خرج وزير العمل مصطفى بيرم في 10 كانون أول 2021، وخلال دفاعه في مؤتمر صحافي عن قرار تنظيم عمل الأجانب في لبنان الرقم 1/96 الذي أصدره في 25 تشرين الثاني 2021، ليؤكد أنه يعمل على “حفظ صورة لبنان أمام الخارج وتحسين تصنيفه في حقوق الإنسان”. وبعدما أشار يومها إلى معلومات وردتْه من منظمة العمل الدولية عن شبهة إتجار بالأشخاص في لبنان نتيجة ممارسات خطيرة، عمد بيرم، كما قال، إلى اتخاذ قرار “بعدم الترخيص لأي مكتب استقدام جديد” للعاملات الأجنبيات. وهو ما “أشادت به المنظمة نفسها (منظمة العمل الدولية) ومقرر الأمم المتحدة الخاص بالفقر المدقع وحقوق الإنسان أوليفيه دي شوتر” وفق ما لفت بيرم “برغم الانتقادات المحلية التي هاجمتني”. وبناء عليه، أكّد وزير العمل أنه يعمل على تفعيل عقد العمل الموحّد الذي “ستحكم معاييره أيّ ترخيص لأيّ مكتب جديد، كما سترعى عمل المكاتب الموجودة أيضاً، ومعها العمل المنزلي برمته، للحفاظ على العاملات والعمال الأجانب من الاستغلال والإساءة، وكذلك على صيت لبنان وكرامته وتصنيفه”، كما أشار في المؤتمر الصحافي عينه.
من هنا، وتحديداً من التزام الوزير بيرم، تأتي أهمية قراءة مسودة عقد العمل الموحد ومعاييره الجديدة كما عدّله فريق عمله الحالي، وحصلت المفكرة القانونية على نسخة منه، ومدى تناسب التعديلات مع وعود الوزير من جهة، ومع التزامات لبنان بالاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان عامة، والعمال المهاجرين خاصة.
يذكر أن التعديلات الحديثة جاءت على عقد العمل الموحد الذي أقرّته وزيرة العمل السابقة لميا يمين في 8 أيلول 2020، وطعنت به نقابة أصحاب المكاتب لدى مجلس شورى الدولة. وبناء على هذا الطّعن، أصدر شورى الدولة قراراً إعداديا بتاريخ 14 تشرين ثاني 2020 قضى بوقف تنفيذ عقد العمل الموحد الصادر عن يمين بعدما “تبين من ملف الدعوى أن التنفيذ قد يلحق بالمستدعي (نقابة أصحاب المكاتب) ضرراً بليغاً، وأن المراجعة ترتكز إلى أسباب جدية مهمة”، وفق ما جاء في قرار شورى الدولة. وقد فُهم آنذاك أنّ أحد أهم مآخذ هذا الأخير هو عدم استشارته مسبقا بفحوى العقد خلافا للقاعدة التي توجب استشارة شورى الدولة في كل القرارات التنظيمية قبل إصدارها.
شورى الدولة: ليس لوزير العمل وضع عقد موحّد
انطلاقا من ذلك، وتجنبا لمأخذ مماثل، عمد وزير العمل إلى استشارة شورى الدولة بخصوص العقد المقترح منه. إلا أن جواب شورى الدولة أتى هذه المرة قاطعا بحيث اعتبر أن إصدار عقد عمل موحد “يحتاج إلى قانون وليس إلى قرار وزير، كما أن العمل المنزلي هو خارج قانون العمل” حسب ما أكده المستشار القانوني لوزير العمل الدكتور عصام إسماعيل للمفكرة. وبعدما أكد أن التعديلات ليست نهائية على عقد العمل الموحد، لفت الدكتور اسماعيل إلى أن وزير العمل يبحث في كيفية العمل بالعقد الموحد بعد قرار شورى الدولة، ومن بين المخارج أن “يكون عقد العمل الموحّد اختيارياً”، وفق اسماعيل “ولكن لم يأخذْ الوزير بيرم قراراً بهذا الشأن بعد”. ولم يتسنّ للمفكّرة الاطّلاع على رأي مجلس شورى الدولة وهو من ضمن المستندات التي يستثنيها قانون الحق بالوصول إلى المعلومات من المعلومات التي يحق للمواطنين الوصول إليها.
وتعقيباً على هذا الرأي، اعتبر المدير التنفيذي للمفكرة القانونية المحامي نزار صاغية أنه في ظل تعقيدات العمل الحكومي والتشريعي في القضايا الحساسة اجتماعيا، شكل عقد العمل الموحد الذي يمكن إقراره بقرار من وزير العمل وحده “بوابة الإصلاح الوحيدة المتاحة منذ نحو 20 عاماً، بمعنى البوابة التي يمكن إقرار تعديلات من خلالها ولو كانت محدودة كما حصل مؤخرا مع العقد الموحد الذي أعلنته الوزيرة يمّين. وعليه، إذا صحّ أن شورى الدولة رأى عدم اختصاص وزير العمل في إقرار عقد مماثل، فإنه بذلك يكون أقفل طريقة الإصلاح الوحيدة الناجعة”. وذكر صاغية كيف تعطل التشريع في هذا الشأن في ظلّ الحكومات السابقة بحيث تمّ إجهاض مجمل مقترحات تعديل قانون العمل أو وضع قانون خاص للعمالة المنزلية بالكامل، وهي مقترحات قدمت تباعا في عهد وزراء العمل بطرس حرب وشربل نحاس وسليم جريصاتي”. ويأتي موقف صاغية من حيث المبدأ، ليضيف عليها تحفظات كثيرة على العقد المقترح من الوزير بيرم وليحذر أيضا من خطورة جعل العقد اختياريا. “فأن يكون العقد اختياريا يعني ببساطة أنه لن يعتمده أحد طالما من الصعب التفكير في ظل اختلال التوازن الهائل بين العاملة وصاحب العمل أن تشترط الأولى على الأخير التوقيع على هذا العقد طالما أنه ليس مرغما على ذلك”.
من استشار وزير العمل بيرم؟
ولكن، بمعزل عن مجلس شورى الدولة، من استشارتْ وزارة العمل؟ يفرض هذا السؤال نفسه بعدما أفادتنا زينة مزهر من منظمة العمل الدولية أنه “لم تتم استشارتنا في التعديلات الجديدة، ونرى أنه من الأفضل إطلاق حوار إجتماعي ينطلق من مقاربة حقوقية لمسألة العمالة المهاجرة برمتها، ومن بينها عقد العمل الموحد الذي هو جزء من خطة متكاملة، ولا يأتي منفصلاً”. وبعدما أشارت مزهر إلى أن “روحية العقد الموحد الذي تمّ تبنيه أيام الوزيرة لميا يمين تركزت على حماية العاملات في المنازل من العمل القسري”، رأت أن “روحية أي مقاربة للعمالة المهاجرة والعمل المنزلي يجب أن تنطلق من هنا، أي من الحماية من العمل الجبري”. ولدى الاسفسار من د. عصام اسماعيل عن الأمر أوضح بأن “الوزيرة يمين سبق ونسّقت مع منظمة العمل الدولية التي كانت على علم بمضمون النسخة وموافقة عليها، ومع منظمات حقوقية، فأردنا توفير الوقت وكسبه وعدم الإنتظار طويلا للإنتهاء من التعديلات”، كما يقول.
انطلاقا من ذلك، حصرت الوزارة وفق اسماعيل مشاوراتها مع الهيئة الوطنية لشؤون المرأة برئاسة كلودين عون، ومع نقابة أصحاب المكاتب بشخص النقيب جوزف صليبا.
تراجع في وعود إصلاح أوضاع العاملات
وبالنظر إلى التعديلات المقترحة بالنسبة إلى العقد الذي أقرته الوزيرة يمّين، نلحظ أنها شملت نقاطاً أساسية تتعلق ب نطاق العقد حيث لم يعد ملزماً تحديد عدد الأطفال في العائلة، ومدّته (تمديده من سنتين إلى ثلاث سنوات)، وعدم ربط راتب العاملة بالحد الأدنى للأجور، ومنع العاملة من الخروج من المنزل خلال الأشهر الثلاثة الأولى إلا برفقة صاحب العمل (حماية لها من الاستغلال الخارجي كما جاء في العقد المقترح)، وعدم تسليم العاملة جواز سفرها وأوراق الإقامة وإجازة العمل، “السماح” للعاملة بمشاركة إحدى نساء العائلة غرفة المنامة بعدما كان العقد السابق ينص على تمتعها بغرفة خاصة، حذف تأمين العناية بالأسنان من بند الرعاية الصحيّة والتأمين، إلغاء ساعة العمل التي كانت تتمتع بها بعد كل خمس ساعات عمل متواصلة، وإلغاء إلزامية تبليغ الشخص الذي تحدده العاملة للتواصل معه في حال تغيير صاحب العمل عنوان سكنه وحصر الإعلام بوزارة العمل، وحذف الأحفاد من بين الأقارب الذين يحق للعاملة التمتع بإجازة مدفوعة لمدة يومين وحتى السفر إلى بلادها في حال وفاتهم، وتعديل شروط حق العاملة بإنهاء عقد العمل لصالح صاحب العمل، وحق ورثة صاحب العمل بالإبقاء على العاملة بغض النظر عن رأيها، كما حصر الجهة المخولة بحل الخلاف بين صاحب العمل والعاملة ب مُحكّم مختص من وزارة العمل على أن يكون تقريره التحكيمي نهائيا ومبرما غير قابل للإستئناف، فيما ألغي الحق باللجوء إلى مجلس العمل التحكيمي أيضاً.
ويصف المحامي نزار صاغية هذه التعديلات ب “التراجع عن كثير من الخطوات التي وعدتْ بها وزارة العمل سابقا أيام الوزيرة لميا يمين لإصلاح أوضاع العاملات المنزليات في لبنان، مع أن العقد المقترح من الأخيرة (يمّين) لم يكن مثاليّا، كما رأت المفكرة القانونية يومها بحيث اكتفى بمنح حقوق أمكن وصفها بالبديهيّة، “إلا أنّه قطع مع سياسة لم تتورّع من قبل عن المسّ بهذه الحقوق بحجج مختلفة”.
ورأى صاغية في إلغاء المادة التي تضمن للعاملة الاحتفاظ بأوراقها الثّبوتية (جواز سفر وإقامة..)، “كأنما الوزارة تُعيد النظر بحقّ بديهي آخر”، مشيراً إلى أن من شأن هذا الأمر “أن يحدّ من حرية العاملات بالتنقل والخروج والدخول”. ورأى صاغية أنه “تمّ الالتفاف أيضاً حول حرية العاملة بترك العمل بموجب إنذار توجهه قبل شهر، من خلال اشتراط أن تضمن العاملة لصاحب العمل تعويضا عن نفقات الاستقدام التي بذلها سواء من جيبها الخاص أو من جيب صاحب العمل الذي قد ترغب بالانتقال للعمل لديه”. وقد تم الالتفاف، وفق صاغية، من خلال ثلاثة أمور: “(1) إنه بخلاف عقد “يمين”، تمّ إرغامها على تسديد هذا التعويض من جيبها الخاص في حال أرادت العودة إلى بلدها قبل انتهاء مدة العقد أو في حال لم يرد صاحب العمل الجديد ذلك، وهذا أمر من شأنه أن يشكل حائلا عمليا دون ممارستها هذا الحقّ بفعل عجزها عن تسديد قيمته. (2) إنه تمّ إلغاء المعادلة التي تحتسب بها خسارة صاحب العمل على نحو يرتبط بالمدة المتبقية من العقد بحيث “تقسّم الكلفة الإجمالية للاستقدام على عدد أشهر العقد ويتحمّل صاحب العمل الجديد تكلفة الشهر غير المستخدمة من العقد”. ومؤدى ذلك هو فتح الباب أمام التعسف والابتزاز وبروز أشكال من النخاسة. وأشار صاغية إلى أن “من شأن هذا الالتفاف أن يجعل الاعتراف بحقّها بإنهاء العقد بإرادتها المنفردة حقا وهميا مما يعيدنا إلى نقطة الصفر حيث يكون “الفرار” الطريقة الوحيدة لوضع حدّ لعلاقة غير سليمة. وما يفاقم من ذلك هو جعل مدة العقد ثلاث سنوات بدل سنتين مما يزيد من مطالب صاحب العمل”.
ويلحظ صاغية أن عقد الوزيرة يمين “كان وضع عبء تسديد التعويض على صاحب العمل الجديد (في حال كانت العاملة راغبة في العمل لدى صاحب عمل آخر) أو وكالة الاستقدام (في حال كانت راغبة بالعودة إلى بلدها)”، ليرى أن العقد الحالي “جاء ليحرّر وكالة الاستقدام تماما من أي عبء وليفتح باب تحصيل التعويض من العاملة نفسها”. وانتقد السماح بتوريث العقد وضمنا العاملة من دون أن يكون لهذه الأخيرة الحق في إبداء رأيها، ليتساءل “ماذا لو كان وريث صاحب العمل سيئاً أو ممن ينتهكون حقوق العاملة، وكانت هي غير راغبة بالعمل لديه؟”
كما أشار إلى تقويض الاستقرار الوظيفي للعاملة من خلال منح صاحب العمل إمكانية إنهاء العقد بإرادته المنفردة أو لأسباب واهية (مثلا: توجيه إنذارين شفهين إليها بوجوب القيام بعمل ما) من دون أي تعويض. والمؤسف أن الوزارة تبرر تقويض هذا الاستقرار بأنها تمنح حقوقا متساوية للعاملة وصاحب العمل، في حين أن الحق الممنوح للعاملة هو مجرد حق وهمي بفعل ربطه بتسديد تعويض قد يكون باهظا للعاملة، فيما الحق الممنوح لصاحب العمل يمنحه امتيازا جديدا لإخضاعها لأبشع أنواع الاستغلال تحت طائلة فسخ العقد معها في أي حين.
وحول خصوصية العاملة وضمان “غرفة خاصةمنفصلة جيّدة التهوئة والإضاءة ومستوفية الشروط ومجهّزة بقفل، تحوز العاملة مفتاحها وحدها وتراعى فيها خصوصيتها”، أكد صاغية أن في هذا التعديل “التفاف على حق العاملة بالخصوصية من جهة، وحقها بالراحة ليلاً إذ تقوم بالأعمال المنزلية نهاراً وبرعاية المسنين ليلاً، وعليه ستعمل لساعات طويلة بلا راحة”، ليؤكد “أن كلا العقدين يلزمان الصمت حيال تخيير العاملة بين الإقامة في مكان عملها أو اختيار مسكن مستقل لها”.
وتوقف صاغية أيضاً عند إلغاء “حقّ بديهي آخر وهو منع حجز العاملة (المادة 9)، وهذا يشمل ممارسات من نوع إغلاق الباب عليها أو منعها من الخروج في فترات الراحة والعطل”، ليرى أن المقترح الجديد “لم يكتف بذلك، بل ذهب إلى تحليل الاحتجاز طوال الفترة التجريبية (ثلاثة أشهر) وذلك بحجّة حمايتها من أي عملية استغلال خارجية، عبر ربط حقها بالخروج بمرافقة أصحاب العمل فقط”. وبذلك، فإن عقد العمل يكون في صدد تشريع ارتكاب جرم احتجاز حرية شخص ما من قبل أصحاب العمل، وذلك لحماية مصالح المكاتب التي قد تخسر في حال ترك العاملة المنزل خلال هذه الفترة.
وزارة العمل: منفتحون على الملاحظات
في رده على ملاحظات صاغية، يشير مستشار وزير العمل الدكتور عصام اسماعيل إلى أن التعديلات على عقد العمل الموحد “لم تخرج بصيغتها النهائية بعد ونحن منفتحون على أي ملاحظات جدية”، مع تأكيده على أن القوانين “يجب أن تكون واقعية لأن القانون هو مرآة الواقع، يعني بدنا نراعي كل الأطراف، أصحاب العمل والعاملة ومكاتب الإستقدام، ولسنا في دولة أفلاطون ونريد نصاً قابلاً للتطبيق ولا يمكننا وضع نص مثالي في دولة مخربطة”.
ويعد د. اسماعيل (مستشار وزير العمل) بتعديل النقاط المتعلقة بربط راتب العاملة بالحد الأدنى للأجور، مشيراً إلى أن منع خروج العاملة من المنزل خلال ال 3 أشهر الأولى إلا برفقة أصحاب العمل “جاء استجابة لطلب نقابة أصحاب المكاتب، وهم لديهم تجربة مع بعض العاملات اللواتي يحضرن إلى لبنان ومن ثم يغادرن منازل أصحاب العمل فور وصولهن بعد تواصلهن مع أي جهة أو أشخاص”. كما جاء إلغاء حق العاملة بالاحتفاظ بأوراقها “وفقاً لطلب نقابة أصحاب المكاتب أيضاً” وفق الدكتوراسماعيل، الذي لفت إلى أن الوزارة “تركت هذا الأمر رهن الاتفاق بينها وبين صاحب العمل “هن بيتفقوا بين بعض”، ولكنه وعد بمواجعة وزير العمل بهذه النقطة “بدها قرار الوزير، أنا ما بقدر بت فيها”.
وحول إلغاء حقّ العاملة بترك العمل بموجب إنذار توجهه إلى صاحب العمل قبل شهر، وإلزامها بالتعويض عليه كلفة الإستقدام، لفت مستشار وزير العمل إلى أن بعض العاملات “عم يجوا أسبوع أو شهر ويقررو يفلو من دون سبب، وصاحب العمل لم يعد ميسوراً ليتحمل قرارات مزاجية”، مشيراً إلى أن التعديل مع ذلك “يضع ضوابط لاستعمال هذا الحق، ولا يلغيه”.
وتعقيباً على مجمل الملاحظات على التعديلات، أكد الدكتور اسماعيل أن “البحث لم ينتهِ، وسنعلن عن نسخة نهائية فور وضع اللمسات الأخيرة عليها”. ويأتي كلام المستشار القانوني لوزير العمل بشأن الملاحظات برغم أن الوزارة كانت أودعتْ مجلس شورى الدولة عقد العمل الموحد بتعديلاته لإبداء الرأي فيها.
كلودين عون: لم نطلع على النسخة النهائية
عند اتصالنا برئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة كلودين عون، أفادتنا هذه الأخيرة أنه “لم تصلها النسخة النهائية بعد، ووفق علمي أنها لا تنتهك حقوق العاملات بل تحسّنها بناء على مسار التشاور الذي شاركنا فيه”. وإذ تنصلت عون من التعديلات السلبية التي تضمنتها مسودة العقد الموحّد، اعتمدت على ما أسمته “التجربة على الأرض مع العاملات”، لتقول “هناك تجاوز من الطرفين، أصحاب العمل والعاملات”، مؤكدة ضرورة “تنظيم قطاع هذا النوع من العمل الذي لا ينطبق عليه قانون العمل حيث تعيش العاملة في منزل صاحب العمل، ولا تأتي في دوام محدد ثم تعود إلى منزلها كما المشمولين بعقد العمل”.
وبعد تأكيدها على وجود ممارسات خاطئة من قبل أصحاب العمل بحق العاملات مثل حجز جواز السفر وطرق التعامل من الأكل إلى المنامة وغيره”، رأت أنه لم يكن ليكون “هذا العدد من العاملات في لبنان لو أن بلادنا لا تحترمهن”. وأشارت عون إلى أن هناك ممارسات خاطئة أيضاً من قبل بعض العاملات اللواتي “يتم استدراجهن أحياناً إلى سلوكيات أو تصرفات أو أفعال غير قانونية وغير آمنة بالنسبة لهن”. وأشارت إلى أنّ الهيئة عقدت اجتماعاً مع أصحاب المكاتب للتنسيق بشأن التعديلات على عقد العمل الموحد، “لأنه يجب أن يوافقوا على التعديلات كونهم هم من طعنوا في عقد يمين”. ولفتتْ إلى أن الفريق القانوني في الهيئة الوطنية أبلغها أن عقد العمل الموحد الذي كانت الوزيرة يمين قد أقرته “كان منحازاً للعاملات ولا يراعي مصلحة الطرفين، أي أصحاب العمل أيضاً”.
ونفت عون أي علم لها بعدم منع حجز أوراق العاملة ولا بتمديد العقد لثلاث سنوات، مؤكدة أنها أشارت إلى ضرورة تمديد مسؤولية مكاتب الإستقدام عن العاملة طيلة فترة العقد.
نقيب أصحاب المكاتب: لضبط العمالة غير النظامية
من جهته، يؤكد نقيب أصحاب المكاتب جوزف صليبا عقد اجتماع افتراضي مع الهيئة الوطنية لشؤون المرأة: “نحن أعطينا ملاحظاتنا”، مشيراً إلى أن العقد الموحد “يحفظ الحقوق لكل الأطراف، ويضمن مزيداً من الحرية للعاملة”. ويشير إلى أنه كان لدى النقابة “بعض الملاحظات في الصياغة، وكذلك بربط راتب العاملة بالحد الأدنى للأجور”، لافتاً إلى ضرورة أن يُحدَّد الراتب في الاتفاقيات التي تعقدها الوزارة مع البلدان التي نستقدم منها عاملات، وليس وفق الحد الأدنى في لبنان كون العاملة اليوم تأخذ 5 مرات ضعف الحد الأدنى في ظل انهيار الليرة اللبنانية، بينما تقبض هي 200 دولاراً”.
واعتبر صليبا أن مسألة تخصيص العاملة بغرفة خاصة هو “تفصيل صغير”، مشيراً إلى أن مبيتها مع أنثى في المنزل يراعي فكرة أن تكون تعتني بامرأة مسنة”، ليرى أن “ليس هناك إمكانية لوجستية أيضاً لدى كل أصحاب العمل لتخصيص غرفة للعاملة”. وحصر نقيب أصحاب المكاتب مطلب النقابة بحجز الأوراق الثبوتية ب الإقامة “نحن لسنا ضد منحها جواز سفرها، ولكن طلبنا أن تُعطى صورة عن الإقامة خوفاً من مغادرتها البلاد من دون علم صاحب العمل أو قدرته على ملاحقتها في حال ارتكابها جرماً بحقه أو بحق أحد أفراد العائلة”، نافياً أن يكون ذلك مراعاة لمصالح أصحاب المكاتب. ونفى صليبا أن تكون النقابة هي من وضعت شرط منع خروج العاملة في الأشهر ال 3 الأولى إلاّ برفقة صاحب العمل “كانت موجودة ومش نحن حطيناه هذا الشرط”. وأمل ختاماً أن يترافق عقد العمل مع “عيون أمنية ساهرة للوضع المتفلت في بعض المناطق والأحياء التي أصبحت تشكل مكاناً للتفلت من الضوابط والأوراق القانونية للعاملين والعاملات”، مشيراً إلى ضرورة تنظيم “حملة على هذه المناطق” التي يحصل فيها، وفق تعبيره، “إتجار بالبشر واستغلال للصبايا العاملات واستدراجهن إلى أفعال غير قانونية”.
للاطلاع على النص الجديد المعدّل لعقد العمل الموحّد