“
مرّت سنتان على إعلان تركيا لحالة الطوارئ في إثر المحاولة الانقلابية الفاشلة صيف العام 2016. انتهى العمل بهذا القانون ليل الثامن عشر من تموز/يوليو من العام الحالي بعدما كانت السلطات قد جددته لسبع مرات سابقاً، غير أن مفاعيله لم تنتهِ بعد. أدى إعلان حالة الطوارئ وتطبيقه إلى الكثير من التغييرات في ظروف حياة الناس، والتي تمحورت بمعظمها حول الحفاظ على الأمن ومحاربة الإرهاب من ناحية والتخلص من أنصار الداعية الإسلامي “فتح الله غولن” المتهم بالتخطيط للانقلاب وتنفيذه من ناحية أخرى. انتهى أمر الآلاف من أنصار الرجل في السجون والمنفى أو خارج وظائفهم. كما دفع آخرون ثمناً للحملة الحكومية التي شككت بعلاقات كل تركي وولائه. إنتهاء العمل بقانون الطوارئ لم يعنِ، في جميع الأحوال، انتهاء السطوة الرسمية الحديدية على الحقوق والحريات العامة: فقد عمدت هذه الأخيرة بتاريخ 25 تموز/يوليو إلى إقرار “قانون محاربة الإرهاب”، والذي أبقى على معظم إجراءات قانون حالة الطوارئ وشرّع تطبيقها لثلاث سنوات إضافية دفعة واحدة.
نهاية العمل بقانون الطوارئ
لم يكن الـ250 شخصاً الذين قضوا ليلة المحاولة الانقلابية وحدهم ضحايا الأحداث والصراعات على النفوذ في تركيا. إنما شهدت البلاد الكثير من الضحايا الآخرين منذ ما بعد فشل المحاولة الانقلابية وإلى اليوم. رست الأرقام التقريبية على 160 ألف موظف رسمي خسروا وظائفهم في المدارس والشرطة والجيش والسلك القضائي، وخرجوا خاليي الوفاض من مكاتبهم وثكناتهم من دون تعويض مالي أو تسهيل للبحث عن وظائف بديلة. تم كذلك توقيف حوالى 60 ألف تركي بتهم تتعلق بكونهم أعضاء في “منظمة غولن” أو متعاونين معها، أو أقاموا، في يوم ما، بالتواصل مع أحد أفرادها البارزين. كما أغلقت حوالى 200 مؤسسة إعلامية ومئات المدارس والجمعيات المحلية[1]، وألغيت آلاف جوازات السفر “للمشكوك بأمرها”. بالإضافة إلى اعتقال نواب أكراد ورفع الحصانة عنهم[2]، ووضع اليد على حوالي 28 بلدية بشكل غير قانوني[3]، ووضع الكثيرين، وخاصة هؤلاء العاملين في المدارس والإعلام والسلك القضائي، تحت المراقبة والضغط الدائم[4].
من المؤكد أن أنصار “غولن” متغلغلون في الإدارات التركية العامة ولهم الكثير من النفوذ. لكن عدد الملاحقين الكبير، كما السرعة في معرفة مَن مِن هؤلاء متورطون في العلاقة مع “منظمة غولن” التي تعتمد السرية في عملها، لا شك ترك الكثير من الأسئلة والريبة حول وجود قطبة ما في عمل الأجهزة الأمنية التركية. إلا أن السلطات غالباً ما رفعت لواء ضرورة الإسراع باستئصال أنصار المنظمة، وحماية الأتراك من شرها. دون أن يعني ذلك أن كل من تم طرده من عمله أو من البلاد على علاقة وطيدة بالمنظمة، إذ أن بين هؤلاء الكثيرين مَن ليس لهم ناقة ولا جمل في كل ما جرى، وتحوّلوا إلى ضحايا أضيفوا إلى لائحة الضحايا الآخرين.
بررت السلطات التركية كل هذه الاجراءات باعتمادها على قانون حالة الطوارئ الذي أعلنته بعد ساعات من فشل المحاولة الانقلابية. وهو القانون الذي يغطي الكثير من الإجراءات التي تنافي الحقوق والضمانات القانونية والدستورية المعطاة للأفراد والمنظمات والمؤسسات. ومنها إعطاءه صلاحيات كبيرة لولاة المحافظات التابعين مباشرة لوزارة الداخلية، والحد من أو حتى إلغاء الحقوق والحريات الأساسية المنصوص عنها في الدستور، كفرض حظر للتجول، ومنع التجمعات، ومنع مرور الأفراد والعربات في بعض الطرق أو المناطق، بالإضافة إلى تفتيش العربات والمنازل ومصادرة محتوياتها من دون الحاجة إلى إذن قضائي.
تبعاً لقانون حالة الطوارئ، يحق للسلطات كذلك حظر بيع وتوزيع المنشورات، ومنع بث وسائل الإعلام والمسرحيات والأفلام وتفتيش المطبوعات والصور، ووقف نشاطات وأعمال الأفراد والمنظمات لفترات معينة. بالإضافة إلى إلغاء جميع رخص حمل السلاح، وإمكانية القيام بعمليات عسكرية خارج الحدود بعد التنسيق مع الجيش ودون مراجعة السلطة التشريعية. كذلك الأمر تسمح حالة الطوارئ بإصدار مراسيم تمتلك قوة القوانين، والتي تُعفى من الخضوع لمراجعة السلطات القضائية[5].
وعليه، عاش الأتراك، ولمدة سنتين وحتى 18 تموز/يونيو 2018، دون حماية قانونية حقيقية وفقدوا الحقوق والحريات الأساسية المنصوص عنها في الدستور والقوانين المعمول بها في الأيام العادية، وذلك بعد استبدالها بما ينص عليه قانون الطوارئ. مع انتهاء العمل بهذا الأخير، تأمل الكثير من الأتراك والمنظمات الدولية عودة الأمور إلى وضعها الطبيعي، إلا أن السلطات التركية خيبت آمالهم، وأقرت قانوناً آخراً مختلفا بالإسم لكنه كثير التشابه في مضمونه مع الإجراءات المسموح تطبيقها في حالة الطوارئ.
“قانون محاربة الإرهاب”: الوجه الآخر لقانون الطوارئ
أقر البرلمان التركي في 25 تموز/يوليو 2018 قانوناً أمنياً جديداً يمنح السلطات الرسمية صلاحيات فضفاضة جداً لمكافحة الإرهاب، وذلك بعد أسبوع واحد فقط على رفع حالة الطوارئ. وعلى الرغم من النقاشات الطويلة وصولات الشجار والاشتباكات الكلامية والجسدية بين النواب، أقِر “قانون محاربة الإرهاب” بعدما حدد البرلمان مدة العمل به بثلاث سنوات قابلة للتجديد.
ينص القانون المؤلف من 23 مادة في مقدمته على أن الهدف منه هو “مكافحة المنظمات الإرهابية بشكل فعّال في الأوقات العادية” ومنع محاولات الانقلاب والإخلال بالأمن “من أجل حماية الحقوق والحريات الأساسية المنصوص عنها في الدستور”. ومع ذلك، فإن بعض أحكامه الرئيسية تتعارض بشكل مباشر وصريح مع الحقوق المنصوص عنها في الدستور.
يسمح “قانون محاربة الإرهاب” لولاة المحافظات، والذين باتوا حسب الدستور التركي الجديد يُعينون من قِبل رئيس الجمهورية، بممارسة الكثير من الصلاحيات، بما في ذلك القدرة على حظر التجمعات العامة والتجول، وتمديد فترات الاحتجاز، والسماح بفصل الموظفين إن كانت هناك روابط أو اتصالات مع منظمات إرهابية أو تهديدات أخرى متعلقة بالأمن القومي[6]. كما يسمح القانون بإقالة القضاة، وعناصر الشرطة والجيش، والمدعين العامين وجميع الموظفين العموميين الآخرين بشكل تعسفي. وهذا ما يشكل أداة ضغط على رأس السلطات الأمنية والقضائية، والتي بات يمكن للسلطات السياسية الضغط على أفرادها لإحكام سيطرتها على كل المؤسسات العامة، وبالتالي نقض مبدأ الفصل بين السلطات وكل ما يترتب عنه.
كما يسمح القانون للسلطات بتقييد الحركة داخل تركيا، والسماح للشرطة باحتجاز المشتبه بهم لمدة تصل إلى 12 يوماً دون توجيه تهم لهم، ومن ثم احتجازهم مراراً وتكراراً في نفس التهمة إن إرتأت ذلك. مع ما يعنيه هذا الأمر من تعرض الأفراد لإمكانية أكبر لسوء المعاملة، وعدم توفير القانون لرقابة قضائية كافية على استخدام الصلاحيات الممنوحة للسلطات أو أي تعويض جادّ وحقيقي للضحايا. إن احتجاز الشرطة المطول كانت قد أثارته منظمة “هيومن رايتس وتش” بشكل خاص نظراً للأدلة التي تملكها عن حالات تعذيب عديدة وسوء معاملة الشرطة للمحتجزين، وعدم إبداء النيابات العامة أي استعداد لإجراء تحقيقات فعالة في هذا الشأن، أو اتخاذ خطوات لردع هذه الممارسة وحماية المشتبه بهم[7].
يجيز “قانون محاربة الإرهاب” مصادرة جوازات سفر المعتقلين وجوزات سفر زوجاتهم، والتحقق من أعمال أفراد عائلاتهم (أموالهم، بيانات هواتفهم، إلخ.) وحتى هؤلاء القاصرين منهم. كما يقلل من إمكانية المشتبه به أو محاميه في مراجعة القاضي للمحاكمة. والذي بات يمكن أن يتم كل 90 يوماً بحسب القانون، بعدما كان يتم كل 30 يوماً، الأمر الذي يمكن أن يحد من فرص إطلاق سراح المعتقلين، ويقوّض حقهم في الحرية[8] إن كانوا أبرياء. كما يمنع القانون المواطنين من التجول أو المرور في أي مكان يختاره الوالي ضمن الحدود الجغرافية لسلطته ولمدة 15 يوماً، وذلك من دون الحاجة إلى تبرير قراره بأي شكل من الأشكال[9].
الكثير من تمركز السلطة والقليل من حكم القانون
أما إصدار مراسيم لها قوة القانون كما كانت الحال عليه خلال فترة العمل بقانون الطوارئ، فإنها غير مذكورة في “القانون محاربة الإرهاب”. أما عدم ذكرها، فلا يعود إلى نسيان الأمر أو إلى نظرة رسمية متسامحة ما، إنما لأن هذا الحقّ بات من الصلاحيات الخاصة لرئيس الجمهورية.
إن التعديلات الدستورية التي وافق عليها الأتراك في إستفتاء العام 2017 قد دخلت حيز التنفيذ مع إجراء أول انتخابات رئاسية في صيف العام اللاحق. وباتت، بالتالي، صلاحيات رئيس الجمهورية تتضمن إمكانية لشاغل السدة الأولى من إصدار مراسيم لها قوة القانون في المسائل التنفيذية، بعدما بات الدستور يسمح له بذلك. وهو ما أراده رجب طيب أردوغان من التعديلات الدستورية الأخيرة، التي أعطته صلاحيات واسعة يمكنه من خلالها القفز فوق البرلمان والسلطة القضائية معاً، وإصدار قوانين بعدما حوّل النظام التركي إلى نظام رئاسي له فيه كلمة الفصل واليد الطولى.
عند إقرار البرلمان التركي لـ”قانون محاربة الإرهاب”، فإنه جعله مكملاً للصلاحيات الجديدة لرئيس الجمهورية والذي، بالإضافة إلى قدرته المستجدة على إصدار القوانين، باتت له صلاحيات تعيين كبار الموظفين، كالقضاة ورؤساء الجامعات الرسمية والولاة، من دون الحاجة لأي موافقة برلمانية. يمكن للرئيس التركي كذلك حل البرلمان، وصياغة الميزانية وتعيين كبار القضاة، وإعلان حالة الطوارئ وتمديدها، وغيرها الكثير من الصلاحيات الأخرى[10].
القانون التركي المُقر والصلاحيات الممنوحة للرئيس التركي جعلت من أحكام الدستور والقانون مماثلة للتي كانت خلال فترة سريان قانون الطوارئ. وعليه، فإن النتيجة واحدة، وهي استمرار تمركز الصلاحيات بالسلطة التنفيذية وإدارتها، وبقاء الحقوق والضمانات القانونية والحريات الخاصة والعامة للأفراد تحت رحمتها.
إن إلغاء العمل بقانون الطوارئ من ناحية، وإقرار قانون باسم آخر يسمح ببقاء الإجراءات المطبقة خلال فترة الطوارئ من ناحية أخرى، هي بمثابة لعبة. وهذا ما عبر عنه مدير منظمة “هيومن رايتس واتش” “هيو ويليامسون” بقوله أن “القانون هذا هو دليل على أن حالة الطوارئ سوف تستمر في كل شيء ما عدا في الاسم”. مضيفاً كذلك أنه “قد تكون حالة الطوارئ قد انتهت بالإسم، لكن حكم القانون هو الذي انتهى فعلياً”[11].
الخوف والحذر من دوام قانون حالة الطوارئ
على الرغم من النداءات الكثيرة التي وجهها مسؤولو الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية، لم يفلح أي أحد بتغيير رأي الحزب التركي الحاكم، فأقر، في نهاية الأمر، “قانون محاربة الإرهاب” بأكثرية الأصوات. المحاولة التركية بالقول للعالم أن البلاد ما عادت تعيش حالة طوارئ لم تنطلِ على أحد، فاعتبر معظم من أبدى رأياً بهذا الأمر أن ما فعلته تركيا ليس رفعاً لحالة الطوارئ إنما جعلتها، بقوة القانون، دائمة[12].
أدانت المنظمات الأوروبية خاصة والتركية والدولية عامة القانون الجديد، لاعتباره يدمج أحكام حالة الطوارئ التقييدية في القانون العادي، والتي سوف تضع قيوداً على الحريات الأساسية للأفراد، ما يشكل تهديداً أكثر خطورة لحكم القانون في تركيا. كما اعتبرت أن “قانون محاربة الإرهاب” الجديد سوف يتم التذرع به من أجل قمع المعارضة السلمية، كما حصل تماماً خلال فترة حالة الطوارئ. كذلك الأمر، أكدت البيانات كلها على حق أنقرة بمواجهة الإرهاب، لكنها لم تنسَ التذكير أنه لا يجوز التضحية بحقوق الإنسان وحكم القانون من أجل مكافحة الإرهاب[13]. بالإضافة إلى اعتبار أن القانون الجديد والصلاحيات الرئاسية الجديدة قد أعطت للسلطات التنفيذية صلاحيات أكثر مما كان لديها عندما كان قانون حالة الطوارئ نافذاً[14].
من ناحية أخرى، رفض عدد قليل من البرلمانيين الأتراك “قانون محاربة الإرهاب”. إلا أن المعارضة بنبرة عالية في تركيا هذه الأيام لا تضر إلا صاحبها. لم يمنع ذلك إصدار بعض المواقف الملفتة خلال المناقشات البرلمانية، مثل اعتبار بعض نواب “حزب الشعب الجمهوري” المعارض أنه “بدل مناقشة وتضميد الجراح العميقة التي سببها تطبيق قانون الطوارئ على ديمقراطيتنا ونظامنا القضائي، نشهد اليوم بداية عملية أكثر ضرراً”[15]. فيما رأى نائب آخر القانون الجديد “مجرد وسيلة للانقضاض على المعارضين”[16]. أما نائب حزب “الشعوب الديمقراطي” ذو التوجه الكردي “أحمد سيك”، فوجه خلال المناقشات رسالة إلى الحزب الحاكم قائلاً: “أنتم تغذون عجرفتكم بالأكاذيب والجهل بعدما وصلتم إلى السلطة”. فما كان من رئيس البرلمان إلا أن طرده من الجلسة بعدما تسبب كلامه بمشاجرة بين النواب[17].
أما السلطة التركية فبررت القانون الجديد بشكل ملفت وعالي النبرة، واعتبرته ملحاً لأنه لا يجوز الاستكانة والتسامح مع الإرهاب. فقد رأى وزير العدل “عبد الحميد غول” أن رفع حالة الطوارئ لا يعني التوقف عن مواجهة المنظمات الإرهابية، وخاصة منظمة فتح الله غولن، بأي شكل من الأشكال[18]. بدوره، رأى نائب رئيس الحزب الحاكم “جاهد أوزكان” أن “الاجتماعات مع المخابرات والشرطة والوزراء المعنيين أظهرت لنا أننا بحاجة إلى ثلاث سنوات إضافية للتخلص من منظمة غولن من بلادنا. لذا قررنا أن يستمر قانون محاربة الإرهاب لثلاث سنوات فقط”[19].
للسلطة التركية أدوات أخرى لتبرير كل قراراتها أمام الناس، وهي الاتكال على الاعلام التي تسيطر على أغلبه، والإيحاء دائماً أن هذا الإجراء، أو أي إجراء تركي آخر، معمول به في أوروبا وفي أرقى دول العالم[20]. فتُكسب هذه البروباغندا أي مشروع صفة إيجابية، بغض النظر عن كون هذا المشروع أو ذاك مطبقاً أصلاً في أوروبا أم لا. كما عمدت السلطة إلى التسويق للمشروع على المحطات الإعلامية عبر “جيش” من المحللين الاستراتيجيين والخبراء القانونيين ومحاربي الإرهاب والعسكريين المتقاعدين ودكاترة الجامعات، وجلّهم من الموالين للسلطة، فتلمّع بالتالي صورة أي قرار تريد اتخاذه أو تطبيقه، فيتم السير به من دون معارضة تُذكر.
من ناحية أخرى، يسود المجتمع التركي حالة من الخوف والحذر من ظروف الحاضر والمستقبل الآتي، وكثرة القوانين والاجراءات ذات الطابع الأمني التي تُقر كل فترة. وهو الأمر الذي يضع علامات استفهام على حالة الحريات الفردية والعامة والحقوق المكتسبة التي تتناقص عند كل إقرار لقانون جديد، وكل ذلك باسم محاربة منظمة إرهابية لا يملك أي أحد قدرة على تحديد وجودها الحقيقي، أو دراية شافية على قدراتها الفعلية.
كما أدت حالة الحذر هذه، في السنوات القليلة الماضية، إلى خلق حالة من تراجع اقتصادي في تركيا. ودفعت بالكثير من المستثمرين إلى الهروب، وانكفاء غيرهم عن العمل في البلاد، ما أثر، بشكل أو بآخر، على قيمة العملة التركية التي تشهد تراجعاً سريعاً عند كل تصريح من هنا، أو إفلاس شركة من هناك.
[5] Yonah Alexander, Edgar H. Brenner & Serhat Tutuncuoglu Krause, Turkey: Terrorism, Civil Rights, and the European Union, Routledge, London, 2008, pp. 92-93.
“