخيل العامة، وأنها من هذا المنطلق تسمح بالحد من حق الملكية لجهة منع المالك من الاستفادة من ندرة المساكن لفرض بدلات باهظة، من دون أن تسمح باستباحته. وهذا ما نصت عليه صراحة التعليقات على المادة 11 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتي تسمح باتخاذ تدابير لحماية المستأجر إزاء البدلات الباهظة التي قد يفرضها السوق[1]. وهو بهذا المعنى، يرتب مبدئياً نتائج أكثر مما توحي به فئة المستأجرين، وبالمقابل نتائج أقل مما تطلبه فئة المالكين. فكما أنه من الخطأ القول بحق مكتسب للمستأجرين يمنع تحرير الإيجارات، فإنه من الخطأ أيضاً القول بأن حق المالكين يوجب تحرير الإيجارات من دون أي ضوابط.
وما يزيد الأمر خطورة هو أن المجلس لم ينظر في مدى دستورية النص الخاص بمنح مساعدة للمستأجرين من مداخيل متدنية، وتحديداً الى غياب أي موجب على الدولة بتمويل هذه الصناديق، ما قد جعل هذه المساعدة نظرية بحتة.
السلبية الثالثة: التمييز بين المواطنين لجهة مساهمة الدولة في ضمان تمتعهم بحق السكن
الحق بالسكن اللائق يفرض على الدولة التدخل كلما كانت مداخيل المواطنين لا تسمح لهم بالتمتع به فعلياً. وهذا الأمر لا يعني فقط شاغلي الإيجارات القديمة أو فقط المستأجرين، بل يعني أيضاً وخاصة الشباب الذين يتهيؤون للاستقلال عن منازل ذويهم ويبحون عن أماكن للإجارة ببدلات تتناسب مع مداخيلهم. وهذا الأمر إنما يرتب على الدولة أن تعتمد سياسة إسكانية شاملة وألا تكون سياستها في مساعدة فئة من هذه الفئات تمييزية ومخالفة لمبدأ المساواة. وبالطبع، لها أن تضبط حق الملكية على أن يكون البدل عادلاً، وعليها أن تتخذ ما تراه ضرورياً من تدابير أخرى لتأمين مساكن ملائمة للجميع. وبالطبع، تزداد مسؤوليات الدولة في هذا الإطار، بقدر ما تتجاوز الحاجة الى المساكن عدد المساكن المعروضة للإيجار.
ولعل إحدى أهم الثغرات في القرار الدستوري، هي خلوه من أي تقييم لمواد القانون المتصلة بإنشاء صندوق لتقديم مساعدة مالية للمستأجرين الذين تقل مداخيلهم عن حد معين. فقد بقي القانون خالياً من أي ضمانة لجهة ضمان ملاءة هذه الصناديق التي يخشى أن تبقى صناديق فارغة كما حصل مع عدد من الصناديق المنشأة بموجب قوانين سابقة، منها قانون حقوق المعوقين (2000) وقانون حماية البيئة (2002) وحديثاَ قانون حماية المرأة وأفراد الأسرة من العنف الأسري (2014).
السلبية الرابعة: الوئام الاجتماعي ليس مسألة تقنية وحسب
أمر آخر بدا فيه المجلس الدستوري وكأنه يقرأ القانون ويقيّمه بعين واحدة. فتأييداً لتحرير الإيجارة القديمة، رأى أن من شأن فك الترابط بين المالكين والمستأجرين أن يؤدي الى التخفيف من فرص النزاعات الاجتماعية. فـ”خرق المبادئ العامة في التعاقد في قضية حياتية يومية متعلقة بالملكية والسكن هو مصدر نزاعات بين المواطنين ومصدر توتر في علاقات الجوار، وتشكل بالتالي مصدر تهديد بالعمق للسلام الاجتماعي”. بالمقابل، فإن قراره بقي خالياً من أي إشارة الى التعقيدات القانونية الواردة في متن القانون والممهدة لفك هذا الارتباط والتي من شأنها واقعياً أن تولّد نزاعاً في كل علاقة تأجيرية قديمة. وهذا ما نستشفه من القواعد المعقدة لتحديد بدل المثل من خلال خبراء يعيّنهم المالك وآخرين يعيّنهم المستأجر، وفي حال النزاع من خلال لجنة إدارية ذات صفة قضائية، وأيضاً من القواعد المعقدة لتحديد أحقية المساعدة المالية. وكان من الممكن تلافياً لذلك زيادة البدلات نسبياً وتلقائياً سنوياً توفيراً لما قد يسببه هذا النزاع من تعقيدات وأكلاف. وأهم من ذلك، هو أن الحديث عن الوفاق الوطني لم يتطرق إطلاقاً الى ما قد يسببه تحرير الإيجارات من كوارث اجتماعية في ظل الظروف الراهنة.
بالتالي مصدر تهديد بالعمق للسلام الاجتماعي”. بالمقابل، فإن قراره بقي خالياً من أي إشارة الى التعقيدات القانونية الواردة في متن القانون والممهدة لفك هذا الارتباط والتي من شأنها واقعياً أن تولّد نزاعاً في كل علاقة تأجيرية قديمة. وهذا ما نستشفه من القواعد المعقدة لتحديد بدل المثل من خلال خبراء يعيّنهم المالك وآخرين يعيّنهم المستأجر، وفي حال النزاع من خلال لجنة إدارية ذات صفة قضائية، وأيضاً من القواعد المعقدة لتحديد أحقية المساعدة المالية. وكان من الممكن تلافياً لذلك زيادة البدلات نسبياً وتلقائياً سنوياً توفيراً لما قد يسببه هذا النزاع من تعقيدات وأكلاف. وأهم من ذلك، هو أن الحديث عن الوفاق الوطني لم يتطرق إطلاقاً الى ما قد يسببه تحرير الإيجارات من كوارث اجتماعية في ظل الظروف الراهنة.
نشر هذا المقال في العدد | 20 |آب/أغسطس/ 2014 ، من مجلة المفكرة القانونية | لبنان |. لقراءة العدد اضغطوا على الرابط أدناه:
ملاحظات المفكرة القانونية حول قرارالدستوري في قضية الإيجارات القديمة
للإطلاع على النص مترجما الى اللغة الإنكليزية يمكنك الضغط هنا
[1] tenants should be protected by appropriate means against unreasonable rent levels or rent increases.
يقتضي حماية المستأجرين بتدابير ملائمة ضد بلوغ البدلات أو زيادتها بشكل غير منطقي.